الذهب السوداني (بوليصة تأمين) قوية لبوتين..وعباس كامل يستقبل حميدتي: هل ثمة علاقة؟!

0 674

قالت صحيفة “ديلي تليغراف” البريطانية إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعد قبل شهور لمواجهة أية عقوبات دولية بتكديس أطنان من الذهب الأفريقي، وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن السودان هو المصدر الرئيسي للذهب إلى روسيا التي هرّبت مئات الأطنان من الذهب السوداني خلال السنوات الماضية، كجزء من بناء “روسيا القلعة” ومنع تداعيات العقوبات التي قد تُفرض عليها إذا غزت أوكرانيا.

وجاء في تقرير الصحيفة البريطانية، أن الكرملين ضاعف حجم الذهب الذي أودعه البنك المركزي بأربع مرات منذ عام 2010، بشكل أدى إلى إنشاء “صندوق حرب” يتكون من خليط من الواردات الأجنبية والاحتياطي الكبير من الذهب المحلي، باعتبار روسيا ثالث أكبر منتج للأحجار الكريمة في العالم.

وأصبح لدى روسيا احتاطي من الذهب أكبر من الاحتياطي الذي تحتفظ به من الدولارات الأمريكية لأول مرة منذ يونيو 2020، وتصل نسبة سبائك الذهب إلى 23 % من الاحتياطي، وارتفعت قيمتها إلى 630 مليار دولار حتى شهر فبراير/ شباط الماضي.

وفي الوقت الذي لا تظهر إحصائيات الحكومة أي صادرات للذهب من السودان إلى روسيا، إلا أن مديرا تنفيذيا لأكبر شركة إنتاج للذهب في السودان أخبر “ديلي تليغراف” أن الكرملين هو أكبر لاعب في قطاع التنقيب عن الذهب في السودان. وقال المصدر: “روسيا لديها الكثير من العمليات في الذهب السوداني وتم تهريب الكم الأكبر منه إلى روسيا عبر طائرات صغيرة “.

ويُعتقد أن 30 طنا من الذهب السوداني نقلت إلى روسيا كل عام، مع أنه من الصعب تحديد حجم العملية الروسية في الذهب السوداني. ويرى محللون أن السودان قد يكون المصدر الأهم لروسيا في عمليات الحصول على الذهب، إلا أنه ليس الوحيد الواقع تحت رادار موسكو.

وقالوا: “تخفيف أثر العقوبات من خلال الذهب هو شيء دفع نهج روسيا لتوسيع تواجدها في أفريقيا، حيث شاهدنا نفس الشيء في مالي وبوركينا فاسو وجمهورية أفريقيا الوسطى. وهم يحاولون الدخول إلى دول لديها مصادر طبيعية هائلة ومساعدتهم على زيادة احتياطيّهم من المعادن”.

جاء ذلك فيما كشفت مصادر مصرية خاصة، لصحيفة “العربي الجديد”، عن كواليس لقاء جمع اللواء عباس كامل، رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، ومسؤولي الملف السوداني بالجهاز، مع نائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو “حميدتي” في القاهرة، أول من أمس الأربعاء.

وقالت إن ترتيب اللقاء جاء بعد تعذر إتمام زيارة كامل إلى الخرطوم للقاء ممثلي مكونات المشهد هناك، في ظل تنامي حالة من الغضب في الشارع السياسي السوداني تجاه القاهرة، واتهامها بالانحياز للمكون العسكري على حساب قوى الثورة هناك.

وأوضحت المصادر أن اللقاء شهد حديثاً بشأن الوضع في السودان، لافتة إلى أن كامل طالب حميدتي بعدم الزج باسم مصر في الخلاف الحالي بين المكونين العسكري والمدني، مع التأكيد أن مصر تتبنى موقفاً محايداً من الطرفين، وضرورة التشديد على ذلك من خلال حوارات ولقاءات المسؤولين العسكريين بالأطراف السياسية المدنية والقوى الثورية السودانية.

لقاء مغلق بين كامل وحميدتي

وبحسب المصادر، كان هناك لقاء ثنائي مغلق بين كامل وحميدتي لم يشارك فيه الوفدان المرافقان لهما، مرجحة أن يكون اللقاء قد تطرق إلى الحديث بشأن ما أثير أخيراً، خلال اتصالات بين المسؤولين في مصر ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، بشأن تحركات لحميدتي تهدف لإزاحة البرهان واستبداله بشخصية عسكرية أخرى، في محاولة لتجاوز ضغط القوى المدنية والثورية.

كما كشفت المصادر أن اللقاء، الذي ضم وفدي البلدين، شهد حديثاً موسعاً حول أزمة سد النهضة، والتحركات الأخيرة من الطرفين لتحريك العملية التفاوضية مع إثيوبيا بشأن التوصل إلى اتفاق ملزم قبل شروع أديس أبابا في الملء الثالث المقرر في يوليو/تموز المقبل.

ووفقاً للمصادر، جرى التوافق خلال اللقاء على التمسك برفض الحديث عن أطروحات أو وساطات بعيدة عن مسار التفاوض المباشر بين البلدان الثلاثة، موضحة أن المسؤولين المصريين دعوا إلى توحيد المواقف لإجبار أديس أبابا على الانصياع للضغوط الرامية للذهاب إلى جولة مفاوضات جديدة، والتشديد على أن هذا المسلك هو وحده المخرج من الأزمة.

وكشفت المصادر في هذا الصدد عن الاتفاق على تنسيق عسكري جديد بشأن إمكانية إطلاق جولة جديدة من التدريبات المشتركة بين القوات المسلحة في البلدين، على أن يحال تحديد التأصيل بشأنها إلى الجهات المعنية في البلدين خلال الأيام المقبلة.

وبحسب المصادر، فإن اللقاء شهد تبادل رسائل ضمنية، خصوصاً أن حميدتي يدرك جيداً عدم الحماسة المصرية لشخصه في ظل تبعيته للإمارات، وكذلك في ظل رفض الجانب الغربي دوراً واسعاً له في العملية السياسية في السودان، نظراً للاتهامات التي تلاحق قواته بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات واسعة في دارفور.

وأوضحت المصادر أن حميدتي أبدى استعداده للتعاون مع مصر بالشكل الذي لا يعرّض مصالحها للضرر، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن خيارات حميدتي باتت قليلة مع فشله في التسويق لنفسه في الداخل السوداني باعتباره المكون ذا الطابع العسكري “الوازن للعلاقات بين المدنيين والعسكريين”.

وقالت المصادر إن هناك فرصة جيدة لتلاقي مصالح حميدتي مع مصر في الوقت الراهن، في ظل حاجة كلا الطرفين للآخر، خصوصاً أن مصر ترغب في دفعة لتحركاتها على صعيد المشهد السوداني، يمكن تقديمه بالحصول على تنازل من المكون العسكري لصالح المكون المدني، في مقابل رغبة الأخير في نقل رسائل لأطراف داخلية وخارجية على قبول مصري له، وعدم رغبة القاهرة في إبعاده عن المشهد هناك.

مصر والتوجه للقوى المدنية السودانية

وأوضحت المصادر أن القاهرة تسعى خلال الفترة المقبلة للذهاب إلى القوى المدنية السودانية، التي تعتبر مصر وسيطاً غير نزيه، بمبادرة تتضمن وساطة تتخللها بعض التنازلات من جانب المكون العسكري والبرهان، وهي البنود التي لم يتم التوافق بشأنها بعد.

يأتي ذلك في الوقت الذي أكد فيه وزير الري المصري محمد عبد العاطي أن صعوبات تواجهها مصر بسبب القرارات الأحادية الإثيوبية، مشيراً خلال لقائه المبعوثة الخاصة للاتحاد الأوروبي لشؤون القرن الأفريقي آنيت ويبر، وبحضور سفير الاتحاد الأوروبي في القاهرة، إلى ما وصفه بالمرونة الكبيرة التي أبدتها مصر خلال مراحل التفاوض المختلفة، لرغبتها في التوصل إلى اتفاق ولبناء الثقة، كما أن مصر لم تعترض على بناء السدود في دول حوض النيل.

وشدد على أن هناك أكثر من 15 سداً مقاماً في دول حوض النيل، ومن بينها سدود مقامة قبل إنشاء السد العالي أسهمت مصر في إنشاء بعضها، مثل خزان أوين في أوغندا.

وأكد وزير الري المصري خلال اللقاء أن تحقيق التعاون يتطلب وجود إرادة سياسية وجدية من الجانب الإثيوبي للوصول إلى اتفاق بخصوص ملء السد الإثيوبي وتشغيله، مع ضرورة وجود تنسيق تام في ملء السدود الكبرى الواقعة على الأنهار الدولية وتشغيلها، مشيراً إلى أن إصدار بيانات مغلوطة عن السد وإدارته بشكل منفرد يؤدي إلى حدوث ارتباك في منظومة إدارة المياه في مصر والسودان وإلحاق الضرر بدولتَي المصب، مضيفاً أن الوصول إلى اتفاق بشأن سد النهضة من شأنه أن يمهد الطريق لتحقيق التعاون والتكامل الإقليميين.

فيما أشارت آنيت ويبر إلى سعي الاتحاد الأوروبي للدفع بمسار المفاوضات الخاصة بسد النهضة للوصول إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف ويضمن استقرار وتنمية الدول، وتلبية متطلبات التكامل الإقليمي من خلال تحقيق الترابط بين المياه والطاقة وتكامل البنية التحتية والتجارة في ظل التغيرات المناخية.

المصدر: الشادوف+تليغراف+صحف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.