50 مسؤولا أوروبيا سابقا يطالبون بالتحقيق في “جرائم حرب” ترتكبها اسرائيل

0 495

في خطوة استثنائية وغير مسبوقة، وقّع أكثر من 50 من رؤساء الحكومات والوزراء الأوروبيين السابقين رسالة مفتوحة استنكروا فيها ما وصفوه بـ”التدخل السياسي” في عمل المحكمة الجنائية الدولية لعرقلة التحقيق في جرائم الحرب بالأراضي الفلسطينية المحتلة، وفق ما نشرته صحيفة ذي غارديان (The Guardian) البريطانية.

وذكرت الصحيفة ان الرسالة التي حصلت عليها حصريا تأتي فى أعقاب الخطوات التي اتخذتها الادارة الأمريكية السابقة للرئيس دونالد ترمب لمعاقبة مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، وهي من الأوامر التنفيذية التي أصدرها ترمب ثم تراجعت عنها ادارة الرئيس الحالي جو بايدن، فيما اعتبر بمثابة توبيخ لموقف رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، كما تقول الصحيفة.

وأشارت الغارديان الى ان جونسون قال الشهر الماضي لزملائه من حزب المحافظين من أعضاء البرلمان البريطاني أن التحقيق الذي دشنته المحكمة الجنائية الدولية في مارس من العام 2021 يعطي انطباعا بكونه هجوما ضارا ومنحازا ضد صديق وحليف للمملكة المتحدة، في إشارة الى اسرائيل، كما وصف رئيس وزراء اسرائيل أي تحقيق تقوم به المحكمة الجنائية الدولية بأنه سيكون عملا خالصا معاد للسامية.

كما ان الاعلان عن بدء الجنائية الدولية تحقيقاتها بشأن جرائم الحرب التي ترتكبها قوات الاحتلال الاسرائيلي في المناطق الفلسطينية قد قوبل، وفقا للغارديان، بمعارضة عدد آخر من البلدان الأوروبية من بينها ألمانيا التي قال وزير خارجيتها (هايكو ماس) إن المحكمة ليس لها ولاية قانونية على الأراضي الفلسطينية بسبب غياب عنصر الدولة الفلسطينية وهو الشرط الذي تستلزمه ولاية المحكمة وفقا للقانون الدولي.

ووفقا للرسالة التي نشر الغارديان النص الأصلي لها عبّر رؤساء الحكومات والوزراء الأوروبيون السابقون عن رفضهم اتهام الجنائية الدولية بمعاداة السامية لتحقيقها في جرائم إسرائيل، وأكدوا رفضهم تقويض تحقيق الجنائية الدولية في الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الاسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

من بين الموقعين على الرسالة عدد من رؤساء الحكومات السابقين في أوروبا من بينهم جان مارك أيرو (فرنسا )، غروهارلم بروندتلاند (النرويج)، جون بروتون ( أيرلندا) إنجفار كارلسون ( السويد)، ماسيمو داليما ( إيطاليا)، إضافة الى وزراء سابقين فى الحكومة البريطانية مثل كريس باتين وساييدا وارسي من حزب المحافظين الحاكم.

ومن وزراء حزب العمال المعارض (بن برادشو) وزير الدولة السابق بوزارة الخارجية، إضافة الى دوجلاس ألكسندر وزير الدولة للتعاون الدولي السابق، والسير مينزيس كامبل الزعيم السابق لحزب الأحرار الديمقراطيين، ثالث أكبر الأحزاب البريطانية.

ومن الوجوه الدولية التي وقعت على الرسالة، خافيير سولانا، الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي ( الناتو) وهانز بليكس المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

خافيير سولانا المفوض الأعلى السابق للسياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبي-

وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أقر مؤخرا إنشاء لجنة دولية مستقلة للتحقيق في انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان بالأراضي الفلسطينية المحتلة، بينما كانت ألمانيا والنمسا وبريطانيا من الدول الرافضة لهذا الإجراء.

وأقرّ تشكيل لجنة التحقيق بأغلبية 24 صوتا مقابل 9 أصوات وامتناع 14 دولة عن التصويت. ورفض القرار كلٌّ من النمسا وبلغاريا والكاميرون وتشيكيا وألمانيا ومالاوي وجزر المارشال وبريطانيا وأوروغواي، بينما امتنع عن التصويت كلٌّ من الهند وجزر الباهاما والبرازيل والدانمارك وفيجي وفرنسا وإيطاليا واليابان ونيبال وهولندا وبولندا وكوريا وتوغو وأوكرانيا.

وأعربت البعثة الأميركية في جنيف عن أسفها “بشدة” لقرار إنشاء لجنة التحقيق الدولية، وقالت إننا “ملتزمون بالعمل لتهيئة ظروف سلام دائم بين إسرائيل والفلسطينيين”، وأدان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قرار مجلس حقوق الإنسان، وقال إنه مخز ويعبر عن هوس المجلس المعادي لإسرائيل.

بينما عبّرت الخارجية الفلسطينية عن شكرها لجميع الدول التي دعمت قرار فلسطين، وتلك التي قامت برعايته وتقديمه لتشكيل لجنة دولية مستقلة ومستمرة يعينها رئيس مجلس حقوق الإنسان، واستهجنت مواقف الدول التي لم تدعم القرار واعتبرتها أقلية غير أخلاقية.

كما طالب رئيس البعثة الدبلوماسية للسلطة الفلسطينية في المملكة المتحدة، حسام زُملط، الحكومة البريطانية بالالتزام واحترام قواعد العدالة الدولية واستقلالية المحكمة الجنائية الدولية، معرباً عن الأسف والقلق الشديدين حيال الرسالة التي وجهها رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون لأصدقائه المحافظين في البرلمان، والتي أبدى فيها اعتراضه الكامل على شروع المحكمة في التحقيق في الجرائم التي ترتكبتها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية.

السفير حسام زملط، ئيس البعثة الدبلوماسية للسلطة الفلسطينية في المملكة المتحدة

وقال السفير زملط، في تصريحات صحفية، إن “رسالة رئيس الوزراء البريطاني هذه تعد تسييساً للعدالة الدولية والقانون، يهدد استقلال المحكمة الجنائية الدولية والمنظمة الدولية”، مشيراً إلى أن “لجوء جونسون لاستخدام أسماء قضاة بريطانيين ممن لديهم مواقع متقدمة في رسالته التي وجهها لمن أسماهم أصدقاءه وحلفاءه إنما يضع علامات استفهام كثيرة تجاه رئيس الوزراء البريطاني كون هؤلاء القضاة لا يتبعون سياسيا للحكومة البريطانية وينفذون قواعد القانون الدولي”.

وأكد زملط على أن دولة فلسطين هي دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية وموقعة على ميثاق روما وعليه يحق لها ملاحقة ومعاقبة إٍسرائيل على جرائمها ضد الفلسطينيين منذ عام 1948 وحتى اليوم.

ولفت إلى “التناقض الكبير” في رسالة جونسون والتي يتضح أنها “مسيسة وتأتي في إطار قرار سياسي لا علاقة له بالقانون الدولي ولا المنطق ولا حتى التزامات المملكة المتحدة كطرف مؤسس للجنائية الدولية”.

وأوضح زملط أن استخدام جونسون لفظي “الصديق والحليف” في رسالته والتي يشير فيها بوضوح إلى مكانة إسرائيل إنما يمثل ذريعة أكبر لإسرائيل لمواصلة جرائمها ضد الفلسطينيين، وأن هذا يتنافى كلياً مع القانون الدولي بل يلغيه تماماً ويمثل نكبة جديدة لمعاني القانون الدولي”.

وقال السفير الفلسطيني “نحن أصدرنا بيانا بشأن الرسالة التي وجهها رئيس الوزراء البريطاني، وأظهرنا فيه أن المملكة المتحدة تحديداً عليها مسؤولية أخلاقية وقانونية هائلة تجاه الشعب الفلسطيني، لأنها هي المتسبب الأول في نكبته منذ 1948 وحتى اللحظة”.

وأضاف “من الواضح أن المملكة المتحدة تعتقد الآن أن إسرائيل فوق القانون. لا يوجد تفسير آخر لبيان جونسون سوى انه يعطي تفويضا مطلقا لإسرائيل لمواصلة مشروعها الاستيطاني غير القانوني في الأراضي المحتلة، ويشير إلى إسرائيل باعتبارها دولة فوق القانون تمارس ما تشاء من ممارسات غير قانونية تجاه الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة”.

وقال “من ناحية أخرى، يدعي رئيس الوزراء البريطاني أنه يدعم مهمة المحكمة الجنائية الدولية. ومن ناحية أخرى، يبدو أنه يجادل بأن مهمتها لا يمكن أن تمتد إلى إسرائيل لأنها صديق وحليف” للمملكة المتحدة.

وتابع “استخدام لفظي حليف وصديق هو عبارة معيبة تشير إلى أن رئيس وزراء بريطانيا يضع إسرائيل فوق القانون ويمكنها من استمرار جرائمها ويريد أن تتمتع بمزيد من الحصانة الكاملة من جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها ولا تزال”.

وأضاف “نحن نعتبر المحكمة الجنائية محكمة لها استقلاليتها ونثق بأن هذة المحكمة – كما أقرت أن هناك ولاية قانونية وكما أقرت ببدء التحقيق – نثق بأن المحكمة ستستمر بعملها حسب صلاحياتها التي حددت لها من المنظومة الدولية”.

ورأى زملط أن ما قام به رئيس الوزراء البريطاني “مؤسف ومُضر ليس فقط بالفلسطينيين وعدالة قضيتهم وبضحايا الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، بل يضُر بالمنظومة الدولية والقانون والعدالة الدوليين، ومُضر كذلك ببريطانيا وسمعتها أمام العالم والمجتمع الدولي”.

وكان رئيس الوزراء البريطاني قد أرسل في التاسع من شهر مايو الماضي رسالة إلى أصدقاء إسرائيل المحافظين قال فيها “نحن لا نقبل أن يكون للمحكمة الجنائية الدولية اختصاص في هذه الحالة، بالنظر إلى أن إسرائيل ليست طرفا في قانون روما الأساسي وأن فلسطين ليست دولة ذات سيادة”، مضيفا أن القرار “يعطي الانطباع بأنه هجوم ضار ومنحاز” على الدولة اليهودية.

وفي مارس/ آذار الماضي، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية أنها ستحقق في جرائم حرب محتملة ارتكبتها إسرائيل والفلسطينيون بناء على طلب من الفلسطينيين، الذين انضموا إلى المحكمة في 2015 بعد منحهم صفة مراقب غير عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ومن المتوقع أن يركز تحقيق المحكمة الجنائية الدولية على الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة عام 2014 وقتلت فيها آلاف الفلسطنيين، إضافة لسياسة الاستيطان المستمرة في أراضي الضفة الغربية وكذلك مسيرات العودة التي انطلقت في قطاع غزة عام 2018 على طول الشريط الحدودي المحاذي للأراضي المحتلة عام 48 والتي انتهكت فيها إسرائيل بشكل واضح قواعد القانون الدولي كافة بقتلها مئات الفلسطنيين والتسبب بإعاقات دائمة لآلافٍ أخرين.

المصدر: الشادوف+ترجمات

أحدث الموضوعات على الموقع:

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.