قالت منظمة العفو الدولية، الاثنين، إن السلطات المصرية يجب أن توقف أعمالها الانتقامية المروعة ضد ما لا يقل عن تسعة محتجزين، وثلاثة من أفراد عائلاتهم وأصدقائهم، والذين تحقّق معهم حاليا بتهمة نشر مقاطع فيديو مسرّبة لانتهاكات وتعذيب داخل قسم شرطة السلام أول شرق القاهرة.
ودعت المنظمة إلى إجراء تحقيقات فورية وفعالة مع جميع رجال الشرطة المسؤولين عن إساءة معاملة المحتجزين الذين تم تصويرهم في مقاطع الفيديو المتداولة.
وقالت المنظمة في بيان حصل عليه موقع الشادوف الاخباري العربي:” بدلاً من التحقيق في مزاعم التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة السيئة، أجرت نيابة أمن الدولة العليا في مصر تحقيقات ضد تسعة محتجزين، بينهم ثمانية ظهروا في مقاطع الفيديو المسربة، والتي كشفت عنها صحيفة الغارديان البريطانية، في 24 يناير/كانون الثاني؛ بالإضافة إلى ثلاثة آخرين، بينهم طفل يبلغ عمره 15 سنة، أُلقي القبض عليهم منذ فبراير/شباط، بتهمة “المساعدة في نشر مقاطع الفيديو”، و”نشر أخبار كاذبة”.
وقال مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، فيليب لوثر: “من المشين وغير المنطقي أنّ ردّ فعل السلطات المصرية على هذا الفيديو كان معاقبة الضحايا، وبعض أصدقائهم، بدلاً من التحقيق فوراً مع أولئك الذين ظهروا في الفيديو، في تجسيد صارخ لوباء التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في مصر. وأكدت المنظمة : ” إن هذا مشهد آخر من مشاهد مهزلة إنكار السلطات ( المصرية ) بوقاحة ارتكاب أية مخالفات، وقمع أصوات الضحايا الذين يتجرؤون على المطالبة بتحقيق العدالة”.
ويُظهر أحد مقطعَي الفيديو الذي تم تسجيله سرًا من باب الزنزانة، سجينَين من دون قمصان معلَقَيْن من ذراعيهما. ويظهر المقطع الثاني نزلاء يصطفون لإظهار إصاباتهم وآثار التعذيب على أجسادهم، ويمكن سماعهم يشتكون أنها من فعل ضباط الشرطة.
واطلعت منظمة العفو الدولية على حسابات التواصل الاجتماعي لثلاثة ضباط شرطة وردت أسماؤهم من قبل المحتجزين في مقاطع فيديو، وتشير إلى أنهم يعملون في مركز شرطة السلام أول، في حين رفضت وزارة الداخلية مقاطع الفيديو، واعتبرتها ملفقة.
وفي 15 فبراير/شباط، زعمت النيابة العامة أن الرجال الذين تم تصويرهم في مقاطع الفيديو قد “حرّضهم أشخاص مجهولون” من داخل مصر وخارجها على “جرح أنفسهم بعملة معدنية”، وعلى نشر الفيديو بهدف “نشر الأكاذيب، وإحداث حالة من عدم الاستقرار”.
وفي وقت لاحق، تبادلت وسائل الإعلام الموالية للحكومة، مقاطع فيديو لبعض المحتجزين وهم يعترفون بتركيب مقاطع الفيديو المسربة، وجرح أنفسهم أثناء عراك بينهم. وقالت منظمة العفو الدولية، إنه تم تصوير هذه الاعترافات في ظروف قسرية واضحة، مع تقييد أيدي المحتجزين، واستجوابهم بقسوة من قبل رجال الشرطة بطريقة تنتهك حقوق المحتجزين في عدم تجريم أنفسهم.
وفي 1 فبراير الماضي، تلقّت منظمة العفو الدولية مقطع فيديو ثالثًا يظهر عدداً من المحتجزين الذين ظهروا في أحد مقاطع الفيديو الأصلية، وهم يناشدون الرئيس المصري إنقاذهم من التعذيب والانتقام من قبل الشرطة.
وأظهر المقطع الذي تم تصويره في 28 يناير/كانون الثاني، رجالاً مصابين بجروح في الجزء العلوي من أجسادهم، يشكون من تعرّضهم لمزيد من الضرب على أيدي ضباط الشرطة، وحظر الزيارات العائلية كعقاب لهم على التسريبات الأولية، كما تم احتجاز واحد على الأقل من الرجال الذين ظهروا في مقاطع الفيديو في مكان غير معروف، في ظروف ترقى إلى حد الإخفاء القسري.
ووفقاً لثلاثة مصادر مطلعة، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، تم جلب ما لا يقل عن 12 شخصاً أمام نيابة أمن الدولة العليا، في الفترة بين 16 فبراير إلى 1 مارس/آذار، لضلوعهم في مقاطع الفيديو المسربة، وتم احتجازهم جميعاً على ذمة التحقيق بتهم مختلفة.
وطالبت منظمة العفو الدولية السلطات المصرية بإسقاط التحقيقات ضد المحتجزين الـ12، والأمر بإطلاق سراحهم ما لم يتم توجيه تهم إليهم، وإحالتهم إلى المحاكمة على جرائم معترف بها دولياً، ولا علاقة لها بمقاطع الفيديو المسربة، وضمان حصول مَن تعرّضوا للتعذيب على تعويضات مناسبة عن الضرر الذي لحق بهم.
وقال فيليب لوثر: “مزاعم الحكومة المصرية بتحسين حالة حقوق الإنسان تبدو جوفاء، في مواجهة الأدلة على تواطؤ النيابة مع الشرطة في توجيه تهم لا أساس لها إلى الضحايا الذين يجرؤون على فضح تعذيب الشرطة وغيره من ضروب المعاملة السيئة، بدلاً من محاسبة رجال الشرطة. بيئة الإفلات من العقاب والانتقام توضح الحاجة إلى آلية دولية للمراقبة والإبلاغ في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للنظر في وضع حقوق الإنسان في مصر”.
المصدر: الشادوف+مواقع التواصل