تسريب بيانات مصرف سويسري تكشف حسابات لأبناء مبارك وعمر سليمان بملايين الدولارات!
أكدت صحيفة ألمانية ووسائل إعلام أمريكية أخري إن تسريبا لبيانات من بنك “كريدي سويس”، الذي يعد ثاني أكبر بنوك سويسرا، كشف تفاصيل حسابات أكثر من 18 ألف عميل تحوم حولهم شبهات بخصوص طريقة اكتساب أموالهم، من بينهم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وأبناء الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، ومدير المخابرات المصرية الأسبق اللواء عمر سليمان وغيرهم.
وقالت صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” الألمانية اليومية إنها تلقت البيانات من مصدر مجهول على صندوق بريد رقمي آمن منذ أكثر من عام، مشيرة إلى أنه من غير الواضح ما إذا كان المصدر فردا أو جماعة. ولم تدفع الصحيفة أية مبالغ مالية ولم تعد بأي شيء مقابل الحصول على تلك التسريبات.
بل أن الصحيفة الألمانية قامت بإيصال المواد التي تلقتها الى منظمة غير ربحية تعني بأمور الشفافية والنزاهة المالية كما تمت مشاركتها مع 40 صحيفة ووسيلة إعلامية حول العالم حيث قام صحفيون استقصائيون بغربلة تلك البيانات على مدار 11 شهرا ، وتم الاتفاق بين الجميع على نشر الموضوع اليوم الأحد في كل المطبوعات حول العالم.
وكشف مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP)، وهو المنظمة غير الربحية التي قامت بفحص البيانات، النقاب عن إحصاء 18 ألف حساب تحتفظ بمليارات الدولارات في البنك السويسري (كريدي سويس) تعود لأشخاص مشبوهين. وقال المشروع الذي يضم أكثر من 160 مراسلاً في 48 وسيلة إعلامة أنه قضى شهورًا في عملية دراسة وتدقيق البيانات المسربة الخاصة بالبنك.
وأضاف المشروع أنه من بين أصحاب الحسابات، التي تم فتح بعضها منذ العام 1940، سياسيون فاسدون ومجرمون وجواسيس وديكتاتوريون. وقال خبراء الامتثال الذين راجعوا نتائج مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد OCCRP أن البنك السويسري خالف اللوائح بالسماح للعديد من هؤلاء الأشخاص بالتعامل مع المصرف وفتح حسابات به.
وفي بيان صدر عن المقر الرئيسي للشركة في زيورخ، قال مصرف كريدي سويس إن “ما يقرب من 90 بالمئة من الحسابات التي تمت مراجعتها أغلقت الأحد، أو كانت قيد الإغلاق قبل استلام صدور الملف الاستقصائي”، مؤكدا: “سنواصل تحليل الأمور واتخاذ خطوات إضافية إذا لزم الأمر”.
ويرفض بنك كريدي سويس بشدة الادعاءات والتلميحات حول الممارسات التجارية المزعومة له والتي طالما ارتبطت بقضايا تبييض الأموال والملاذات الضربية.
وبحسب ما ورد، قدم بنك كريدي سويس قائمة متنوعة من العملاء تضمنت رؤساء دول ورؤساء تجسس، بالإضافة إلى أفراد خاضعين للعقوبات ومسؤولين فاسدين، وفقًا لهذا التسريب النادر للبيانات من العملاق المصرفي السويسري، الذي يعد ثاني أكبر البنوك السويسرية بعد بنك ( يو بي إس).
وكان من بين أصحاب الحسابات العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وأبناء الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، بحسب صحيفة نيويورك تايمز، باعتبارها أحد المنافذ الاعلامية الدولية التي تلقت البيانات، التي كشفت أن الأخوين مبارك كان لديهم ستة حسابات، بما في ذلك حساب جمع 196 مليون دولار اعتبارًا من عام 2003.
كما ورد أن من بين الذين خبأوا الأموال في بنك كريدي سويس Credit Suisse الراحل عمر سليمان من مصر والأردني سعد خير. وقد بدأ الأخير في جمع ملايين الدولارات بعد غزو الولايات المتحدة للعراق في عام 2003. وفي عام 1985، عندما كان رئيس المخابرات الباكستانية آنذاك أختر عبد الرحمن خان يساعد في تحويل مليارات الدولارات من المساعدات إلى المجاهدين في أفغانستان، قام بفتح حسابات في البنك السويسري بأسماء أبنائه.
صاحب حساب آخر مثير للجدل كان نيرفيس فيلالوبوس، وزير الطاقة الفنزويلي السابق. وقالت الصحيفة إن Credit Suisse فتح حسابًا في عام 2011 لصالح Villalobos ، بحوزته ما يصل إلى 10 ملايين دولار، على الرغم من علمه بادعاءات فساد ضده. في الواقع، يُزعم أن البنك استضاف 25 حسابًا يضم إجمالي 270 مليون دولار لأشخاص متهمين بالتورط في مؤامرة تتعلق بشركة النفط الحكومية الفنزويلية.
وقالت المتحدثة باسم البنك كانديس صن لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن العديد من الحسابات المشار إليها في تسريب البيانات تعود إلى وقت كانت فيه القوانين والممارسات والتوقعات الخاصة بالمؤسسات المالية مختلفة تمامًا عما هي عليه الآن”.
تُعتَبَر سويسرا من أفضل الدول في العالم لحماية الأموال، نظراً للسرية المصرفية التي تشتهر فيها البلاد. على أن هذه الصورة المثالية، يخرقها تورّط بنك كريدي سويس Credit Suisse بفتح حسابات مصرفية وإخفاء حسابات لعملاء معرّضّين لمخاطر عالية في جميع أنحاء العالم. ومن هؤلاء، أشخاص متورّطون بعمليات تعذيب وتجارة المخدرات وغسيل الأموال والفساد وجرائم أخرى خطيرة.
وقد كشفت تسريبات “أسرار سويسرا” (نشرت تحقيقاً عنها “الغارديان”، الأحد 20 شباط) عن فتح البنك حسابات لـ30 ألف عميل، استفادوا من 100 مليار فرنك سويسري.
وهذه التسريبات جعلت البنك كأول بنك سويسري يواجه اتهامات جنائية متعلقة بالمساعدة في غسيل الأموال وتجارة الكوكايين نيابة عن المافيا البلغارية. وكذلك، يتورط البنك بانهيار شركة تمويل سلسلة التوريد Greensill Capital وصندوق التحوّط الأميركي Archegos Capital. وتم تغريمه 350 مليون جنيه إسترليني بسبب دوره في فضيحة قروض في موزمبيق.. بالإضافة إلى فضائح أخرى هددت بحدوث أزمة لسويسرا تشوّه صورتها كبلد لديه قوانين تعتبر من الأكثر سرية في العالم. علماً ان المؤسسات المالية السويسرية تدير أصول بنحو 7.9 تريليون فرنك سويسري (6.3 تريليون جنيه إسترليني) نصفها تقريباً مملوكٌ لعملاء أجانب.
بالتوازي، يكشف مشروع “أسرار سويسرا” كيف ساعدت قوانين السرية المصرفية الشهيرة في سويسرا في تسهيل نهب أكثر من 90 دولة في العالم النامي، يخفي نافذون فيها، أموالهم في حسابات سويسرية، مما يمكّنهم من ممارسة أعمال فساد وإجرام في بلدانهم، والتهرّب من الضرائب التي تحتاجها بلدانهم. على أن بنك Credit Suisse نفسه، متورّط بتحقيق مكاسب في المؤسسات السياسية المصرية إبان حكم الديكتاتور حسني مبارك الذي كان أبناه علاء وجمال عميلين لدى البنك، وأسسا امبراطوريات تجارية في مصر.
ومن المصريين المتورطين مع البنك، حسين سالم الذي عمل كمستشار مالي لحسني مبارك لأكثر من 3 عقود. وكذلك هشام طلعت مصطفى، الملياردير المتهم بتوظيف قاتل محترف لقتل صديقته السابقة المغنية اللبنانية سوزان تميم. وحساب مصطفى في البنك السويسري لم يُغلق حتى 2014.
أيضاً تكشف البيانات عن حسابات في البنك لشخصيات استخباراتية وعسكرية ولأفراد من عائلاتهم. ويتوزّع هؤلاء على الكثير من الجنسيات، منها الباكستانية والأردنية واليمنية والعراقية والجزائرية.
وقد واجه البنك على مدى 3 عقود، ما لا يقل عن 12 عقوبة متعلقة بجرائم التهرب الضريبي وغسيل الأموال وعمليات الاحتيال والانتهاك المتعمد للعقوبات الأميركية.. وتراكمت قيمة غراماته وتسويات الغرامات لأكثر من 4.2 مليار دولار.
المصدر: الشادوف+وكالات+صحف أجنبية