سفراء السبعة الكبار يحثون مصر على اتخاذ موقف محدد تجاه أوكرانيا.. والقاهرة مترددة !
في خطوة لدفع مصر نحو إعلان موقف محدد من الحرب الروسية على أوكرانيا، دعا سفراء مجموعة الدول السبع الصناعية وسفير الاتحاد الأوروبي في القاهرة، في بيان مشترك، الحكومة المصرية للوقوف بجوار أوكرانيا وإدانة العدوان الروسي المسلح عليها.
جاء ذلك، فيما نفى رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع،الثلاثاء، صحة التقارير التي تتحدث عن طلب الولايات المتحدة من مصر إغلاق الممر المائي أمام السفن الروسية في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال ربيع في تصريحات صحفية، ردا على سؤال حول ما إذا كانت الولايات المتحدة قد طلبت من مصر إغلاق قناة السويس أمام السفن الروسية : “لا في الحقيقة هذا لم يحدث”. وأضاف: “قناة السويس، قناة عالمية محايدة لا تخضع للسياسات والحروب، ولا نستطيع منع أي سفينة من عبور القناة لأي ظروف سياسية، ونحاول دائما أن ننأى بالقناة عن الظروف السياسية المحيطة”.
وتابع: “قناة السويس مرتبطة بحركة التجارة العالمية وهناك آليات كثيرة لتسعير رسوم عبور السفن التي تمر بالممر الملاحي، وأسعار تأجير السفن تخطت الـ20% وأسعار البترول تجاوزت الـ100 دولار للبرميل وبالتالي رفعت رسوم العبور”.
وأردف: “من الوارد تخفيض أسعار عبور السفن الشهر المقبل طبقا لتطورات الأوضاع العالمية وسوق النقل العالمي، وندرس إعفاء سفن الحاويات التي تأتي من مناطق النزاع من رسوم التأخير في عبور الممر الملاحي”.
يوم الاثنين، دعا الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، النظر في فرض منطقة حظر طيران على الطائرات والمروحيات والصواريخ الروسية، فضلا عن منعها من دخول جميع الموانئ والمضائق والمطارات في العالم.
جاء ذلك بعد ساعات من مطالبة السفير الأوكراني في القاهرة، السلطات المصرية بإجبار نظيره الروسي على سحب رسالته المنشورة على موقع السفارة الروسية في القاهرة والتي طالب خلالها المصريين بدعم موقف موسكو، مطالبا السفير الروسي بالاعتذار عنها، ومعتبرًا أن الرسالة تحوي تحريضًا على الكراهية والفتنة.
كما جاءت دعوة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى والاتحاد الأوروبي، للحكومة المصرية لتقديم إدانة للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، ولتوضح أيضا تداعياتها السلبية على الاقتصاد المصري، وذلك في خطوة لدفع القاهرة للخروج عن الحياد وإعلان موقف محدد من الحرب الدائرة بين البلدين الجارتين.
وقال بيان مشترك لسفراء دول المجموعة والاتحاد الأوروبي بمصر، نشرته السفارة الأميركية بالقاهرة عبر موقعها الإلكتروني، مساء أمس الثلاثاء “إن الحكومة الروسية في هجومها على أوكرانيا تخرق أبسط قواعد النظام الدولي، بطريقة غير مسبوقة أمام أعين العالم”.
وأعرب البيان عن أمله في أن تتمسك الحكومة المصرية بنفس مبادئ السلام والاستقرار وسلامة النظام القائم على القواعد الدولية، مشيرا إلى أنه يتطلع إلى تمسك شركاء مجموعة السبع، بما في ذلك مصر، بالمبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة.
ومجموعة السبع ملتقى سياسي حكومي دولي، يضم كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
وأضاف البيان “ما نحتاجه الآن هو إدانة واضحة وجماعية لهذا الهجوم من قبل جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، في ضوء عدوانها العسكري”. وتابع “نحن بحاجة إلى الوقوف إلى جانب أوكرانيا وتأكيد التزامنا الثابت بوحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها داخل حدودها المعترف بها دوليا، وبموجب ميثاق الأمم المتحدة”.
ورأى أن مصر تعاني بالفعل من جراء الاعتداء الروسي، خاصة أنها أكبر مستورد للقمح في العالم، وأوكرانيا هي من أكبر مصدري القمح، وقد أصبحت هذه التجارة الحيوية مهددة بفعل حرب عبثية تشنها روسيا على أوكرانيا.
ولفت إلى أن العدوان الروسي على أوكرانيا يعني ارتفاع أسعار القمح والسلع الغذائية في مصر وأفريقيا.
وتأتي هذه الدعوة بعد إحجام السلطات المصرية عن إبداء موقف محدد من الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا على مدار الأيام الستة الماضية، والتزامها بالوقوف في المنتصف، والتعبير عن قلقها من تطورات الوضع فقط، خصوصا بعد انتهاء اجتماع جامعة الدول العربية الاثنين الذي دعت له القاهرة، لبحث تطورات الأوضاع الجارية في أوكرانيا، دون اتخاذ موقف واضح من الغزو الروسي.
وشدد سفراء مجموعة الدول السبع الصناعية الكبري على ضرورة اتخاذ إجراءات قوية وحاسمة ضد “نظام بوتين”، من خلال تنفيذ عقوبات واسعة النطاق تستهدف قطاعات واسعة من الاقتصاد الروسي.
وأشار البيان المشترك إلى أن محاولة روسيا لزعزعة استقرار النظام الدولي ستكون لها تداعيات أيضا على منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، بما في ذلك مصر، مؤكدا أنه لا يمكن للمجتمع الدولي أن يقبل الانتهاكات غير المبررة لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ولاسيما حظر استخدام القوة.
وتسعى العديد من القوى الأوروبية هذه الأيام إلى الضغط دبلوماسيا على العديد من العواصم العربية للاصطفاف في محورها، بعد أن تبنت أغلب الدول العربية موقفا محايدا بين الغرب وروسيا. وقد وأطلقت روسيا في 24 فبراير الماضي عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا بهدف “حماية الناس الذين تعرضوا للإهانة والإبادة الجماعية من قبل نظام كييف على مدى ثماني سنوات”، حسبما صاغه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقال بوتين إن هذا الوضع تطلب تنفيذ عملية “لنزع السلاح من أوكرانيا”، وحماية المدنيين في دونباس. وردت الدول الغربية على تحرك موسكو بفرض عقوبات اقتصادية غير مسبوقة على روسيا.
وتشهد العلاقات المصرية – الروسية خلال السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا، لاسيما على المستويين الاقتصادي والعسكري، لكن مع ذلك حافظت القاهرة على علاقاتها المتميزة مع الدول الغربية.
ويرى مراقبون أن مصر في هذه اللحظة المفصلية تبدو في موقف بالغ التعقيد والحساسية، خصوصا أنها لا تستطيع أن تدير ظهرها إلى الولايات المتحدة التي تحتاج دعمها في ملف سد النهضة، مع استمرار التعنت الإثيوبي وعدم الوصول إلى اتفاق حول ملء وتشغيل السد، فضلا عن دعم الممثلين الأوروبيين في إثارة ملف سد النهضة أمام مجلس الأمن، فيما لم تفعل روسيا أو الصين الأمر نفسه.
ولفت هؤلاء إلى أن إعلان أنيت وايبر، الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي والبحر الأحمر، مساء الثلاثاء أن الاتحاد الأوروبي “مستعد لنقاش أكبر” بشأن سد النهضة الإثيوبي، يحمل إشارة واضحة للقاهرة بأن أوروبا قادرة على التأثير في هذا الملف الشائك.
كما أن القاهرة لا يمكن أن تتخلى عن العلاقة الجيدة التي تربطها بكييف، التي تعتمد عليها مصر في الحصول على نسبة كبيرة من وارداتها من القمح بأسعار معقولة.
هذا إلى جانب حاجة مصر إلى دعم أوروبا إذا ما دعت الحاجة إلى الحصول على قرض جديد من صندوق النقد، فضلا عن رغبة الحكومة المصرية في عدم تعطيل اتفاقية أولويات الشراكة المفترض توقيعها بين القاهرة والاتحاد الأوروبي صيف العام الجاري، في ما يتعلق بالتعاون بين مصر والمنظمة الأوروبية خلال سبع سنوات في مجالات اقتصادية.
المطالبة الصريحة من سفراء «جي 7» والاتحاد الأوروبي جاءت بعد تعمد مصر عدم إبداء موقف محدد من الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا على مدار الأيام الستة الماضية، والتزامها بالوقوف في المنتصف، والتعبير عن قلقها من تطورات الوضع فقط.
وهو ما سبق وفسره مصدران حكوميان لموقع «مدى مصر» في وقت سابق بأن مصر لا تريد إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، بسبب العلاقات التي تربطها مع موسكو، خصوصًا وأنها لا تعبأ بملف حقوق الإنسان في سياق التعاون الثنائي، ولكنها في الوقت نفسه تريد موازنة علاقتها مع الولايات المتحدة.
وأضاف المصدران الحكوميان اللذان تحدثا لـ«مدى مصر» بشكل منفصل أن الولايات المتحدة طلبت مباشرة من مصر تقديم دعم لأوكرانيا حتى لو سياسي فقط، غير أنها لم تستجب حتى الآن.
وطالب سفراء الدول السبع والاتحاد الأوروبي في بيان أمي، بدعم الجانب الأوكراني خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة المقرر انعقاده قبل نهاية الأسبوع الجاري، وأضافوا: «نحن على يقين من أن الحكومة المصرية تتمسك بنفس المبادئ المتعلقة بالسلم والأمن والاستقرار والسيادة القائمة على القواعد الدولية» مشددين على أن مصر دعمت منذ عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
المصدر: الشادوف+وكالات+صحف