يتعرض النازحون السيناويون في مدن ومناطق وادي النيل لضغوط اقتصادية واجتماعية كبيرة، سيما بعد خروجهم من أرضهم دون أي مقومات للحياة خارجها، إضافة إلى الضغوط التي تفرضها الأجهزة الأمنية باتهامهم بالإرهاب على طول الخط، رغم الأذى الذي يتعرضون له جراء ما يعرف باسم( الحرب على الإرهاب) في مناطقهم مما اضطرهم لتركها على دفعات منذ عام 2013، ويهاجروا لمدن أخرى داخل سيناء وخارجها.
وحسب رسالة وجهها نازحون في مدينة الصالحية الجديدة في محافظة الشرقية للمسؤولين المصريين، قالت الرسالة: “إلى كل شيخ وإنسان قادر على حل مشكلتنا نحن أهالي سيناء المقيمين في مدينة الصالحية الجديدة حيث نعيش لأكْل العيش فقط لا غير، فقد مرت على هذه المشكلة 5 سنوات. للأسف الشديد.”
في الوقت الذي يضحي فيه اتحاد قبائل سيناء وشباب قبيلتي الرميلات والسواركة وبقية العائلات بأرواحهم في سيناء، يتعرض أولاد عمهم من أهالي سيناء لأشد أنواع الظلم من قسم شرطة مدينة الصالحية الجديدة، ويتعامل أفراد القسم بشكل غير مهني مع كل فرد يحمل بطاقة رقم قومي تدل على أنه من شمال سيناء.”
وأضافت الرسالة التي نشرتها صحيقة ( العربي الجديد) : “للأسف الشديد، هناك أيام في الأسبوع لا بد أن يتم فيها القبض على 10 أفراد من أهالي سيناء بشكل عشوائي، ويتكرر هذا الأمر أكثر من مرة في الأسبوع، وقد يتم القبض على الشخص أكثر من مرة شهرياً بشكل عشوائي وكأننا لا ننتمي إلى البشر ولا كأننا مصريون.
ويقول السيناويون في رسالتهم كلمات تقطر حزنا وأسى على حالهم حين يقولون إن ” وضع الفلسطيني والسوداني وحتى الصيني في مدينة الصالحية الجديدة أفضل مليون مرة من وضع المصري السيناوي المغضوب عليه، لأن القبض على أهالي سيناء يتم في الشوارع أمام الصيدليات والمستشفيات والوحدات الصحية وأمام المارة، ومن دون أي سبب”.
وأشارت الرسالة إلى أن “مركز البريد المصري داخل الصالحية الجديدة أصبح هدفاً رئيسياً وخصوصاً أيام استلام الرواتب، ويتم أمام (بوستة” الصالحية الجديدة القبض على غالبية أهالي سيناء أثناء قيامهم بإنهاء معاملاتهم البريدية. وهم يضيقون على أهالي سيناء وعلى رزقهم وحياتهم. وحتى في الأسواق الشعبية الأسبوعية داخل المدينة، يُقبض عليهم أثناء سعيهم لأكْل عيشهم، كما أن الكمين الموجود عند مدخل المدينة يعتقل أي مواطن يحمل بطاقة فيها رمز 34 ليحتجز ويرحل إلى قسم الصالحية في مشهد مهين أمام الركاب والمارة.
وتمضي الرسالة للتأكيد مجددا على انه خلال أيام معينة في الأسبوع والشهر، يقبض على أهالي سيناء ممن يسكنون القرى المحيطة بمدينة الصالحية الجديدة من بيوتهم ومن دون سبب”.
يشار إلى أن آلاف المصريين من سكان محافظة شمال سيناء اضطروا لترك منازلهم بسبب هجمات تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” والعمليات العسكرية لقوات الجيش المصري ضد التنظيم الإرهابي، والتي تخللتها إقامة المنطقة العازلة التي مسحت مدينة رفح بالكامل، بالإضافة إلى تهجير قرى رفح والشيخ زويد وجنوب العريش وبئر العبد، ما ضاعف أعداد النازحين من سيناء من دون أي دعم حكومي أو توفير مساكن بديلة لهم، مما اضطرهم للبحث عن بدائل في الإسماعيلية والبحيرة والعاشر من رمضان والسادات والمنوفية.
وتكررت شكاوى النازحين من سيناء من سطوة الأجهزة الحكومية والأمنية عليهم في المدن والقرى التي تهجروا فيها قسرا، إذ تعرضت منازلهم التي بنوها بعد نزوحهم في محافظة الإسماعيلية للهدم على يد الأجهزة الحكومية بحجج الترخيص وتأمين الأوراق الرسمية، ما أعادهم إلى نقطة الصفر مجدداً، في ظل عدم توفر ملجأ يأوون إليه مع عائلاتهم.
وخلال العامين الماضيين، هدمت السلطات المحلية في محافظة الإسماعيلية منازل المهجّرين إليها من رفح والشيخ زويد في قريتي أبو طفيلة والبدراوي مرتين على التوالي، على الرغم من تدخل المسؤولين في سيناء في مرات سابقة لدى محافظ الإسماعيلية والمسؤولين فيها لوقف عمليات الهدم.
ولطالما ناشد المهجّرون مشايخ سيناء ومسؤوليها الحكوميين ضرورة التدخّل لدى سلطات محافظة الإسماعيلية لوقف الظلم الواقع عليهم، وإنهاء معاناتهم الممتدة منذ سنوات، إلّا أنّ التجاهل يكون حليفهم في كل مرة، أو تتم الاستجابة بشكل بطيء في حال وصلت المعلومات إلى وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، كما حصل منتصف العام الماضي.
وتعقيباً على ذلك، يقول أحد المشايخ القبليين المتواجدين في مدينة الصالحية لـصحيفة “العربي الجديد”: “يومياً، نتجه إلى قسم شرطة الصالحية الجديدة لمتابعة أمور الموقوفين في القسم، في ظل عدم وجود أي تهمة ضدهم أو مسوغ قانوني لاعتقالهم، بهذه الطريقة المهينة، وغالباً ما يتم حجز المواطنين السيناويين لفترات متفاوتة، في انتظار موافقة الضابط المسؤول على الإفراج عنهم، ويجري اعتقالهم مجدداً بعد أيام، ويدخلون في دوامة جديدة من الانتظار في السجن من دون معرفة مصيرهم، أو السبب الذي جعلهم يقفون في الزنزانة، وهي أسئلة مشروعة لا جواب عنها لدى قوى الأمن المصرية التي تقوم بحملات الاعتقال والاختطاف بشكل يومي”.
ويضيف المسؤول القبلي أن أبناء سيناء يتعرضون للابتزاز المالي، إذ يضطر العشرات منهم لدفع مبالغ مالية وتأمين مواد عينية ( على سبيل الرشوة) لضباط ومجندين ومخبرين في الأجهزة الأمنية، بهدف كسب الأمان وعدم اعتقالهم تعسفياً، خلال تحركهم داخل المدينة أو الكمائن المحيطة بها.”
، مشيراً إلى أنه لا يمكن الوقوف مع أي مواطن من سيناء يتجاوز القانون، أو يتصرف بشكل غير لائق، وخصوصاً أننا ضيوف على المدينة بسبب الظروف القاهرة التي تعيشها محافظة شمال سيناء والتي نأمل أن تنتهي قريباً كي نعود لأرضنا، ويرفع الظلم عن أبنائنا، مع الإشارة إلى أنه نادراً ما يتم تسجيل شكوى ضد أبناء سيناء النازحين نظراً لالتزامهم بالقانون والأمن العام.
وأكد أن الظلم يلاحق أبناء سيناء أينما ذهبوا، على الرغم من التضحيات التي قدموها منذ الاحتلال الإسرائيلي لسيناء وحتى يومنا هذا، إذ يقاتل أبناؤنا إلى جوار قوات الجيش المصري في معركته ضد “داعش” في مدن محافظة شمال سيناء.
وخلال الأشهر القليلة الماضية، استطاع العشرات من أبناء القبائل السيطرة على مناطق واسعة من أماكن نفوذ “داعش” في سيناء، وتوقعنا تغيرا في التعامل الأمني مع أبناء سيناء في مناطق النزوح، إلا أن التغير كان سلبياً وزادت ملاحقة المواطنين، ومطاردتهم في أرزاقهم ومعيشتهم من دون وجه حق.
وخلال الأشهر القليلة الماضية، حاول مئات المصريين العودة إلى منازلهم في القرى التي تمت السيطرة عليها من قبل قوات الجيش والمجموعات القبلية، إلا أنهم سرعان ما تركوها مجدداً في ظل عدم توافر مقومات الحياة من كهرباء ومياه وبنى تحتية ومراكز صحية وتعليمية ومساجد، والتي تعرضت جميعها للتخريب على يد الجيش و”داعش” على مدار السنوات الماضية، ما اضطرهم إلى النزوح مجددا، ويبدو أن معاناتهم ستستمر.
المصدر : الشادوف+العربي الجديد