بلومبيرغ: مصر على طريق سريلانكا بسبب التعثر في سداد ديونها !

في تقرير جديد يعكس الحالة الاقتصادية المتردية لمصر رغم الدعم الخليجي لها، أكدت وكالة “بلومبيرغ” الأميركية في تقرير لها أنّ مصر أصبحت رمزاً للمعاناة التي تجتاح الدول الفقيرة، بسبب ارتفاع التضخم وتراجع النمو العالمي.

وأكدت الوكالة في تقريرها على ارتفاع احتمال فشل الحكومة المصرية في سداد ديونها إلى أعلى مستوى، منذ عام 2013.

وقالت: إن ما تعاني منه مصر حالياً هو الأسوأ في المنطقة، ما أدى إلى مواجهة أكبر انخفاضاً في شراء السندات منذ عقدين، وانخفاض الجنية المصرى إلى أضعف مستوى منذ التخفيض المفاجىء للعملة في 2016.

وشدّدت الوكالة على أن المستثمرين يخشون من مخاطر احتمالية أن تحذو مصر حذو روسيا و سيرلانكا، الواقعة جنوب آسيا والتي كانت الأولى هذا العام في التوقّف عن السداد لحاملي السندات الأجانب، بعدما أثقلتها تكاليف الغذاء والوقود وأججت الاحتجاجات السياسية، ثمّ تبعتها روسيا في يونيو بعد العقوبات الغربية.

مؤشرات الاستقرار الاقتصادي

ونوّهت الوكالة إلى أنه من الصعب تجاهل بعض مؤشرات الاستقرار التي ظهرت في البلاد هذا الشهر، إذ يُعَدّ محافظ البنك المركزي الجديد سبباً فاصلاً للتفاؤل إلى جانب المحادثات الجارية مع صندوق النقد الدولي. ومع ذلك، فإن المخاوف من أن تفشل الدولة العربية الأكثر اكتظاظاً بالسكان في الوفاء بديونها، ستظل في صدارة أذهان المستثمرين حتى تتضحَ الصورة بشأن تخفيض البلاد لعملتها، وما إذا كانت حزمة صندوق النقد الدولي كبيرة بما يكفي لسدّ فجوة التمويل.

من جانبه، قال زياد داوود خبير الأسواق الناشئة في بلومبرغ: إن نقاط القوة في مصر على المدى القريب تتمثل في دعم دول مجلس التعاون الخليجي، مشيراً إلى أن أبرز نقاط الضعف هي الديون الحكومية -الديون المستحقة باليورو/الدولار-، وارتفاع أسعار الفائدة في السوق ما يترتب عليه العجز التجاري، مؤكّداً أن النتيجة لذلك كله هو تخفيض قيمة العملة.

وقال: إن مصر بحاجة حاليًّا إلى نحو 41 مليار دولار لتغطية مدفوعات الديون وعجز الحساب الجاري، حتى نهاية عام 2023.

وشهد احتياطي مصر من النقد الأجنبي انخفاضًا بنحو 20% إلى 33.14 مليار دولار هذا العام، بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتدفقات رأس المال الخارجة وتكاليف الاقتراض المتزايدة.

وتبلغ نسبة ديون مصر من الناتج المحلي الإجمالي حوالي 94%، ويتعيّن عليها حاليًّا سداد ديون خارجية تبلغ أكثر من 5 مليارات دولار مقومة بالدولار واليورو، في الربع الرابع من عام 2022، و9 مليارات دولار أخرى تستحقّ السداد في عام 2023، وفقًا لبيانات جمعتها بلومبرغ.

تراجع عائدات أذون الخزانة

يأتي هذا في وقت تراجع فيه عائد أذون الخزانة المصرية، أمس الأحد، لأول مرة منذ 24 مايو الماضي نحو 5 نقاط في عطاء أذون 91 يوماً، ليسجل أعلى عائد 16.10% مقابل 16.15% قبل أسبوع، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.

وجاء ذلك في أول عطاء بعد اجتماع حسن عبد الله القائم بأعمال محافظ البنك المركزي المصري بقيادات القطاع المصرفي الأسبوع الماضي. وفي ظل توافر سيولة كبيرة بالسوق، باع “المركزي المصري” نيابة عن وزارة المالية 38.193 مليار جنيه، من نحو 88.343 مليار جنيه عرضتها البنوك في عطاء الأحد.

قال وزير المالية المصري، محمد معيط، الإثنين، إن مفاوضات بلاده مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد “لا تزال مستمرة”، من دون أن تتحدد بعد قيمة القرض، مدعياً أن “الصندوق لم يضع أي شروط مسبقة على مصر، بشأن رفع الدعم عن الخبز أو المحروقات”.

وأضاف معيط، في مؤتمر صحافي بمقر الوزارة، أن الحكومة استهدفت التعاون مع صندوق النقد في برنامج جديد “على أساس أنه تعاون فني فقط”، إلا أن الظروف الاقتصادية المصاحبة لأزمة التضخم العالمية “دفعتنا إلى التفاوض مع الصندوق حول التعاون المالي”.

ضغوط تضخمية

وتابع أن صندوق النقد لم يطالب مصر بإلغاء مبادرات البنك المركزي ضمن شروط القرض، والخاصة بالتمويل العقاري، وتنشيط قطاع السياحة، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، غير أنه “قد يتدخل في آلية إدارة هذه المبادرات بالاتفاق مع الحكومة”.

وزعم معيط أن “مصر هي الدولة الوحيدة التي نجحت في إصدار سندات (دين) دولية لمدة 40 عاماً، وليس لفترات قصيرة”، مستطرداً بأن “متوسط عمر الدين في الموازنة العامة للدولة يبلغ 12 عاماً، بمتوسط سعر الفائدة 6 في المائة”.

وأشار إلى “تعرض الموازنة المصرية لضغوط كبيرة، من جراء ارتفاع الأسعار العالمية للبترول أو القمح، وتدهور قطاع السياحة بسبب أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، وخروج نحو 22 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة (الأموال الساخنة)”.

وأفاد معيط بأن “متوسط سعر برميل النفط بلغ 91 دولاراً في الموازنة العامة خلال عام، والقمح 345 دولاراً للطن”، مستدركاً أنه “رغم التأثر السلبي للموازنة بفعل الأزمة العالمية، إلا أن البلاد نجحت في سداد كافة التزاماتها، وكل مستثمر في الأموال الساخنة حصل على أمواله في وقتها”، على حد تعبيره.

وذكر أن “تغير سعر الصرف بقيمة جنيه واحد يرفع قيمة الدين العام بنحو 83 مليار جنيه، والذي كان يبلغ 15.6 جنيهاً للدولار في مارس/ آذار الماضي مقابل 18.8 جنيهاً (19.25 حالياً)، بزيادة في الدين نسبتها 4 في المائة، في وقت ارتفع فيه الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 7.925 تريليونات جنيه”

وأكمل معيط قائلاً: “كل زيادة بنسبة 1 في المائة في معدل النمو تخلق أكثر من مليون فرصة عمل، ولولا أزمة تفشي جائحة كورونا لكان عجز الموازنة في حدود 4 في المائة بنهاية العام المالي المنقضي، مقارنة بنحو 6.1 في المائة. ونسبة الدين العام إلي إجمالي الناتج المحلي 77 في المائة، بدلاً من 87 في المائة بنهاية العام 2021-2022”.

وأضاف أن “الموازنة العامة للدولة حققت فائضاً أولياً بلغ 100 مليار جنيه، على خلفية تسجيل الحصيلة الضريبية نحو 990 مليار جنيه، بنسبة نمو 18.7 في المائة”، خاتماً أن “بلاده تستهدف الوصول بالدين العام إلى نسبة 75 في المائة بحلول عام 2026، والعمل على زيادة الإيرادات مقابل المصروفات بصورة سنوية”.

المصدر: الشادوف+ترجمة

المشاركات الاخيرة

اقتصادالتعثرالديون الخارجيةبلومبيرغسداد الديونسريلانكامصر
Comments (0)
Add Comment