واشنطن بوست: نتنياهو تورط في محاولة انقلاب بالأردن بسبب “صفقة القرن”
أكدت صحيفة “واشنطن بوست” وجود صلة بين محاولة الانقلاب الفاشلة في الأردن وجهود إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب لتمرير خطتها للسلام في الشرق الأوسط المعروفة بـاسم “صفقة القرن”، وأن رئيس الوزراء الاسرائيلي بينيامين نتنياهو متورط بشكل شخصي فى محاولة الانقلاب فى الأردن.
وأشارت الصحيفة الأمريكية في مقال نشرته الجمعة وكتبه ديفيد إغناتيوس، وتم إعداده بناء على إفادات 10 مسؤولين حاليين وسابقين مطلعين على الموضوع، إلى أن عدم رضوخ الملك الأردني عبد الله الثاني للضغوط، وعدم موافقته على تقديم تنازلات بشأن وضع القدس وغيرها من المسائل المتعلقة بالفلسطينيين، أصبح من أهم العوامل التي حرمت ترمب من تطبيق حلمه الطموح لتحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مما كان سيؤدي إلى تطبيع العلاقات بين تل أبيب والرياض.
ورجح المقال وجود بصمات أمريكية وإسرائيلية وسعودية وراء الاضطرابات التي هزت الأردن في السنوات القليلة الماضية، وعلى رأسها محاولة الانقلاب الفاشلة في أبريل الماضي، معتبرا إياها “ثمن صمود الملك عبد الله”.
ونقل المقال عن مسؤول استخباراتي غربي سابق مطلع قوله إن تقريرا صدر عن المحققين الأردنيين في قضية محاولة الانقلاب ينص على أن رئيس الديوان الملكي الأردني السابق، باسم عوض الله (وهو أحد المتهمين في القضية ولديه علاقات وثيقة مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان) “كان يعمل على تمرير “صفقة القرن” وإضعاف مواقع الأردن وملكه إزاء فلسطين والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس”.
وجاء في تقرير المحققين، حسب الصحيفة، أن أنشطة المتهمين في القضية لم ترق إلى مستوى محاولة الانقلاب بالمعنى التقليدي، بل إنها تمثل “محاولة للإخلال باستقرار الأردن وتأجيج الفتنة”. ونقلت الواشنطن بوست عن مصدر سعودي تحدث مع صديق لعوض الله كشف أن ولي العهد السعودي، عقب أول لقاء مع عوض الله، صرخ متسائلا: “لماذا لم ألتق بك من قبل؟”
وخلص المقال، بناء على مصادر أمريكية وبريطانية وسعودية وإسرائيلية وأردنية، إلى أن الضغط الذي تعرض له الملك عبد الله كان واقعيا ومتصاعدا منذ شروع ترمب في تمرير “صفقة القرن”، لافتا إلى أن مواقف كبير مستشاري وصهر الرئيس الأمريكي السابق، جاريد كوشنر، إزاء الملك الأردني كانت تتشدد أكثر فأكثر.
وأكد مسؤول بارز سابق في وكالة المخابرات المركزية (CIA) للصحيفة أن ترمب آمن بأن الملك الأردني يمثل عقبة أمام العملية السلمية”، إلا أن المقال أوضح أنه ليس هناك أي أدلة على أن ترمب ومحمد بن سلمان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عملوا بشكل ممنهج على الإطاحة بالملك عبد الله، غير أن تصرفاتهم أضعفت مواقف العاهل الأردني بشكل واضح وشجعت خصومه.
ونقل المقال عن مسؤول أمريكي قوله إن العاهل الأردني في السنوات الثلاث الأخيرة شعر بأن ترمب ونتنياهو والأمير محمد بن سلمان يسعون لحرمانه من الوصاية على المقدسات الاسلامية في القدس، وعلى رأسها المسجد الأقصى.
وأوضح كاتب المقال أن مخاوف الملك عبد الله هذه ظهرت في عام 2018 على الأقل، حيث أكد له مسؤولون أردنيون كبارا في فبراير من ذلك العام أنهم قلقون من خطر تخلي السعودية عن شراكتها مع المملكة الهاشمية بسبب سعي ترمب إلى إبرام “الصفقة النهائية” بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وأكد عدد من المسؤولين أن كوشنر لم يترك حتى آخر أيام عهد ترمب محاولاته لإحداث اختراق كان سيتيح تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية.
وذكرت الصحيفة أن عوض الله في حوار مع مسؤول استخباراتي أمريكي أقر بأن موقف الملك عبد الله إزاء مسألة الأقصى يمثل عقبة أمام التوصل إلى الاتفاق، مشيرا إلى أن الأمير محمد بن سلمان يشعر بالأسف جراء عجز الأطراف عن التوصل إلى اتفاق، لأنه لا يستطيع التعامل مع ردود أفعال الفلسطينيين طالما يحتفظ الملك الأردني بمواقفه في القدس.
وأشارت الصحيفة إلى أن أجهزة الأمن الأردنية بدأت منذ عامين تحقيقاتها في أنشطة مشبوهة متصاعدة في داخلها، واعترضت عشرات الرسائل بين متورطين في المؤامرة المزعومة، تم فيها “التحريض ضد النظام السياسي، وعلى خطوات من شأنها تأجيج الفتنة”.
دور اسرائيل..
كما سلط المقال الضوء على دور إسرائيل في هذه القضية، موضحا أن الحديث على الأرجح لا يدور عن الأجهزة الاستخباراتية أو الحكومة الإسرائيلية بأكملها، بل عن جهود نتنياهو الشخصية.
وأشار المقال إلى أن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس كان قلقا إزاء تدهور علاقات نتنياهو مع الملك عبد الله، ما دفعه إلى زيارة عمان سرا لتطمين العاهل الأردني أوائل العام الجاري. كما شدد غانتس في تصريحات علنية على أهمية العلاقات بين إسرائيل والأردن، قائلا إن وجود نتنياهو يضر بجهود تطوير الروابط بين الدولتين.
كما أكد المقال أن ممثلين عن جهازي الاستخبارات والأمن الداخلي الإسرائيليين، “الموساد” و”الشاباك” بعثوا إلى العاهل الأردني برسائل نفوا فيها أي دور لهم في هذه التطورات، ملوحين بمسؤولية نتنياهو عنها.
المصدر: الشادوف+ واشنطن بوست