هل رئيس أركان الجيش المصري الجديد هو نجل الممثل المعروف (رشدي عسكر) ؟!
تحقيق يكتبه: أحمد حسن الشرقاوي
أحداث هذا التحقيق تدور بين مركز منيا القمح بمحافظة الشرقية ومركز أجا بمحافظة الدقهلية في مصر. الموضوع تشابه كبير فى الأسماء والسمات الشكلية بين الممثل المصري المعروف رشدي عسكر من ناحية، ورئيس أركان الجيش المصري المعين حديثا من جانب السيسي من ناحية أخرى، وهو الفريق أسامة رشدي عسكر، وهل الأول هو والد الثاني أم لا ؟!!
البداية كانت من الدقهلية وتحديدا من المنصورة حيث تواصل معنا ضابط متقاعد فى الجيش المصري ليؤكد لنا أن هذا التشابه في الأسماء يثير بلبلة ولغطا، خصوصا بعد أن أصبح الفريق أسامة رشدي عسكر، الشخص الأهم والأقوى في القوات المسلحة المصرية، بعد تعيينه رئيسا لأركان حرب الجيش المصري، وهو المنصب الذي يسيطر صاحبه على تشكيلات القوات المسلحة الرئيسية، سيطرة تامة وفعلية على الأرض، بينما يبقى لوزير الدفاع القرارات السياسية العامة.
لم نجد صعوبة فى أن نسأل الأهل والأقارب في مركز منيا القمح بمحافظة الشرقية عن هذا اللغط الذي يتحدث عنه الضابط المتقاعد، وهل الفريق أسامة رشدي عسكر رئيس هيئة أركان حرب القوات المسلحة المصرية هو نجل الفنان والممثل المصري المعروف (رشدي عسكر) ؟!
وتم التأكيد لنا أن هذا التساؤل يتم طرحه بقوة فى محافظة الشرقية وبالتحديد في مركز منيا القمح حيث هي موطن الفنان رشدي عسكر الذي بدأ نشاطه الفني فى سبعينيات القرن الماضي، وأدى أدواراََ ثانوية مساعدة فى سهرات وأفلام ومسلسلات التليفزيون، وأدى أدوار الناظر والمدرس والموظف المتمسك بالروتين والأب المكافح.
موقع ( الشادوف) قام ببحث استقصائي محدود في ظل إنعدام شبه تام فى المعلومات وخوف غير مسبوق من الحديث حول هذا الموضوع الذي يعتبره البعض في مصر أمراََ شائكاََ ربما يطيح بمن ينقب حوله أو يبحث عن إجابات فيه ، الى مصير لا يحمد عقباه !!
الضابط المتقاعد أحالنا الى مصدر واسع الاطلاع داخل صفوف القوات المسلحة، وفوجئنا بأن هذا المصدر الذي رفض تماما الكشف عن هويته أو موقعه، نفى نفيا قاطعا وجود أية صلات بين رئيس الأركان والممثل المصري المعروف، وقال انه يعرف الفريق أسامة عسكر منذ 30 عاما، ويعرف أن هذا الأمر مجرد تشابه فى الأسماء، وليس له أي ظل من الحقيقة، لدرجة أن الفريق عسكر نفسه كان يتندر على هذا التشابه الكبير فى الأسماء والشكل بل ومنطقية كون الممثل المعروف هو والده بحكم السن.
من اليمين: الفريق أسامة عسكر رئيس أركان الجيش المصري، ومن اليسار الممثل المصري المعروف الأستاذ رشدي عسكر(صور أرشيفية)
والجدير بالذكر أن الممثل رشدي عسكر ولد في 5 ابريل من العام 1935 وشارك فى العديد من المسلسلات التليفزيونية من بينها الجنة العذراء، صيام صيام، الراية البيضاء، الفرار من الحب، عفاريت السيالة)، ومن الأدوار التي اشتهر بها دور مدرس اللغة العربية المدافع عن الشاعر أبو تمام في الفيلم التليفزيوني (محاكمة على بابا) مع النجم يحيى الفخراني، وتوفي الفنان رشدي عسكر في 8 يناير من العام 2006.
صعود الفريق أسامة عسكر من رئاسة هيئة عمليات القوات المسلحة، إلى رئاسة أركان حرب القوات المسلحة، هو التدرج الطبيعي للرتب داخل الجيش المصري، إذ إن رئيس هيئة العمليات يأتي في الترتيب الثالث بعد وزير الدفاع ورئيس الأركان، لكن تعيين عسكر في رئاسة العمليات جاء بطريقة غير عادية. ففي ديسمبر/كانون الأول عام 2019، أي بعد ثلاثة أشهر من تظاهرات سبتمبر/أيلول الواسعة، وتصاعد الحديث عن الفساد في المشروعات العسكرية، ولا سيما على لسان الممثل والمقاول محمد علي، قرّر السيسي حينها تصعيد أسامة عسكر مرة أخرى، بعد إطاحته من المناصب العسكرية، إلى منصب مميز، هو رئيس هيئة العمليات في القوات المسلحة، في خطوة غير معتادة، وتتمثل في أن يعود قائد عسكري يحمل رتبة الفريق إلى وظيفة مهمة بعدما كان أُبعد بالفعل. وجاء ذلك إلى جانب احتفاظ عسكر بملف تنمية سيناء في القوات المسلحة الذي كان أُسند إليه.
وكانت العلاقة بين السيسي والفريق أسامة عسكر متميزة للدرجة التي دفعت الأول لاستحداث وظائف بعينها للثاني، مثل قيادة منطقة شرقي القناة، ومكافحة الإرهاب، من يناير/كانون الثاني 2015 إلى ديسمبر/كانون الأول 2016، حين تم إبعاد عسكر، الذي كان أصغر من يحمل رتبة الفريق في ذلك الوقت، إلى منصب جديد أيضاً استُحدث له خصيصاً، لكنه مكتبيّ، هو مساعد وزير الدفاع لشؤون تنمية سيناء.
وفي خريف 2017، ثارت شائعات عن إبعاد عسكر من مناصبه وتجريده من سلطاته بسبب مخالفات مالية، لكن مصادر أكدت أنه كان قد خضع للتحقيق فقط في ادعاءات تتعلق بتلك المخالفات، وأسندت إليه لفترة أعمال إدارية أقل أهمية، مثل مسؤول مشروعات الجيش في المنطقة المركزية.
بعد عدة أيام من البحث والتنقيب فى مدينة منيا القمح التي تعد من أكبر وأهم مراكز محافظة الشرقية والتي تضم 99 قرية وتابعا لهذا المركز من مراكز المحافظة البالغ عددهم 12 مركزا، استطعنا الوصول الى صورة رخصة القيادة الخاصة بالفنان رشدي عسكر، وتبين لنا أن اسمه الحقيقي هو: ( محمود رشاد محمد عسكر )، ورقم الرخصة هو: 187497 صادرة عن وحدة مرور منيا القمح بمحافظة الشرقية ومبين فيها ان المهنة ( ممثل محترف).
رخصة قيادة الممثل الراحل رشدي عسكر ( المصدر: موقع الشادوف )
استمرت عملية البحث بهدف التوصل للمزيد من الأدلة التي يمكن أن تثبت أو تدحض معلومة المصدر العسكري المصري الذي نفي فيها تماما وجود صلة بين رئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق أسامة رشدي عسكر من جهة، والفنان رشدي عسكر من جهة أخرى، وقوله لموقع الشادوف بكل حسم: ليس والده الفنان رشدي عسكر، وهذه شائعة لا أساس لها من الصحة.
طلبنا المصدر العسكري مرة أخرى عبر الهاتف، وأطلعناه على الوثيقة التي تتمثل فى صورة رخصة قيادة الفنان الراحل التي توصلنا اليها، وهو ما رحب به تماما، وقال إن الاسم الكامل للفريق أسامة رشدي عسكر وكما هو موجود في ويكيبيديا القوات المسلحة المصرية والتي يمكن الاطلاع عليها عبر الانترنت هو: ( أسامة أحمد رشدي عبدالله عسكر ) وانه من مواليد قرية الديرس مركز أجا بمحافظة الدقهلية في الأول من يونيو من العام 1957 وتخرج في الدفعة 70 حربية من الكلية الحربية بالقاهرة، وكان ضابطا في سلاح المشاة بالجيش المصري.
بعد ذلك حصلنا على نسخة ضوئية من بطاقة عضوية نقابة الممثلين للممثل رشدي عسكر ، وهي عضوية عاملة برقم ( 242 ) وبها الاسم الكامل وهو: محمود رشاد محمد عسكر، واسم الشهرة : ( رشدي عسكر )، وينتمي الى شعبة التمثيل فى نقابة المهن التمثيلية، بما يؤكد مجددا وجود اختلاف تام بين اسم الفنان رشدي عسكر من ناحية ووالد الفريق أسامة عسكر، وهو : ( أحمد رشدي عبد الله عسكر ) من ناحية أخرى.
عند تلك المرحلة تأكدنا بأكثر من دليل ووثيقة صحة معلومة المصدر العسكري المصري التي تحدث بها لموقع ( الشادوف )، ولم يعد يهمنا ما إذا كان يريد تمرير المعلومة عبر موقعنا أو انه يريد متطوعا مجاملة القائد الجديد الذي بات يسيطر على مفاصل الجيش المصري بحكم منصبه كرئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، لكن وصوله الى هذا المنصب لم يكن مفروشا بالورود !
فبعد إبعاد عسكر من مناصبه العسكرية في العام 2018، أصبح الرجل كثير الظهور في قريته الديرس بمركز أجا بمحافظة الدقهلية بدلتا مصر، وأسس هناك جمعية خيرية، حتى حظي بشعبية لا بأس بها بين الأهالي. ولكن مع انفجار أحداث سبتمبر 2019، وبعد ما تم رصده من استياء واسع داخل الجيش من انتشار الشائعات والمعلومات عن الفساد المالي لبعض القيادات، والتي مسّت الفريق عسكر، أكدت مصادر لصحيفة “العربي الجديد”، أن وزير الدفاع السابق المشير محمد طنطاوي، تدخل لحل الأزمة، وشكل غرفة مصالحة بمقر وزارة الدفاع في كوبري القبة، ونجح في التوصل إلى اتفاق بين السيسي وفريقه المكون من رئيس المخابرات عباس كامل، ونجل السيسي محمود، وبين ضباط الجيش الغاضبين، وبناء على ذلك الاتفاق، عاد الفريق عسكر إلى منصب عسكري أهم، وهو رئاسة هيئة العمليات للقوات المسلحة المصرية.
وأوضحت المصادر أنه في الوقت الذي كانت بعض وسائل الإعلام تتحدث عن تحديد إقامة عسكر ومحاكمته عسكرياً، كان الأخير يتولى بالفعل الإشراف المالي والإداري على العديد من المشاريع بتكليف مباشر من السيسي ووزير الدفاع. وعلى رأس هذه المشاريع، مشروع جامعة الملك سلمان في سيناء، وغيرها من المشروعات التي ينفذها الجيش في جنوب سيناء، الأمر الذي استدعى في تلك اللحظة تدخل السيسي لإعادته لمنصب رفيع في الجيش، بهدف إعادة اللُحمة للقوات المسلحة وإسكات الحديث المتصاعد؛ سواء عن توابع الفساد المالي أو عدم ردّ الاعتبار للفريق أسامة عسكر، الذي يحظى بشعبية كبيرة في الجيش بسبب خدمته الطويلة في الجيش الثالث الميداني وسلاح المشاة.
ولم يكتف السيسي بإعادة عسكر لمنصب كبير، بل منحه سلطات واسعة بالفعل، زادت بمرور الوقت في إطار تنظيم العلاقة بين الجيش والمؤسسات الحكومية المدنية، والإشراف على المشروعات المرفقية والخدمية في محافظات سيناء والقناة والدلتا تحديداً.
وقبل توليه رئاسة هيئة عمليات القوات المسلحة، كان عسكر يشغل منصب مساعد القائد العام للقوات المسلحة لشؤون تنمية سيناء، وهو المنصب الشرفي الذي عينه السيسي فيه، بعد إطاحته من منصب قائد قوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب وتنمية سيناء.
وتدرّج الفريق أسامة عسكر في المناصب العسكرية، إذ تولّى منصب قائد لواء في المنطقة المركزية العسكرية، وبعدها أصبح قائداً للفرقة 23 في الجيش الثالث الميداني، وترقى إلى رتبة لواء في 1 يوليو/ تموز 2009، وعقبها تولّى منصب رئيس فرع العمليات في هيئة عمليات القوات المسلحة، ثم رئيس أركان الجيش الثالث الميداني، ثم أصبح قائداً للجيش الثالث في 13 أغسطس/ آب 2012، خلفاً للفريق أول صدقي صبحي، وزير الدفاع الأسبق. وهو من مواليد محافظة الدقهلية في 1 يونيو/ حزيران 1958، وخريج الدفعة 70 حربية، ولديه 3 أولاد، جميعهم مهندسون مدنيون، وحاصل على ماجستير في العلوم العسكرية وزمالة أكاديمية ناصر العسكرية العليا.
المصدر: الشادوف