قبل تصديق البرلمان المصري على الاتفاقية الدولية، علم موقع الشادوف أن الحكومة المصرية بدأت التنفيذ الفوري لمذكرة التفاهم الثلاثية التي تقضي بتصدير الغاز الطبيعي الاسرائيلي المسروق من آبار متنازع عليها في منطقة شرق المتوسط الى الاتحاد الأوروبي.
وأكد خبراء في القانون الدستوري إن هذا الأمر يعد مخالفة قانونية مهمة يمكن الاستناد اليها فى المحاكم الدولية لوقف تنفيذ هذا الاتفاق الذي يستلزم قبل تنفيذه أن يتم عرضه والموافقة عليه في البرلمان المصري .
لكن وبعد أسابيع من المفاوضات الشاقّة، تم التوقيع في القاهرة على هامش «منتدى غاز شرق المتوسط» الذي تستضيف مصر فعاليات اجتماعه الوزاري السابع، على مذكّرة تفاهم ثلاثية بين مصر وإسرائيل ومفوضية الاتحاد الأوروبي لتصدير الغاز إلى أوروبا، والمساهمة في كسر ما يسمّى غربياً «الارتهان الغربي لروسيا» في الطاقة وخصوصا الغاز الطبيعي.
وأكدت مصادر مصرية وعربية لموقع الشادوف إن المذكّرة مرتبطة بـ»تفاهمات أوسع» جرى التوصل إليها في الأيام الأخيرة حول مدّ القاهرة بكمّيات من القمح، وهو ما من شأنه أن «يخفّف آثار القلق المتنامي حول نقص مخزون السلعة الاستراتيجية الأولى محلياً بسبب تأخّر وصول القمح الروسي».
وستعمل الدول الأوروبية على إمداد مصر بشحنات إضافية من القمح خلال الفترة المقبلة، وذلك في مقابل الحصول على كمّيات أكبر من الغاز الطبيعي، بحيث تزيد هذه الكمّيات بشكل تدريجي وخاصة خلال فصل الشتاء المقبل، ما يمكن أن يعوّض جزئياً النقص في الإمدادات من روسيا.
وفيما يُفترض عرض الاتفاق على البرلمان المصري للمصادقة عليه في وقت لاحق، فإن هذه المصادقة ستكون مجرّد خطوة صورية، في ظلّ قرار الحكومة البدء في تنفيذه على الفور. وستُحقق القاهرة عائدات مالية من محطّتَي إسالة الغاز الطبيعي القائمتَين والمجهّزتَين، وفق المصادر؛ إذ سيتسنّى لها تشغيلهما بطاقتهما القصوى، وتوفير فرص العمل، إلى جانب تدعيم ميزانية الدولة المصرية برسوم العبور عبر الشبكة القومية المصرية للغاز الطبيعي، و»زيادة الاهتمام الأوروبي بمصر خلال الفترة المقبلة، والعمل على مساعدتها لتجاوز أيّ أزمات، باعتبار أن الاستقرار فيها سيضمن استمرار تدفّق الغاز».
وفي الوقت الذي تتكتّم فيه القاهرة على تفاصيل الكمّيات التي ستصدّر أو تلك الواردة من إسرائيل، يقول الإعلام الإسرائيلي إن الاتفاق المبدئي يمتدّ على ثلاث سنوات قابلة للتمديد تلقائياً لعامين.
وتعتقد مصادر مطّلعة، أن الاتفاق «لن يؤدي إلى توتّر العلاقات المصرية الروسية، وخاصة في ضوء الاتصالات الجارية بين مسؤولي البلدَين والتوافق حول عدد من الملفات»، مشيرة إلى أن مصر «ستظلّ تحصل على القمح من روسيا بموجب التعاقدات المبرمة سلفاً، فضلاً عن استمرار التنسيق حول عدّة ملفات بمجالات التعاون المشترك».
وتؤكد المصادر أن «سياسة مصر بعدم الانحياز لأيّ من طرفي النزاع لا تزال قائمة، فيما يهدف الاتفاق مع أوروبا إلى تحقيق مصالح متبادلة بين مصر والأوروبيين حصراً». وتلفت إلى أن القاهرة لديها احتياج شديد للقمح، وهناك قلق من عدم القدرة على تأمين كميات مناسبة مع تزايد استهلاك المخزون الاستراتيجي، مضيفة إن «أوروبا بحاجة إلى الغاز، ومصر لديها الإمكانات التي ترغب في استغلالها لتحسين عائداتها، ولا سيما في ظلّ الضرر الذي لحق بعائدات السياحة نتيجة الحرب في أوكرانيا».
من ناحيته، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إن اتفاق تصدير الغاز عبر مصر “تاريخي”، ويعزز اقتصادنا ويجعلنا لاعبا أساسيا في سوق الطاقة.كما وصفت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين هذا الاتفاق بأنه “تاريخي”، ورأته “بداية قصة طويلة ناجحة للطاقة في المنطقة”.
وأضافت -في كلمة خلال مراسم التوقيع- أن الهدف من الاتفاق هو إيصال الطاقة للمستهلكين بأسعار معقولة، كما كشفت المسؤولة الأوروبية عن أن الاتحاد سيوفر 100 مليون يورو لمصر لمواجهة الأزمة الغذائية، ويخصص 3 مليارات يورو للاستثمار في الإنتاج الزراعي المحلي.
ومن جانبهم، أعلن سفراء مجموعة السبع الصناعية في القاهرة التزام بلدانهم بدعم مصر في الأزمة الناجمة عن الحرب الروسية، خاصة في مجال القمح.
في المقابل، نفت السفارة الروسية بمصر- في بيان منشور على صفحتها الرسمية على “فيسبوك”، الأربعاء- الأنباء المتداولة بشأن “وقف تصدير القمح الروسي إلى مصر”، وقالت إن “هذه الادعاءات غير صحيحة تماما.
من جهته، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن القاهرة اتفقت مع الاتحاد الأوروبي على أهمية إرساء تعاون في مجالي الطاقة والطاقة النظيفة، مشيرا إلى أن الاتحاد شريك أساسي لمصر، ويهدفان معا إلى تحقيق نقلة نوعية في العلاقات بينهما.
وفي السياق، قالت بعثة الاتحاد الأوروبي في إسرائيل إن مذكرة التفاهم الثلاثية لنقل الغاز إلى الاتحاد الأوروبي ستساعد على “مواجهة الابتزاز الروسي”، حسبما ذكرت البعثة في بيانها.
المصدر: الشادوف+صحف عبرية+وكالات