أكد مصدر مسؤول في وزارة الآثار المصرية، أنّ السلطات الإماراتية وافقت على إعادة قطعة أثرية مهمة معروضة في متحف اللوفر في أبوظبي، عبارة عن شاهد من الغرانيت الوردي، بطول 170 سم، محفورة باسم الفرعون توت عنخ آمون، وذلك بعد اكتشاف تهريبها بطريقة غير شرعية من مصر عام 2011.
كانت القطعة، التي وصفها عالم المصريات مارك غابولد، الأستاذ في جامعة بول فاليري في مونبلييه، بأنها “كنز استثنائي في كل الأحوال”، في قلب تحقيق دولي واسع النطاق، يهدف إلى مكافحة الاتجار بالآثار. وكان الرئيس السابق لمتحف اللوفر في باريس، جان لوك مارتينيز، قد اتهم مؤخرا بالتآمر لإخفاء هذا الكنز الأثري بعد تهريبه من مصر بطريقة غير مشروعة.
وقال المصدر المصري، إن “الإمارات أعادت في السابق، العديد من القطع الأثرية المصرية المهربة”، مضيفاً أن “الشيخ سلطان بن سُعود القاسمي، ساهم في إعادة عدد كبير للغاية من القطع الأثرية المهربة إلى مصر مرة ثانية، حتى من دون أن تطلب السلطات المصرية ذلك”.
بدوره، قال وزير الآثار المصري السابق، زاهي حواس، في تصريحات صحافية، إنّ “مصر ستطالب بإعادة جميع القطع الأثرية المتهم بإخفائها، جان لوك مارتينيز، الرئيس السابق لمتحف اللوفر، هذا الأسبوع بعدما استجوبته الشرطة في عملية تزييف وسرقة الآثار المصرية”.
وفي هذا السياق، قال خبير مختص في الآثار الفرعونية المصرية -تحفظ على ذكر اسمه- إنّه “رغم الكشف عن سرقة شاهدة توت عنخ آمون، ورغم احتمالية أن تعيدها الإمارات إلى مصر، لأنّ الإمارات لا تريد إثارة الشبهات حولها وحول متحفها ( لوفر أبو ظبي)، لكنّ القلق الأكبر يتمثل في وجود العديد من القطع الأخرى المهربة، والتي لا يعلم أحد عنها شيئاً”.
وأكد المصدر أنّ “هناك كثيرا من القطع الأثرية التي هُربت من مصر إلى الإمارات، ودول خليجية أخرى، بعد ثورة 25 يناير، وما تلاها من أحداث أدت إلى فوضى أمنية وإدارية”، موضحا أنّ “أكثر القطع التي تم تهريبها إلى هذه الدول، عبارة عن آثار إسلامية، وتحديداً من القطع غير الموثقة، ولذلك يصعب إثبات سرقتها”.
وأوضح المصدر أنّه “تم إثبات سرقة هذه الكنوز، وهو ما يتطلب الكثير من العمل والبحث والتحقيق، الذي يقوم به الآثاريون لتوثيق تلك القطع وإثبات ملكيتها لمصر”.
وقالت صحيفة لو كانار أنشينيه Le Canard Enchainé الفرنسية، إن المحققين يحاولون معرفة ما إذا كان مدير متحف اللوفر السابق، جان لوك مارتينيز، قد غض الطرف عن شهادات منشأ مزورة لخمس قطع من العصور المصرية القديمة. ومن ضمن القطع، لوحة من الغرانيت نُقش عليها ختم الفرعون المصري القديم توت عنخ آمون.
وأشارت الصحيفة إلى أن كثيراً من الدول العربية، تأثرت بالنهب من القطع الأثرية، بما في ذلك مصر وليبيا واليمن وسورية، خلال أحداث الربيع العربي.
وقال مصدر قضائي فرنسي لـ”فرانس برس”، إن مدير متحف اللوفر السابق، جان لوك مارتينيز، وجهت إليه تهم هذا الأسبوع بعد أن اعتقلته الشرطة للاستجواب. وأدار مارتينيز متحف اللوفر في باريس، المتحف الأكثر زيارة في العالم، من 2013 إلى 2021.
ويعمل مارتينيز، الذي استقال من منصب رئيس متحف اللوفر العام الماضي، سفيراً للتعاون الدولي في مجال التراث. وتنذر القضية بإحراج وزارة الثقافة ووزارة الخارجية الفرنسية.
كما استُجوب متخصصون فرنسيون في الفن المصري هذا الأسبوع، لكن أفرج عنهما من دون توجيه اتهامات إليهما. وفُتحت القضية في يوليو/ تموز 2018، بعد عامين من شراء متحف اللوفر أبوظبي لوحة نادرة من الغرانيت الوردي، تصور الفرعون توت عنخ آمون، وأربعة أعمال قديمة أخرى مقابل ثمانية ملايين يورو.
ويواجه الرئيس السابق لمتحف اللوفر تهمة “غسل الأموال والتواطؤ في احتيال منظم”، ويشتبه في أنه غض الطرف عن قطعة واحدة على الأقل، اشتراها متحف “اللوفر” في أبو ظبي، نتيجة لاتفاقية حكومية دولية وُقّعت في عام 2007، بين فرنسا والإمارات العربية المتحدة.
وبحسب صحيفة الفنون- ذا آرت نيوزبيبر The Art Newspaper، فقد احتُجز مارتينيز واستُجوب على مدى ثلاثة أيام، من قبل المكتب الفرنسي لمكافحة الاتجار بالفن (OCBC). كما احتُجز رئيس القسم المصري في متحف اللوفر، فينسينت روندوت، وأوليفييه بيردو، عالم المصريات الشهير، للاستجواب، لكن أُفرج عنهما من دون توجيه اتهامات. وقال بيردو للصحيفة إنه لم يتم استجوابه إلّا لأنّ مجلة روفو ديجيبتولوجي Revue d’Egyptologie التي يحررها لجمعية علماء المصريات الفرنسيين “نشرت ورقة علمية في عام 2019 حول الأهمية التاريخية لمجموعة تم بيعها لمتحف اللوفر أبوظبي”.
وقالت الشبكة إنه منذ إطلاق مشروع أبوظبي في عام 2007، تطلبت عمليات الاستحواذ التي قام بها المتحف الإماراتي، بمساعدة الخبرة الفرنسية، موافقة من لجنة مشتركة برئاسة مدير متحف اللوفر. كان مارتينيز مديراً لمتحف اللوفر من 2013 إلى 2021.
وفي يونيو/ حزيران 2020، اتهم القاضي الفرنسي، جان ميشيل جانتي، الخبير والتاجر الباريسي، كريستوف كونيكي، بالتآمر الإجرامي والاحتيال الجماعي وغسل الأموال. وتمت مداهمة المقر الباريسي للوكالة الفرنسية لمتحف اللوفر أبوظبي في ذلك الوقت، وصادرت OCBC الوثائق.
وقالت محطة بي. إف. إم التلفزيونية الفرنسية، إن التحقيقات بدأت مع شراء متحف اللوفر أبوظبي في عام 2016، للعديد من الآثار المصرية، مقابل عشرات ملايين اليوروات، موضحة أنّه “من بين هذه الآثار على وجه الخصوص، شاهدة من الغرانيت الوردي منقوشة، مختومة بالختم الملكي لتوت عنخ آمون، وهي قطعة نادرة جدا لأنها سليمة”. وأضافت المحطة الفرنسية، أنّ هذه الآثار قد انتقلت إلى أيدي التجار والخبراء، وأُصدرت شهادات مزورة لتمرير الضوابط والحدود.
وفقاً للمحطة الفرنسية، فإن جان لوك مارتينيز، ليس الوحيد المتورط في هذه القضية؛ إذ فُتح تحقيق في عام 2018 من قبل المكتب المركزي لمكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية، حول هذه الآثار المنهوبة والمعروضة في متحف اللوفر أبوظبي، لافتة إلى أنّ هذه اللوحة الخاصة بتوت عنخ آمون، ليست القطعة الوحيدة، لكن هناك عشرات القطع الأثرية الأخرى.
وفي يوليو/تموز 2018، فتحت المحكمة الوطنية، المسؤولة عن مكافحة الجريمة المنظمة، التابعة لمكتب المدعي العام في باريس، تحقيقاً أولياً في شبهات الاتجار بالآثار من دول غير مستقرة في الشرقين الأدنى والأوسط.
كما أوضح عالم المصريات، مارك غابولد، الذي خصص لذلك الأثر المصري الفريد (اللوحة المحفورة باسم توت عنخ آمون)، 47 صفحة في المجلة المتخصصة في علم المصريات روفو ديجيبتولوجي، ونُشرت في مارس/آذار 2020، أنّ تلك اللوحة كنز، وهو “أمر غير معتاد بالنسبة للملك الذي تعرضت مبانيه، باستثناء القبر، للتدمير”.
يقول القضاة الفرنسيون، إنّ سرقة تلك اللوحة تطرح مشكلة خطيرة تتعلق بالمنشأ، موضحين أنّ خبير الآثار، كريستوف كونيكي، والتاجر روبن ديب، قد عبثا بها. ويشتبه المحققون في أنهم قدموا وثائق مزورة، واختلقوا أصولاً مزورة، لـ “غسل” مئات القطع الأثرية المنهوبة من دول مختلفة في الشرق الأدنى والأوسط.
وبحسب المجلة الفرنسية، فإنّ كريستوف كونيكي، الذي كان يعمل في دار المزادات بيرجييه وأسوسييه، كان في مرمى تحقيقات الشرطة منذ بيع التابوت الذهبي للكاهن “نجم عنخ”، في عام 2017، مقابل 3.5 ملايين يورو، في متحف متروبوليتان في نيويورك.
وأعيد التابوت إلى مصر في عام 2019، بعد تحقيق دولي أجرته السلطات الأميركية والفرنسية والألمانية والمصرية، أثبت أنّ التابوت سُرق من مصر عام 2011.
اكتشافات جديدة مبهرة
جاء ذلك بينما نجحت البعثة الأثرية المصرية العاملة بجبانة الحيوانات المقدسة (البوباسطيون) بمنطقة آثار سقارة في محافظة الجيزة المصرية الكشف عن أول وأكبر خبيئة بالموقع تعود إلى العصر المتأخر، وذلك أثناء أعمال موسم الحفائر الرابع للبعثة.
وكشفت وزارة الآثار المصرية في مؤتمر صحفي عالمي أن البعثة المحلية المصرية تمكنت أيضا من الكشف عن مجموعة جديدة من آبار الدفن عثر بداخلها علي مجموعة كبيرة من التوابيت يزيد عددها عن ٢٥٠ تابوتا خشبيا ملونا من العصر المتأخر، حوالى 500 ق.م، مغلقة وبداخلها مومياوات بحالة جيدة من الحفظ، بالإضافة لمجموعة من التمائم والتماثيل الخشبية بعضها مذهب الوجه وصناديق خشبية ملونة.
وأشار الدكتور مصطفي وزيري أن أعمال الحفائر داخل أحد آبار الدفن المكتشفة أسفرت عن الكشف عن تابوت به بردية طولها 9 أمتار بحالة جيدة من الحفظ ربما تحتوي على فصول من كتاب الموتى، وأنه تم نقلها لمعامل الترميم بالمتحف المصري بالتحرير للتعقيم والترطيب ودراستها ومعرفة ما تحتويه من نصوص.
وقد عثرت البعثة أيضا على تمثالين خشبيين ملونين ذو وجه مذهب، في حالة جيدة من الحفظ، للإلهتين إيزيس ونفتيس في وضع النائحات، بالإضافة إلى العثور على دفنة من الدولة الحديثة حوالى 1500 ق.م، بها عديد من أدوات الزينة مثل مرآة من البرونز ومجموعة من الاساور، العقود والأقراط ومكاحل بها المراود الخاصة بها وأدوات من النحاس خاصة بالحياة اليومية.
تجدر الإشارة إلى أن البعثة الأثرية المصرية بدأت عملها بالموقع منذ عام 2018 حيث نجحت في الكشف عن المقبرة الفريدة لكاهن الأسرة الخامسة “واحتى”، بالاضافة إلى 7 مقابر صخرية منها ثلاث مقابر من الدولة الحديثة وأربعة مقابر من الدولة القديمة، وواجهة مقبرة من الدولة القديمة، بالإضافة إلى الكشف عن أكثر من ألف تميمة من الفيانس وعشرات من تماثيل القطط الخشبية ومومياوات قطط وتماثيل خشبية وموياوات لحيوانات.
كما نجحت البعثة في عام 2020 في الكشف عن أكثر من 100 تابوت خشبي مغلق بحالتهم الأولى من العصر المتأخر داخل آبار للدفن، و 40 تمثالا لإله جبانة سقارة بتاح سوكر بأجزاء مذهبة و 20 صندوقا خشبيا للإله حورس.
وقد تم تصنيف هذا الكشف كواحد ضمن أهم عشرة اكتشافات أثرية لعام 2020 والأكثر جذبا للأنظار طبقا لمجلة الآثار الأمريكية Archaeology magasine.
المصدر:الشادوف+العربي الجديد+صحف