العميد طيار (هاني شرف) يكتب عن 5 يونيو : دروس للتاريخ

0 541

في مثل هذا اليوم الخامس من يونيو منذ 55 عاما، حدثت هزيمة مدوية للجيش المصري وجيوش عربية أخرى في ذات الوقت، وهناك مجموعة من النقاط التأسيسية المهمة التي تتعلق بتلك الهزيمة … وهي بمثابة دروس للتاريخ ، وسوف نوجزها فيما يلي:

(1) عندما يدار الوطن بالشعارات وتقاد الحروب بالحناجر …
إن ما حدث من هزيمة نكراء ومذبحة لأبناء هذا الشعب، لم يكن هزيمة لجيش لم يحارب أو هزيمة للوطن .. بقدر ما هو تعرية تاريخية لمجموعة من الأشخاص أداروا الحكم دون كفاءة أو حتى حدا أدنى من العلم أو الحكمة حتى وصل الأمر إلى إدارة عبثية شاملة خلال مراحل الحرب ما أدى لنتائج كارثية .

(2) عبد الناصر برغم كل تهديداته لإسرائيل وإجراءات التصعيد مثل حشد ٨٠ ألف جندي في سيناء، وطرد قوات الطوارىء الدولية، واغلاق مضيق تيران كان يصرح لمن حوله وفى إجتماعاته الميدانية المغلقة -مثل إجتماعه مع الطيارين- أنه لن يكون هناك حرب مع إسرائيل .

(3) مع شهر مايو 1967 عندما تواترت ثم تأكدت المعلومات بشن إسرائيل الهجوم الأول فى 5 يونيو 1967 إجتمع عبد الناصر مع القيادات ليتحدث بطريقة أشبه بالتسليم المتعمد بالهزيمة عن أنه يجب أن تتلقى القوات الجوية المصرية الضربة الأولى .

(4) عندما أمر عبد الناصر أن تتلقى مصر الضربة الجوية الأولى من إسرائيل وذلك في إجتماع القيادة العامة، أبلغه قائد القوات الجوية الفريق/ صدقي محمود بأن هذا قد يؤدي إلى “شلل” قواتنا الجوية، لكن عبد الناصر أصر على أن تتلقي مصر الضربة الجوية الإسرائيلية الأولى دون مقاومة.

(5) مع إصرار عبد الناصر على تلقى الضربة الجوية الأولى دون إعتراضها بالطائرات المقاتلة المصرية حرصاً كما برر لضمان التعاطف العالمي، تم الإتفاق على اتخاذ الإجراءات الوقائية الضرورية للتقليل من تأثير الضربة الجوية الأولى من إسرائيل، حيث إنه ستكون الخسائر ٢٠٪ فقط – حسب تقديرهم الخاطئ – من القوات الجوية المصرية .. ثم نحارب إسرائيل بعدها.

(6) مع بدء إسرائيل الهجوم على مصر لم يكن هناك أى قائد على الجبهة في موقعه، ولا توجد تعليمات للقادة الميدانيين في سيناء حتى أن بعضهم أعتمدوا على سماع الإذاعة الإسرائيلية من الراديو لمعرفة أى معلومات عن تطور الأحداث ( شهادة الفريق / سعد الدين الشاذلى ) .
.
(7) وصل العبث ذروته فى صباح 5 يونيو 1967 – الموعد الذى تأكد فيه قيام إسرائيل بالهجوم .. أن يترك القائد العام للقوات المسلحة عبد الحكيم عامر مركز القيادة الرئيسى -ويسمح له عبد الناصر بهذا- ويذهب فى طائرة ليتفقد القوات في سيناء ومعه شمس بدران ، وما صاحب ذلك من تقييد الدفاع الجوى المصرى – بالإضافة لأوامر عبد الناصر بتلقي الضربة الجوية الإسرائيلية الأولى، فكان المجال الجوي المصري مفتوحاً تماماً أمام الطائرات الإسرائيلية دون مواجهة من الطائرات المصرية أو الدفاع الجوي المصري.
.
(-8-) تحول الأمر لأحداث أشبه بالملهاة المؤسفة وذلك أنه عندما تم إبلاغ عبد الحكبم عامر خلال رحلة الطيران أن الطائرات الإسرائيلية تضرب المطارات المصرية فأمر بالعودة للقاهرة ، ثم عند وصول الطائرة للقاهرة لم بجد سيارات موكبه .
فأستقل سيارة أجرة “تاكسي” هو وشمس بدران حتى يتمكنوا من الوصول للقيادة العامة ، وعند وصول سيارة الأجرة للقيادة العامة للقوات المسلحة كان قد تم تدمير معظم الطائرات والمطارات المصرية.
( شهادة / شمس الدين بدران وزير الحربية ) .
.
(9) الإنسحاب العشوائى للقوات البرية من سيناء أدى إلى تعاظم الخسائر فى المعدات والأرواح .
(شهادة صلاح نصر أن قرار الإنسحاب فى الأصل كان قرار عبد الناصر والتنفيذ كان عشوائيا من جانب المشير عامر ثم أنكر عبد الناصر هذا الأمر بعد ذلك) .
.
(10) بكاء جمال عبد الناصر بعد الهزيمة وهو يحدث عبد الحكيم عامر تليفونياً عن أنه السبب فى الكارثة وقال له : “سامحنى يا حكيم ، أنا عملت الكارثة دى سامحنى يا حكيم” .. فبكى عبد الحكيم عامر معه وقال له “رجع ولادنا سالمين يا جمال” .. ( شهادة/ شمس بدران وزير الحربية )
.
(11) خطاب تنحى جمال عبد الناصر في 9 يونيو والخروج الفورى لطلائع الإتحاد الإشتراكي وأعضاء النقابات المهنية، ويتبعهم جموع من الشعب ووفود من المحافظات مطالبين بعدوله عن التنحى ..كان موجز الخطة أن يقوم عبد الناصر بالتنحي ، ويعين شخصاً ما مكانه ، ثم يتحرك الجهاز السياسي بأذرعه ، ليحرك سريعاً من خلفه جموع من الشعب مطالبة بعودة الزعيم باسم الشعب. (شهادة / صلاح نصر فى مذكراته) ( هناك شهادة موثقة بالفيديو للمخرج/ حسام الدين مصطفى)
.
(12) بعد هذه التظاهرات المدبر تحركاتها .. تم إصدار بيان من جمال عبد الناصر في 10 يونيو ألقاه نيابة عنه السادات يعلن فيه العدول عن التنحى وكأن شيئاً لم يكن . والآن بعد كل هذه السنوات والمراحل
متى نستخلص العبر من دروس التاريخ من أجل الحاضر والمستقبل؟

هاني شرف

عميد طيار مقاتل سابق في الجيش المصري

الآراء الواردة فى المقال تعبر عن صاحبها، ولا تعبر بالضرورة عن موقع الشادوف أو تمثل سياساته التحريرية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.