“جبنا آخرنا”.. لماذا تنتشر فكرة الإضراب عن الطعام داخل مصر وخارجها؟
فيما يتواصل إضراب 10 من المواطنين الأمريكيين من أصل مصري أمام مقر الأمم المتحدة بنيويورك لليوم الخامس على التوالي للمطالبة بوقف تنفيذ أحكام الإعدام في مصر، بدأت شخصيات مصرية وصحفيون ينتمون للتيار المدني المصري إضرابا عن الطعام للمرة الأولى داخل مصر للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين.
فهل صار الإضراب عن الطعام أحد الوسائل المستحدثة التي يتبناها المصريون فى الداخل والخارج لمقاومة الانقلاب العسكري فى مصر؟!
وهل صار لسان حال المضربين فى مواجهة النظام شعار ” جبنا آخرنا”، وهل يقول لسان حالهم أيضا أنهم يعتمدون شعار: حرية الموت جوعا” فى مواجهة “موت الحرية قهرا وكمدا”؟
ولماذا يستغل النظام المصري الانقسام بين التيار الاسلامي وحلفائه من ناحية، والتيار المدني العلماني ورموزه من ناحية أخرى لإشعال الفتنة بينهما حتى يستمر هو فى تنفيذ ممارساته التي يتضرر منها الجميع دون استثناء ؟!!
والى متى يظل هذا الانقسام الاسلامي- العلماني داخل مصر وخارجها هو المتحكم فى الحركة السياسية والوطنية داخليا وخارجيا بعد مرور 8 أعوام على انقلاب عسكري واضح، استولى على السلطة فى 3 يوليو 2013 ومستمر فى تبديد ثروات الوطن وإضعاف مصر في محيطها الاقليمي والدولي؟!
الدكتور كريم الماجري الباحث الأول بمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الانسان سابقا يؤكد لـ( الشادوف) إن متابعة فكرة الدعوة للإضراب عن الطعام ظهرت من خلال أحد أحزاب المعارضة المصرية فى الخارج وهو ( الحزب الشعبي الديمقراطي) وهو حزب يساري يترأسه السياسي المصري أحمد حسن الشرقاوي المقيم خارج مصر.
وأوضح الماجري، وهو متخصص في الشؤون المصرية، أن الشرقاوي بدأ في طرح الفكرة فور نجاح إدارة جوزيف بايدن فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى نوفمبر من العام 2020 وبدأ فى التواصل مع المجلس الثوري المصري وتم الاعلان عن المبادرة فى مؤتمر سياسي مشترك في شهر مارس من العام 2021 وأطلقت الفكرة باسم ” حملة السراج المنير للإفراج عن سجناء الرأي المصريين” وتحت شعار:” الحرية لكل المعتقلين”.
وأضاف ان ميزة المبادرة أنها دعت فى وقت مبكر للضغط على النظام المصري باستخدام آلية “الاضراب عن الطعام” باعتبارها وسيلة فعالة لإحراج النظام المصري خصوصا من أبناء وأقارب المعتقلين السياسيين المصريين ممن هاجروا من مصر واكتسبوا جنسيات أجنبية تسمح لهم بممارسة هذا الحق السياسي والدستوري فى بلدان المهجر التي تحظى بأنظمة ديمقراطية.
وأشار الى ان الجديد هو انه بعد ساعات من بدء تنفيذ إضراب عن الطعام بواسطة مجموعات مستقلة وأفراد غير حزبيين في نيويورك بدأت الفكرة تنتشر، وتشجعت مجموعات ورموز من التيار المدني لتنفيذها داخل مصر، وهو ما يعد تطورا بالغ الأهمية يؤذن بانتشار ثقافة الاضراب عن الطعام كوسيلة سلمية فى مواجهة النظام المصري، حسبما قال.
وكانت الصحافية المصرية، إكرام يوسف، والدة الناشط السياسي المعتقل زياد العليمي، قد أعلنت اليوم الثلاثاء إضرابها عن الطعام لمدة 24 ساعة، تضامنًا مع معتقلي الرأي، وبعضهم مضرب عن الطعام في السجون، لتلحق بعدد من النشطاء السياسيين الذين أعلنوا إضرابهم الرمزي التضامني، دفاعًا عن معتقلي الرأي والحريات.
وتضم قائمة المضربين؛ الأكاديمية ليلى سويف، والدة الناشط السياسي المعتقل علاء عبد الفتاح، وسناء سيف، والطبيبة عايدة سيف الدولة، إحدى مؤسسات “مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب”، والناشطة علا شهبة، وذلك اعتبارًا من العشرين من يوليو/تموز الجاري.
وقالت إكرام يوسف، في منشور لها على “فيسبوك”، اليوم الثلاثاء، إنّ هذه الخطوة هي “أبسط مظهر من مظاهر التضامن مع أولادنا وإخواتنا الذين لم يجدوا أمامهم وسيلة أخرى للاحتجاج على ما يتعرضون له ورفاقهم من تعسف لا معنى له، وحبسهم بدون اتهامات حقيقية، وحرمانهم من حياتهم الطبيعية، وأسرهم وأكل عيشهم لمجرد أنهم عبروا عن آرائهم سلميًا”.
وقبل أيام، أعلنت ثلاث صحافيات مصريات، إضراباً تضامنياً جزئياً مع الصحافي هشام فؤاد، المضرب عن الطعام في السجن، بسبب انقضاء مدة حبسه احتياطيًا دون إخلاء سبيله، وإحالته وآخرين إلى المحاكمة في قضية جديدة، وفي أولى جلسات المحاكمة، تم تأجيل القضية، لجلسة 29 يوليو/تموز، للاطلاع.
وبدأ هشام فؤاد الإضراب عن الطعام منذ يوم 10 يوليو الجاري، احتجاجًا على تجاوز فترة حبسه احتياطيًا سنتين، بالمخالفة للقانون، والتجديد له مرات عدة بعد انتهاء عامين هما الحد الأقصى للحبس الاحتياطي في 25 يونيو/حزيران الماضي. كما مرّت اليوم 45 يومًا على إضرابه عن الطعام، مع استمرار تهديده بالاعتداء الجنسي عليه، لإجباره على فك إضرابه عن الطعام، الذي بدأه في الخامس من يونيو الماضي، احتجاجًا على استمرار حبسه رغم انتهاء المدة القانونية القصوى للحبس الاحتياطي عامين كاملين دون إخلاء سبيله، وهي أقصى مدة مقررة في القانون المصري، دون الإحالة للمحاكمة ولا الإفراج عنه.
كذلك يستمر الباحث المصري، أحمد سمير السنطاوي، في إضرابه عن الطعام لليوم السابع والعشرين على التوالي، والذي بدأه في 28 يونيو الماضي، وذلك بعد أسبوع من صدور حكم بحبسه 4 سنوات.
وكانت محكمة جنح أمن دولة طوارئ، قررت في 22 يونيو، الحكم على الباحث وطالب الماجستير في جامعة وسط أوروبا (CEU) بالسجن لمدة 4 سنوات مع تغريمه 500 جنيه، وذلك على خلفية اتهامه بنشر أخبار كاذبة في الداخل والخارج. يُذكر أنّ السنطاوي ما زال محبوسًا على ذمة قضية أخرى، باتهامات مشابهة.
على صعيد متصل، عقدت شخصيات مصرية بمشاركة عدد من الحقوقيين العرب والأمريكيين مؤتمرا صحفيا على برنامج زوم دعما لاعتصام النشطاء المضربين عن الطعام أمام مقر الأمم المتحدة فى نيويورك، للمطالبة بوقف تنفيذ أحكام الاعدام التي أصدرتها السلطات مؤخرا وفقا لمحاكمات تفتقر الى أبسط قواعد العدالة.
المتحدثة الإعلامية باسم حملة أوقفوا الإعدامات في مصر الدكتورة سحر زكي –وهي التي نظمت المؤتمر ودعت إليه – قالت إن المؤتمر حقق الهدف الذي عقد من أجله ودعمته عدد من المنظمات الحقوقية العالمية كمنظمة العفو الدولية التي دعمت المعتصمين المضربين عن الطعام بأكثر من تغريدة على موقعها بتويتر وكذلك منظمة إفدي الدولية التي حضر مديرها عبدالمجيد مراري المؤتمر وندد فيه بأحكام الإعدامات في مصر وعلى سبيل المنظمات المحلية فدعمتنا الشبكة المصرية.
كما توجهت بالشكر لرئيسة حزب الديمقراطيين التقدميين في سانتامونيكا الحقوقية دروثي ريك لكلمتها المؤثرة ولحثها أعضاء حزبها في أمريكا بالتفاعل مع مطالبات وقف الإعدامات في مصر وقد استجاب لها عضو الكونغرس تيدليو.
كما شاركت في المؤتمر راحيلا نيرغو الحقوقية الأمريكية التي طالبت السلطات في مصر باحترام القانون والاتفاقيات التي وقعت عليها الحكومة المصرية، وإلغاء عقوبة الإعدام.
وأضافت ذكي أنهم مستمرون في الحملة سواء في الاعتصام أو الإضراب عن الطعام ودعت أبناء الجالية المصرية لمشاركة المعتصمين بجزء من أوقاتهم في نيويورك أمام مبنى الأمم المتحدة.
يأتي ذلك بينما يستمر 10 مواطنين من أبناء الجالية المصرية بأمريكا في تنفيذ إضراب عن الطعام لليوم الخامس على التوالي ضمن اعتصام موسع بينما بدأت تسوء حالة أحد المعتصمين وهو مدحت القط ما استدعى طلب الإسعاف له ونقله للمستشفى على الفور خاصة مع إبلاغ السلطات الأمريكية بماهية وطبيعة ومكان الإعتصام والمضربين فيه عن الطعام.
من جهته أكد منسق الحملة في نيويورك محمد محمود وهو أحد المعتصمين والمضربين عن الطعام، أن المشاركين يرغبون فى تجنيب هذه الفعالية الانتماء الى أية جهة سياسية وانها سوف تستمر الى أجل غير مسمي للفت انتباه العالم الى مأساة المعتقلين والمسجونين الأبرياء فى سجون السيسي.
بدوره قال منسق الحملة في بريطانيا سامح العطفي إنهم يحضرون لفاعلية مماثلة في لندن تجمع بين الاعتصام والاضراب عن الطعام في وقت واحد لكنهم بانتظار الحصول على ترخيص رسمي لانطلاق الفعالية.
وقد أعلنت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان دعمها الكامل للإضراب الذي شرع فيه عدد من النشطاء المصريين منذ السابع عشر من يوليو ٢٠٢١،واعتصامهم أمام مبنى الامم المتحدة في نيويورك.
ودعمت الشبكة مختلف الجهود الرامية للضغط على الحكومة من أجل إيقاف تنفيذ أحكام الإعدام بحق المعتقلين، كما طالبت باعادة المحاكمات، بطريقة حيادية تضمن حصول جميع المتهمين على حقوقهم المشروعة، ووقف جميع الانتهاكات الحقوقية بمصر، ومن أبرزها أحكام الإعدام الجائرة.
في غضون ذلك قالت منظمة العفو الدولية إنها تدعم احتجاجات المصريين أمام الامم المتحدة مطالبة السطات المصرية بوقف عمليات الاعدام.
ونددت المنظمة الدولية بتوقيع أحكام الإعدام بحق 12 من المعتقلين السياسيين دون توافر الحد الأدنى من الضمانات القانونية لإجراء محاكمات عادلة وشفافة منتقدة انتزاع الاعترافات من المتهمين تحت وطأة التعذيب، وتجاهل النيابة العامة للتنكيل المستمر بالمعتقلين في أماكن الاحتجاز.
وكان حزب الشعب الديمقراطي ( أول حزب يمثل اليسار المصري خارج مصر) برئاسة السياسي المصري ( أحمد حسن الشرقاوي) قد طرح فى شهر مارس الماضي خطة متكاملة تستهدف الضغط على النظام المصري لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين من كافة التوجهات السياسية تحت شعار :(الحرية لا تقبل التجزئة..الحرية لكل المعتقلين المصريين).
تضمنت الخطة التي تم إعلانها في إطار مؤتمر مشترك بين الحزب الشعبي الديمقراطي المصري من جهة، والمجلس الثوري المصري من جهة أخرى ونقلتها على الهواء مباشرة قناة ( وطن تي في ) التي تبث من اسطنبول يوم 14 مارس الماضي، آليات جديدة للضغط على النظام من بينها تنظيم إضرابات متزامنة عن الطعام فى الولايات المتحدة وأوروبا من جانب أبناء المعتقلين فى السجون المصرية وأفراد أسرهم وأقاربهم.
كما تستهدف الحملة التي أطلق عليها مؤقتا اسم حركة ( السراج المنير للإفراج عن المعتقلين ) والتي دشنها الحزب الشعبي الديمقراطي مع المجلس الثوري المصري تحت هذا الاسم مبدئيا، استخدام وسائل جديدة وغير مسبوقة للضغط على النظام المصري من بينها استخدام أسلوب (الاضراب عن الطعام) من أبناء وأسر المعتقلين الذين تمكنوا من الخروج من مصر، وحصلوا على جنسيات أجنبية.” للتعريف بحالة سجناء الرأي بمصر وإيصالها للمجتمع المدني وصناع القرار والنخب السياسية ووسائل الاعلام الكبرى فى الغرب.
ومن خلال تلك الآليات وغيرها تستهدف الحركة، وفقا للشرقاوي، امتلاك زمام المبادرة في موضوع المعتقلين السياسيين بمصر عبر”أوراق ضغط حقيقية”تجلب”التعاطف الدولي” و”المساندة الشعبية” من الشعوب والبرلمانات والهيئات والأحزاب والشخصيات المهتمة بحقوق الانسان فى مصر والعالم العربي لممارسة ضغوط حقيقية على النظام المصري وإجباره على إطلاق أكبر عدد ممكن من المعتقلين السياسيين والتوقف عن تنفيذ أحكام الاعدام المسيسة ضدهم.
المصدر: الشادوف