(بالفيديو): مصر تتهم صفوان ثابت رسميا بتمويل الإخوان بعد ساعات من صدور تقرير ( العفو الدولية)
أعلنت السلطات المصرية مساء الخميس (30 سبتمبر/ايلول 2021) أنها أحبطت ما أسمته بمخطط يهدف إلى تمويل جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر، قائلة إن لها صلة برجل الأعمال المصري صفوان ثابت (75 عاما)، وهو المؤسس والرئيس السابق لشركة جهينة لمنتجات الألبان والعصائر، والذي يوجد حاليا في السجن.
وجاء ذلك الإعلان الرسمي في نهاية أعمال الأسبوع مساء أمس الخميس عقب ساعات من انتقاد منظمة العفو الدولية للسلطات المصرية جراء عدم الإفراج عن ثابت وابنه سيف المحتجزين في ظروف وصفتها المنظمة الدولية المرموقة بأنها “ترقى إلى حد التعذيب”.
ووفقا لبيان الداخلية المصرية، فإن المخطط استهدف استخدام شركات صفوان ثابت “في عمليات نقل وإخفاء أموال التنظيم واستثمار عوائدها لصالح أنشطة إرهابية” وتم العثور على 8.4 مليون دولار وذخيرة في شقة سكنية بمنطقة حدائق الأهرام بمحافظة الجيزة. ووصف البيان ثابت بأنه أحد قادة الإخوان.
وتداول عدد من مؤيدي النظام مقطعا مصورا قالوا إنه من داخل شقة تابعة لـ”يحيى مهران” ( الذي أكدوا أنه بمثابة الذراع الأيمن لصفوان ثابت، وفق ما أعلنته الداخلية)، يظهر الفيديو عدة حقائب مكدسة بالنقود، ووصف أولئك النشطاء الفيديو بأنه “عملية إجهاض مخططات الإخوان” التي وصفوها بـ”الإرهابية”.
وفي حين اعتبر آخرون أن ما ورد في الفيديو ملفق تماما، وسخروا من حقائب النقود التي قالوا إنها ربما تم دسها في الشقة التي لم يشر البيان الى أنها تابعة لثابت أو نجله أو حتى لشركة جهينة، نفت عائلة ثابت ارتكاب أي مخالفات في تصريحات على مواقع التواصل الاجتماعي. وتعذر على وكالة رويترز للأنباء الوصول إلى محامي شركة جهينة.
وكان صفوان ثابت قد اعتقل في ديسمبر كانون الأول كما جرى احتجاز نجله سيف الدين في فبراير /شباط الماضي بعد أن تولى منصب رئيس مجلس إدارة الشركة.
ووجهت نيابة أمن الدولة المصرية اتهامات الى ثابت ونجله عند اعتقالهما بـ “بالانضمام إلى جماعة إرهابية وتمويلها”. ويتم تجديد حبسهما احتياطيا منذ ذلك الحين.
العفو الدولية: ثابت تعرّض للابتزاز
وكانت منظمة العفو الدولية قد أكدت في بيان صدر يوم الاثنين الماضي أن السلطات تحتجز الرجلين ( صفوان ثابت ونجله سيف ) في ظروف ترقى إلى مستوى التعذيب بعد رفضهما التنازل عن أصول شركتهما لكيان مملوك للحكومة المصرية.
وأضافت المنظمة أن السلطات لم تستطع تقديم أدلة على انتماء صفوان ثابت المزعوم لجماعة الإخوان المسلمين. واتهمت السلطات المصرية بإساءة استخدام “قوانين مكافحة الإرهاب”.
وأكدت العفو الدولية أن “المخاوف تتزايد على صحة” صفوان ثابت (75 عاما). وأضافت أن نجله سيف (40 عاما) الذي ألقي القبض عليه في شباط/فبراير يعاني كذلك من ظروف احتجاز قاسية.
ونقلت المنظمة عن “مصدر على علم بأعمال شركة جُهينه أن مسؤولاً مصرياً كبيراً كان قد طلب من صفوان ثابت، قبل وقت قصير من القبض عليه، التنازل عن جزء من شركته لصالح كيان مملوك للحكومة”.
وقال فيليب لوثر، مدير البحوث وكسب التأييد للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، “إن صفوان وسيف ثابت يتعرضان للعقاب لمجرد التجرؤ على رفض طلبات مسؤولين أمنيين مصريين بالتخلي عن أصول شركة جُهينه المعروفة في مصر والتي تمتلكها عائلتهما. وقد أبديا شجاعةً نادرة في مقاومة محاولة المسؤولين لابتزازهما”.
وأشار بيان المنظمة الى أن صفوان ثابت محتجز “رهن الحبس الانفرادي المطوَّل منذ القبض عليه” وأنه يعاني ظروفا صحية صعبة، كما أن ابنه سيف “لا يزال مُحتجزاً أيضاً رهن الحبس الانفرادي في ظروف ترقى إلى التعذيب ويحرم من تلقي ما يكفي من الغذاء والمياه”.
المنظمة قالت إن السلطات لم تقدم أدلة بعدُ على تهمة انتساب الاثنين للجماعة، كما أكدت استناداً إلى مصادر مطلعة، أن مسؤولين أمنيين مصريين طلبوا من صفوان قبل القبض عليه وعلى ابنه تسليم جزء من شركة جهينة إلى كيان مملوك للحكومة وتخلي سيف الدين عن حق الأسرة في أسهمها.
ما علاقة الإمارات؟
كما بحث صندوق الثروة السيادي لإمارة أبوظبي، الشركة القابضة الإماراتية، شراء حصة في شركة جهينة المصرية للصناعات الغذائية، وفق ما ذكره تقرير لوكالة “بلومبيرغ” الأمريكية، الخميس 3 يونيو 2021.
جاء ذلك بينما لا يزال الجدل قائماً حول مصير شركة جهينة المصرية للصناعات الغذائية، المملوكة جزئياً لرجل الأعمال صفوان ثابت، وذلك بعد صدور قرار من البورصة المصرية، يوم 25 مايو الماضي، بإدراج الشركة في قائمة الشركات المحتمل شطبها.
وفي مايو أيضا، حصلت وكالة رويترز للأنباء على وثائق تُظهر أن “جهينة” قدمت عدة شكاوى إلى السلطات، بسبب تعليق ورفض تراخيص عشرات العربات المملوكة للشركة، مما عرّضها للخسارة.
ويأتي قرار البورصة بعد أسابيع قليلة من حملة مضايقات حكومية ضد الشركة تضمنت احتجاز عشرات من سيارات النقل الخاصة بها بسبب ما قيل إنه مخالفات مرورية، واحتجاز عدد من السائقين بتهم قيادة سيارات للشركة بدون ترخيص.
وتعرضت جماعة الإخوان المسلمين المصرية لحملة واسعة منذ أن أطاح بها الجيش من السلطة في عام 2013 وكان قائد الجيش آنذاك هو رئيس البلاد الحالي عبد الفتاح السيسي. واستمرت شركة جهينة في العمل بشكل طبيعي بعد أن أصبح السيسي رئيسا في العام التالي 2014.
وتقدّر منظمات حقوقية عدد الموقوفين السياسيين في مصر بنحو 60 ألف محتجز، منذ تولي السيسي منصبه في 2014 بعد إطاحة الجيش بالرئيس الإسلامي الراحل محمد مرسي وشنّ السلطات حملة قمع واسعة شملت الإسلاميين والليبراليين والحقوقيين.
وأطلق السيسي، مطلع الأسبوع الجاري، أول استراتيجية لحقوق الإنسان في البلاد ووجه تساؤلا للمنظمات الحقوقية الدولية إذا ما كانوا “يعلمون حجم التحديات الموجودة في بلدنا ومدى تأثيرها على النمو الإنساني والحضاري”.
دلالات يحددها الخبراء
كان قطاع من الخبراء والمحللين يظنون أن حملة السيسي على رجال الأعمال المغضوب عليهم تستهدف إخلاء الساحة لبيزنس المؤسسة العسكرية في هذه القطاعات؛ فقبل اعتقال صفوان ثابت، رئيس شركة “جهينة” بيوم واحد، نشر المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية خبرًا عن اجتماع السيسي بقيادات حكومية، وعسكرية، لبحث سلسلة مشروعات رسمية تستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاعي الألبان واللحوم.
وقبل سنة، أبدى وزير قطاع الأعمال العام، استياءه من بُنية قطاع الألبان المصريّ، المقسَّم بين الملايين من وصفهم بملّاك الأبقار الصغار وبين المصنَّعين الكبار، كاشفا النقاب عن رغبة الدولة في الاستحواذ و السّيطرة على هذه السّلاسل، ومركزتها، عبر مشروع عملاق، بالشراكة مع الصّندوق السياديّ المصريّ “ثراء”، الّذي يتعاون مع جهاتٍ خليجيّة، سعوديّة وإماراتيّة، في المشروع المنتظر إنشاؤه في توشكى.
وبالتالي فإن ضرب شركة “جهينة” يصب بشكل مباشر في تعزيز بيزنس الجيش لأن الشركة التي تأسست قبل 35 سنة، و وتمتلك 70٪ من سوق الألبان في مصر ويقدر رأس مالها السوقي بنحو نصف مليار دولار أمريكي، تمثل المنافس الأبرز لمشروع النظام المرتقب وبيزنس الجيش في هذا المجال.
لكن المعلومات التي تكشفت أثبتت أن النظام يريد السطو على هذه الشركات الكبرى وليس مجرد إخلاء الساحة لبيزنس الجيش وأن استمرار اعتقال ثابت ونجله حتى اليوم إنما بسبب رفضه التنازل للجيش عن شركته العملاقة التي بناها بكده وعرقه رغم أنه منتظم في دفع مستحقات الدولة من رسوم وضرائب. وبالتالي فإن اتهام ثابت ونجله والسويركي في قضايا إرهاب إنما يستهدف المزيد من الابتزاز لإجبارهم على التخلي عن شركاتهم.
وسطو السيسي على أموال رجال الأعمال ليس جديدا، فقد سطا بالفعل على أموال وأصول وشركات رجال الأعمال من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين؛ وذلك من خلال ما تعرف بـ بـ”لجنة التحفظ على أموال العناصر الإرهابية”، الّتي تشكّلت رسميًا عام 2015، على خلفيّة الحكم القضائي الصادر عن محكمة الأمور المستعجلة، في النصف الثاني من عام 2013، بحظر أنشطة جماعة الإخوان المسلمين، واعتبارها جماعة إرهابيّة، والتحفظ على أموال قياداتها وعناصرها.
لجنة نهب الأموال
ومنذ تشكيل هذه اللجنة من قضاة موالين للنظام تشدد سلطات الانقلاب على وصفها باللجنة القضائية المستقلة في محاولة لصبغها بصبغة نزاهة زائفة، وهي اللجنة التي قوبلت بمعارضة واضحة من بعض الهيئات القضائية الأخرى، الّتي كانت تنظر إلى قرارات اللّجنة باعتبارها قرارات سياسيّة، وإداريّة، يجوز الطّعن عليها، مما أدّى إلى نشوب ما يشبه المعركة الصّامتة بين هذه اللّجنة والنّيابة العامة ومحكمة الأمور المستعجلة من جهة، والمحكمة الإدارية العليا ومحكمة النقض من جهة أخرى.
وفي 2015، أصدرت اللجنة قرارًا بالتّحفّظ على أموال وممتلكات 1345 شخصيّة مقرّبة من جماعة الإخوان المسلمين، وأكثر من 100 مدرسة، ونحو 60 شركة، و500 مقرًا، تصل قيمتهم السّوقيّة نحو 50 مليار جنيه وفق أقلّ التقديرات، كان من بين هذه الشخصيّات أحمد صفوان ثابت، رئيس مجلس إدارة شركة “جهينة”، ومحمد أبوتريكة لاعب كرة القدم السابق في النادي الأهلي، وفي يناير 2017، أيَّدت جنايات القاهرة هذه القرار، ولكنّ المفاجأة كانت إلغاء محكمة النقض هذه الأحكام لاحقا.
وبحلول عام 2018، تفتَّق ذهن النظام المصري، الّذي ألمح رأسه، عبد الفتاح السيسي، في أكثر من مناسبة إلى عدم رضائه عن المسارات التقليديّة لمحاكمة خصومه السياسيين في القضاء المصري، إلى ضرورة تحصين أعمال هذه اللّجنة، لتكون أعمالها بالتنسيق مع النيابة العامة، مقصورة على محكمة الأمور المستعجلة، المعروف ولاؤها للنظام، للنظر في قرارات التحفظ على الأموال الصادرة عن اللجنة، بقانون رقم 22 لسنة 2018، على أن تذهب الأموال المصادرة إلى الخزينة العامة للدولة.
المصدر: الشادوف+وكالات أنباء