صحف مصرية تحذر من بركان غضب جماهيري بسبب الغلاء
حفلت صحف القاهرة أمس الثلاثاء 16 مارس/آذار بمفاجأة سارة لملايين المصريين، إذ وجه الرئيس السيسي بزيادة رواتب جميع العاملين في الدولة بإجمالي 37 مليار جنيه، ورفع الحد الأدنى للأجور إلى 2400 جنيه. الرئيس وجه أيضا بإقرار علاوتين بتكلفة 7.5 مليار جنيه لأولى علاوة دورية للموظفين المخاطبين بقانون الخدمة المدنية بنسبة 7% من الأجر الوظيفي، والثانية علاوة خاصة للعاملين غير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية بنسبة 13% من المرتب الأساسي، هدايا الرئيس لم تتوقف عند ذلك، لكنه وجّه بزيادة الحافز الإضافي لكل من المخاطبين وغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية بتكلفة 17 مليار جنيه. ولم يقتصر الأمر على الموظفين فقط، لكنه شمل كبار السن، فوجّه بزيادة قيمة المعاشات بنحو 13% بتكلفة 31 مليار جنيه. ومن جانبها ناشدت نائبة في مجلس النواب، اشلرئيس السيسي، بضرورة تنفيذ قرار زيادة المرتبات في قطاع الأعمال والحكومة والقطاع الخاص، بحيث يستفيد منها العامل، ولا تتكرر أزمات الأعوام السابقة. وبدوره أوضح محمد معيط وزير المالية، تفاصيل الزيادات في الأجور والمعاشات التي أقرها الرئيس السيسي في اجتماعه.
ومن اخبار البرلمان وافق مجلس النواب برئاسة المستشار حنفي جبالي، على المادة الثانية في مشروع قانون الموارد المائية والري، التي تتعلق بالأملاك العامة.
واهتمت صحف الثلاثاء بالجولة الثانية من جلسات الحوار الوطني الفلسطيني الذي يعقد في القاهرة بمشاركة مختلف الفصائل برعاية مصرية والذي يستهدف الإسهام في تذليل العقبات أمام الوصول إلى التوافقات إزاء العديد من القضايا المتعلقة بتسهيل إجراء الانتخابات. وتتضمن هذه الجولة من الحوارات عددا من القضايا الوطنية أهمها: وضع الفصائل في صورة تطورات المشهد الانتخابي، والإجراءات القانونية، والفنية للعملية الانتخابية، التي تعبر عن إرادة شعبنا، وتعتبر مدخلا لتحقيق الوحدة الوطنية الشاملة. وتضم جلسات الحوار الثانية الفصائل الفلسطينية كافة، التي ستستمر لمدة يومين، بمشاركة ممثلين عن المجلس الوطني الفلسطيني، وممثل عن لجنة الانتخابات المركزية، إضافة إلى عدد من الشخصيات المستقلة، لبحث استكمال الترتيبات الخاصة بالانتخابات، وتسهيل إجراءاتها خاصة ملف انتخابات المجلس الوطني وإعادة تفعيل وبناء منظمة التحرير. وأعرب الرئيس السيسي لقادة وممثلي الفصائل والقوى الفلسطينية عن أمنياته بتحقيق الهدف المنشود من الحوار الفلسطيني.
ومن التقارير التي تسببت في حالة من القلق كشفت مصادر في صحة قنا في صعيد مصر، أن سبعة أفراد من الطاقم الطبي المشرف أصيبوا بفيروس كورونا، رغم أنهم تلقوا لقاح كورونا الذي وزعته وزارة الصحة عليهم.
كفى ابتزازاً
بصوت غاضب انفجرت منال لاشين في وجه الحكومة مطالبة عبر “الفجر” أوقفوا حالة استحلاب المصريين وصراع الجبابرة على جيوبهم، حقيقي المصريون في حاجة إلى فترة نقاهة ما بين الرسوم والضرائب، المثير أن الصراع، أو بالأحرى المنافسة بين وزارات الحكومة على جيب المواطن انتقل إلى الأحزاب والبرلمان، يطلع حزب يتقدم بمشروع قانون بدل ما يساعد الفلاح، يزيد متاعب وأعباء الفلاحين، في مواسم كورونا السيئة، الحزب يقدم مشروع قانون يسمح للحكومة ببيع مياه الري للفلاحين، المشروع العجيب يقرر أن كل من يستخدم طلمبة على الترع الرئيسية يدخل فلوس، فعلا أنا مش عارفة الناس دي بتفكر إزاي، وهل لها علاقة بالواقع الذي يعيشه الفلاح والمواطن، في ظل جائحة كورونا، الأكثر إثارة أن ممثل الحزب أنكر حكاية بيع مياه الري للفلاحين في برنامج تلفزيوني، ثم عاد في الحوار نفسه وأقر بالفضيحة. الأكثر خطورة أن الحكومة عاملة “ودن من طين وودن من عجين” على رأي أهالينا، لم نسمع تعليقا من وزارة الري عن مشروع القانون، الذي نوقش من حيث المبدأ في لجنة الزراعة، لم ترفض الوزارة مبدأ بيع مياه الري للفلاحين خلال الطلمبات على الترع الرئيسية، لم يستنكر المتحدث الرسمي للحكومة فكرة بيع مياه الري، ومن قبل مشروع القانون قام البرلمان بزيادة رسم الملصق الإلكتروني للسيارات، تصوروا الحكومة تضع مبلغ الرسم بناء على دراسات، فيجيء البرلمان ليرفع الرسم. بصراحة حاجة تجنن أحزاب تسعى لزيادة الأعباء على المواطن، مباراة يتنافس الجميع فيها على جيوبنا الفارغة.
بعد الغزل
حاول عماد الدين حسين في “الشروق” أن يجيب على السؤال المهم: في غمرة موجات الغزل السياسى المتلاحق من قبل جميع المسؤولين الأتراك بحق مصر في الأيام الأخيرة، نسي كثيرون أن يسألوا السؤال الأهم في الموضوع وهو: هل سوف تتخلى تركيا عن ورقة جماعة الإخوان وبقية الجماعات التي تستثمر فيها منذ عام 2011؟ كبار المسؤولين الأتراك يتحدثون طوال الشهور الماضية عن أهمية مصر وموقعها ودورها وثقافتها وحضارتها، وضرورة أن تكون هناك علاقات طيبة بين البلدين لمصلحة الشعبين، لكن تركيا لم تتحدث تفصيلا عن الثمن الذي يجب أن تدفعه لمصر لإصلاح الأخطاء الفادحة، بما يجعل العلاقات جاهزة للتحسن. نظام الرئيس التركي أردوغان استثمر كثيرا في جماعات العنف والتطرف، منذ ثورات الربيع العربي. وحاول أن تكون هذه الجماعات ذراعه الأساسية في سبيل إقامة مشروعه الإقليمي لحكم المنطقة، كان من الطبيعي أن يجن جنون أردوغان بسبب الثورة المصرية، التي بعثرت كل آماله السياسية. ولذلك لم يكن غريبا أن يكون انحيازه لجماعة الإخوان أكثر تطرفا من بعض قادة الجماعة أنفسهم. هو جاء بهم من كل المنطقة، وفتح لهم أبواب وفنادق بلاده، وقدم لهم كل أنواع الدعم، وتجول في أوروبا والعديد من دول العالم مدافعا عن قضيتهم، ورأيناه يرفع علامة رابعة بصورة مسرحية في أكثر من مكان، وشنّ هجوما حادا ضد الرئيس السيسي الذي لم يرد عليه إطلاقا، بل إن السيسي رفض قطع العلاقات الاقتصادية مع تركيا، التي كانت تستثمر حوالي 5 مليارات دولا في الأسواق المصرية. التقديرات تقول إن هناك بين 5 ــ 7 آلاف مصري معارض، مقيمين في تركيا وقرأنا وسمعنا قصصا بقلم هؤلاء يقولون إنهم لا يجدون المأكل والملبس والدواء، وبعضهم يفتش في صناديق القمامة عن الأكل.
حوار طرشان
لم تتمكن وزارة الخارجية المصرية، كما قال محمد عصمت في “الشروق” من تفنيد الانتقادات التي وجهتها 31 دولة من بينها أمريكا وفرنسا لسجل مصر الحقوقي، والتي تضمنها بيان مشترك وقعت عليه كل هذه الدول يوم الجمعة الماضية، خلال اجتماعات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. ففي البيان المضاد الذي أصدرته الخارجية، ردا على بيان هذه الدول، بدا الأمر وكأنه «حوار طرشان»، فقد كان كل بيان فيهما يتكلم بـ«لغة» لا يعرفها الآخر، وبـ«أولويات» محل خلاف كبير بينهما، ففي حين كان «البيان الأجنبي» يتحدث عن قلق هذه الدول العميق مما سمته “لجوء السلطات المصرية إلى قوانين مكافحة الإرهاب ضد الحقوقيين والمثليين والصحافيين والسياسيين والمحامين»، و«اتباعها سياسة التدوير لإطالة فترات الإيقاف للمعتقلين، بعد انتهاء المدة القانونية لاحتجازهم عبر حيل إجرائية»، فاجأتنا الخارجية بتجاهل كل هذه الانتقادات، واعتبرت كل ما تضمنه البيان الدولي مجرد أحاديث مرسلة تستند إلى معلومات غير دقيقة، وأنه مجرد مزاعم وادعاءات، وأنه يعبر فقط عن توجه سياسي غير محمود، رغم أن البيان الدولي تعرض إلى نقاط محددة لا يمكن أبدا اعتبارها كلاما مرسلا، كان ينبغي الرد عليها وتفنيدها بالتفصيل، لكن المفاجأة الكبرى التي تضمنها بيان الخارجية تمثلت في تأكيده على أن ممثل مصر سيسلط الضوء في كلمته أمام اجتماعات المجلس على الممارسات المعادية لحقوق الإنسان في هذه الدول، رغم تأكيد البيان في فقرته الأخيرة على أنه لا توجد دولة في العالم بإمكانها تنصيب نفسها مقيما أو حكما في شؤون حقوق الإنسان في الدول الأخرى، بدون أن يوضح لنا كاتب هذه البيان تفسيره لأسباب تدخل مصر كـ«حكم» في شؤون حقوق الإنسان في الدول الأخرى.
في انتظار العدالة
تابع محمد عصمت كلامه، منقباً عن أخطاء الرد المصري على البيان العالمي الذي أفزع الحكومة المصرية بسبب الانتقادات الشديدة التي وجهتها لها 31 دولة بشأن أوضاع حقوق الإنسان في مصر، اللغة الخشنة والصياغات العنيفة، التي وردت في كلا البيانين لن تضع حلولا لهذه الأزمة بين الطرفين، ولا بالقطع لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في العالم، فالدول العظمى هي التي تنتهك حقوق الإنسان في دول العالم الثالث، سواء باستغلال ثرواتها الطبيعية، أو بفرض شروط اقتصادية صعبة عليها، لكي تحصل على مساعداتها المالية، وهي التي تدبر الانقلابات فيها، وتشعل الحروب بينها لتنشط صناعة السلاح فيها، في حين تكابد شعوب العالم الثالث من أوضاع اقتصادية مريرة، وانهيارات في الخدمات الصحية والتعليمية والثقافية، تؤثر بالسلب في أوضاع الحريات العامة وحقوق الإنسان فيها. وبانتظار نظام عالمي جديد أكثر عدالة وأقل وحشية، ستظل سجلات حقوق الإنسان موضع اتهامات متبادلة، لكن هناك حدا أدنى من المعايير الديمقراطية، أصبح متفقا عليه في وقتنا الحالي، وهو مجال من الممكن، وفق ما أوضح الكاتب محمد عصمت، أن تلعب فيه مصر دورا حيويا بالنظر إلى تاريخها القيادي والملهم في المنطقة.
حصارها لا يكفي
من معارك امس هجوم عنيف شنه وجدي زين الدين في “الوفد” ضد منظمات حقوق الإنسان التي وصفها بالمشبوهة، ما تفعله هذه المنظمات من تدخل سافر في شؤون مصر، جاء تنفيذًا لتعليمات الجماعة الإرهابية التي أصابها الشذوذ الفكري والنفسي من جراء الإنجازات الضخمة التي تحققت على أرض الواقع، خلال السنوات القليلة الماضية، والحقيقة أن البيان الصادر عن حزب الوفد على لسان المستشار بهاء الدين أبو شقة رئيس الوفد، أن البيان الصادر عن بعض الدول والمنظمات المشبوهة بالتدخل في الشأن المصري في واقعه وحقيقته يمثل مغالطات لا تمت للواقع أو الحقيقة بأدنى صلة. والرائع في حديث أبوشقة، أنه قال إن المواطن المصري ينعم بأمنه واستقراره ويتمتع بكل حقوقه الدستورية والقانونية في ظل سيادة القانون وقضاء مستقل. وفي مصر نصوص دستورية وقانونية تضاهي، بل تفوق حقوق الإنسان في أكبر الدول الديمقراطية في العالم، يجري التعامل بها في مصر، فالنيابة العامة هي التي تمارس طبقًا للقانون سلطتها في التحقيق وعليها التزام قانوني بالإشراف على السجون والالتقاء بالمساجين، وتقديم تقرير دوري في هذا الشأن، واتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية ضد أي مخالفة لأي ملف أو معاملة دائرة أيا كان قدرها ضد أي مسجون، أيا كان نوع الجريمة. كما أن هناك قضاء مصريا عادلا مشهودا له في تاريخه بالنزاهة، هو الذي يفصل طبقا للدستور والقانون. إن ما أكده أبو شقة في هذا الصدد، يؤكد بما لا يدع أدنى مجال للشك، أن كل ما تروجه المنظمات المشبوهة الهدف منه هو النيل من الدولة المصرية وإنجازاتها وإعجازاتها العظيمة والرائعة، التي تحققت على الأرض بفضل القيادة السياسية الحكيمة والواعية، وبفضل صلابة وإرادة المصريين التي لا يستطيع أحد أن يقهرها.
لن يتركنا
الموقف الأمريكي بالنسبة للسد الإثيوبي غير مطمئن، وبدوره يرى عبد القادر شهيب في “فيتو”، أنه بعد أن طلب السودان رسميا من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وأمريكا الوساطة في أزمة سد النهضة الإثيوبي، وصفت الخارجية الأمريكية الطلب السوداني بأنه مقبول، وفي الوقت ذاته، قالت الخارجية الأمريكية إنها ستواصل الجهد للحد من الخلافات حول السد الإثيوبي لضمان عدم التصعيد في المنطقة.. وهذا يعد تطورا جديدا مهما في عهد الإدارة الأمريكية الجديدة. غير أن ملامح هذا التطور سوف تتضح عندما يتبلور في موقف واضح.. والموقف الواضح بالنسبة لنا هو أن نرى جهودا أمريكية لتفعيل الاقتراح السوداني عمليا، الذي يلقى تأييدا مصريا، أي أن تنجح واشنطن في إقناع إثيوبيا في أن تقبل وساطة الرباعية الدولية المقترحة (أمريكا والاتحاد الأوروبي والاتحاد الافريقي والأمم المتحدة) وتستأنف المفاوضات في مدى زمني محدد للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول قواعد تشغيل وملء السد الإثيوبي، قبل الموعد الذي حددته إثيوبيا لبدء الملء غير التجريبي لبحيرة السد. وتابع الكاتب: أمريكا لديها ما تقنع به إثيوبيا للانخراط في تلك المفاوضات الجديدة، للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينهي أزمة السد، لكن الأمر مرهون بحدود الدور، أو الجهد الذي ترى الإدارة الأمريكية أنه يتعين عليها القيام به في هذا الصدد.. فإذا كانت ترى أن هناك تصعيدا يهدد الأمن والسلم الدوليين في المنطقة، بسبب هذه الأزمة سوف تبذل جهدا غير شكلي وفاعل من أجل حل هذه الأزمة، وسوف تعطي لهذا الجهد أولية على غرار الأولوية التي بدأت تمنحها لمسألة البرنامج النووي الإيراني. أما إذا تعاملت بروتينية إزاء هذه الأزمة ولم تقدر خطورتها، فلن يكون ما تبذله من جهد في هذا الصدد فاعلا.. ونحن والسودان في يدنا إقناع الإدارة الأمريكية الجديدة بالخطورة الكبيرة لهذه الأزمة.
جبروت إثيوبيا
حذّر محمود الحضري في “المشهد” من خطور الانصياع للتعنت الإثيوبي: لم تمر ساعات على لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، في الخرطوم قبل أيام، والخروج برؤية مشتركة حول الملفات الخاصة بسد النهضة، وكيفية مواجهة التعنت الإثيوبي، ومحاولات فرض الأمر الواقع، حتى خرجت أديس أبابا، كما تعودنا في هذا الملف برفض أي وساطة. وخرجت وزارة الخارجية الإثيوبية، على لسان المتحدث الرسمي، برفض مقترح الخرطوم المتعلق بتوسيع الوساطة في أزمة سد النهضة، وهو ما يسفر عن اعتزام الاستمرار في تعنتها للدخول في مرحلة الملء الثاني للسد، بعد قيامها بكامل المرحلة الأولى ، في حالة من التجاهل لكل مخاوف دول المصب “القاهرة والخرطوم”، وهو ما يهدد حقوق الدولتين. وفي حالة من التبجح الشديد، خرج المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإثيوبية دينا مفتي، معلنا في حالة ابتزاز شديدة أن بلاده أبلغت وفد الكونغو الديمقراطية برفضها مقترح السودان بشأن الوساطة الرباعية المتعلقة بإدارة أزمة سد النهضة، والتمسك بوساطة الاتحاد الافريقي. وتنسف أديس أبابا بهذا أي شكل من أشكال حلحلة الأزمة، بما يراعي حقوق دول المصب، وتصر على الانفراد بكل القرارات، مخالفة بذلك كل الأعراف الدولية، وفي حالة تبحج أكبر قال المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، “لا يمكن أن يتم إقحام أطراف أخرى في مفاوضات سد النهضة في ظل قيام وساطة افريقية يجب أن تحترم وإعطائها فرصة للنجاح”، كما ادعى أن الوفد الكونغولي بشأن الوساطة في سد النهضة لم يطرح أي مبادرة حول عملية التفاوض المرتقبة، وما نقله هو وجهة النظر المصرية والسودانية.
وهم لا يتحقق
تزعم أديس أبابا، كما أشار محمود الحضري إلى أنه تمت معالجة مسائل سلامة السدود وتبادل المعلومات، التي أثارها الجانب السوداني بشكل ملائم، في ما لم تلتفت أديس أبابا لتوافق القاهرة والخرطوم على اقتراح إشراك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مع الاتحاد الافريقي، للتوصل إلى اتفاق بشأن أزمة سد النهضة. وتغض إثيوبيا الطرف عن أن المظلة الافريقية لحل الأزمة المستمرة منذ حوالي 10 سنوات، لم تتوصل إلى شيء محدد، في ما أن الحل الذي أسفرت عنه الوساطة الأمريكية، تهربت منها أديس أبابا، بل قامت بفعل ينم عن فهم للعمل الدبلوماسي، بالتخلف عن حضور توقيع الاتفاق، وبشكل عمدي، بعد شهور من ماراثون المفاوضات. وسط هذا اللعبة التي اعتادت عليها إثيوبيا، يخرج مسؤول أخر، ليقول إن بلاده مستعدة للحوار مع القاهرة والخرطوم، بل ذكر أحد المسؤولين الإثيوبيين أن المفاوضات ستعقد خلال أيام. وبدا من الكلام أن إثيوبيا تعمل على كسب الوقت كالعادة. ومن الملاحظ أن الحكومة الإثيوبية اعتادت في كل مرة يحدث فيها حوار أو تصريحات، أن تخرج بموقف، رافض لأي حلول تصب في صالح الدول الثلاث، وعندما تشعر بتضيق الخناق، تخرج بتصريحات “دغدغة” سياسية، لا تليق بقضية أمن قومي لدول شريكة في مصب نهر النيل، وتعيش حوله. وينتهي الكاتب إلى أنه لا أمل مع دولة لا ترى إلا نفسها، وتستند إلى أنها قاب قوسين أو أدنى من استكمال مشروعها، ضاربة عرض الحائط بأي مصالح أخرى، ويجب أن لا نعلق مصالح شعبي مصر والسودان، على وهم اسمه مفاوضات “تبويس اللحى”، ومن الواضح أن انتظار “حسن النوايا”، مجرد وهم لن يتحقق.
ضحية حكوماتهم
الأوضاع في لبنان تثير مخاوف الكثيرين من بينهم الدكتور محمود خليل في “الوطن”، اللبنانيون ضحية الحكومات المتعاقبة التي وصلت بالبلاد إلى حافة الإفلاس، ضحية التشكيلات المتعاقبة لمجلس النواب الذي لم يحاسب الحكومات كما ينبغى أن يفعل، ضحية القوى السياسية التي ترجِّح ولاءها للخارج على ولاء الداخل، ضحية العديد من الدول المحيطة التي تضع أقدامها في هذا القُطر، خدمة لمصالحها الخاصة بعيداً عن الشعب اللبناني. وكما أن اللبنانيين ضحية فإن جانباً من المسؤولية في ما وصلت إليه الأمور في البلاد يقع على عاتقهم.. قد تسأل: وما ذنب الشعوب.. ولماذا تقع عليهم مسؤولية تردِّؤ الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وهم مغلوبون على أمرهم أمام الحكومات، وفؤ مواجهة مؤسسات الدولة وغيرها من القوى التي تتحكم في أمورها؟ تابع الكاتب: سأقول لك إن السكوت على الفساد والتهاون في الحقوق، يمنح الفرصة لبعض الفاسدين من المسؤولين ليواصلوا فسادهم، وبعض الطامعين لتحقيق أطماعهم، وبعض المخرِّبين لمواصلة تخريبهم. سكوت الشعوب على الفساد جوهره تناغم قطاع من أبنائها معه، واستفادتهم منه، وتربحهم من خلاله.. كذلك شأن الفساد في كل بلاد العالم. المسؤول الكبير ينهب المال والمقدّرات، فيسكت عنه من يليه لأنه ينهب هو الآخر.. وهكذا تتواصل حلقات السلسلة حتى تصل إلى الصغار الذين يجدون في الفساد وسيلة سهلة للحصول على المال بأقل مجهود.
عاقبة الصمت
مؤكد والكلام لا يزال للدكتور محمود خليل، أن الرابحين من الفساد من بين أبناء الشعوب أقلية وأن الأغلبية الكبرى تعاني منه، لكن مشكلة الأغلبية هنا تتمثل في السكوت على أشياء يجب مواجهتها. تأخُّر المواجهة عادة ما يعقّد المشكلة أكثر وأكثر، حتى تصل الأمور إلى ما هي عليه الآن، ليس في لبنان وحدها، بل في لبنان وسوريا والعراق ودول عربية أخرى. أما سكوت الشعوب عن الحقوق فيعني تراخياً مقابلاً في أداء الواجبات، فمن يؤدي واجبه على أكمل وجه لا بد أن يدافع بشراسة عن حقوقه.. كما أنه ليس من السهل عليه السكوت على فساد. أكذوبة كبرى عاش عليها ولم يزل العديد من الشعوب العربية تتمثل في أن «السكوت يؤدي إلى الاستقرار». هذه الأكذوبة تحتاج مراجعة وإعادة نظر.. السكوت فضيلة إلا أن يكون على خطأ.. وأمامنا المشهد اللبناني ومشاهد شبيهة في دول أخرى.. فطول السكوت على الفساد وهدر الحقوق أدى إلى تضعضع أحوال البلاد، ووضعها في دائرة خطر مبين.. السكوت هنا أدى إلى إرباك الأحوال والوقوف على حافة الانهيار. الشعوب ضحية نعم، لكنها أيضاً مسؤولة.. وعليها أن تتعلم من تجاربها.. فتركُ الأخطاء الصغيرة حتى تستفحل يجعل من القطرة نهراً ومن الحبة قبة. أهم ما يجب أن تتعلمه الشعوب العربية على وجه الخصوص من هذه المشاهد، أن تآكُل المؤسسات المسؤولة عن محاسبة الحكومات، وتحليل أدائها وتوعية الناس بإيجابياته وسلبياته هو المقدمة الكبرى للمعاناة والتوجع.
ناجحة بشروط
زيارة عبدالله حمدوك إلى القاهرة كانت مفيدة ومثمرة رغم قصرها، وقد زار مؤسسة الأهرام، وأجرى نقاشا معمقا مع خبراء مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، وألقى الضوء على قضايا كثيرة. وشارك في النقاش عمرو الشوبكي الذي أفصح في “المصري اليوم” عن رأيه في حمدوك قائلا، انطباعي عن الرجل أنه يحمل سمات فريدة، فهو السوداني الأصيل رغم سنوات الغربة والوظيفة الدولية، وهو ليس مجرد تكنوقراط له تاريخ مهني حافل كأمين عام سابق للجنة الاقتصادية الافريقية التابعة للأمم المتحدة، إنما أيضا يمتلك حسا سياسيا واضحا. وقد تكلم عن التحديات التي تواجه المرحلة الانتقالية، بما فيها تحدى إبرام السلام مع الفصائل المسلحة، وأشار لما سماه المسكوت عنه في العلاقات المصرية السودانية، والدور المصري في افريقيا، وغيرها من القضايا التي تكلم فيها بشفافية واحترام. وأشار الرجل إلى تحدي سد النهضة الذي أكد أن بلاده ستعمل بالتعاون مع مصر من أجل ثنى إثيوبيا عن ملء السد في يوليو/تموز المقبل بشكل أحادي ولم يسهب كثيرا في هذه القضية، حتى إني قلت له إنك تحدثت تفصيلا في باقي النقاط وهذه النقطة تحدثت عنها بشكل سريع، فهل ذلك مصدره ثقة زائدة أم ماذا؟ ولم يكن هناك وقت للرد والاستفاضة.
خوف مشروع
وواصل عمرو الشوبكي كلامه عن ذلك اللقاء، بأن أبرز هواجسه بالنسبة لمآلات الأوضاع في الخرطوم، يتمثل في المخاطر الناجمة عن طول المرحلة الانتقالية في السودان (39 شهرا) وأن «تطويل» المرحلة الانتقالية أكثر من تلك المدة، كما تطالب بعض الفصائل المسلحة، سيفرض تحديات جديدة على المجلس السيادي الذي يضم مدنيين وعسكريين، كما سيعمق من الخلافات بين فصائل وتيارات مدنية من قوى الحرية والتغيير والحكومة، وسنجد بعض من كانوا داعمين لحمدوك سيعودون لخطابهم الثوري القديم وسيسحبون دعمهم له، فيضعفون موقف التيار المدني برمته (بمن فيهم هم) في معادلة السلطة في السودان. يقينا حين يكون رأس السلطة موزعا على 10 أشخاص في المجلس السيادي، بجانب الحكومة، فإن هذا سيعني صعوبة اتخاذ قرارات حاسمة، وستحتاج البلاد لمواءمات كثيرة حتى تستطيع أن تخرج قرارا سياسيا أو اقتصاديا كبيرا، في بلد يعاني من أزمات اقتصادية وسياسية عميقة، وأيضا من حروب وانقسامات عرقية وجهوية. لقد اختار السودان الخيار الأصعب باختيار فترة انتقالية طويلة، حيث تكون السلطة غير منتخبة وغير مركزية، وغير قادرة على اتخاذ قرارات حاسمة، وهذا في حد ذاته يخلق حالة سيولة ورغبة البعض في البحث عن المخلص، أو رجل النظام العام القوي بديلا عن انقسامات المرحلة الانتقالية المعطلة. أما العلاقات المصرية السودانية فقد اعتبرت أن بناء شراكة اقتصادية تنموية بين البلدين، تقوم على الاحترام المتبادل، ويستفيد منها الشعبان ستخفف من حدة التراشقات وغياب المصالح المشتركة. ورغم صعوبة المرحة الانتقالية، إلا أن فرص نجاح التجربة السودانية، ما زالت كبيرة، في بلد يتسم شعبه بأنه سياسي بالفطرة، ولديه اعتزاز بكرامته، رغم ظروفه الاقتصادية الصعبة.
وهم يهدد الرياض
حذر سليمان جودة في “المصري اليوم” من أن جماعة الحوثي تعربد في أرض اليمن، وأن هذه العربدة التي لا تتوقف إنما تجري عند مدخل البحر الأحمر في الجنوب، وبالتالي ففي لحظة من اللحظات يمكن لهذه الجماعة غير المسؤولة أن تغلق مدخل البحر، أو تعرقل الملاحة فيه على الأقل، وساعتها سوف يكون لذلك أثر مباشر في الملاحة في قناة السويس. وهل ننسى أن الحوثي يحتجز ناقلة النفط صافر بالقرب من ميناء الحُديدة اليمني على البحر، ويمنع خبراء الأمم المتحدة من دخولها للقيام بأعمال الصيانة؟ وهل ننسى أن تسرب النفط من الناقلة وارد في أي لحظة، وأن ذلك سوف يلوث ماء البحر الأحمر كله؟ ونخطئ أيضاً إذا تصورنا أن جماعة الحوثي تعمل من دماغها، أو أن الصواريخ صواريخها والطائرات طائراتها.. فالجماعة لا تخفي علاقاتها بإيران، وليس سراً أن هذه الطائرات والصواريخ مقبلة من حكومة المرشد خامنئب في طهران بشكل مباشر. ونخطئ للمرة الرابعة إذا تصورنا أن حكومة المرشد تستهدف الخليج عموماً، والأراضى السعودية خصوصاً، في إطار مواجهة بين الشيعة في إيران والسُنة في الخليج، لا.. فالقصة أساسها فُرس وعرب، وليست حكاية الشيعة والسُنة سوى لافتة لإمداد المواجهة بالوقود اللازم، وعلينا ألا ننسى أن إيران الموجودة عند مدخل البحر الأحمر في الجنوب، هي نفسها الموجودة عند رأس البحر ذاته في الشمال، من خلال علاقتها المعلنة مع حركة حماس في غزة على حدودنا المباشرة، آخر استهدافات الجماعة الحوثية جرى قبل أيام قليلة، بقذف المدنيين في مدينة خميس مشيط السعودية، وبعدها صادف الموضوع استنكاراً عربياً شديداً وتنديداً أكثر شدة.. وكان مما قالته الخارجية الإماراتية، إن على المجتمع الدولي أن يخرج عن صمته تجاه ما يحدث، وأن يمارس مسؤولياته.. والحقيقة أن الرهان على شيء اسمه مجتمع دولي في ملف الحوثي، أو في أي ملف سواه، هو رهان على وهم كبير..
مآس قديمة
انتبه محمود زاهر في “الوفد” إلى أسباب عديدة وراء المآسي التي يتعرض لها أصحاب القلم، لم يحدث على مدار ثمانية عقود ارتبط فيها اسم نقابة الصحافيين بـ«قلعة الحريات» و«حرية الرأي والتعبير» و«السلطة الرابعة»، أن فقدت كثيرا من ألَقِها وبريقها المعهودَيْن، كمعنى ورمز، خلال السنوات الأخيرة، للمرة الأولى في الدعاية الانتخابية للمرشحين، نرى تغييرا طارئا، بسبب جائحة كورونا، ليلجأ المرشحون إلى «السوشيال ميديا»، التي لم تكن بديلًا كافيا عن التواصل الشخصي والمباشر مع أعضاء الجمعية العمومية. وبما أن الترشح حق مشروع، لكن الملاحظ عودة ظهور وجوهٍ مقررة ومكررة، إلى جانب بعض المرشحين الجدد.. لكن البرامج «تشابهت علينا»، بوعودٍ حالمة، وغير واقعية، يصعب تنفيذها على أرض الواقع! إننا أمام تحدٍ بالغ الصعوبة، وفرصة مهمة لإنقاذ الصحافة المصرية، التي تمر بأسوأ فتراتها، في ظل أزمة اقتصادية طاحنة، تهدد انتظام الإصدارات، بعد تعويم الجنيه، وتضاعُف تكلفة الطباعة، وارتفاع أسعار الورق، وانخفاض عائد الإعلانات. تلك الأزمة ألقت ظلالها على الصحافيين، الذين يعانون أوضاعا اقتصادية متردية، ورواتب هزيلة، هي الأسوأ على الإطلاق، إضافة إلى توقف التعيينات، وانخفاض الأجور، ولجوء كثير من المؤسسات إلى التقشف، سواء أكان بالفصل التعسفي أو الاستغناء عن البعض.. لخفض التكلفة.
هيبة ضائعة
وانتهى محمود زاهر في كلامه، إلى أن أزمة الصحافة الحقيقية تكمن في عدم وجود محتوى متنوع وجذاب، أو خط تحريري مختلف ومهني، لتتحول إلى مرحلة «الصوت الواحد»، وبالتالي عزوف القراء، وانخفاض معدلات التوزيع، لتدخل المهنة في خطرٍ حقيقي، والصحافيون في نفقٍ مظلم. وبالعودة إلى المرشحين، ذوي البرامج المتطابقة، أو المتشابهة للغاية على أقل تقدير، نجد اتفاقًا ضمنيًا في الشعارات، حول ضرورة تحسين أوضاع الزملاء الاقتصادية، اللافت أنه تعالت أصوات مرشحين، كانت بالأمس القريب «صامتة»، وفي أحسن الأحوال «هَمْسًا» في الغرف المغلقة، لتطالب جَهْرًا بـ«الإفراج عن الزملاء المحبوسين»، و«كرامة الصحافيين»، و«هَيْبَة النقابة»، لاستعادة دورها التاريخي في الدفاع عن الحريات والحقوق ولمّ الشمل. وتبقى المعضلة الأكبر أمام الجميع السابقين واللاحقين، هي أزمة الصحافيين الحزبيين، المتوقفة جرائدهم عن الصدور، مع كل تجديد نصفي، رغم كثرة وعود النقباء بالحل على مدار عشرة أعوام، فإنها تتبخر بعد إعلان النتائج. أضيفت إليها مؤخرًا أزمات «القَيْد» و«التكويد» و«الشهادات المزورة» و«السَّقَّالات». أخيرا.. نعتقد أن الانتخابات الحالية، فرصة حقيقية لمراجعة أنفسنا وتحكيم ضمائرنا، في اختيار كفاءاتٍ قادرةٍ على العطاء، ترتقي بالمهنة والنقابة وأحوال الزملاء.. فالتجربة علّمتنا أن الاهتمام بالملفات الخدمية وأحوال الصحافيين البائسة، لا تقل بحالٍ عن أهمية وجود صحافة حرة، وحفظ وصَوْن الحريات. في جميع المهن هناك صراعات وحروب نفسية، لكن في «مهنة المتاعب» تكون أكثر شراسة.. بسبب الأضواء.
المصدر: القدس العربي