بعد مقتل قائد كبير بالجيش المصري في رفح ..هل عادت هجمات داعش في سيناء !
ازدادت حدّة المواجهات المسلحة بمحافظة شمال سيناء، شرقي مصر، وتحديداً في مناطق غرب رفح، لترتفع معها الخسائر البشرية للعملية العسكرية التي يقوم بها الجيش المصري والمجموعات القبلية المساندة له، في جبهة غرب رفح، التي تعد معقل تنظيم “ولاية سيناء” الموالي لتنظيم “داعش” منذ صيف عام 2013.
وقتل التنظيم أول من أمس السبت قائد العملية العسكرية في غرب رفح، عقيد أركان حرب أسامة عبد الحليم، وهو قائد كتيبة مشاة في الجيش المصري، وأحد أبرز القادة العسكريين في شمال سيناء، الذين تم استدعاؤهم خصيصاً لقيادة العملية العسكرية في معقل “داعش” بقرى بلعا والمطلة والحسينيات.
وجاءت عملية قتل قائد العملية العسكرية، على الرغم من أن المنطقة كانت تشهد هدوءاً نسبياً، بعد تراجع تكتيكي لقوات الجيش والمجموعات القبلية، لإعادة التخطيط في سبل اقتحام المنطقة المذكورة، وفق ما كشفت مصادر قبلية.
وقالت المصادر ذاتها إن صدمةً أصابت المجموعات القبلية ومن قبلها قوات الجيش، إثر الهجوم الذي نفذه التنظيم، والذي تمكّن مرةً أخرى من معرفة مكان وجود القائد العسكري للحملة العسكرية، في مركبة تتحرك ضمن عشرات المركبات العسكرية المصفحة والمدنية التي تستقلها المجموعات القبلية.
وأدى الهجوم إلى مقتل عبد الحليم، وبرفقته اثنان من المجموعات القبلية، كانوا في إطار التشاور بين الجهتين، لمتابعة النشاط العسكري الميداني، ضمن محاولات فتح جيوب تسمح للقوات العسكرية من التوغل داخل القرى التي يوجد فيها التنظيم.
وفي التفاصيل، قالت مصادر طبية في مستشفى العريش العسكري، إن الجيش المصري خسر خلال الأسبوع الماضي ستة قتلى، بينهم ضابطان، بالإضافة إلى عدد كبير من المصابين، على يد تنظيم “داعش”، خمسة منهم في جبهة غرب رفح وحدها، وسادس في بئر العبد.
هذه الإحصائية الأسبوعية هي الأعلى منذ أسابيع طويلة، بعدما شهدت محافظة شمال سيناء هدوءاً أمنياً نسبياً يكاد يكون غير مسبوق منذ عام 2013. وأضافت أن عبد الحليم الذي قتل في هجوم “داعش” يوم السبت يعتبر أرفع القادة العسكريين الذين قُتلوا منذ نهاية العام الماضي.
ويخوض الجيش المصري، بمشاركة حاشدة من قبائل الترابين والسواركة والارميلات، حملة عسكرية، هي الأوسع منذ بدء الحرب في سيناء عام 2013 ضد معاقل تنظيم “ولاية سيناء” في محافظة شمال سيناء.
وبعد المعارك المتعددة التي اندلعت على مدار الشهرين الماضيين، تمكنت القوة العسكرية المشتركة من إنهاء وجود “ولاية سيناء” في مناطق واسعة في نطاق قرى جنوب مدينتي رفح والشيخ زويد، وسط خسائر فادحة في صفوف الطرفين.
وكان للمجموعات القبلية النصيب الأكبر من الخسائر، إذ فقدت العشرات من عناصرها، فيما أصيب عدد من المسؤولين عنها في هجمات متنوعة لتنظيم “ولاية سيناء”، الذي لم يستسلم بسهولة، وهو ما كان متوقعاً من قبل الجهات الأمنية والعسكرية في سيناء، التي توقعت صعوبة إنهاء وجود “داعش” بسهولة، بعد سنوات طويلة على وجوده على الأرض.
وأضحت الخريطة الجديدة في سيناء تشير إلى أن المناطق المسترجعة من “ولاية سيناء” تبدأ من الحدود المصرية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، حيث قرى جنوب رفح، بدءاً من البرث والصبات باتجاه نجع شيبانة والطايرة وجوز أبو رعد والكيلو 21 والخرافين، وصولاً إلى قرى الشيخ زويد، حيث المهدية والجورة والمقاطعة وأبو العراج واللفيتات والزوارعة والظهير والتومة.
في المقابل، لا تزال كامل مناطق ساحلي مدينتي رفح والشيخ زويد تحت سيطرة التنظيم، بدءاً من الحدود البحرية الفاصلة بين قطاع غزة وسيناء، وصولاً إلى بحر الشيخ زويد، وهي مسافة تصل إلى 12 كيلومتراً، بعرض 3 كيلومترات.
وتعقيباً على ما سبق، قال أحد مشايخ قبيلة السواركة التي تقاتل في جبهة رفح، لـ”العربي الجديد”، إن الخسائر البشرية في المعارك الأخيرة في مناطق غرب رفح باتت تفوق المتوقع، إذ كان الاعتقاد السائد لدى قيادة العملية، من قوات الجيش واتحاد قبائل سيناء يشير إلى تراجع القوة العسكرية لـ”داعش” نتيجة الضربات التي تعرض لها، جنوب مدينتي رفح والشيخ زويد، على مدار الأشهر الثلاثة الماضية.
وتابع أن “القناعة بدأت تتغير، بأن التنظيم ربما يستطيع الاستمرار في تنفيذ عملياته الإرهابية لأسابيع عديدة متواصلة، تشهد استنزافاً شديداً لقوة الجيش والقبائل، وهذا ما لا تقبل به قوات الجيش، على الأقل، فضلاً عن موقف شباب القبائل من القتال في مناطق وعرة”.
وأضاف الشيخ القبلي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “التنظيم الإرهابي في مناطق غرب رفح يعتمد على عدة تكتيكات عسكرية وأمنية، أهمها الأنفاق، والخنادق، ومئات العبوات الناسفة المحيطة بالمنطقة المذكورة سابقاً، وكذلك المنازل المفخخة، التي تنفجر بمجرد فتح أبوابها أو العبث بأي شيء فيها، عدا الأسلحة المتوفرة لديه، سواء القنص، أو الصواريخ الموجهة، وإن كانت بكميات قليلة، إلا أن استخدامها من شأنها تأزيم الموقف”.
وأشار إلى انكشاف القوة العسكرية للجيش والقبائل، في ظل وجود التنظيم في مناطق تسمح له بالرؤية الشاملة والواضحة لكل المنطقة المحيطة بتمركزاته، بالتزامن مع انتشار العبوات الناسفة في كل أركانها، ما يزيد من الخسائر البشرية والمادية فيها بشكل لافت، بخلاف بقية المناطق.
وأشار إلى أنه لا يخفى على أحد حجم الحشد العسكري الذي وصل إلى جبهة رفح، سواء من قوات الجيش أو القبائل، إلا أن القوات لم تستطع تحقيق إنجازات حاسمة ونهائية على الأرض، كما حصل في قرى جنوب رفح والشيخ زويد.
وكشف عن إحجام قبيلة الترابين متمثلة في “اتحاد قبائل سيناء” التابع لرجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني، من المشاركة في العملية غرب رفح بالشكل المطلوب كما في بقية المناطق.
مع العلم أن مناطق غرب رفح تتبع في غالبها قبيلة الارميلات، التي لا تملك خبرة في قتال “داعش” كما هو حال الترابين واتحاد قبائل سيناء، في حين تعود ملكية بعض المناطق غرب رفح لقبيلة السواركة، مضيفاً “لذلك لا نكاد نسمع عن وجود خسائر في صفوف قبيلة الترابين، منذ بدء معركة غرب رفح قبل أسبوعين تقريباً”.
المصدر: الشادوف+العربي الجديد