منهم نشأت الديهي وهاني رسلان.. أبرز رجال “فتح الله غولن” في مصر

0 707

ربما لا يعلم كثيرون في مصر وخارجها أن حركة الخدمة بزعامة فتح الله غولن التي تصنفها أنقرة باعتبارها تنظيما إرهابيا، لها وجود مهم في مصر منذ سنوات؛ وخصوصا على الأصعدة الثقافية والإعلامية، فضلا عن ارتباطها بعدد من الشخصيات المهمة في مصر، من بينهم رجال دين مرموقين، ورجال أعمال، وسياسيين وصحفيين وإعلاميين.

بداية، فإن السلطات السياسية التركية بقيادة الرئيس طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية يتهمون الداعية التركي عبد الله غولن المقيم في منفاه الاختياري بولاية بنسلفانيا الأميركية بأنه العقل المدبر للانقلاب العسكري الفاشل في البلاد في العام 2016.

وقد سعت الدبلوماسية التركية -عقب فشل الانقلاب- في تتبع أنصار الحركة الذين فروا إلى دول أخرى، من خلال تكثيف علاقات قنصلياتها وسفاراتها في هذه الدول مع الدوائر الأمنية الخارجية؛ بهدف توقيفهم وإعادتهم لتركيا لمحاكمتهم.

وتعد مصر واحدة من تلك الدول التي لجأت إليها أعداد كثيرة من أتباع فتح الله غولن، فضلا عن الوجود الفعلي لهم بمصر قبل محاولة الانقلاب في تركيا، وذلك عبر شبكات اقتصادية وتعليمية وإعلامية، يعود تأسيسها إلى بدايات الألفية الثانية.

حظي فتح الله غولن باهتمام كبير من قبل الدوائر السياسية في السلطة بالعالمين العربي والإسلامي منذ عقود، ودلل على ذلك احتضان جامعة الدول العربية عام 2010 لمؤتمر دولي يتناول الآثار الفكرية والإصلاحية لهذا الداعية، وأثرها على الداخل التركي وخارجه، وذلك تحت عنوان “مستقبل الإصلاح في العالم الإسلامي”، وكان من اللافت أن يقام مؤتمر كهذا في جامعة الدول العربية؛ وهو ما عكس نفوذ الرجل وقدرته التأثيرية آنذاك.

بيد أن الرجل غاب عن مؤتمره الدولي وأناب “غولن نوزاد” رئيس تحرير مجلة حراء التي تصدرها الحركة في مصر؛ رغم الحضور الكثيف لرموز سياسية ودينية وإعلامية، وعلى رأسهم شيح الأزهر الشيخ أحمد الطيب الذي كان يشغل منصب رئيس جامعة الأزهر آنذاك، والمفكر الإسلامي محمد سليم العوا، فضلا عن المستشار الراحل طارق البشري وآخرين.

سمح المناخ السياسي في السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الراحل حسني مبارك بحرية تواجد الحركة في الفضاءات الفكرية والمجتمعية والإعلامية، وكانت أولى خطواتها نحو تكريس تواجدها بالداخل المصري، وخلق قاعدة اقتصادية تشتبك مع المجتمع تعليميا وثقافيا من خلال نقل تجربة المدارس الشهيرة للحركة في تركيا إلى مصر تحت مسمى “مدارس صلاح الدين الدولية” التي يعتبرها البعض بمثابة قنصليات ومديريها سفراء للحركة في البلدان العربية والإسلامية.

وافتتحت مدارس الحركة في سبتمبر/أيلول 2009 بحضور الشيخ أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر في ذلك الوقت، والشيخ محمد المختار المهدي الذي كان يشغل عضوية مجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار علماء الأزهر، فضلا عن مشاهير العلماء والدعاة مثل أحمد عمر هاشم وزغلول النجار، والراحل محمد عمارة.

وتتوزع مدارس صلاح الدين ما بين العاصمة القاهرة ومحافظتي الإسكندرية وبني سويف، وقد أشركت الحركة في هيئة إدارتها وعضوية مجلس أمنائها عددا من النخب الدينية المؤسساتية والثقافية المصرية، أبرزهم الشيخ علي جمعة مفتي مصر الأسبق وأحد أبرز مؤيدي السلطة الحالية والذي تجمعه بالداعية التركي علاقة وثيقة.

عقب انقلاب 2013 في مصر، خضعت مدارس الحركة للإشراف المالي والإداري لوزارة التربية والتعليم، لكن سرعان ما تم رفع ذلك الإشراف عنها بعد عام ونصف.

مدارس صلاح الدين الدولية التابعة للداعية التركي المثير للجدل فتح الله غولن، في القاهرة الجديدة بمصر

وتضم المدرسة عددا من الأسماء التركية ضمن فريق إدارتها على رأسهم المدير الرئيسي “إرسين جوكجيك”، ونائبه “حسين يافوز”، فضلا عن أسماء أخرى مثل إرهان توجين وعمر يلدريم وليلى يورت، وجميعهم منتمون إلى حركة الخدمة التي يتزعمها غولن.

ومنذ تأسيس دار الانبعاث مطلع الألفية الثانية، تعتبر مؤسسة “دار الانبعاث” (دار النيل سابقا) بمثابة الماكينة الفكرية المنتجة لمجمل أفكار الداعية التركي فتح الله غولن. وتقوم المؤسسة بطباعة ونشر كتب غولن، فضلا عن مجلة “حراء” التي تمزج بين الثقافي والديني والعلمي، ويتم طبعها وتوزيعها من خلال مؤسسة دار التحرير للطبع والنشر (حكومية).

ويتولى كل من هاني رسلان -الباحث في مركز الأهرام الإستراتيجي- رئاسة تحريرها، والتركي “إسماعيل قايار” منصب مدير التحرير، تحت إشراف إسحاق إنجي المسؤول الإعلامي الأبرز للحركة في مصر، ومعه كل من سنان يورولماز ونفذات سفاش القياديين بالحركة.

وفي موازاة ذلك تقدم الحركة خدمات للطلاب العرب والأجانب من خلال تعليم اللغات العربية والتركية وغيرها، وتعددت في السنوات الأخيرة مراكز تعليم اللغة التابعة لها، وأبرزها مركز النيل للغات في حي الزمالك الراقي بالقاهرة.

هاني رسلان الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية يترأس تحرير مجلة (حراء) التابعة لغولن بمصر

مواقع إخبارية
يعتبر موقع “دوروسو” (Doğrusu) -الذي يعني “الحقيقة” وتم تأسيسه في السنوات الأخيرة- أبرز موقع إلكتروني باللغة التركية لجماعة الخدمة في الداخل المصري، ويديره جومالي أونال المراسل السابق لجريدة “زمان” في القاهرة، وهي الجريدة الرئيسية للحركة بتركيا، وسيطرت عليها الدولة بعد الانقلاب الفاشل في العام 2016.

ويليه موقع “تركيا الآن” بنسخته العربية، ويقوم عمل هذين الموقعين على معارضة النظام التركي وانتقاد الرئيس رجب طيب أردوغان، ويتبعان شركة “المدار” التي يترأسها المذيع المصري المقرب من الأجهزة الأمنية المصرية (نشأت الديهي)، والذي تجمعه علاقة وطيدة مع الداعية فتح الله غولن بعدما أجرى معه حوارا تلفزيونيا في منفاه بالولايات المتحدة.

وتعد مجلة “شؤون تركية” -الصادرة من مركز الأهرام للدراسات السياسية والاقتصادية- أول مجلة مصرية متخصصة في الشأن التركي، ويرأس تحريرها محمد عبد القادر خليل مدير برنامج “تركيا والمشرق العربي ” بالمركز.

والمتتبع لسير الأفكار والمعالجات القائمة داخل المجلة وموضوعاتها منذ العدد الأول؛ يجدها تتقاطع مع رؤية الداعية التركي فتح الله غولن ومعارضة بشكل كبير لسياسات الرئيس أردوغان، وحزب العدالة والتنمية الحاكم.

وفي تعليقه للجزيرة نت، يذكر الكاتب التركي “فراس رضوان أوغلو” أن جماعة فتح الله غولن أو حركة الخدمة -كما يطلق عليها- تقف وراء محاولة الانقلاب الأخيرة التي وقعت في تركيا عام 2016، وهي جماعة لها امتدادات كبيرة في كل أنحاء العالم، وتتواجد بقوة في الداخل التركي منذ ثمانينيات القرن الفائت.

ويضيف رضوان أوغلو أن أنشطة الحركة تتسع وتتمدد على اختلاف أنواعها الدينية منها والاقتصادية والتعليمية، كما تتوسع في الدول الإسلامية غير الناطقة بالعربية لتعليمهم الدين واللغة العربية، فضلا عن التركية، “إلا أن تعاليمهم بها الكثير من الانحرافات والتوظيفات السياسية لها التي تشوبها الكثير من الغموض في فهم كنهها وأهدافها المعلنة وغيرها”، بحسب وصفه.

ويوضح الكاتب التركي أن الجماعة اتخذت مصر مقرا للاستثمار الاقتصادي لحساب التنظيم، وفي ذات الوقت استفادت من الخلاف بين الرئيسين المصري والتركي أيما استفادة.

لكن -في ظل التحولات التي شهدتها العلاقات بين البلدين في الآونة الأخيرة وفي سياق التقارب الجاري- من الممكن أن يتم تقويض تواجد الحركة في الداخل المصري، إلا أنه سيقتصر هذا التقويض المحتمل على الجانب الاقتصادي وحسب، دون أية أعمال أخرى أو استخدام مصر كمنصة لمعارضتها نظام الحكم في تركيا وأردوغان، بحسب وصف رضوان أوغلو.

المصدر: الشادوف+الجزيرة نت

أحدث الموضوعات:

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.