قررت محكمة جنح أمن الدولة طوارئ في مصر تأجيل محاكمة الناشط السياسي علاء عبد الفتاح، والمحامي الحقوقي محمد الباقر، والمدون محمد أكسجين، بتهمة نشر أخبار كاذبة، لجلسة الاثنين المقبل 8 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، للاطلاع على أوراق الدعوى فقط.
بينما رفضت المحكمة الاستجابة لطلبات هيئة الدفاع باستلام صورة من أوراق القضية، والتصريح بتمكين الأول والثاني من تحرير وكالة قضائية لمحاميهم وضم تحقيقات أجريت بنيابة أمن الدولة ذات صلة بالتهمة موضوع المحاكمة.
وفرضت السلطات المصرية إجراءات أمنية مشددة قبيل بدء جلس محاكمة الثلاثة باتهام نشر أخبار وبيانات كاذبة، أمام محكمة جنح أمن الدولة طوارئ القاهرة الجديد، وكانت عائلة أكسجين تترقب وصوله وتأمل رؤيته الممنوعة عنهم منذ فبراير/ شباط 2020.
من ناحيتها ، قالت منظمة العفو الدولية،في وقت سابق من اليوم الاثنين، إن حالة الطوارئ التي استمرت سنوات في مصر، وتم إعلان رفعها مؤخرا، شابتها محاكمات لعشرات المدافعين عن حقوق الإنسان، والنشطاء، والمعارضين السياسيين، والمتظاهرين السلميين المحتجزين تعسفياً، أمام محاكم الطوارئ، في إجراءات جائرة بطبيعتها.
وجاء البيان بالتزامن مع جلسة محاكمة المدون والناشط علاء عبد الفتاح، ومدير مركز عدالة للحقوق والحريات محمد الباقر، والمدون والناشط محمد إبراهيم (المعروف باسم محمد أكسجين)، أمام محكمة أمن الدولة طوارئ بتهم ذات دوافع سياسية، من بينها نشر أخبار كاذبة من شأنها إضعاف هيبة الدولة، والإضرار بأمنها القومي، وتكدير الأمن العام، وإلقاء الرعب بين الناس.
وقضى الشبان المصريين الثلاثة ما يزيد عن عامين في الحبس الاحتياطي التعسفي في ظروف مروعة، وحُرموا من الاتصال بمحامين على انفراد، أو التواصل المنتظم مع عائلاتهم.
وقال مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة فيليب لوثر: “يُعتبر رفع حالة الطوارئ خبرًا سارًا من حيث أن السلطات لن تكون قادرة بعد الآن على إحالة القضايا الجديدة إلى محاكم الطوارئ التي تم إنشاؤها بموجبه، إلا أن الخبر يشوبه جانب سيئ. لكي تكون هذه خطوة مجدية نحو معالجة أزمة حقوق الإنسان في مصر، يجب على السلطات الإفراج الفوري، ومن دون قيد أو شرط، عن أولئك الذين يواجهون المحاكمة أمام محاكم الطوارئ لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم الإنسانية، ومن بينهم علاء عبد الفتاح ومحمد الباقر ومحمد أكسجين، الذين قضوا بالفعل ما يزيد عن عامين في السجن لمجرد ممارستهم نشاطهم السلمي، ودفاعهم عن حقوق الإنسان، كما يجب على السلطات وقف استخدام محاكم الطوارئ تماماً، لأن إجراءاتها تنتهك أبسط معايير المحاكمة العادلة، بما في ذلك حق المتهمين في مراجعة قرارات إداناتهم، والأحكام الصادرة بحقهم من قبل محاكم أعلى”.
وفي 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي أنه لن يمدد حالة الطوارئ السارية منذ عام 2017. لكن خلال الأشهر الثلاثة التي سبقت هذا القرار، أحالت السلطات المصرية ما لا يقل عن 20 من المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين والمعارضين السياسيين إلى المحاكمة أمام محاكم الطوارئ.
ويتم تفعيل “محاكم أمن الدولة طوارئ” في مصر أثناء حالة الطوارئ، لأن قانون الطوارئ يسمح للرئيس بتعيين قضاة في المحاكم، وتحديد الجرائم التي تخضع لاختصاصهم القضائي، وتقوم النيابة بعد ذلك بإحالة جميع القضايا المتعلقة بهذه الجرائم إلى المحكمة، لكنها تفقد قدرتها على ذلك لدى انتهاء حالة الطوارئ.
وأكدت منظمة العفو الدولية أن التهم الموجهة إلى كل من علاء عبد الفتاح ومحمد الباقر تنبثق من انتقاداتهما معاملة السلطات للسجناء، والوفيات المشتبه بها في الحجز، بينما تستند التهم الموجهة إلى محمد أكسجين إلى تعليقاته بشأن سجل الحكومة السيئ في دعم الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، ولا تتضمن أي من تعليقاتهم أي تحريض على العنف أو الكراهية، وبالتالي، فهي مكفولة بموجب الدستور المصري والالتزامات الدولية باحترام الحق في حرية التعبير.
بالإضافة إلى محاكمة هؤلاء النشطاء الثلاثة، علمت منظمة العفو الدولية بوجود ما لا يقل عن 143 قضية أخرى نُظر فيها أمام محاكم أمن الدولة طوارئ، منذ أن دخلت حالة الطوارئ حيز التنفيذ في إبريل/نيسان 2017، بما في ذلك القضايا المنبثقة فقط عن ممارسة المتهمين السلمية لحقهم في حرية التجمع والتعبير، ووُضعوا جميعهم رهن الحبس الاحتياطي المطول على ذمة التحقيقات بشأن تهم تتعلق بالإرهاب، بعضهم لأكثر من عامين، وهي المدة القصوى للحبس الاحتياطي التي يسمح بها القانون المصري.
وتتسم الإجراءات أمام محكمة أمن الدولة طوارئ بالجور في طبيعتها. ويُحرم المدعى عليهم من الحق في استئناف إداناتهم وأحكامهم أمام محكمة أعلى. تشمل انتهاكات معايير المحاكمة العادلة الموثقة الأخرى الحق في الحصول على الوقت والتسهيلات الكافية لإعداد دفاعهم، والحق في التواصل مع محامٍ من اختيارهم، والحق في جلسة استماع علنية. على سبيل المثال، لم يتمكن كل من علاء عبد الفتاح ومحمد الباقر من مقابلة محاميه على انفراد.
يشار إلى أن علاء عبد الفتاح ومحمد “أكسجين” ومحمد الباقر محتجزون في سجن طرة شديد الحراسة 2، في ظروف عقابية ومسيئة تنتهك الحظر المطلق للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، وعلى عكس السجناء الآخرين، فإن علاء عبد الفتاح ومحمد الباقر محبوسان في زنازين صغيرة وسيئة التهوية، وممنوعان من التريض والحصول على الهواء النقي وأي مواد للقراءة.
كما تم تجاهل طلب النشطاء الثلاثة الحصول على التطعيم ضد كوفيد -19، ولم يُسمح لهم بارتداء كمامات أو استخدام مواد مطهرة، على الرغم من وجودهم في زنازين مكتظة، وكان التأثير على صحتهم النفسية وخيماً. ففي أغسطس/آب الماضي، حاول محمد أكسجين الانتحار بعد حرمانه من تلقي الزيارات العائلية والتمثيل القانوني أشهراً، وفقاً للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وعلِمت منظمة العفو الدولية أن علاء عبد الفتاح أعرب عن أفكار انتحارية لمحاميه الشهر الماضي، وحُرم من المراسلات المنتظمة مع أسرته.
المصدر: الشادوف+مواقع التواصل