ممدوح اسماعيل يكتب: الغافلون.. و ( حوار الوهم الوطني ) !!

0 697

عقب تمثيلية السيسى بالدعوة لـ (الحوار الوطنى) تجاوبت فوراً بيانات اخوانية متنوعة المصادر والمشارب ومعهم فصيل (المشتاق السياسى) بلهفة مع تلك الدعوة !
بداية الحوار بين الأعداء والخصوم والهدنة والصلح كلها عناوين يفرضها الواقع والسياسة عبر التاريخ البشرى فى الصراعات، لكن كيف؟! هنا مربط الفرس، فالحوار لا يتم بين خصوم.. ولا هدنة ولا صلح إلا بناء على أوراق يملكها كل طرف يجلس بها على المائدة مع خصمه، وخلاف ذلك اسمه استسلام وليس حواراََ، فماذا يملك المهرولون للبيانات والحوار؟

الإجابة انهم يمتلكون فقط… 1_منصات اعلامية بينما يملك الخصم اضعافها وأقوى منها مئات المرات !!
2_حالة معارضة شعبية كامنة، وقد سيطر عليها الخصم بكل قوة وبطش طافح بالظلم الرهيب !
وفى المقابل يملك الخصم الدولة بكل مؤسساتها من جيش وشرطة وقضاء وأموال، وكل مرافق الدولة، وقطاع كبير من الشعب يسوقه كالأنعام، ودعم غربى دولى واقليمى متنوع ومتعدد..
ولايفوتنا التطرق لتلك الملاحظات السريعة:
أ_ منذ وقوع الانقلاب العسكرى تمت الدعوة لأكثر من 30 مبادرة سياسية لم يلتفت لها العسكر.
ب_ تم اعتقال وتصفية 90 ٪ من كوادر وشباب المعارضة، وتوقفت كل فعاليات المعارضة فى مصر تماماً منذ أربع سنوات!

وباتالي فإن السؤال الآن هو: على أى أساس يهرولون للحوار؟!
يقولون ان الخصم فى أزمة اقتصادية.. ونسألهم: وهل أنتم تملكون حلها؟
بالطبع ترليون لا.. وبالتالى فإن الهرولة للسيسى معناها الوحيد هو وجود (حالة ضعف شديد) لدى المعارضة نتيجة تراكم الفشل فى إدارة أطياف المعارضة المتنوعة مما أنتج ( حالة شبق) لدى البعض في صفوف المعارضة لأى ظهور إعلامي أو توسل سياسى..وفى المقابل، فإن السيسى يعلم حالة ضعف المعارضة جيدا، ولذلك خرج بكلمة ( الحوار الوطنى) التى يعلم هو قبل غيره أنها كاذبة، ويعلم كذبها أيضا كل من عنده ادنى قدر من البصيرة والعقل.

السيسى مستمر فى طغيانه ووأد أى صوت معارض، ولن يتوقف، وكل الأحزاب فى مصر ليست فقط كارتونية بل أنها مجرد يافطة فقط، وأن قياداتها بل وأعضائها ارتضوا بتمثيل دور القرد فى عمل (عجين الفلاحة) للسيسى والعسكر، ولاشك أن الأزمة الاقتصادية شديدة لكن حلها ليس عند المعارضة المغيبة مطلقاً !!
وقبل دعوته للحوار الوطني استلم السيسي 10مليارات دولار من السعودية وقطر، ثم أطلق دعوته للحوار من أجل محاولة تبييض وجهه الكالح بالاستبداد والظلم أمام المجتمعات الغربية ولمحاولة تشجيع الإستثمار الغربى المذعور من ضياع حقوق الإنسان فى مصر ومحاولة صنع حالة إلتفاف سياسى مع نظام مأزوم !
وهذا لايخفى على البعض فى المعارضة، ولكن حالة الضعف والفشل و الإرتزاق السياسى هى المسيطرة على ذلك البعض فى الفصيل المهرول، وبالتوقف مع نماذج تلك البيانات نرى حالة عجيبة من التناقض والوهم من داخل البيان ذاته !
مثال بيان اخوان (مجموعة محمود حسين) فإن الرد عليه يطول ولكن سوف أتوقف فقط مع نقاط قليلة من بينها:
1_ رحب البيان بالحوار (الوطني) بلهفة، بينما هم لايتحاورون مع إخوانهم فى الجماعة فضلاً عن غيرهم ويستبدون مع من خالفهم !!
2_طالب بالإفراج عن المعتقلين في تناقض لافت لأنهم فى نقطة يطالبون بالإفراج عمن لم تتم محاكمته وفي نقطة بعدها يطالب بالإفراج عن الجميع وفي نقطة ثالثة يطالب بمحاكمة من اعتقلوهم وحبسوهم!!
من انت الآن؟
وماذا تملك؟
ثم هل بعد كل تلك السنوات تتوهم وتوهم اتباعك انك تفرض شروطا على هذا النظام الانقلابي المجرم؟!!
3_ البيان اكثر من ألف كلمة لا يوجد فيه كلمة إسلام ولا ( الله) من جماعة إسلامية فكيف تنتصرون؟ وهل تظنون أن بتخليكم عن الخطاب الاسلامى سوف ينصركم الله؟!!
الأعجب المثير للتبسم الساخر هو ماحدث من (أيمن نور) بعد يومين بالضبط (من دعوة السيسي للحوار) أصدر كتاباً وليس بياناً مكونا من 106صفحات!!!!

وهو ما يدل على سبق تجهيزه واعداده قبل دعوة السيسى للحوار!!!!
1_خصص فى الكتاب52 صفحة للحديث عن فلسفة الحوار، فى ذات الوقت الذى لايتحاور فيه أيمن نور مع المعارضين ويكتفى بشلة خاصة ويرفض انتخاب منافس له فى اتحاده الخاص الملاكى لـ(القوى الوطنية) المحدودة ليمتد !! وشر البلية ما يضحك!
2_ استعرض الكتاب المواقف السياسية للأحزاب من الحوار وبدأ بحزب غد الثورة الذى لايتعدى اعضائه شعبة للاخوان فى قرية نائية في أقاصي الصعيد الجواني؟!! وجعل جماعة الاخوان فى الخارج رقم 7 وجماعة الاخوان عامة رقم17 فى الوقت الذى جعل مايسمى بـ( الحركة المدنية) رقم2 ، وهم معظمهم من مؤيدى أحداث 30 يونيو من العام 2013.
3-الكتاب أشبه بالمطبوعات اليساريةالمملؤة بمصطلحات سياسية وكلمات مبهرة لكنها فالصو أو فشنك، ولايوجد فيه سطر واحد صادق وواقعى عن آلية تفعيل قبول العسكر للحوار الجامع!!!
4_الكتاب واضح أنه ليس للحوار الحقيقى الواقعى إنما مجرد رسالة تلغراف من 106 لكي يقول أيمن نور لكل من يهمه الأمر: (نحن هنا) وذلك لأطراف مثل أمريكا والغرب والعسكر والداعم الاقليمي لنظام السيسي. أكتفى بتلك النقاط، فالكتاب لايستحق المناقشة التفصيلية.
أما الداخل المصري، فقد انطلقت تأكيدات من ساسة المخابرات ترفض أي إنخراط محتمل للإخوان والأحزاب الدينية وترفض الحوار مع من أسمتهم بـ(معارضة الخارج) وهو كلام كاشف للواقع وصادق، فمازال العسكر يغلقون باب السياسة الذى يدخل منه أى حوار، لكن بعض الساسة في صفوف تلك المعارضة يعيشون فى الوهم و يهرولون عند أول صيحة ليسوا هم المقصودين بها !!
ومن الطريف الساخر أن السيسى أوكل الحوار للاكاديمية الوطنية وهى مختصة بالمحاسبة والاقتصاد وادراتها بعيدة عن السياسة وتم تعيينها من جانب المخابرات !!
وتبقى حقائق مهمة من بينها:

1_المعارضة تملك الحق المشروع سواء عبر مشروعها الاسلامي ورفضها للظلم والإستبداد وإيمان قطاع كبير صامت من الشعب بها وخوفها من عرض خطابها الإسلامى أوقعها فى براثن ليبرالية أسقطتها، وكسب (هاموش ليبرالي) وجوده بسبب هشاشة قيادة المعارضة المصرية فى الخارج.

2_نظام السيسى يتآكل بسبب اتساع المظلومية وتوغله فى الاستبداد والفشل الاقتصادى المتواصل وضعف ادائه السياسى وخيانته لسيادة مصر وتنوع طرقه فى محاربة الإسلام، كما انه يعتمد على البطش الأمني الشديد، والدعم الغربى والاقليمى.

3- بالتالي يمكن التوصل لنتيجة بسيطة وهي أن نظام السيسى لن يتحاور مطلقاً مع المعارضة الحقيقية !!
فمعلوم أنه لو فعل فإن ذلك سيعد بمثابة اعتراف بخطئه وفشله واعتراف بوجود قوة أخرى أمامه، وهو ما لايريده ولا يرغب الداعمون له أن يشاهدوا حدوثه!
4_لا حل إلا بحوار حقيقى بين كل أطياف المعارضة ذاتها المنقسمة انقسامات متعددة، وأن تكون مخرجات هذا الحوار هى المقدمة الحقيقية لحالة التغيير، وهو حوار لا يريده المرتزقة والمستبدون داخل حالة المعارضة، فكيف تطالبون السيسى بحوار وأنتم فشلة فى إجراء حوار حقيقى داخل حالتكم المعارضة؟!!!


وأخيراً ، فإن يقينى بالله أن نظام السيسى لن يطول به الزمان، لأن هذا الكم الرهيب من الظلم لاتسمح به سنن الحياة لفترة طويلة، حسب فهمنا المتواضع لتلك السنن، وسوف يخلفه الله بنظام آخر، وهو مايجب التفكير فيه.

ممدوح اسماعيل

محام ونائب فى برلمان الثورة 2012

أحد أبرز وجوه التيار الاسلامي في مصر

المقالات الواردة فى باب الرأي تعبر عن أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن الموقع وسياساته التحريرية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.