فرنسا تفتح تحقيقا في تسريب أسرار عسكرية لمصر..وموقع (ديسكلوز) يضرب مجددا في اليمن !
فتحت السلطات الفرنسية اليوم السبت تحقيقا جنائيا في فرنسا بعد أن كشفت وسائل إعلام محلية أسرارا دفاعية وطنية تتعلّق بعمليّة فرنسيّة لمكافحة الإرهاب في مصر تستخدم لأغراض القمع الداخلي، بحسب ما قال مكتب المدعي العام في باريس لوكالة فرانس برس الفرنسية.
وكان تحقيق أولي فُتح في 26 تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت بشأن قضية إفشاء أسرار دفاع وطني وكشف هويات عسكريين، وعُهِد به إلى دوائر متخصصة. ويشمل التحقيق كشف هويات عناصر في أجهزة الاستخبارات الفرنسية.
وكشف موقع “ديسكلوز” الإلكتروني الاستقصائي في في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر، أن الدولة المصرية حرفت مهمة للاستخبارات الفرنسية تحمل اسم “سيرلي” بدأت في شباط/ فبراير 2016 لحساب مصر في إطار مكافحة الإرهاب، عن مسارها، باستخدامها المعلومات التي جمعت لشن ضربات جوّية على آليّات يَشتبه بأنّها لمهرّبين. وكتب موقع “ديسكلوز” أن “القوات الفرنسية شاركت في 19 عملية قصف على الأقل ضدّ مدنيّين بين عامي 2016 و2018”.
ورغم القلق والتحذيرات من جانب بعض المسؤولين من التجاوزات المرتكبة في هذه العملية، نقل “ديسكلوز” عن مستندات رسمية أن السلطات الفرنسية لم تُعِد النظر بهذه المهمة. وبعد نشر هذه المعلومات، تقدمت وزارة القوات المسلحة الفرنسية بشكوى “لانتهاك أسرار الدفاع الوطني”.
وقال المتحدث باسم الوزارة ايرفيه غرانجان “كان هناك تسريب لوثائق يشملها السر الدفاعي الوطني”. وأضاف “أن هذا التسريب هو انتهاك للقانون (…) وخطير للغاية، لأن ما يُكشف قد يُظهر أشياء حول أساليب عمل الجيش، يمكن أن يعرض سلامة أفراد الجيش للخطر”.
في الوقت نفسه، أشار غرانجان إلى أن الوزارة أطلقت “تحقيقا داخليا للتحقق من أن القواعد قد تم تطبيقها بالفعل” من قبل الشركاء المصريينلأن “الخطوط العريضة لهذه المهمة الاستخبارية تلبي متطلبات صارمة جدا: يتعلق الأمر بمكافحة الإرهاب بعيدا عن المشاكل الداخلية”. على الرغم من رغبة باريس المعلنة في إعادة تركيز صادراتها من الأسلحة إلى أوروبا، تُعد مصر أحد المتلقين الرئيسيين للمعدات العسكرية الفرنسية.
فرنسا وحرب اليمن
وفي سياق متصل واستمرارا لدوره فى كشف المزيد من الموضوعات المحرجة للسلطات الفرنسية، ذكر موقع «ديسكلوز» الإلكتروني الاستقصائيّ، أن فرنسا سلّمت السعودية والإمارات وقطر، في عهد الرئيس فرنسوا هولاند، في العام 2016، عشرات الآلاف من القنابل، على الرغم من علمها بأنها ستُستخدم في الحرب في اليمن.
ونقل الموقع الإلكتروني الاستقصائيّ، أمس الجمعة، عن «وثائق دفاعية سرية»، أنه «منذ العام 2016، سمحت الدولة الفرنسية بتسليم نحو 150 ألف قذيفة إلى حليفتيْها الخليجيّتيْن خصوصا السعودية والامارات».
ذكر الموقع أن فرنسا سلمت السعودية والإمارات وقطر عشرات الآلاف من القنابل العام 2016 خلال عهد الرئيس، فرنسوا هولاند، على الرغم من علم باريس بأنها ستستخدم في حرب اليمن، وفق ما نقلت وكالة فرانس برس.
وتُظهر الوثائق العائدة الى “الأمانة العامة للدفاع والأمن القومي” أنه كانت هناك نقاشات حادة بين فريقي وزير الدفاع آنذاك، جان إيف لودريان، ووزير الخارجية، لوران فابيوس، وأن هولاند هو من حسَمَها، حسب الموقع.
وكتب “ديسكلوز” أن “الصناعيين الفرنسيين طالبوا بالسماح بتصدير عشرات الآلاف من القذائف والصواريخ إلى الجيوش السعودية والإماراتية والقطرية. والمبلغ الإجمالي للعقود: 356,6 مليون يورو”.
وتابع أن “الدول الثلاث كانت حينذاك جزءا من تحالف في اليمن في إطار عملية عاصفة الصحراء ضد المتمردين الحوثيين”.
ويؤكد الموقع أن باريس سمحت بتسليم القوات السعودية 41500 قذيفة من شركة “جونغاس” المتفرعة عن “تاليس”، وثلاثة آلاف قذيفة مضادة للدبابات وعشرة آلاف قذيفة دخانية وخمسين ألف قذيفة شديدة الانفجار.
كما سمحت بتسليم الإمارات خمسين ألف صاروخ مدفعي من إنتاج شركة “نِكستر”، وبتسليم الجيش القطري 346 صاروخا مضادا للدبابات من شركة “إم بي دي إيه”.
ورأت وزارة الخارجية الفرنسية حينذاك أن هذه الذخيرة “قابلة للاستخدام مباشرة في مسرح العمليات اليمني، ولا سيما بمنظومات أسلحة فرنسية المنشأ”، مشيرة إلى أنها “تؤدي إلى احتمال عدم تنفيذ التزاماتنا الدولية”.
لكنّ وزارة الدفاع رفضت إعادة النظر في هذه العقود، بحجة أن هذه البلدان تمثّل “حوالى ثلث حجم صادراتنا”.
وقال موقع ديسكلوز إن “تسليم القنابل أمر حساس جدا، إلى درجة أنّ الرئيس فرانسوا هولاند هو الذي حسم النقاش في نهاية المطاف”. ولم يرد الرئيس السابق على الفور على أسئلة وكالة فرانس برس الجمعة.
ويدور النزاع في اليمن منذ 2014 بين المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، وسلطة مدعومة من تحالف عربي أنشأته وتقوده السعودية منذ 2015.
وتقول الأمم المتحدة إن الحرب ستكون قد أدت إلى مقتل 377 ألف شخص، هم ضحايا مباشرون أو غير مباشرين للنزاع بحلول نهاية 2021، فيما نزح ملايين الأشخاص بسبب الحرب.
وكان موقع “ديسكلوز” الاستقصائي ومنظمتان غير حكوميتين أودعوا طلبا لدى المحكمة الإدارية في باريس سبتمبر الماضي، “من أجل إصدار أمر لهيئة الجمارك بنشر الوثائق الخاصة بتصدير معدات حربية فرنسية” إلى السعودية والإمارات، حسبما أعلنت منظمة العفو الدولية.
وجاء في بيان مشترك لمنظمة العفو الدولية والمركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان وموقع “ديسلكوز”: “الخطر الكبير بأن تُستخدم أسلحة فرنسية لارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي بحق السكان المدنيين في اليمن”.
في نوفمبر 2020، كانت العفو الدولية و13 منظمة غير حكومية دعت إلى “وضع حد للتعتيم الفرنسي على مبيعات الأسلحة”.
كانت فرنسا ثالث أكبر مصدر للمعدات العسكرية في العالم خلال عام 2020 مع تلقيها طلبات بقيمة 4,9 مليارات يورو (5.544 مليارات دولار)، وفقا لتقرير قدم إلى البرلمان حول صادرات الأسلحة، لكن هذا الرقم يبقى أقل بكثير من الكمية التي بيعت في 2019 والتي بلغت قيمتها 8,9 مليارات يورو (أكثر من 10 مليارات دولار أميركي).
وسبق للموقع الاستقصائي الفرنسي أن كشف خلال الشهر الماضي عن ارتكاب انتهاكات خلال مهمة عسكرية سرية لفرنسا في مصر.
ووفق التحقيق، فإن فرنسا تقدم معلومات استخباريّة للسلطات المصريّة، تستخدمها القاهرة لاستهداف مهرّبين عند الحدود المصرية-الليبية، وليس متشددين، بخلاف ما هو متّفق عليه، مستشهدًا بـ”وثائق دفاع سرّية” تظهر انحراف هذه المهمّة الفرنسيّة المعروفة باسم “سيرلي” عن مسارها.
لكن وزارة الدفاع رفضت إعادة النظر في هذه العقود، بحجّة أن هذه البلدان تمثّل «حوالي ثلث حجم صادراتنا». ولم يردّ الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند على طلب التعليق على تلك الأنباء.
المصدر: الشادوف+وكالات الأنباء