حصاد الصحف المصرية : صدمة المنتخب ومطالبات بتحرير الصحافة لتتصدى للفساد.. وهذه هي التفاصيل !
لأسباب لا علاقة لها بالحالة الاقتصادية للأغلبية التي تعاني صنوف الغلاء والعوز، تسببت الخسارة التي مني بها المنتخب الوطني لكرة القدم أمام تونس في آخر دقيقة من عمر المباراة، التي جمعت بينهما في قطر، تسببت في مزيد من الغضب والنقمة على اللاعبين، وعلى مدرب المنتخب البرتغالي كيروش، الذي طالب العديد من النقاد فضلا عن جماهير غفيرة، بضرورة إنهاء تعاقده بسبب رفضه الاستماع لآراء الخبراء الأكثر دراية منه بحال الفريق واللاعبين.
وقد تركت حالة الحزن ظلالها على صحف الخميس 16 ديسمبر/كانون الأول، التي حفلت بالعديد من المعارك، والتي ذهب نصيب الأسد منها ضد رجال الأعمال، بسبب تزايد عدد حوادث الموت التي يتسبب فيها أبناء الأثرياء، وآخرها مصرع أربعة شباب على يد كريم الهواري، نجل صاحب أكبر سلسلة تجارية. وصرح والدا اثنين من ضحايا حادث الشيخ زايد، بأن أسرة الهواري، عرضت دفع الدية وتواصلت معهم لقبولها والتنازل عن القضية. واهتمت الصحف بالبحث في قيمة الدية في الوقت الراهن، وقالت مصادر دينية أن الذي عليه العمل في الديار المصرية أن الدية تقوَّم بخمسة وثلاثين كيلوغراما وسبعمئة غرام من الفضة، وذلك بسعر السوق طبقا ليوم ثبوت الحق، رضاء أو قضاء.. وأشارت مصادر قريبة من عائلة الجاني، أن كبار الأسرة يريدون إنقاذ ابنهم بأي ثمن وتردد، أن الدية المفترضة تتجاوز قيمة أربعة كيلوغرامات من الذهب لأهل كل ضحية.
وتنوعت التقارير والمعارك في الصحف التي اهتمت بجهود الحكومة في مقاومة الفيروس القاتل، وفي هذا السياق قال الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية، أن نحو 50 مليون مواطن تلقوا لقاحات كورونا حتى الآن، مؤكدا أن 13 مليون جرعة من اللقاحات دخلت مصر الأسبوع الماضي من عدة دول، موضحا أن مصر دفعت حتى الآن أكثر من نصف مليار دولار لشراء اللقاحات. ومن أخبار الراحلين: رحل عن عالمنا الفنان والشاعر الشاب حسام جويلي، في أعقاب تعرضة لأزمة قلبية حادة، الأمر الذي أصاب متابعيه وأصدقاءه بالصدمة والحزن الشديد، جراء الموت المفاجئ. وتم نقل الجثمان من مدينة دهب حيث كان يعيش الراحل إلى القاهرة حيث دفن. ومن أخبار الفنانين: استقبلت الفنانة شيرين عبدالوهاب، أحد معجبيها واسمه مراد أبوالنجا، في الاستوديو الغنائي الخاص بها في منزلها، وأهدته بوسترا موقّعا بخط يدها، كما أطلعته على أغنيتها الجديدة، التي تستعد لطرحها الفترة المقبلة. ونشر الشاب مراد أبوالنجا، فيديو من أمام منزل شيرين عبدالوهاب، وهو ممسك بالبوستر الخاص بها، عبر حسابه على تيك توك، وقال خلال الفيديو: «يا جماعة أنا دخلت استوديو شيرين، ولسه طالع من عندها، وادتني بوستر ومضتلي عليه، وادتني البرفيوم بتاعها المفضل، واتفقنا على حاجات كتير، وأنا بحبها أوي».
العنيد ضيعنا \
سيطرت حالة حزن كبيرة على الشارع المصري بعد الخسارة من تونس في نصف نهائي كأس العرب في قطر، بهدف قاتل أحرزه عمرو السولية قائد الفريق في مرماه خلال الثواني الأخيرة من الوقت بدل الضائع، أكد عمر الأيوبي في “اليوم السابع”، أن النتيجة صادمة، لأن طموحات وآمال الجماهير كانت كبيرة للفوز باللقب. مصر خسرت بسبب عناد كيروش واستمراره في مغامرات ليس وقتها أمام منافس قوي، وحذرنا كثيرا من المخاطرة والاعتماد على عناصر لا تصلح في مثل هذه المواجهات، وكذلك تغييرات غير موفقة في توقيت خطأ، وكانت النتيجة هزيمة غير مستحقة للاعبين، اجتهدوا وكانوا الأجدر بالتأهل للنهائي، لكنه التوفيق الذي حالف التوانسة. نعم خسرنا بطولة، لكن كسبنا حاجات كثيرة في كأس العرب بقطر على رأسها عدد كبير من اللاعبين الموهوبين سيكون لهم دور مستقبلا في صفوف منتخب مصر، أبرزهم أحمد رفعت وأحمد ياسين ومهند لاشين وحسين فيصل، كما تعرفنا على كيفية تفكير كيروش في المواجهات الكبيرة والبطولات المجمعة، وهو عرف إمكانيات لاعبي مصر ومدى تنفيذهم لأفكاره خلال المباريات الحاسمة، وذلك مهم قبل خوضه منافسات أمم افريقيا في الكاميرون الشهر المقبل، وكذلك التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2022 في قطر. دائما تقاس الأمور بالمكاسب والخسائر، منتخب مصر خسر بطولة، لكنه كسب الكثير الذي سيفيده مستقبلا.
القصاص حياة
حينما يركب شاب صغير السن سيارة فارهة، ووالده شخصية عامة مشهورة أو ثرية جدا، ويدهس هذا الشاب 4 من الشباب الآخرين فيقتلهم على الفور، فهل نلوم الشاب فقط أم والده وأسرته، أم من نلوم؟” عدد عماد الدين حسين في “الشروق” مزيدا من حوادث يتسبب بها أبناء الأثرياء: ابن رجل أعمال شهير في منطقة القناة، تسبب في مقتل مهندسة ديكور شابة ـ كان لها مستقبل واعد ـ على طريق الغردقة بالبحر الأحمر في يناير/كانون الثاني الماضي. هذا الشاب كان يتعاطى الحشيش وقاد سيارته عكس الاتجاه. وتم حبسه سنة مع إيقاف التنفيذ لمدة 3 سنوات، وتغريمه مليون جنيه، لكن تمت تبرئته من تهمة تعاطي المخدرات، لأن الدفاع أثبت أنه تعاطى المخدرات في سويسرا، التي يحمل جنسيتها أيضا قبل وصوله لمصر بقليل. في ديسمبر/كانون الأول الماضي، تسبب ابن لأحد الوزراء السابقين في مقتل موظف في أحد طرق مدينة 6 أكتوبر بسيارته، وكانت هناك تقارير تفيد بأنه كان يقود سيارته أيضا تحت تأثير تناول المخدرات، القتيل موظف ولديه 4 أطفال ووالدته توفيت بعده بأيام قليلة حزنا عليه. وهناك بالطبع الحادثة الشهيرة لابن أحد القضاة، الذي صارت شهرته «طفل المرور» حيث قام وأربعة من زملائه بالتنمر والإهانة والتعدي على فرد شرطة تابع لإدارة مرور القاهرة، خلال أداء عمله في المعادي في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، ويحسب لوالد هذا الفتى المستهتر، أنه أصدر بيانا يقر فيه بخطئه في تربية ابنه، ويطالب القضاء بأن يحاسبه على جرائمه. نتذكر أيضا قضية فتاة الفيرمونت، وكيف أن غالبية المتهمين فيها كانوا من أبناء شخصيات عامة مشهورة، والتفاصيل تكشف إلى أي حد يمكن لسوء التربية المقترنة بكثرة الأموال، أن يقود الشباب إلى المهالك والفضائح لهم ولأسرهم. يرفض الكاتب اتهام كل الأثرياء بالفساد: أعترض تماما على التعميم بأن كل أولاد رجال الأعمال فاسدون، العكس هو الصحيح وأعرف نماذج كثيرة على المستوى الشخصي لأولاد رجال أعمال ناجحين ومتفوقين جدا وقبل هذا وذاك تربيتهم محترمة. لكن المشكلة الأخطر هي أن بعض الآباء خصوصا الأغنياء يقدمون الأموال بلا حساب لأبنائهم الصغار. يشترون لهم أفخر أنواع السيارات والأجهزة الإلكترونية المختلفة وأحيانا الشقق والفيلات المستقلة بعيدا عن بيت الأسرة ورقابتها.
التفاهة لا غير
خالد أبوبكر في “الأخبار”، يقول أصبحت الهيافة والتفاهة جزءا من حياتنا والمهم اللقطة.. غابت القيم.. وكبر الصغار، وبعدت الأضواء عن الكبار.. والمسؤولية تائهة، مش مهم يبقى عندك درجات علمية، أو تحصل على وظيفة دولية، المهم تعمل فيديو على تيك توك، وتقول فيه أي كلمتين مالهومش أي لازمة هتبقى مشهور والبرامج كلها هتستضيفك، والمواقع كلها هتنشر أخبارك. ولو أنت فنان عملت مشهدين تلاتة وخالتك اطلقت من جوزها ده ممكن يبقى موضوع الساعة، ويا سلام بقى لو تعلق على موضوع طلاق خالتك على السوشيال ميديا، هتبقى تريند في ساعتين. ولو أنتِ ممثلة على مقسم يا سلام، لو تطلعي بفستان من إياهم وتقفي قدام المصورين في أي مهرجان وتلفي لفتين هتبقي بالليل بطلة التوك شو كله. أما بقى لو عرفت تسرب حكاية خناقة بين واحد مشهور ومراته، دي بقى الحدوتة الكبيرة وكلمة من هنا على كلمة من هنا، على تسريبات صوتية على كام سكرين شوت لصور محادثات بينهم، ومين كان بينام على أي ناحية هتبقى هي دي الحدوتة، وهياخد مساحة كبيرة في كل وسائل الإعلام العظيمة. عندي ليك طريقة بقى لو أنت مواطن عادي ومش مشهور بس عندك حساب على فيسبوك عليه كام ألف متابع. اضرب خبر، أي خبر، في أي مجال، اقتصاد، بنوك، بورصة، عقارات.. أي حاجة بس خبر كده يكون كذبة من اللي هي.. مفيش ساعتين وهتبقى نجم النجوم وحسابك هتزيد متابعيه ولو حد كذبك، قُل كنت اتخيل أو كنت اعتقد، ومش مهم أيه اللي يحصل بعدها، المهم اللقطة. ما هذا الهزل؟ أيها السادة ماذا يقرأ، ويسمع، ويشاهد المواطن المصري؟ هي مسؤولية كبيرة علينا جميعا وعلى كل من يتعاملون مع هذا الملف. إننا نبني أجيالا قادمة، فإما أن يكون بناء قويّا وإما أن يكون بناء يسهل اختراقه. والمجتمع العربي وبعض من المجتمعات الغربية ينظرون إلينا جميعا ويتحسرون أحيانا من مشاهدة بعض الذين يتصدرون المشهد الآن، ويقارن بأبطال الماضي ونجوم مصر في زمن آخر.
الأولى بالدعم
من وجهة نظر أحمد رفعت في “الوطن”، فإن الحرب على الفساد هي الأولى بأن تتواصل: يبقى الفساد.. الخطر الداهم في كل هذه التحديات حتى تقول بعض سطور التاريخ إن فسادا ضرب بشدة ذات «حقبة» الهيئة المختصة بتنظيم «السكان» وضاعت على مصر عشرات، بل مئات الملايين بعد سنوات طويلة من التعامل السلبي مع الظاهرة، استوحش واستفحل وتحول الفساد إلى وحش يلتهم كل شيء بما في ذلك مَن يتصدون له. وللأسف تسببت حكومات ما قبل 2014 في خلق مناخ عام. التصدي للفساد يؤذي صاحبه حتى تندر المصريون بعبارات مثل: «شالوه علشان راجل شريف» أو «شوّهوه علشان كشف فسادهم» وهو ما أدى إلى كارثة في الضمير الجمعي المصري مفادها أنه «مشي حالك» و«خليك على جنب» و«أصل ده واصل» وكل ذلك أدى إلى نتيجة كارثية أخرى، وهي تحول الفساد إلى «أصل» وليس «استثناء»، كما كان على مر العهود، أو كما في أغلب بلدان العالم، ولما كان الحال كذلك كان طبيعيا في دولة 2014 ومع حجم الفساد الكبير أن تكون مواجهته كبيرة وعلى أعلى وأرفع مستوى.. وتم تجييش كل المؤسسات والأجهزة الرقابية في بلادنا، وعلى رأسها بالطبع هيئة الرقابة الإدارية، ومباحث الأموال العامة وهيئة النيابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات وجهاز الكسب غير المشروع وهيئة الرقابة المالية والبنك المركزي، في ما يخص القطاع المصرفي، وكانت العقبة في البداية أمرين: الأول في التخلص من أداء سنوات طويلة كان سقف الاشتباك لا يتجاوز المديرين العموم ووكلاء الوزارات، فوق ذلك يتطلب قرارا سياسيا لم يكن ليصدر إلا وفق حسابات في قمة السلطة وقتها.. والثاني هو التشريعات القديمة التي تغل يد بعض الأجهزة عن ملفات معينة وسريعا سريعا استطاعت القيادة السياسية تجاوز الأمرين معا.
أشرف المعارك
واصل أحمد رفعت الاحتفاء بمن يكافحون الفساد: انطلقت الرقابة الإدارية تخوض معاركها ومعها مباحث الأموال العامة من أجل الحفاظ على أموال الشعب المصري وموارده، وتوالت الضربات في كل اتجاه إلى حد آخر إحصائية للرقابة الإدارية تقول إنها قدمت العام الماضي 412 قضية جنائية في الجهاز الإداري المصري (رشاوى واستغلال نفوذ واستيلاء على أموال عامة) فضلا عن 1421 مخالفة وظيفية، أي نقف أمام ثلاث قضايا جنائية كل يومين، وأربع قضايا مخالفات كل يوم، وهو تقريبا معدل السنوات السابقة، ولكن يضاف ما أقرته التعديلات التشريعية من الرقابة السابقة التي منحها القانون لرجال الهيئة، مثل تسلّم المشروعات الكبرى، وفق أسس قياسية محددة، وبالتالي رفض تسلم أي مشروع بعيدا عن المعايير الموضوعية، وبالتالي وقف إهدار المال العام من المنبع وليس القبض على مرتكبيه بعد وقوع الفأس في الرأس، فضلا عن واجبات أخرى للهيئة في تدريب قيادات الجهاز الإداري المصري للوصول إلى قيادات رشيدة وبلغت ذروة ضربات الهيئة يوليو/تموز 2019 عندما أعادت للشعب 5.4 مليار جنيه في «ضربة واحدة» في دمياط لوقف الاستيلاء على 65 فدانا على شاطئ رأس البر، استولت عليها عصابات أراضي، مباحث الأموال العامة تلعب دورها في الحفاظ على مال الوطن وبلغت ذروة ضرباتها في أغسطس/آب 2019 بالقبض على 6 نصابين بإجمالي 640 مليون جنيها. الرقابة المالية تتابع كل النشاط الاقتصادى غير المصرفي، والنيابة الإدارية تمارس دورها يوميا وتقارير الجهاز المركزي للمحاسبات بتفاصيلها لا تتوقف، وانضمت إلى هذه الأجهزة والهيئات لجنة استرداد أراضي الدولة، التي قادت 18 موجة حتى اليوم أعادت للناس 2.2 مليون فدان من «الأراضي الزراعية» وما يزيد على 41 مليون متر مربع من «المباني» كانت كلها منهوبة من الشعب المصري.
فساد له جذور
إذا كان الكشف عن عدد من قضايا الفساد المتهم فيها مسؤولون كبار من جهات متعددة، دليلا على نشاط وجهد مشكور من جانب الأجهزة الرقابية المعنية بمحاربة الفساد، فهو أيضا كما اوضح أشرف البربري في “الشروق” دليل على اتساع نطاق الفساد وانتشاره، لأن القاعدة الأمنية تقول، إن زيادة عدد القضايا والجرائم التي يتم كشفها يتناسب طرديا مع عدد الجرائم والقضايا التي لا يتم كشفها. المفارقة أن كبار مسؤولي الدولة يؤكدون باستمرار على أن محاربة الفساد ليست مسؤولية الحكومة فقط، وإنما مسؤولية المجتمع والشعب ككل أيضا، وهو كلام جميل وكلام معقول لكن الواقع يقول إن بعض المسؤولين لا يؤمن بهذا الكلام، في ضوء التضييق على الإعلام الذي كان على مدى أكثر من قرن من الزمان أحد رؤوس الحربة في المعركة ضد الفساد. فالإعلام الحر يستطيع الوصول إلى ما قد لا تصل إليه الأجهزة الأمنية والرقابية من ممارسات الفساد، كما أن قدرة الإعلام الحر على تسليط الضوء على أوجه القصور والأخطاء المقصودة وغير المقصودة في ممارسات أي مؤسسة أو شخصية عامة، تحد من فرص تحول هذا القصور إلى فساد متعمد. في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للدورة التاسعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد قبل أيام، قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، إن الدولة تعي جيدا أن مكافحة الفساد لا تقع على عاتق الحكومات وحدها، وإنما للشعوب دور أساسى في مكافحته، وأضاف أن الفساد يشكل إحدى العقبات أمام تحقيق التنمية المستدامة، باعتباره ظاهرة متعددة الأبعاد تُقَوِّض النمو والازدهار وتعيق تحقيق جودة الحياة، وتؤدي إلى ارتفاع معدلات الفقر وضعف الثقة في المؤسسات العامة.
بيدها لو أرادت
الواقع بحسب ما أشار إليه أشرف البربري، يفضي إلى أن مشاركة الشعب ومؤسساته غير الحكومية في مكافحة الفساد أصبح أمرا بالغ الصعوبة، وهو ما يفسر التناقض الشديد بين تصريحات المسؤولين وترتيب مصر على مؤشر مدركات الفساد في العالم، الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية. ففي آخر إصدار للمؤشر الصادر في يناير/كانون الثاني الماضي تراجع ترتيب مصر من المركز الـ 106 في 2019 إلى المركز 117 في العام الماضي من بين 180 دولة، رغم تحسن تقييمها من 31 نقطة إلى 33 نقطة، حيث إن الدولة الخالية من الفساد تحصل على 100 نقطة، في حين تحصل الدولة الأشد فسادا في العالم على صفر. معنى هذا أن كل ما يردده المسؤولون ومعهم الإعلام عن محاربة الفساد، ليس له صدى كبير لدى المؤسسات الدولية المعنية، في ظل غياب أو تغييب الشروط الحقيقية لمحاربة الفساد في مصر. ففى ظل برلمان منزوع المعارضة، وإعلام غير متنوع وحزمة تشريعات مستحدثة فرضت سياجا من الحماية على مؤسسات الدولة ومسؤوليها، بدعوى المحافظة على هيبة الدولة، فأصبحت الإشارة إلى وجود خلل في الأداء أو شبهة فساد، أمرا محفوفا بالمخاطر القانونية، ما يجعل الكثيرين يؤثرون السلامة، ويلتزمون الصمت على الأخطاء والشبهات. إذا كانت الحكومة في مصر جادة في ما تقول إنها حرب على الفساد، فعليها رفع يدها عن الإعلام، وتنقية القوانين من المواد التي تفتح الباب واسعا أمام ملاحقة من يتحدث عن فساد، أو يشير إلى أخطاء. كما يجب رفع يدها عن الحياة السياسية بما يعيد لها الحد الأدنى من الحيوية، بما يتيح ظهور أصوات معارضة قادرة على الحديث الجاد عن الفساد والفاسدين.
تسريب النكبة
الجدل يتواصل بسبب “تسريب المستشار”، الذي ما زال يحظى بالمتابعة ومن بين من هاجموه محمد أمين في “المصري اليوم”: ضحكنا ملء أفواهنا على المزيفين في فيلم الرئاسة المزيف، كما ضحكنا في فيلم «على باب الوزير» مع حلاوة العنتبلي وتوفيق الدقن وعادل إمام.. وكانت هناك كلمة شهيرة في الفيلم أطلقها الدقن وهي «أنا راجل لعين يا أخي» وقد حلت اللعنة أيضا بهؤلاء المزيفين دون أن نسمعها منهم، لكننا ضحكنا عليهم من قلوبنا، وكنا نتمنى تصوير الفيلم على بعضه لنتفرج عليه، زمان كان عندنا سينما، الآن الواقع أكثر جرأة من السينما، وأكثر تشويقا، لأنه يستخدم تقريبا السيناريوهات والكاميرات الاحترافية والميكانيزم نفسها، لإحداث التأثير نفسه. ورغم أن كل القضايا التي تمت الإشارة إليها كانت نهايتها السجن، إلا أن النصابين مشوا في الطريق نفسه حتى وصلوا إلى السجن دون عبرة أو عظة.. والأغرب منها أن يقع في الفخ نفسه محامون يُفترض أنهم يمثلون العدالة، دون اعتبار لتجارب سابقة انتهت بالسجن.. فما معنى هذا؟ معناه أن قضايا النصب تطور نفسها كل مرة بأدوات أخرى أكثر تقنية وأكثر حداثة، لكنها تبقى على مرمى حجر من السجن، فتدخله بالمزيكا. المثير في الأمر أن البجاحة وصلت إلى حدود لا مثيل لها في قضية الشيخ زايد، فقد حاول اثنان من المحامين أن يسبقا النيابة في الحصول على تفريغ الكاميرات للتلاعب في الأدلة، وتوجها لكمباوند سكني وانتحلا صفة «وكيلي نيابة» وطلبا من سيدة فيلا كاميرات المراقبة المعلقة على وحدتها السكنية، التي التقطت صورا لحادث التصادم، وحين ارتابت في أمرهما رفضت الأمر وأبلغت النيابة بما حدث. ومن عجب أنها لم تكن تتضمن مشاهد كوميدية مثل الفيلم لنضحك مع حلاوة العنتبلي والدقن وعادل إمام وسعيد صالح.
العلم بالمطاوي
هذه الواقعة التي رصدها أحمد عبدالتواب في “الأهرام”تدخل في باب (صَدِّق أو لا تُصَدِّق) ما يجعل من الواجب الانتهاء سريعا من التحقيقات وإعلان النتائج للجميع، خاصة من تابعوا ما حدث عيانا أو على وسائل الإعلام، التي ذكرت أن عددا من المسلحين بالمطاوي والسنج اقتحموا مدرسة في قسم المرج، واعتدوا على بعض المُعلمين وأحدثوا بهم جروحا، بعد أن تسلق بعض المقتحمين سور المدرسة، وفتحوا لمن جاءوا معهم البوّابة المغلقة بالقفل، فبدأوا بالأخصائي الاجتماعي، ثم اعتدوا بالمطاوي على 3 معلمين آخرين وفرد أمن، ما أحدث حالة من الذعر في المدرسة أما السبب فهو خناقة بين طالبين قام فيها أحدهما بضرب الآخر بمطواة، فأحدث في وجهه عاهة مستديمة، فتقدم والد الطالب الجريح بشكوى إلى الأخصائي الاجتماعي، الذي طالب باستدعاء الطالب المتهم بالاعتداء، إلا أن الطالب اتصل بأهله بالموبايل، الذين انطلقوا إلى المدرسة بالموتوسيكلات، فحدث ما حدث، فحضرت شرطة النجدة وألقت القبض على المقتحمين وصدر قرار بحبسهم 4 أيام على ذمة التحقيقات. هذه الواقعة تؤكد أننا إزاء حالات خطيرة يتبين فيها أن البعض لا يردعهم القانون الذي يعرفون أن نصوصه تُجَرِّم أفعالهم كما أنهم يجاهرون بها، ولا يبدون تخوفا من العقوبات القانونية، ولا يكترثون بأجهزة الدولة المنوط بها تفعيل القانون، ما يجعل من الضرورة، أن تبدي أجهزة الدولة جدية وسرعة في تفعيل العقوبات المعمول بها، قبل التفكير في تغليظ العقوبة الذي قد يأخذ وقتا طويلا. مع ضرورة إطلاع الرأي العام بالحقائق بالسرعة التي لا تؤثر في سير العدالة، بهدف توفير المعلومات الدقيقة عن الانتهاكات التي زادت في الفترة الأخيرة، أو ربما أن النشر عنها هو الذي زاد، نتيجة للتطور المذهل في القدرة على نقل الأخبار، وإتاحة الفرصة للتعليق عليها بسهولة من فئات وأفراد كانوا بعيدين عن المشارَكة في الحوار العام حتى الماضي القريب، ومع الرغبة في إحراز السبق، يتكون رأي عام حتى قبل أن تكتمل الرؤية، وأحيانا قبل أن ينتهي الحدث، وليس هنالك ما يضمن أن يقترب هذا الرأي من الصواب.
مزيد من التخريب
ما زالت منى ثابت شغوفة في “المشهد” برصد الكوارث التي تتسبب فيها جهات حكومية: وزير زراعتنا الدكتور القصير، ختم جولته التفقدية لمدينة أسوان بقرار تدميري مُتفرٍد. بداية انفرد سيادته بصدارة صورة التفقد صفحة أولى بصحبة المحافظ والجوقة.. وهاتك يارص عبارات إنشائية متضاربة، عفى عليها الزمن مثل، “تطوير” حديقة أسوان، وتحويلها لمقصد سياحي عالمي، وكأنه لا يعلم أنها كذلك من 125 سنة، وصرح بعلمه أنها حديقة أثرية عريقة، لكن محتاجة شوية تجميل ونظافة، وإنه قرر تطوير نظم الري فيها ترشيدا لاستهلاك المياه، وفي الجولة نفسها “كلف”هيئة تنمية بحيرة السد العالي بإعداد رسومات وتصميمات هندسية، وبالبدء الفوري لتكتسب المظهر الحضاري اللائق للسائحين، وكمان تصبح متنفسا أوسع لأهالي أسوان هل تقرأون تصريحاتكم. لينتقل “السيد القصير” مباشرة للهدف المعلوم للعامة، بعد اختبار مذبحة الأشجار، “الحديقة تراث حضاري عظيم، أشجاره نادرة يجب إكثارها ونشرها” وكلنا نعرف إلى أين.. وطالب بتطوير الحمامات – لأنه لم يدخلها- حرصا على المظهر الحضاري وظل يؤكد أن الحديقة معلم سياحي عظيم أيضا، هي أعظم حدائق أوروبا، طيب سيبها في حالها، وأشهد أنه لا مثيل لحديقة نباتاتنا في أعرق الدول حضارة. وزيرنا القصير، حريص على استثمار النباتات النادرة، في ذروة انشغال حكومته بالاستثمار العقاري سريع الربح، دون تفسير منطقي إلا تشويه ثقافة وهوية الأهالي بالمرح داخل أكشاك الفاست فود والكافيهات، أخطبوط العصر.. هل يعلم سيادته أن الحديقة راسخة من قرن ويزيد، كمقصد سياحي عالمي في أسوان؟ هل يعلم سيادته أن أي خدش بها هو تشويه غالبا سيمتد إلى تجريف وخسائر؟
بعد أيه
تذكر محمود الحضري في “البوابة” الزميل الراحل الذي مات ولم يعلم بأمره أحد: اجتمعنا حوالي 25 من أصدقاء علي إبراهيم، بينهم صحافيون وسياسيون وباحثون، في حفل تأبين للراحل الصديق، الذي تنوعت صداقاتهم به بين الجميع، ولم يختلف عليه أحد في أن يصادقه، من اللقاء الأول، وكشفت الكلمات من مختلف الحضور عن جوانب إنسانية ومعرفية عن علي إبراهيم، منذ أن كان عضوا في أحد التنظيمات السياسية اليسارية في السبعينيات. حفل في حد ذاته، جاء الناس إليه حبا في صديق وزميل ارتبطت علاقته بالجميع بحب من نوع خاص، فعلي لم يطمح لشيء في حياته، بل ظل بسيطا في كل شيء، متصالحا مع نفسه، كل أمنياته أن يكون إنسانا في مجتمع ضاعت فيه الإنسانية، وأراد الخير للوطن ومواطنيه، والخير للناس كل الناس. لم يبخل علي في حياته بأي شيء عن مساعدة أي باحث عندما عمل في وزارة الثقافة، موظفا في أرشيف (الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية)، ومن بعدها مؤسسات عديدة، منها أرشيف جريدة “الحياة”، وأرشيف جريدة “الأهالي”، وبعض مكاتب الصحف العربية. علي (خريج كلية الإعلام) لم يكن مجرد صحافي في أرشيف، بل كان باحثا بمعني الكلمة، وإجادته لأكثر من لغة أجنبية، فتح له المجال ليصبح مرجعا لأي باحث، يريد معلومة في أي كتاب، وفي أي صفحة، كان حافظا لفهارس ومكونات الكتب والوثائق. عشرات الباحثين استفادوا من خبرات علي إبراهيم في أبحاثهم لرسائل الماجستير والدكتوراه، والأوراق البحثية في مختلف القضايا والعلوم العامة والإنسانية. ظل علي مؤمنا طيلة حياته بأن الصحافي له مهمة وعليه مسؤوليات، وهو لسان حال الناس والمجتمع، والصوت المعبر عن قضايا البشر، ومؤمنا بأن المعلومة حق للجميع، وتوفيرها بدقة مسؤولية. تحدث الحضور عن علي إبراهيم من القلب، وكل منا يُحمّل نفسه مسؤولية التخلي عن علي، في أيام كان يحتاج إلى من يساعده، خصوصا في سنواته الأخيرة، وكل منا يرفع لافتة “سامحنا يا عليّ”، فقد تقطعت بنا السبل، وانشغل كل منا بهمومه وقضاياه، وضاع عليُّ منا في الزحام، ولا يمكن أن ننكر كلنا أننا أهملنا في حق عليّ إبراهيم الذي توارى عن الأنظار لأكثر من 15 عاما، أو أكثر، لا يعرف مكانه وعن أي شيء بشأنه، سوى عدد قليل جدا من أصدقائه.
في وسعنا التفاؤل
من بين المتفائلين بالعام الجديد الدكتور هاني سري الدين في “الوفد”: نحن على مشارف عام جديد.. أشعر بتفاؤل شديد تجاه حال الاقتصاد المصري خلال 2022، وما بعده. وهذا التفاؤل قائم على معطيات ومؤشرات تؤكد أن الإصلاح الاقتصادي بدأ يؤتي ثماره، وأن مصر تسير بُخطى واثقة في مساري الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي على السواء. تحقيق معدل نمو يقارب الـ 5%، وتنفيذ أكبر مشروع تنمية اجتماعية في تاريخ مصر وهو «حياة كريمة» على الرغم من جائحة كوفيد 19 يؤكد أن لدينا رغبة وإصرارا على مواصلة الإصلاح في ظل أصعب الظروف. الناس لن تشعر بثمار الإصلاح إلا حال تحقق ثلاثة أمور هي توفير الوظائف، وزيادة الدخول، وحدوث تحسن كبير في الخدمات العامة. وأعتقد أن القضية الأولى وهي توفير الوظائف تستلزم تمهيد الطريق تماما أمام القطاع الخاص للاستثمار بشمول وقوة في مجالات الصناعة والتصدير والتكنولوجيا، وهو في رأيي ما تتجه الدولة بالفعل إليه. لقد كان مقبولا في ظل أوضاع ماضية استئثار الحكومة بالجانب الأكبر من الاستثمار، لكن هذا المسار لا يمكن أن يستمر إلى الأبد، لأن قطاع الصناعة تحديدا، والتصدير القائم عليه في حاجة قوية للقطاع الخاص. إننا في حاجة ماسة لنحو مليون فرصة عمل سنويا، وطالب الكاتب بضرورة خلق حوار جاد حول معوقات الاستثمار، التي ما زالت قائمة والتي تتسبب في إهدار فرص عمل يمكن خلقها للشباب. اعتدت أن أناقش بصراحة وأطرح النقائص بموضوعية سعيا للإصلاح الأشمل، مؤمنا بأن القيادة السياسية لا تدخر جهدا لتحسين معيشة المصريين بكل طاقة وجهد. لذا، فإنني أقول بوضوح إن هناك معوقات ما زالت قائمة في بيئة الاستثمار تحتاج أيدي فاعلة وقرارات مصيرية، وأتصور أن إنشاء وتفعيل لجنة عليا للاستثمار بات أمرا ضروريا واجبا في ظل تحفيز القطاع الخاص للعودة للمشاركة بقوة في مسيرة التنمية.
سلام على الأزهر
نتحول نحو المؤسسة الدينية التي اهتم بها فتوح الشاذلي في “الوفد” مؤكدا أن الأزهر يثبت يوما بعد يوم أنه منفتح على العالم.. منفتح على مختلف الثقافات والحضارات، لا يعرف الانغلاق ونهجه الوسطية والاعتدال. في الأيام الأخيرة كان الأزهر – جامعا وجامعة – حاضرا في مختلف المحافل وفي كل المناسبات، حاضرا بالفكر والرؤية، يرسخ قادته للمبادئ التي تشكل فكر الأزهر واستراتيجيته الثابتة. لا يخفي الكاتب إعجابه بما قاله الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب خلال استقباله السبت الماضي لرئيس المركز البابوي لحوار الأديان في الفاتيكان وعضو اللجنة العليا للأخوة الإنسانية الكاردينال أنجيل أيوسو.. قال الإمام الأكبر إن العالم بحاجة ملحة إلى قيم الإخاء والتعايش السلمي واحترام الآخر.. وإن طريق السلام والحوار شاق وصعب، لكن السير فيه وبذل الجهود واجب على الجميع، وأضاف الدكتور الطيب، أن العالم لن يستقر باقتصاد السلاح الذي يقوم على إشعال الفتن والحروب وإزهاق الأرواح، وإنما العالم بحاجة ملحة إلى قيم الإخاء والتعايش السلمي واحترام الآخر. ما قاله الإمام الأكبر يمثل رسالة للعالم كله.. رسالة تؤكد رفض الأزهر للفتن والحروب وإزهاق الأرواح.. والدعوة للسلام والاستقرار والعيش في أمان. ومن استقبال الإمام الأكبر لرئيس المركز البابوي في القاهرة إلى لقاء وفد الأزهر أعضاء اللجنة العليا للأخوة الإنسانية مع أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة في مقر المنظمة في نيويورك.. حيث أكد الدكتور محمد المحرصاوي رئيس جامعة الأزهر في الحوار الرائع الذي أجراه الزميل صابر رمضان معه، أن الدولة المصرية تسير بخطى ثابتة نحو ترسيخ ثقافة التعايش واحترام الآخر، من خلال تضمين المناهج الدراسية لموضوعات تستهدف التعريف بثقافة التسامح والتعايش والقيم المشتركة في الديانات السماوية، وأشار إلى أن تجربة بيت العائلة المصرية لاقت قبولا كبيرا لدى كل المصريين. رسائل رئيس الجامعة كانت واضحة وتحمل دلالات عميقة.. فالرجل قال إن الأزهر هو قوة مصر الناعمة، لأنه القِبلة التي يقصدها الطلاب الوافدون من 108 دول للدراسة وتلقي العلم.. كلمات توضح مدى قوة الأزهر ومكانته في مختلف أنحاء العالم.
المصدر: الشادوف+القدس العربي
It is not my first time to pay a visit this website, i am browsing this web page dailly and
take good facts from here daily.