محمد عماد صابر يكتب: الإسلاميون والحكم “خلاصات”

0 476

مازال الخلاف بين مناهج التغيير في ظل أنظمة الاستبداد والفساد قائم وسيبقى لأن الخلاف والاختلاف والتنوع من طبيعة الأشياء، والمأمول أن ينشغل كل كيان بمشروعه الذي يؤمن به ويتبناه لا أن ينشغل بمشروعات الآخرين، وإن كان الواقع بخلاف ذلك.

المقاومة المسلحة وما يرتبط بها هي الوسيلة الوحيدة للتحرير من المحتل الغاصب، وهذا حق تكفله المواثيق الدولية وواجب تفرضه الشرائع السماوية وواقع تحتمه التجارب التاريخية والحالية.

على فصائل الحركة الإسلامية العاملة في ميدان السياسة والساعية للسلطة أن تعلم جيدا أنها في ظل أنظمة سلطوية محلية ونظام إقليمي ودولي لا يؤمن إلا بمصالحه وأنه في أحسن الأحوال لن يسمح لها إلا بأدوار وظيفية وفق معادلة المصالح التابعة له وأن عليها عدم التنازل عن مشروعها الاصلاحي القائم على منظومات القيم الإسلامية والإنسانية العادلة وأن تنحاز للشعوب ومطالب الشعوب.

مشروع الحركات الإسلامية في مجال بناء الإنسان هو المشروع الاستراتيجي الذي يراهن عليه في مسيرة التغيير، وعليها عدم التنازل عنه أو الإنشغال بغيره وألا تقفز في الفراغ دون جاهزية، وعليها أن تنظر إلى المشاركة السياسية أنها إحدى وسائل وأدوات بناء الإنسان المنشود الذي يتبنى مشروعها فكرا وسلوكا ليكون الحارس والعامل له.

فكرة الوصول إلى الحكم والتمكن من السلطة لفرض مشروع إصلاحي معين بحاجة إلى إعادة النظر، تجنبا للفراغات الواسعة بين حملة المشروع وغالبية الشعب، بل تمكين الشعب من المشروع بتبني منظومات القيم وخرائط السلوك هو صمام الأمان ووثيقة الضمان.

حتمية إعادة النظر في صفات ومواصفات المنتج التربوي بما يناسب حجم التحديات ومستوى الطموحات في ظل حزم أهداف مرحلية ممكنة بعيدا عن الشعارات الفضفاضة والعناوين البراقة والتي لن تتحقق ما ينعكس سلبا على الحركة قيادات وقواعد وجمهور، لدرجة قد يصل فيها أبناء الحركة ليكونوا مصدر ضغط وعبأ على المشروع فكرة وتنظيم وسلوك.

أثبتت التجربة أن التربية العاطفية الحماسية دون بناء عقول مفكرة ناقدة و مبدعة ينتج حشود وقطاعات تابعة، قد تدعم في التظاهرات ورفع الشعارات والحشد للانتخابات لكنها لا تصمد أمام المحن والإخفافات، ولا تفيد في التقييم والمراجعات، بل قد تكون عقبة أمام أفكار التغيير والإصلاحات.

من حسن تقدير المواقف وإدارة المشاهد أن تنظر فصائل الحركة الإسلامية إلى المآلات القريبة والبعيدة لقراراتها خاصة في مجال السياسة تجنبا لدفع فواتير باهظة دون عائد مكافئ فضلاً عن مساحات الفراغ المتوقعة والتي يتمدد فيها خصوم الحركة من السلطة وفرق الموالاة من أصحاب الأيدولوجيا الفكرية المناوئة وهو واقع نعيشه ومنذ سنوات.

الهزات الإرتدادية لبعض الإخفاقات على مستوى الفكر والتنظيم والعلاقات والتحالفات والشعبية، هي هزات طبيعية تحتاج لمستوى راق من الاستيعاب والتعامل بالتغيير والتطوير والإحلال والتبديل تنحاز فيها الكيانات لمضمون المشروعات وعدم التنازل بوهم تحقيق مكتسبات أو إختراقات.

ضرورة توظيف ما يكشف عنه من معلومات في الأبحاث والتقارير والدراسات وبعض التسريبات في المزيد من نشر الوعي العام لدى الحركة وقواعدها ليس لترسيخ نظرية المؤامرة الموجودة فعلا، لكن لدعم إتخاذ القرارات المرتبطة بحاضر ومستقبل الحركة ومشروعها لتحقيق الممكن من الأهداف وتجنب المتوقع من الخسائر والتضحيات قليلة العائد الذي لا يكافئ ضخامة التكلفة.

الدكتور محمد عماد صابر

سياسي وبرلماني مصري

من نواب برلمان الثورة 2012 

@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@

الآراء الواردة فى المقال تعبر عن صاحبها، ولا تعبر بالضرورة عن موقع الشادوف أو تمثل سياساته التحريرية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.