ما كان مجهولا طوال 5 سنوات، عن طائرة ركاب مصرية، سقطت أثناء رحلة كانت تقوم بها في 19 مايو 2016 من باريس إلى القاهرة، وقضى 66 كانوا على متنها، اتضح منذ يومين فقط، وهو أن سبب سقوطها الذي احتار بأمره خبراء مصريون وأجانب بالعشرات، لم يكن إلا سيجارة !
تلك السيجارة، قتلت 30 راكبا مصريا و15 من فرنسا و2 من العراق، وواحد من كل من: السعودية والكويت والسودان والجزائر وبريطانيا والتشاد والبرتغال وبلجيكا وكندا، إضافة لطاقم من 10 مصريين، هم الطيار ومساعده، مع 5 مضيفين و3 رجال أمن، ممن ابتلعهم البحر الأبيض المتوسط جميعا مع الطائرة إلى مثوى أخير وقريب في الأعماق 290 كيلومترا من الإسكندرية.
بعدها بأشهر، ظنوا في مصر أن الطائرة، وهي Airbus A320 تابعة لشركة “مصر للطيران” الوطنية، سقطت بعمل إرهابي مجهول التفاصيل. أما التحقيقات الأجنبية، ومعظهما فرنسي، فذكرت بأنه “ناتج عن قصور من جانب الشركة بصيانة طائراتها، بطريقة لا تتم طبقا للمعايير الدولية” وهو ما نفته السلطات المصرية بشدة، واتضح أنها محقة، لأن تحقيقا جديدا أجراه “المكتب الفرنسي للتحقيق بشأن سلامة الطيران المدني” مال إلى أن “حريقاً اندلع في قمّرة القيادة وامتدّ بسرعة وتسبّب بفقدان السيطرة على الطائرة” لكنه لم يوضح سبب الحريق.
الذي اتضح منذ يومين، نقلته صحيفة (كورييرا ديلاسيرا ) Corriere della Sera الإيطالية، عن تحقيق توصل إليه خبراء فرنسيون، وجعلوه في وثيقة من 134 صفحة، قدموها في مارس الماضي إلى محكمة استئناف باريس “تدعمها تسجيلات صوتية وبيانية في الصندوقين الأسودين” تشير إلى أن الطائرة كانت ضحية عاملين معا، هما تسرّب من قناع أوكسجين مساعد الطيار ونيران سيجارة كان يدخّنها المساعد محمد ممدوح أحمد عاصم، في قمرة القيادة، أو ربما كان المدخن هو الطيار محمد سعيد علي شقير، البالغ 36 سنة.
والغريب أن هذه النتيجة توصل خبراء مستقلون إلى نتيجة تشابهها تقريبا، بعد 5 أيام فقط من تحطم الطائرة المنكوبة، والدليل هو فيديو عرضته “العربية.نت” منشور بتاريخ 24 مايو 2016 على اليوتيوب، ويتحدث عن دخان تسرب من قمرة القيادة، في إشارة إلى حريق اندلع فيها، وبعد دقائق اختفت الطائرة عن شاشة الرادار.
أما التحقيق الجديد، فنقلت “كوريير دي لا سيرا” أيضا، أن الخبراء رصدوا صوتا خفيفا “أشبه بهسهسة” انسياب هوائية، التقطه الميكروفون المدمج في قناع الأكسجين الخاص بمساعد الطيار، البالغ 24 عاما، قبل دقائق قليلة من وقوع الحادث، ورجّحوا أنه ناجم عن تدفّق قوي للهواء، لأن القناع تم تحويله قبل 3 أيام من الحادث إلى وضعية “الطوارئ” الراصدة الأدخنة أو الأبخرة بقمرة القيادة، ما يعني أن نسبة تزويد الأكسجين في القناع كانت 100% تحت ضغط مستقر، وأن نيرانا اندلعت بسبب “شرارة أو لهب تسبّبت به سيجارة على الأرجح”.
ورد بالتحقيق أيضا أن الطيار شكا من شعوره بالتعب خلال الرحلة الليلية، حيث أقلعت الطائرة من مطار شارل ديغول بعد الساعة 11 ليلا بتوقيت باريس، ثم اختفت عن شاشات الرادار بعد ساعة ونصف الساعة من إقلاعها، حيث كانت وسط مثلث أطرافه قبرص شرقا وجزيرة Karpathos اليونانية في بحر “إيجة” غربا، وساحل مصر الشمالي جنوبا، علما أن تقرير الخبراء ذكر أن أفراد طاقمها، وبينهم الطيار، كانوا ضمن ساعات العمل الطبيعية.
من ناحيتها، أكدت مصادر قانونية مصرية أن التقرير الذي نشر مؤخراً وأفاد بأن حادث تحطم طائرة الركاب التابعة لشركة “مصر للطيران” عام 2016، وأدى إلى مقتل جميع ركابها البالغ عددهم 66 شخصاً؛ وقع بسبب حريق في قمرة القيادة، بعد أن اشتعلت النيران بسبب سيجارة الطيار المشتعلة مع تسرب الأكسجين من قناع الطوارئ، الأمر الذي من شأنه أن يلقي بالمسؤولية القانونية وجميع الآثار المترتبة عليها، على شركة “مصر للطيران” المملوكة للحكومة المصرية.
وأوضحت المصادر أن “المسؤولية القانونية التي ستقع على الشركة المصرية إذا ثبت صحة ما ورد في التقرير، سوف تلزم الشركة بدفع التعويضات المقررة للضحايا، وغيرها من الغرامات”. ويعد قيام مصر بتسديد نحو 200 مليون دولار قيمة التعويضات المستحقة للركاب من ضحايا الطائرة الروسية التي سقطت فوق شبه جزيرة سيناء في أكتوبر من العام 2015، بمثابة الحافز للمتضررين من حوادث سقوط طائرات مصرية أخرى لتحميل القاهرة المسؤولية عن سقوطها للحصول على تعويضات سخية منها.
ولفتت المصادر إلى أن “الادعاءات التي وردت في التقرير الفرنسي، سوف ترد عليها السلطات المصرية، عن طريق هيئة قضايا الدولة بمصر، وهي الجهة المخولة بالدفاع عن الحكومة المصرية داخل البلاد وخارجها”.
وحسب تقرير لـ”إندبندنت”، يزعم الخبراء الذين يحققون في الحادث، أنه عندما سقطت رحلة مصر للطيران رقم MS804 (طائرة إيرباص A320) في طريقها من باريس إلى القاهرة، في شرقي البحر الأبيض المتوسط، كان القبطان أو الضابط الأول يدخن على ارتفاع 37000 قدم قبل وقت قصير من تحطّم الطائرة.
وفي تقرير رسمي مكون من 134 صفحة، تم إرساله إلى محكمة الاستئناف في باريس الشهر الماضي، قال المحققون إن الحريق ربما اندلع في قمرة القيادة بسبب سيجارة مشتعلة وتسرب الأكسجين من قناع مساعد الطيار.
وزعم التقرير أن الطيارين المصريين “كانوا يدخنون بانتظام في قمرة القيادة ولم تحظر شركة الطيران هذه الممارسة وقت تحطم الطائرة”.
وحسب ما يقول التقرير فإنه “تم تغيير قناع الأكسجين قبل ثلاثة أيام، وتم ضبطه على وضع “الطوارئ” المصمم للدخان أو الأبخرة في قمرة القيادة، مما يعني أنه تم توفير 100 في المئة من الأكسجين تحت ضغط مستمر”.
وتزعم الوثيقة الجديدة، التي اطلعت عليها صحيفة “كورييري ديلا سيرا” الإيطالية، أن “هناك صوت هسهسة سجله ميكروفون على القناع”.
وقال دانييل فيرونيللي، طيار A320 وعضو الرابطة الوطنية الإيطالية لطياري الطيران التجاري، Anpac، للصحيفة، إن عمليات فحص الأكسجين ومعدات القناع في قمرة القيادة كانت جزءاً روتينياً من نشاط ما قبل الرحلة.
وأضاف: “عندما ندخل قمرة القيادة، من بين الفحوصات الأولية المختلفة قبل الإقلاع، نتحقق أيضاً من تدفق الأكسجين في الأقنعة الجانبية، حيث يُرفع الباب ويتم اختبار تدفق الهواء بالضغط على زر يبرز من المقصورة، ومن خلال تنشيط الاتصال الداخلي، يمكنك سماع تدفق الأكسجين لأن كل قناع مزود بميكروفون”.
كما زعم تقرير “كورييري ديلا سيرا” أن الطيارين اشتكوا من الشعور بالتعب أثناء الرحلة الليلية، التي غادرت من مطار شارل ديغول بعد الساعة 11 مساءً بالتوقيت المحلي بقليل. واختفت الطائرة عن الرادار بعد حوالي ساعة ونصف”.
وضغطت منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO) من أجل حظر شامل للتدخين على متن الطائرات منذ عام 1996، لكن قرارات الهيئة لا تؤخذ في الاعتبار إلا من قبل الحكومات عند وضع قوانينها الخاصة، بدلاً من وضع قواعد صارمة.
وفي البداية، ألقت السلطات المصرية باللوم في الحادث على تفجير إرهابي، بعد أن أسقطت متفجرات طائرة من طراز Metrojet كانت تقل المصطافين الروس إلى الوطن من منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر في أكتوبر/تشرين الأول 2015، مما أسفر عن مقتل جميع من كانوا على متنها وعددهم 224 شخصاً.
وزعم المسؤولون المصريون أنه تم العثور على آثار للمتفجرات على رفات بشرية تم انتشالها من الرحلة MS804 التي سقطت بمياه المتوسط، مما يشير إلى أنها كانت عملاً إرهابياً. لكن وكالة التحقيق في حوادث الطيران الفرنسية BEA قالت في عام 2018 إن “الفرضية الأكثر ترجيحاً هي أن حريقاً اندلع في قمرة القيادة أثناء تحليق الطائرة على ارتفاعها، وأن الحريق انتشر بسرعة مما أدى إلى فقدان السيطرة على الطائرة”.
وتوفي 66 راكباً والطاقم عندما تحطمت طائرة إيرباص A320، كانت متجهة من مطار شارل ديغول في فرنسا إلى مطار القاهرة بمصر، في مايو/أيار 2016، في البحر المتوسط جنوب جزيرة كريت اليونانية.
وكان من بين القتلى 30 مصرياً، و12 سائحاً فرنسياً، وعراقيان، وبريطاني، وكندي.
وبعد مهمة بحث كبيرة شاركت فيها القوات البحرية الأميركية، تم العثور على الصندوق الأسود للطائرة في المياه العميقة بالقرب من جزر اليونان.
المصدر: الشادوف+صحف