هل أوكرانيا هي البوابة الي عالم جديد؟!!
هناك شي ما يجري في العالم؟!!
تتراوح التوقعات للحرب الروسية الاوكرانية بين الهوي الشخصي والايديولوجيا فبين من يري الديكتاتور الاحمق الروسي البطل المغوار الذي سوف يركع امريكا والغرب ويجبرهم علي الندم والاعتذار لما اقترفوه من جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في العراق وافغانستان والصومال وسوريا وبين هؤلاء الذين يثقون ويثمنون ويتوهمون حول القدرات الخرافية المذهلة للإمبريالية المسعورة و المتوحشة في استطاعتها اعتقال الرئيس الروسي بوتين والقبض عليه في حفرة تحت الأرض كسيرا ذليلا كما فعلت مع صدام حسين هنا تتوه اي ملامح جادة وعميقة لتحليل سياسي رزين يستند الي اطنان من المعطيات و المؤشرات الاقتصادية والسياسية والعسكرية حول هذه الحرب اظن اهمها عندي واكثرها وضوحا هو
1 – ضيق الامبريالية المتوحشة ذرعا بالقوة والدول المناوئة لها وتحديدا روسيا والصين والتي تقف عائق امام محاولاتها المستمرة للسيطرة والهيمنة على العالم ثقافيا واقتصاديا وعسكريا بشكل تام وغير منقوص والتحكم في التخوم والحدود والموارد
2- اظن ان الحرب الروسية على اوكرانيا لم تكن وليدة اعتداء او انفجار عشوائي او افق سياسي مسدود او وليدة معترك راهن وبات اظن انها جاءت وفق خطة محكمة ومعد لها منذ شهور طويلة وربما أكثر من ذلك من خلال الاعداد سلفا لسلسة من الاحداث المستندة معطيات مؤثرات بالضرورة ستدفع باتجاه الحرب وعلى رأس هذه المعطيات إعادة انتاج الازمة المتمثلة في سعي القوميون في أوكرانيا للانضمام الي حلف الناتو لتكون اوكرانيا شوكة مؤلمة في خاصرة الدولة الروسية ومقدمة لاستحواذ وسيطرة الامبريالية الامريكية علي جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق بامتداداتها الاوربية وكبح جماح روسيا في هذه المنطقة من العالم وتقليم اظافرها الممتدة لإيران والنظام السوري وكوريا الشمالية والسيطرة علي طموحات الديكتاتور المارق وجره الي الحرب كما يجر راعي الغنم النعاج
3- تلعب اوكرانيا ورئيسها فولوديمير زيلينسكي دور مسمار جحا او حصان طروادة في هذه الخطة واتصور انها ذات طابع مخابراتي أكثر منه عسكري ويتضح شراكته المباشرة لهذا الدور أكثر مع هذا التحريض شديد اللهجة والأكثر طيشا وتهورا لأمريكا والغرب وحلف الناتو ضد الدولة الروسية والالحاح والضغط في طلب حظر الطيران في الأجواء الأوكرانية، بل وصل الامر الي طلب أوكرانيا التدخل المباشر من جانب الناتو في معارك عسكرية مع القوات الروسية غير عابئين بمخاوف الغرب نفسه والعالم من تصعيد الموقف العسكري الي حرب نووية قد تجهز على الكوكب في ساعات معدودة
4- تشير الاستجابات السريعة جدا والمذهلة جدا من دول ومؤسسات العالم وخاصة دول الاتحاد الاوربي للدعوات الامريكية في بداية الحرب للاصطفاف ضد الدب الروسي وسرعة بناء هذا التحالف الذي لم يقتصر علي أوربا وحلف الناتو فقط بل كل دول ومؤسسات العالم بما في ذلك المؤسسات الرياضية والمالية والإعلامية والاقتصادية والتعليمية بل وصل الامر الي الدول المناوئة لأمريكا والمصطفة تاريخيا في علاقات سياسية جيدة مع روسيا مثل فنزويلا التي زارها وفد امريكي رفيع المستوي وقدم وعودا بامتيازات هائلة والغاء العقوبات المقررة علي فنزويلا منذ سنوات طويلة في محاولة لتحجيم المعسكر الذي قد يشكل بادرة تضامن مع الدولة الروسية وحصر الدول المعادية علي وجه التحديد في روسيا الصين وكوريا الشمالية ولست متأكد من ايران لانني اتصور سوف تسعي الامبريالية لتحييد ايران في هذا الشأن الي طبيعة التحضير والاعداد لمحاصرة بوتين والدولة الروسية ليس علي الصعيد العسكري فقط بل علي كافة الصعد السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والثقافية والرياضية والتعليمية والمالية والاقتصادية والاستجابات جنونية السرعة في مد الجانب الاوكراني بكافة أنواع الأسلحة المتطورة من كل صوب وحدب في سلوك غير مسبوق تاريخيا حتي في مواجهة النازي في الحرب العالمية الثانية وأخيرا الاستجابات جنونية السرعة وغير المسبوقة تاريخيا في إيواء اللاجئين وانهاء الإجراءات القانونية والإقامة والدعم المالي وبطاقات الهاتف وتوفير الاقامات المؤقتة والخيام علي حدود كل الدول المتاخمة لأوكرانيا بمجرد التواجد علي حدود الدول المضيفة ناهيك عن وصول هذه الاعداد الي اكثر من مليون لاجئ بينما وفي ذات الوقت تتعثر هذه الدول ومعها 30 دولة اوربية وامريكا في استقبال عشرات اللاجئين في كل الحروب السابقة.
5- علي عكس معظم التوقعات والتحليلات التي كانت تراهن علي قدرة القوات الروسية في الانتهاء من مهمتها وخطتها في يومين او ثلاثة اكدت في كتابات سابقة بانها لن تكون مهمة سهلة وقد تستغرق أسابيع وشهور لأنها ليست حرب تلقائية جاءت نتيجة لافق سياسي مسدود منذ البداية ظهرت بعض المؤشرات القوية التي اكدت علي انها لن تكون نزهة للقوات الروسية كما حدث في 2014 وان هناك اعداد وفي هذا السياق قد تشهد الأيام والشهور القادمة اتجاه أوكرانيا الي حرب العصابات والشوارع علي غرار ونسق الحرب الروسية الأفغانية في 1979 وربما تمهد الإمبريالية وحلفائها لان تكون أوكرانيا هي مقبرة الدب الروسي والخلاص منه علي نحو يساعد ويدعم اتجاهات صياغة عالم جديد يتم فيه تقسيم الموارد والكعك علي أسس مغايرة
6- كثر الحديث عن امتلاك روسيا الي الأسلحة النووية وباستطاعة الرئيس الروسي ان يضرب العالم بهذا السلاح الفتاك وانه يملك 46 الف قطعة سلاح نووي وظني ان هذا التصور وهذا التوقع يفتقر الي الخيال السياسي والحنكة في قراءة الاحداث فمن جانبي اتشكك كثيرا جدا في ان هناك أي إمكانية او فرصة متاحة لاستخدام هذا النوع من الأسلحة في كلا الجانبيين وتجربة الصواريخ الروسية في الأراضي الكوبية في ستينات القرن الماضي لازالت ماثلة وحاضرة في الاذهان واظن ان هذا السلاح خلق فقط لدعم توازن القوة بين امبريالية مسعورة ومتوحشة وبن دول استبدادية تجكم شعوبها بالحديد والنار ولم ولن تكون هذه الأسلحة مجالا للاستخدام في يوم من الأيام واظن حتي في اقص التصورات فجاجة لن تستخدم هذه الأسلحة حتي لو تم مطاردة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من بيت الي بيت ومن حارة الي حارة لن يقوم باستخدام هذه الأسلحة والعكس صحيح اذا ما قامت القوات الروسية باحتلال أوربا بالكامل لن تستخدم الأسلحة النووية أيضا لكن ربما يتم التهديد باستخدامها في طول وعرض المعارك العسكرية علي طول الطريق
7- اظن ان هناك شي ما يجري التحضير له في العالم الان كانت حرب الفيروسات بين الامبريالية المتوحشة والصين المتمثلة في الكرونا ووفاة 2.5 مليون شخص وخضوع 3.9 مليارات شخص، أي ما يعادل نصف البشرية، للحجر وكذلك الحرب الروسية الأوكرانية وتعاظم دور العلم التجريبي علي حساب النظريات والممارسات السياسية وزيادة معدلات التعامل بعملة البيتكوين وهي عملة رمزية ليس لها تواجد حقيقي على أرض الواقع، كما لا تسيطر عليها جهة أو مصدر مسؤول سواء دولة أو بنك أو غيره، لذا لا تخضع لمقاييس وتقاليد الأموال النقدية المعتادة، ويتم استخدامها في مختلف التعاملات المشفرة، هذا بخلاف إمكانية استخدامها بسهولة في الأعمال غير المشروعة، كما تعد وسيلة لحفظ الأموال دون الكشف عن هوية صاحبها أو سؤاله عن مصدر دخله، الأمر الذي نتج عنه قيام بعض دول العالم بالاعتراف بتلك العملة. كل هذا جزءا من هذا الـ(شيء ما).. وهذا ما سوف تجلوه السنوات القادمة.

حجاج نايل

حقوقي مصري مقيم فى كندا

استشاري لدي مؤسسات الأمم المتحدة

@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@

مقالات الرأي تعبر عن آراء أصحابها، ولا تعبر بالضرورة عن الموقع أو سياساته التحريرية