تكليف ميكونين بقيادة الحكومة الاثيوبية وآبي أحمد يقود جبهات القتال بنفسه.. ماذا يحدث؟!
قالت وسائل إعلام تابعة للدولة -اليوم الأربعاء- إن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد توجه لإدارة جهود الحرب من الخطوط الأمامية، وإن نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية ديميكي ميكونين سيتولى إدارة الشؤون اليومية للحكومة في غيابه.
وقال تقرير نشر على موقع فانا الإخباري إن المتحدث باسم الحكومة ليجيسي تولو قدم في مؤتمر صحفي تفاصيل عن نقل مسؤوليات بعض الأعمال اليومية.
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، قد أعلن أنه سيقود قواته “على جبهة القتال”، مع اقتراب الصراع المستمر منذ عام من العاصمة أديس أبابا. وقال آبي أحمد في بيان نُشر على تويتر في ساعة متأخرة من مساء الاثنين: “ابتداء من يوم غد (الثلاثاء)، سأكون على الجبهة لقيادة قوات الدفاع”.
وأضاف: “أولئك الذين يريدون أن يكونوا من بين أبناء إثيوبيا الذين سيشيد بهم التاريخ، انتفضوا من أجل بلدكم اليوم. الحقوا بنا على الجبهة”. وجاء ذلك بعد اجتماع اللجنة التنفيذية للحزب الحاكم يوم الاثنين لمناقشة الحرب. وصرح وزير الدفاع لوسائل إعلام محلية بعد الاجتماع أن قوات الأمن ستبدأ في “إجراء مختلف” بشأن الصراع.
ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، انخرطت القوات الحكومية وقوات جبهة تحرير تيغراي المتمردة في حرب بدأت في تيغراي وامتدت إلى منطقتي أمهرة وعفر المجاورتين. وشكلت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي تحالفاً مع جماعات متمردة أخرى، بما في ذلك جيش تحرير أورومو مع اقتراب الصراع من العاصمة.
ويحاول مبعوثون من الاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة منذ أيام التوسط لوقف إطلاق النار، لكن لم يتم إحراز تقدم يذكر حتى الآن.
وأودى الصراع بحياة الآلاف وأجبر الملايين على ترك ديارهم ويواجه مئات الآلاف خطر المجاعة.
جاء إعلان آبي أحمد المذهل في الوقت الذي ادعت فيه قوات المتمردين أنها تتقدم على أربع جبهات على الأقل، باتجاه العاصمة أديس أبابا. ونفت الحكومة الإثيوبية أن المتمردين – الذين يقودون قوات من المناطق التي دمرتها الحرب والمجاعة في تيغراي شمال البلاد – يحرزون تقدما.
لكن نبرة خطاب رئيس الوزراء – الذي هاجم أعداء لم يسمهم في الداخل والخارج – اتسمت بالتحدي، وبالنسبة للبعض، باليأس. وأعلنت حالة الطوارئ في البلاد بالفعل. وهناك تقارير تفيد بأن المتمردين على وشك قطع طريق الإمداد الرئيسي إلى العاصمة. وقبل عامين فقط، فاز آبي أحمد بجائزة نوبل للسلام لأنه يقود عملاقا أفريقيا صاعد. واليوم، يطلب من أبناء وطنه الوقوف والنضال من أجل وجود تلك الأمة ذاتها.
وكانت الولايات المتحدة قد حذرت من أن الحرب الدائرة حاليا في إثيوبيا قد تؤدي لانهيار البلاد. وهددت واشنطن بفرض المزيد من العقوبات على أطراف متورطة في الحرب، إذا لم يتم إحراز تقدم نحو عملية التفاوض لإنهاء الصراع.
وحققت جبهة تحرير شعب تيغراي وحلفاؤها انتصارات في الأسابيع الأخيرة، بعد أن استولت على بلدات قريبة من العاصمة أديس أبابا.
وتقول الحكومة الإثيوبية إن المقاتلين يبالغون إلى حد كبير في مكاسبهم. وقال رئيس التحرير السابق في خدمة التيغراي في بي بي سي صموئيل غبهريهوت إن تكتيكات مقاتلي الجبهة تذكره بتجربته كمقاتل إريتري شاب، إلى جانب التيغرايين الذين قاتلوا ضد نظام مينغيستو هيلا مريام في إثيوبيا حتى الإطاحة به في عام 1991.
كانوا “مسلحين بأسلحة خفيفة وسريعي الحركة للغاية وبالكاد كانوا يحصلون على الطعام للبقاء على قيد الحياة وأظهروا مقاومة وعزيمة لا تلينان”. نالت إريتريا استقلالها، في حين استولت جبهة تحرير شعب تيغراي على السلطة في إثيوبيا وانتهت هيمنتها السياسية على البلاد في عام 2018 بعد احتجاجات حاشدة.
انسحب قادة الجبهة إلى إقليم تيغراي حيث أطلق أفرادها الرصاصة الأولى في الصراع الحالي في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني 2020 عندما شن مقاتلوها هجوماً على قاعدة عسكرية فيدرالية بدعم من أنصارهم في الجيش بمن فيهم القادة والجنود الذين انشقوا بعد ذلك وانضموا إلى صفوف الجبهة.
لم يتم الاستيلاء على مخزون ضخم من الأسلحة فحسب، بل قُتل أو أُسر الآلاف من الضباط والجنود رفيعي المستوى الذين قاوموا.
وقال أشاميله: “لقد أسفر الهجوم الليلي على القاعدة عن جعل إثيوبيا بلداً بلا جيش فيدرالي بالمعنى الحرفي للكلمة”.
إلا أن الجيش بمساعدة من الجيش الإريتري، والقوات والميليشيات من منطقة أمهرة الإثيوبية تجاوز النكسة، وشن غارات جوية وهجمات برية نجحت في إزاحة الجبهة عن السلطة في تيغراي في أقل من شهر. وارتكبت هذه القوات فظائع على نطاق واسع ضد المدنيين حسب قول صموئيل غبهريهوت بما في ذلك الاغتصاب والقتل وحرق المحاصيل مما دفع أبناء التيغراي من “جميع شرائح المجتمع إلى الانضمام إلى جبهة تحرير شعب تيغراي من أجل صون كرامتهم”.
“قال الآباء لأبنائهم: “بدلاً من الموت في المنزل اذهبوا وقاتلوا”. لقد أصبحت حرباً بين أهالي تيغراي والجيش وليست مجرد حرب بين الجيش والجبهة. وفقاً لروبل توجه الجنرالات السابقون الذين تقاعدوا أو انشقوا إلى الجبال في تيغراي لتشكيل قوة دفاع تيغراي كجناح عسكري لجبهة تحرير شعب تيغراي لضمان تنظيم عشرات الآلاف من المجندين الجدد بشكل جيد.
وقال روبل: “شعر هؤلاء الجنرالات أن من واجبهم حماية مواطني تيغراي. وبناء على معرفتهم الدقيقة بالجيش خططوا لإلحاق الهزيمة به”. ومع وجود مقاتلي التيغراي على بعد أقل من 300 كيلو متر من العاصمة، يبدو جلياً أنهم يتمتعون الآن بالتفوق على جيش كان في السابق أحد أقوى الجيوش في إفريقيا، على حد قوله.
“إثيوبيا كانت الشريك الأول لأمريكا في ما يسمى بالحرب على الإرهاب في القرن الإفريقي، خاصة في الصومال، حيث أنهت سيطرة اتحاد المحاكم الإسلامية، خرجت من رحمها حركة الشباب، على الصومال. “موّلت الولايات المتحدة الجيش وزودته بالأسلحة، بل وزوّدت جنودها بوجبات طعام جاهزة أيضاً”.
وقد اعتمد الاتحاد الإفريقي على الجيش الإثيوبي في مهام حفظ السلام، لكن إثيوبيا نفسها الآن غير مستقرة وبات جيشها هزيلاً لا يقارن بما كان عليه في السابق.
انشقاق وإحباط
بدأت المتاعب تواجه جبهة تحرير شعب تيغراي عندما تولى رئيس الوزراء أبي أحمد منصبه في أبريل/نيسان 2018 بعد أن نظمت أعداد كبيرة من الناس من أكبر مجموعتين عرقيتين في إثيوبيا – الأورومو والأمهرة – احتجاجات ضد حكم الجبهة الذي استمر 27 عاماً.
اقترح أبي إصلاحات شاملة، مما تسبب في خلافات عميقة مع الجبهة. قال روبل: “يشكل أبناء التيغراي حوالي ستة في المئة فقط من السكان، وعندما كانت الجبهة على رأس الحكم، أنشأت نظاماً فيدرالياً منحت من خلاله الجماعات العرقية أقاليمها الخاصة بها لتديرها”.
وتابع روبل: “أدركت الجبهة أن أبي أحمد الذي ينتمي لعرقية الأورومو يريد أن يجعل السلطة في البلاد مركزية، مما تسبب في خلاف كبير بينهما أدى في النهاية إلى اندلاع الحرب”. وقال ألكس دي فال، المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي ومقرها الولايات المتحدة، إن أبي شرع أيضاً في إدخال إصلاحات في الجيش لضمان ولائه له، والحد من هيمنة التيغراي عليه.
“كان أبناء التيغراي يشكلون حوالي 18 في المئة من الجيش بأكمله، وحوالي ضعف ذلك في سلك الضباط. كانت أعدادهم غير متناسبة مع نسبتهم السكانية. قام أبي ببعض الإصلاحات بهدف طرد عناصر التيغراي من الجيش، وأنشأ حرساً جمهورياً تلقى تدريباته على يد الإمارات العربية المتحدة”.
“حطت تلك التغييرات من معنويات الجيش، ولم يعد قوة متماسكة. لم يمتلك أبي أحمد الوقت لإعادة تشكيله قبل اندلاع الحرب”.
وقال دي فال إن من بين فرق الجيش العشرين، انهارت عشر منها تماماً، كل واحدة منها كانت تضم حوالي 5000 جندي وقتل ما لا يقل عن 10 آلاف جندي ووقع عدد مماثل في الأسر. حاولت بي بي سي الحصول على تعليق من المتحدث باسم وزارة الدفاع الوطني الإثيوبية، لكن لم تتلقى أي جواب.
المصدر:الشادوف+مواقع التواصل