قلق مصري -سعودي بشأن مصير عسكر السودان..والسيسي يلغي زيارة لحلايب وشلاتين بسبب برهان !
كشفت مصادر دبلوماسية مصرية وعربية النقاب عن تنسيق عالي المستوى بين مصر والسعودية بشأن الوضع الراهن في السودان والأزمة المتواصلة منذ انقلاب العسكر في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وذلك لمنع انزلاق الخرطوم الى ما يمكن أن يسبب مخاطر أمنية للقاهرة والرياض خصوصا بالنسبة للممرات التجارية في البحر الأحمر والتي تؤثر على مصالح مصر والسعودية والكثير من بلدان المنطقة الأخرى.
جاء ذلك فيما لقي أربعة متظاهرين سودانيين مصرعهم في مواجهات عنيفة بين المشاركين في مليونية 30 ديسمبر/ كانون الأول وقوات الشرطة السودانية الخميس. وأعلنت لجنة أطباء السودان المركزية، مساء الخميس، عن مقتل 3 من المشاركين بنيران قوات الأمن في مواكب منطقة أم درمان، وعادت اللجنة لتعلن في وقت لاحق عن سقوط قتيل رابع، مشيرة إلى أنهم أصيبوا جميعًا بالرصاص الحي الفتاك من قبل قوات الأمن السودانية.
ونقلت صحيفة “العربي الجديد” عمن وصفته بمصدر دبلوماسي مصري قوله إن هناك توافقاً بين كل من القاهرة والرياض على ضرورة التنسيق بشأن ضمان توجيه الأحداث في الخرطوم بالشكل الذي يحافظ على مصالح البلدين، ومنع انزلاق الأوضاع هناك إلى مسارات من شأنها الإضرار بهذه المصالح الأمنية والاقتصادية والسياسية.
وأوضح المصدر أن السودان بالنسبة للقاهرة، مسألة أمن قومي من الاتجاه الجنوبي، بالإضافة إلى مساعي القيادة المصرية لضمان توحيد الموقف المصري السوداني في أزمة سد النهضة الإثيوبي، سعيا لتقوية موقفهما معا على المستوى الدولي.
أما بالنسبة للجانب السعودي، فقد أوضح المصدر أن أهم ما يؤرق السعودية في الوقت الحالي، هو أن تؤدي الاضطرابات هناك إلى وصول قيادة سياسية إلى سدة الحكم في السودان، تقدم على قرار سحب الجنود السودانيين المشاركين في عملية “عاصفة الحزم” في اليمن، والذين يمثلون القوام الرئيسي لقوات تحالف دعم الشرعية هناك الذي تقوده المملكة.
وقال المصدر إن المشاورات بين مصر والسعودية بشأن الأزمة السودانية، تخللها وضع سيناريوهات متعددة، ليكون في مقدور الدولتين التعامل مع أيّ متغيرات تطرأ على المشهد السوداني في ظلّ تداخل الضغوط الدولية وتعارض المصالح الإقليمية هناك.
دعم بديل آمن للبرهان
وبحسب المصدر، فإن المشاورات السعودية المصرية تناولت البحث في سيناريو متعلق بتجهيز ودعم “بديل آمن”، على حد تعبير المصدر، لرئيس مجلس السيادة الحالي عبد الفتاح البرهان، وذلك في حال استمرار ثورة الشارع السوداني ضد المكون العسكري. ويأتي ذلك خصوصاً في ظل عدم ضمان موقف رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، الذي يلوح بالاستقالة في أي وقت والانحياز إلى المعارضة مجدداً.
ولفت المصدر إلى أن السيناريو البديل المدعوم مصرياً وسعودياً، يشمل أيضاً تصوراً بغياب نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، والذي يواجه رفضاً كبيراً من جانب الشارع السوداني بسبب اتهامات توجه للقوات التابعة له (الدعم السريع) بالتورط في عمليات قتل المتظاهرين.
من جهته، قال دبلوماسي عربي في الجامعة العربية، إن الحراك المصري السعودي على صعيد الأزمة السودانية أخيراً، يرجع إلى نتيجة لتقرير أعدته البعثة الأممية في السودان، والذي أشارت خلاله إلى أن نسب التوصل إلى حلول حقيقية وتعاون دولي لإنقاذ الدولة الأفريقية من عثرتها الحالية، ستكون أعلى في حال كان على رأس السلطة شخصيات بديلة لكل من البرهان وحميدتي، في ظل خصومة حادة بينهما وبين المعارضة والمكون المدني والشارع السوداني.
في مقابل ذلك، قال الدبلوماسي العربي، إن نفوذ كل من مصر والسعودية أضعف من خلق بديل (في السودان) يمكن تسويقه دولياً. ولفت المصدر إلى أن هذا الأمر معقد للغاية، وخاضع لتقاطعات دولية عديدة، تلعب فيها القوى الدولية الدور الأكبر، خصوصاً في ظل تطلعات من جانب قوى دولية كبرى مثل روسيا، للعب دور أوسع في المنطقة خلال الفترة المقبلة، بخلاف الرهان الإسرائيلي على تعميق عملية التطبيع مع السودان.
السيسي يتراجع عن زيارة حلايب وشلاتين
في غضون ذلك، كشف مصدر مصري، عن تراجع الدائرة المقربة من (الرئيس المصري) عبد الفتاح السيسي عن تضمين أسبوع افتتاحات المشاريع الحكومية في صعيد مصر أخيراً، زيارة للرئيس المصري إلى مدينتي حلايب وشلاتين، لعدم تأجيج المعارضة السودانية، والتسبب في صدام جديد بين البرهان والشارع السوداني، في ظل التنازع بشأن المنطقة بين السودان ومصر، واعتبار السودانيين مدينة حلايب سودانية ومحتلة من جانب مصر.
ولفت المصدر المصري الخاص، إلى أن السيسي كان مرحباً بتلك الخطوة، قبل أن يتدخل رئيس جهاز الاستخبارات العامة اللواء عباس كامل. ونصح كامل بإدخال تعديلات في ترتيبات أسبوع الصعيد، لما في تلك الخطوة من أزمة قد تسببها لـ”الأصدقاء في السودان”، بحسب المصدر، في وقت يبدو فيه الجميع في غنى عن أزمات إضافية بمشهد ملتهب أساساً.
يأتي هذا في الوقت الذي أكد فيه وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، خلال اتصالين هاتفيين، مع كل من البرهان وحمدوك، على حرص المملكة على استقرار ووحدة السودان.
وأكد الوزير السعودي حرص الرياض على تشكيل الحكومة الجديدة في الخرطوم، في أسرع وقت ممكن، والتوافق بين المكونين العسكري والمدني، لما فيه مصلحة السودان وشعبه.
وكان مجلس السيادة الانتقالي في السودان أعلن في وقت سابق، بدء الإجراءات العملية للانتخابات المقبلة التي من المقرر أن تبدأ مطلع يناير/كانون الثاني المقبل، وتنتهي في يوليو/تموز 2023.
وجاء ذلك، في الوقت الذي ترددت فيه أنباء خلال الأيام الماضية حول تمسك حمدوك بالتقدم باستقالته في ظل اتساع حدة الخلاف بينه وبين المكون العسكري وعدد من قادة الحركات المسلحة حول أمور جوهرية تتعلق بطريقة التعامل مع المحتجين وتشكيل الحكومة الجديدة.
وكان مصدر سياسي مصري، وآخر دبلوماسي، قد كشفا عقب انقلاب المكون العسكري في السودان على المكون المدني في السلطة الانتقالية، في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، واعتقال حمدوك ثم وضعه تحت الإقامة الجبرية، أن السيسي وكامل أكدا في مناسبات سابقة خلال اجتماعات مع المسؤولين السودانيين والعرب والتابعين للاحتلال الإسرائيلي، عدم ترحيبهما باستمرار حمدوك رئيساً للوزراء.
وأوضحت المصادر أن ذلك ليس فقط بسبب رغبة مصر في التعامل مع المكون العسكري وحده، وتحديداً مع البرهان ونائبه حميدتي، اللذين تجمعهما علاقة قوية بالسيسي، ولكن أيضاً بسبب رؤية مستقرة بأن حمدوك مقرّب من العواصم الغربية، وله أجندة تسمح بوصول قوى سياسية لا ترحب بها القاهرة إلى الحكم.
ويأتي ذلك، فضلاً عن وقوف حمدوك، بحسب الرؤية المصرية، عائقاً أمام بعض المخططات التي حاول النظام المصري الإسراع في تنفيذها مع المكون العسكري السوداني، وموقفه في قضية سد النهضة، حيث ترى القاهرة أنه ليس منسجماً بما يكفي مع الموقف والتطلعات المصرية.
ويعد المضي قدماً في التطبيع مع دولة الاحتلال، على رأس المخططات المصرية، وهو موضوع نوقش صراحة خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت في سبتمبر/ أيلول الماضي إلى شرم الشيخ ولقائه السيسي هناك.
وتطرق بينت مع السيسسي خلال الزيارة، إلى حرصهما على تطوير العلاقات الإسرائيلية مع السودان، كجزء من المشهد الجديد المراد للشرق الأوسط، وإجراء اتصالات متقدمة على مستويات عسكرية واستخبارية واقتصادية، بمباركة من المكون العسكري في السلطة، على أن يتوازى ذلك مع وساطة منتجة يبذلها بينت للتقريب بين دولتي مصب النيل (مصر والسودان) وبين إثيوبيا في قضية السد.
وأوضح المصدر أنه كان مقرراً ترتيب زيارة للسيسي إلى مدينة حلايب، لتكون الأولى من نوعها لرئيس مصري، وتكون بمثابة رسالة داخلية لوصول السيسي لكافة مدن ومناطق وربوع مصر.
المصدر: الشادوف+ صحف عربية