وقّع مستوطنو بؤرة “ايفيتار” الاستيطانية المقامة على أراضي المواطنين الفلسطينيين في جبل “صبيح” قرب بلدة “بيتا” جنوبي نابلس (شمال الضفة الغربية المحتلة) من ناحية، والحكومة الإسرائيلية من ناحية أخرى، اتفاقا يتم بموجبه إخلاء البؤرة من المستوطنين مؤقتا ودون هدم المباني التي تم إنشاؤها فيها، مقابل شرعنة الحكومة للمستوطنة والتعهد بعودتهم إليها.
وبحسب القناة العبرية (12) العبرية، فإن الاتفاق تم بموافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، ووزير جيشه بيني غانتس.
ووفقًا للقناة، فإنه سيتم إخلاء سكان البؤرة من سكانها حتى الساعة الرابعة من مساء يوم غد الجمعة بالتوقيت المحلي، على أن يتولى ما يسمى بالمجلس “الإقليمي لمستوطنات السامرة” إغلاق المباني السكنية في البؤرة وإفراغ محتوياتها.
وينص الاتفاق على أنه فور إخلاء البؤرة الاستيطانية، سيكون للجيش الإسرائيلي وجود مستمر في البؤرة.
كما ينص الاتفاق على أن تجري المؤسسة العسكرية مسحًا لأراضي البؤرة الاستيطانية والانتهاء منه في أسرع وقت ممكن، وأن يتم في ذات الوقت تقديم اقتراح مبدئي لخطة تفصيلية حول المنطقة بهدف تحويلها إلى مستوطنة رسمية، وفي حال تم الإعلان أنها “أراضٍ دولة” وخاضعة لاستكمال إجراءات التخطيط وأي متطلبات قانونية أخرى، فسيتم إنشاء مدرسة دينية وسيسمح لموظفيها وعائلاتهم بالعيش هناك وفقًا لمخطط خاص.
وبحسب القناة، سيتم السماح بوجود المستوطنين بشكل دائم في المكان بعد أن يتم شرعنتها، وفق ما سيتم تحديده بين بينيت، ورئيس مجلس شومرون الاستيطاني يوسي داغان
من جهتها كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية النقاب عن أن الفلسطينيين أصحاب الأرض المقامة عليها المستوطنة، طالبوا بملكية الأرض، التي بنيت عليها إيفياتار، كما طالبوا في رسالة وجهوها إلى المدعي العام للاحتلال أفيحاي ماندلبليت، بعدم الموافقة على خطة الإخلاء.
وحسب الصحيفة فقد تم إرسال رسالة من قبل المحامي سليمان شاهين من مركز القدس لحقوق الإنسان، تنص على أن المخطط غير قانوني، وينتهك حقوق الملكية للفلسطينيين ويشكل انتهاكًا لسيادة القانون. وطالب الفلسطينيون بإخلاء البؤرة الاستيطانية والبنية التحتية التي أقيمت فيها، مشيرين إلى أنهم أرفقوا الناطق باسمهم دليلاً على ارتباطهم بالأرض.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاتفاق بين الحكومة ومستوطني ايفيتار، فاجأ مسؤولين كبار في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
وبحسبهم، فإن مخطط تنظيم البؤرة الاستيطانية يتعارض مع موقف كبار مسؤولي القيادة المركزية والاستخبارات، والذي يقضي بضرورة إخلاء البؤرة الاستيطانية على الفور – من أجل منع التصعيد في الضفة الغربية.
وقال أحد المسؤولين للصحيفة “يجب إخلاء هذه البؤرة الاستيطانية، ويجب إخلاءها في أسرع وقت ممكن”. في بداية الأسبوع، اجتمع كبار أعضاء جهاز الدفاع، بمن فيهم رئيس الأركان أفيف كوخافي، للموافقة على خطط إخلاء البؤرة الاستيطانية التي كان من المقرر أن تتم في الأيام المقبل.
واشارت الصحيفة إلى أن مكانة الأرض التي أقيمت عليها البؤرة الاستيطانية غير واضحة، ولم تجب الإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال على سؤال “هآرتس” في هذا الشأن، لكنها على أي حال ليست أراضي دولة معلنة.
واضافت في المكان الذي أقيمت فيه البؤرة الاستيطانية، كانت هناك قاعدة عسكرية للجيش، وصدر أمر الاستيلاء عليها – دليل على أنها أقيمت على أرض فلسطينية خاصة.
وتظهر الصور الجوية التي نشرها الباحث الإسرائيلي في الضفة الغربية درور إتكيس أنه قبل إنشاء القاعدة، كان هناك من قاموا بزراعة الأرض، لكن المستوطنين يزعمون أنه وفقًا للصور الجوية التي بحوزتهم، لم يتم العمل بها في العقد الماضي.
وعلى الرغم من أن البؤرة الاستيطانية أقيمت بشكل غير قانوني، فقد تم توثيق وجود جنود من الجيش الإسرائيلي يساعدون في إنشائها، وفي الأسابيع الأخيرة.
وتقدر مساحة الجبل بـ 840 دونما، وتتبع لفلسطينيين من بلدات “بيتا”، و”قبلان”، و”يتما”، جنوبي نابلس، ويسيطر المستوطنون على 20 دونما منها.
وفي السنوات الأخيرة، بذلت عدة محاولات لإنشاء بؤرة استيطانية في الموقع، ولكن في كل مرة تم إخلاء المباني في غضون فترة زمنية قصيرة بعد استبسال المواطنين الفلسطينيين بالدفاع عنها.
وأحدثت فعاليات “الإرباك الليلي” التي تبنّاها الفلسطينيون في بلدة بيتا، مؤخرا تطورا هاما في عمل المقاومة الشعبية الفلسطينية، ضد الاستيطان الإسرائيلي، الذي التهم مؤخرا بعض أراضي البلدة.
و”الإرباك الليلي”، هي فعاليات احتجاجية شعبية، يُنظمها سكان بلدة “بيتا” بشكل شبه يومي في أوقات المساء والليل، منذ أسابيع، للمطالبة بإخلاء بؤرة استيطانية إسرائيلية أقيمت على أنقاض جبل صبيح في البلدة.
ويُشعل الشبان الفلسطينيون النار في إطارات مطاطية، وينفخ آخرون في أبواق تُصدر أصواتاً مُزعجة، بينما يُسلّط البعض مصابيح إنارة “الليزر” نحو “كرافانات” البؤرة الاستيطانية، ويحمل غيرهم مشاعل إنارة.
أحدثت فعاليات “الإرباك الليلي” التي تبنّاها الفلسطينيون في بلدة بيتا إلى الجنوب من نابلس شمالي الضفة الغربية، تطورا هاما في عمل المقاومة الشعبية الفلسطينية، ضد الاستيطان الإسرائيلي، الذي التهم مؤخرا بعض أراضي البلدة.
يقول خبراء ومختصون، إن الحالة النضالية في بلدة “بيتا”، والمستوحاة من عمليات الإرباك الليلي في قطاع غزة، تطور في شكل وحجم المقاومة الشعبية.
وأشار المختصون في أحاديث منفصلة مع الأناضول، إلى أن هذا التطور من شأنه إحداث تغير، غير أنه بحاجة لزيادة الوعي، والتفاف جماهيري، واحتضان رسمي.
ولم يعهد سكان الضفة الغربية هذا المشهد من قبل، لكن فكرة “الإرباك الليلي” مستوحاة من سكان قطاع غزة، حيث شكّلت أحد عناوين “مسيرات العودة وكسر الحصار” التي انطلقت في 30 مارس/ آذار 2018 على حدود غزة مع إسرائيل، واستمرت قرابة عام ونصف.
ويرى أهالي بلدة بيتا في تلك الفعاليات أسلوباً نضالياً جديداً، ضمن أنشطة المقاومة الشعبية للاحتلال الإسرائيلي، وخصوصاً النشاط الاستيطاني؛ بهدف إزعاج المستوطنين ودفعهم للرحيل، وإخلاء البؤرة الاستيطانية الجديدة.
وشيّد مستوطنون إسرائيليون البؤرة الاستيطانية “أفيتار”، خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في مايو/ أيار الماضي، الذي جاء عقب الهبّة الشعبية في الضفة الغربية والقدس.
سليمان بشارات، مدير مركز يبوس للدراسات (خاص)، أرجع تطور المقاومة الشعبية في الضفة الغربية، والمتمثل ببلدة “بيتا”، إلى مسببات رئيسة، أولها: انغلاق الأفق السياسي فيما يتعلق بعملية السلام مع الجانب الإسرائيلي، ومستقبل القضية الفلسطينية، وإمكانية الدفع بعملية سياسية”.
وثاني تلك الأسباب، وفق بشارات، هي “وجود حالة من الضعف في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي بالضفة الغربية”، وثالثها “عدم وجود خطوات قوية في مواجهة التغول الاستيطاني”.
وقال إن “البرامج والمخططات الاستيطانية في الضفة الغربية، خلقت حالة رد فعل شعبية”.
وأَضاف بشارات: “وصل الشارع الفلسطيني إلى قناعة أن الوقفات السلمية والمسيرات التقليدية لن تحقق شيئا، لذلك نرى هبة شعبية على مدار الساعة في بلدة بيتا، قد تكون مستوحاة من قطاع غزة، وحتى من معركة المقدسيين في الشيخ جراح، وباب العامود”.
ويرى بشارات، أن الطبيعة الأمنية والسياسية في الضفة الغربية، في ظل غياب للعمل المباشر والمسلح، دفع للبحث عن بدائل، فكان الإرباك الليلي.
وعن تطور المقاومة الشعبية، قال أمجد أبو العز، الخبير السياسي الفلسطيني، إن “ذلك يعود، لغياب قرار سياسي بالاشتباك مع الاحتلال، والرغبة بالاستمرار والتعبير عن رفض الشارع للاحتلال”.
ولفت أبو العز إلى أن المقاومة الشعبية بحاجة لعاملين اثنين لنجاحها، الأول، ويتمثل بـ “التفاف جماهيري، وهو يتحقق في بلدة بيتا ضمن هذا الفكر”، وثانيا “وجود قيادة تؤمن به”.
وتابع: “حتى الآن لا يوجد قيادة فلسطينية تؤمن بذلك، رغم دعوة الرئيس محمود عباس مرارا لتفعيل المقاومة الشعبية”.
ولفت أبو العز إلى أن الشعب الفلسطيني، استخدم المقاومة الشعبية منذ الانتداب البريطاني، وما يجري هو “عودة الوعي والإيمان بها”.
أستاذ العلوم السياسة في الجامعة العربية الأمريكية بمحافظة جنين (شمال)، أيمن يوسف، يرى أن حالة من المنافسة بين كل الفصائل الفلسطينية على ساحة الضفة الغربية أحدثت نقلة نوعية في تطور المقاومة الشعبية.
وقال يوسف إن “ما نراه في بلدة بيتا، بشكل أو بأخر هو ما تتبناه حركة فتح”.
وأوضح أن “القيادة الفلسطينية وحركة فتح، غير مرة أعربت أنها لن تذهب بالمواطن نحو مواجهة عسكرية، وفي بيتا وجدت ما تصبو إليه”.
وتوقع يوسف، أن تحذو بلدات أخرى قريبة من الاستيطان، وجدار الفصل الإسرائيلي حذو بلدة “بيتا”، في مقاومة متواصلة، ومستحدثة على مدار الساعة.
الناشط في المقاومة الشعبية، ومسؤول دائرة العمل الشعبي في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان (التابعة لمنظمة التحرير)، عبد الله أبو رحمة، قال إن “بيتا أحدثت تطورا في المقاومة الشعبية لمواجهة الاستيطان، على مدار الساعة، من مسيرات وعمليات إرباك ليلي”.
وأشار إلى ضرورة تطوير الأداء، واستحداث أساليب وخطط جديدة من شأنها إرباك الاحتلال ودفعه لتفكيك المستوطنات، وعدم التفكير في السيطرة على الأراضي الفلسطينية، وبما يتلاءم مع كل بلدة وموقع ومرحلة.
ولفت أبو رحمة، إلى وجود تطور في مفهوم المقاومة الشعبية لدى المواطن الفلسطيني.
وتابع: “كل فرد في المجتمع يمكنه أن يشارك في المقاومة من خلال أداء دوره، سواء بالتوجيه، أو المشاركة في مسيرة، أو مقاطعة منتجات إسرائيلية، وصولا للمواجهة مع المستوطنين وقوات الاحتلال”.
وتوقع أبو رحمة، الذي ترأس على مدار سنوات لجان المقاومة الشعبية في بلدته بلعين إلى الغرب من رام الله، أن تحقق بلدة “بيتا” انتصارا ضد الاحتلال.
المصدر: الشادوف+وكالات