قرر رئيس محكمة استئناف القاهرة المصرية، المستشار عصام الدين فريد، الثلاثاء، حظر النشر في القضية المعروفة إعلامياً بـ”شقة الزمالك” أو ” مغارة علي بابا”، على إثر إدلاء المتهم الرئيسي في القضية، المستشار في المحكمة الدستورية العليا في الكويت أحمد عبد الفتاح حسن، بتصريحات صحافية اتهم فيها لجنة الجرد التابعة لوزارة السياحة والآثار بـ”سرقة مقتنيات أثرية من الشقة المملوكة له، في غياب ممثلي النيابة العامة المصرية”.
وكان تفتيش رجال النيابة العامة لغرف الشقة وفحص محتوياتها بالكامل قد كشف عن مفاجأة أخرى من العيار الثقيل، حيث عثر رجال المعاينة على مخبأ سري خلف باب جرار لدولاب إحدى غرف النوم بالشقة، بداخله دولاب معدني محكم الغلق يحتوي على العديد من القطع الأثرية النفيسة وصناديق مغلقة مختلفة الأشكال والأحجام، بخلاف ما تم رصده وتدوينه من القطع الأثرية الموجودة بالشقة والتي تجاوز عددها 1300 قطعة أثرية.
وأشارت التحقيقات إلي تكدس كافة أرجاء الوحدة السكنية وما بها من دواليب في الغرف وأخرى مخصصة للعرض بمقتنيات مختلفة الأشكال والأحجام وصناديق محرزة ولوحات تملأ جدرانها ونجف معلق بأسقفها. وكان (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي قد وجه الشكر للقضاة وموظفي إدارة تنفيذ الأحكام في محكمة جنوب القاهرة لجهودهم في ضبط “إحدى القضايا المهمة” (قضية “كنز الزمالك”).
وفي 2 فبراير/شباط الجاري، أحال النائب العام المصري مالك الشقة وزوجته وهو المستشار أحمد عبد الفتاح حسن الذي يشغل منصباً رفيعاً في السلك القضائي الكويتي وزوجته إلى محكمة الجنايات، بدعوى أن “قطع الآثار المضبوطة في شقته تخضع للحماية قانوناً بوصفها غير مسجلة لدى المجلس الأعلى للآثار”. وأشار إلى إخلاء سبيل المتهم بكفالة مالية مقدارها مليون جنيه (63.7 ألف دولار تقريباً)، وإدراج اسمه وزوجته على قوائم المنع من السفر.
وقالت النيابة، في بيان سابق: “لم يُخطر المستشار المتهم وزوجته المجلس الأعلى بحيازتهما لتلك الآثار لتسجيلها خلال المدة المقررة قانوناً، مع علمهما بأثريتها، فضلاً عن إخفائهما 119 قطعة من ممتلكات أسرة محمد علي، الصادر قرار مجلس قيادة الثورة في 8 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1953 بمصادرتها”.
وأقامت النيابة الدليل قبل المتهم وزوجته من شهادة 16 شاهداً، من بينهم حراس العقار محل الشقة، وأحد الجيران، ووكيل قسم مباحث الآثار مجري التحريات، إضافة إلى ما تبين للنيابة من معاينتها الشقة، وما فيها من قطع أثرية متكدسة، عثرت عليها إدارة التنفيذ في محكمة جنوب القاهرة الابتدائية خلال اتخاذها إجراءاتها.
وحدد المستشار عصام الدين فريد رئيس محكمة استئناف القاهرة جلسة 19 فبراير/شباط الجاري، لبدء محاكمة القاضي المتهم في القضية وزوجته أمام محكمة جنايات القاهرة، بتهمة “الاتجار في الآثار باعتيادهما شراءها وبيعها ومبادلتها، وامتلاكهما ألفاً وثلاثمائة وأربعة وثمانين قطعة أثرية (1384)، ترجع إلى حقب مختلفة من الحضارة المصرية القديمة، والعصور الإسلامية، وعصر أسرة (محمد علي)”.
التطور الأهم فى تلك القضية هو تلك التصريحات المثيرة للجدل والمنسوبة للقاضي عبد الفتاح، والتي أدلى بها يوم أمس الاثنين لوسائل الاعلام المصرية والتي اتهم فيها لجنة الجرد الأولى لمقتنيات شقته بحي الزمالك الراقي بالعاصمة القاهرة بـ”سرقة قطع نادرة وأنتيكات في غيبة النيابة”، فضلاً عن اتهامه الأمين العام لـ”المجلس الأعلى للآثار” في مصر، مصطفى وزيري، بـ”ترويج الأكاذيب إعلامياً حول مقتنيات الشقة”.
وقال عبد الفتاح: “من بين القطع الفنية في الشقة تابلوه رسم للزعيم الراحل مصطفى كامل، واللجان الفنية سجلته اللجنة في أوراقها على أنه رسم للزعيم الراحل أحمد عرابي، وهذا دليل على الجهل بتاريخ مصر” كما قال القاضي المتهم، مؤكداً أن “كل ما اشتراه من تحف ومقتنيات هو من حر ماله، ومن مصادر مشروعة من عمله في سلك القضاء، سواء في مصر أو في الكويت لأكثر من 40 عاماً”.
وأضاف: “لا يوجد بلد في العالم يمنع حيازة الأعمال الفنية النادرة إلا في مصر، وكان من المفترض أن تكرمني الدولة التي أنتمي إليها، لا أن تحاكمني”، متابعاً “أنا هاو، ولست تاجراً للآثار، وأفهم في القطع الفنية الفريدة، وجمع التحف بأنواعها، ويشهد على ذلك هذا الكم الهائل منها، والاحتفاظ بها طوال هذه السنين”.
وكشفت أوراق القضية عن حيازة المتهم وزوجته، 1384 قطعة أثرية بغرض اقتنائها والاتجار فيها، وهو ما يحتاج الى تقديم دليل أو إثبات على قيامه بالمتاجرة فيها، وأنهما كانا شديدا الحرص على تأمين أماكن تخزين القطع بداخل (الوحدة السكنية ومحل أسفل العقار)، ونظراً لتكدس القطع الأثرية النادرة بهما، قاما بتغير الأبواب وتدعيمها بأقفال حديدية خاصة وغلق بعض النوافذ بالطوب الأسمنتي خوفاً من السرقة.
وثبت من معاينة النيابة العامة للوحدة السكنية، عدم طلاء الأبواب الخشبية بالغرف، وتزويدها بمغاليق ثلاثية الألسنة (كوالين) خارجة عن مواضعها، ووجود آثار كسور بحلوقها، مما يشير إلى تخصيصها لتخزين الأشياء بها وتأمينها بأحكام غلقها.
كما قام الزوجان حائزي القطع الأثرية، بسد نافذتي المطبخ ودورة المياه الرئيسية المطلتين على منور العقار بالطوب والمحارة ، وذلك على خلاف التصميم الهندسي بالوحدات الممثلة بالطوابق الأخرى بالعقار، مما يشير إلى الحرص على إحكام تأمين الوحدة.
وتعود القضية إلى وجود نزاع قضائي بين البرلماني السابق خالد محمد حامد محمود، الذي أدين سابقاً في القضية المعروفة بقضية “نواب القروض”، ونجل المستشار المتهم في القضية، كريم أحمد عبد الفتاح حسن، على معاملات مالية بينهما بملايين الجنيهات، حصل بموجبها الأول على أحكام قضائية بأداء المبالغ المالية المطلوبة، وأمر قضائي بالحجز على ممتلكاته لاستيفاء المبلغ المحكوم به.
وفي مطلع يونيو/حزيران الماضي، شرعت مباحث الأحكام بمحكمة جنوب القاهرة في تنفيذ حكم قضائي ضد نجل مالك شقة الزمالك، والتي لم تجد فيها أحداً، فكسرت باب الشقة، ووجدت داخلها كمية ضخمة من المقتنيات الأثرية، والأشياء النادرة والثمينة، فتم التحفظ عليها، وإخطار النيابة العامة بالواقعة.
وأصدر القاضي المتهم، وهو نجل عبد الفتاح باشا حسن، وزير الداخلية في عهد الملك فاروق الأول، بياناً (آنذاك) فند فيه الاتهامات الموجهة إليه، بقوله إن “جميع المقتنيات الموجودة في الشقة السكنية مملوكة بالكامل له ولحرمه، ولا صلة لابنه کریم بها، كما لا يوجد في الشقة أي منقولات أو أثاث خاصة به”.
وأضاف أن “عائلته لها تاريخها السابق والحاضر، ومعروف لدى الجميع عراقتها، وأنه شغل في وقت سابق منصب نائب رئيس مجلس الدولة حتى عام 2002، وقبلها أعير للعمل مستشاراً للشؤون القانونية لسلطة عُمان، وهو من جيل جهابذة القضاء الإداري والدستوري. ومن المعروف عنه هوايته لجمع التحف الفنية والمجوهرات، ومتابعته بشغف الدراسات الفنية حولها منذ صغره”، حسب البيان.
المصدر: الشادوف+صحف