البابا تواضروس: سنصلي في المساجد لو أحرقوا الكنائس ..والسؤال: ماذا يخفي هذا التصريح المريب؟!

0 1٬226

تواصل الغضب سائر مدن مصر وقراها بسبب تصريحات القس زكريا بطرس ضد نبي الإسلام، وبدورها سعت صحف أمس الاثنين 15 نوفمبر/تشرين الثاني على القيام بدور رجل الإطفاء، لحصار نيران الفتنة بين عنصري الأمة، واستعانت بشهادات لرجال دين وكتاب وفنانين من الجانبين، بهدف تهدئة مشاعر المسلمين. وبدوره أكد البابا تواضرس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أن الكنيسة شاركت في وضع دستور جديد لمصر وهي خادمة للوطن. وتابع موجها حديثه للمتطرفين من كلا الجانبين قائلا: “لو أحرقوا الكنائس سوف نصلي مع إخوتنا المسلمين في المساجد، ولو أحرقوا المساجد سوف نصلي معهم في الشارع”. ومن بين من حرصوا على وأد الفتنة الفنانة القبطية عايدة رياض التي نددت بكل من يرغب في إثارة الفتن، قائلة :”كلنا إخوات، وعمرنا ما حسينا أن في فرق، لدرجة إنى قلت قبل كده أن المولد النبوي من أهم المناسبات التي أحتفل بها، وأحرص دائما على أن تكون حلاوة المولد موجودة في المنزل وقتها”. وأضافت “إحنا كلنا أتربينا على أن مفيش فرق بين مسلم ومسيحي، وبالتالي أي شخص عايز يعمل فتنة بنرفضها تماما سواء مسلمين أو مسيحيين، لأن في النهاية كلنا مصريون وعايشين على الأرض نفسها”.

ومن نشاط البرلمان: انتهى مجلس النواب، إلى رفض أحقية موظفي وزارة المالية في الحصول على حق الضبطية القضائية في حال رصد أي مخالفات، والاكتفاء بالإبلاغ عنها. ووافق المجلس على حذف المادة 59 من مشروع قانون المالية العامة الموحد، التي تختص بمنح موظفي وزارة المالية حق الضبطية القضائية في حال ضبط أي مخالفات. ومن أخبار وزارة الصحة: قرر الدكتور خالد عبد الغفار القائم بأعمال وزيرة الصحة والسكان، إقالة خالد مجاهد من منصب المتحدث الرسمي والإعلامي للوزارة. كما قرر تعيين الدكتور حسام عبد الغفار، متحدثا رسميا وإعلاميا لوزارة الصحة. في ما غابت أي تفاصيل حول وزيرة الصحة الدكتور هالة زايد التي حصلت على إجازة مرضية منذ بداية الأزمة. وفي سياق مواز أكد عبد الغفار أنه تم البدء في تطبيق قرار حظر دخول الموظفين غير المطعمين بلقاح كورونا للوزارة، علي أن يتم توجيههم إلى أقرب مركز للتطعيم والحصول على الشهادة الخاصة بإثبات التلقيح.
جرائم المشلوح

البداية مع محمد أمين في “الشروق”، الذي أبدى غضبه من افتراء القس زكريا بطرس على نبي الإسلام حيث حرص الكاتب على الدفاع عن الموقف الكنسي: تبرأت الكنيسة المصرية الأرثوذكسية من تصريحات زكريا بطرس.. وأكدت انقطاع صلته بالكنيسة المصرية منذ 18 عاما.. وقالت إنه كان كاهنا في مصر، وتم نقله بين عدة كنائس، وكان يقدم تعليما في مصر لا يتوافق مع العقيدة الأرثوذكسية.. وتم وقفه لمدة، ثم اعتذر عنه وتم نقله لأستراليا، ثم المملكة المتحدة، واستمر في طريقته وقدم تعليما غير كنسي، وحاولت الكنيسة تقويم سلوكه فلم تفلح فتم طرده من الكنيسة. ومعناه أنه كان كاهنا في مصر ولم تعد له علاقة بمصر ولا بالكنيسة، بعد أن تم طرده في عهد البابا شنودة. فالكنيسة المصرية لا تقبل بين صفوفها من يشتم النبي محمد، ولا يقلل من شأنه بكلام فارغ.. وحتى الأخوة الأقباط قالوا في بوستاتهم على فيسبوك إنه لا يمثلهم، ولا يعبر عنهم، وهو مطرود من الكنيسة وشاذ فكريا.. ومنهم من قالوا لا تشغلوا أنفسكم به ولا تضيعوا وقتكم.. أيضا هناك من قال هذا دليل على استهداف مصر، خاصة أنه كلام قديم منذ 11 عاما، فلماذا تم إحياؤه الآن؟ فتشوا وراء من أحيا هذه النغمة وابحثوا عن مقاصده، لأنه يريد أن تحدث فتنة! وقد كتبت لي الزميلة الإعلامية أماني شنودة رسالة عن الموضوع، تطلب مني أن أكتب في القضية تحت عنوان «بلاش هري».. وقالت: «خلوا بالكم من بلدكم».. كما كان الرئيس السيسي يؤكد ويحذر من الفتنة.. وحتى تطمئن أماني أنقل للقراء ما كتبته وهو رأي محترم، يؤكد أن المسلمين لم يغضبوا وحدهم من كلام زكريا بطرس، لكن إخوتهم الأقباط غضبوا قبلهم.

صوت العقلاء

واصل محمد أمين، نقل شهادات غاضبين أقباط من شتائم القس زكريا بطرس: تلقيت بيانا من المستشار نجيب جبرائيل يقول فيه «الآن تأكدت أن مصر مستهدفة».. وقال كلاما مضمونه أن زكريا بطرس لا علاقة له بمصر ولا بأي من كنائسها، وهو مطرود من الكنيسة، والفيديو المسيء لا يمثل جموع المسيحيين ولا ديانتهم، التي تؤكد المحبة وعدم الإساءة إلى أحد، ونحن نعيش في مصر الحبيبة جنبا إلى جنب مسيحيين ومسلمين.. وكأنه يستبق الأحداث التي تترتب على كلام المشلوح كأنه رجل مطافئ. ولا ينسى جبرائيل أن يسجل استنكاره الإساءة لأي دين من الأديان. ويقول جميعها لها كل توقير وتقدير واحترام، وهذا ما يجب أن يقول به العقلاء من كل ناحية، فلا يصح أن يسب زكريا بطرس النبي فنعمل مثله ونسب المسيح والدين المسيحي.. ويجب أن نغلق هذا الملف تلبية لدعوة الحكماء من هنا وهناك، فيجب أن لا تكون للطائفية مكان بيننا. يجب أن لا ينعكس ما قاله زكريا بطرس المشلوح على إخوتنا الأقباط هنا، فهم الذين يحملون أوزار المتطرفين من أمثال الأب المشلوح.. كما يتحمل المسلمون أوزار المتطرفين هنا من أمثال الدواعش في كل مكان.

يعزف منفردا

من بين من شاركوا في المعارك ضد القس بطرس زكريا، أحمد رفعت في “فيتو”: تابعناه قبل سنوات عشرات المرات.. كنا نندهش من الإفك العلني وظنه البائس أنه يكشف الإسلام على حقيقته، بينما كنا ولم نزل أمام جاهل باللغة العربية وبعلوم القرآن، وطبعا بالمناهج الجديدة لمجددين كبار في فهم كتاب الله العزيز الحكيم. كانت لعبة بطرس الأساسية التفتيش في التراث -الذي هو بشري بالكامل – دون أن يتعامل مع المشهور أو المعتمد أو المتداول منه، بل يختار المجهول والمتروك والمهجور منه، ثم يشيع أن تلك أدلة من كتب “الإسلام” وليست حتى كتبا لمسلمين ثم يبني عليها استنتاجات وفرضيات أطلقها هو، ثم يؤسس على ذلك استنتاجات جديدة، وهكذا. ولأنه يعزف منفردا.. فلا يواجهه أحد ولا يناظره أحد ولا يرد عليه في اللحظة ذاتها أحد. تحول في نظرنا إلى أراجوز ليس أكثر.. لكن بقي السؤال الأهم والأخطر: من وراء الفكرة ذاتها؟ فكرة اتباع منهج معاد وبذيء وسليط اللسان، يخالف تماما منهج المسيحية، وتماما مع منهج الكنيسة المصرية، بل منهج الأغلبية الكاسحة من مسيحي العالم، التي تتبني منهج “المحبة” في سلوكها كله؟ من وراء هؤلاء بطرس ورشيد وغيرهم وغيرهم؟ وكانت النتيجة واحدة، على العكس تماما من منهج الإسلام في التسامح والرحمة والمحبة – في كل مكان لكن.. تمر الأيام.. وينضج شعبنا.. وتصنع منه المحن واختبارات السنوات السابقة صخرة تتحطم عليها كل الفتن.. ويكشف ويكتشف بسرعة لعبة بطرس ومن صنعها ومن مولها ومن حركها ومن فجرها فجأة، بعد موت مستحق منذ سنوات.

خياران لوأد الفتنة

نبقى مع الأصوات الداعية لوأد الفتنة بصحبة فاطمة ناعوت في “المصري اليوم”: المسيحىُّ المؤمن لا يسبُّ رمزَ الإسلام المتجسد في رسوله محمد، عليه الصلاةُ والسلام. مثلما المسلمُ المؤمن لا يسبُّ رمز المسيحية، المتجسّد في السيد المسيح، عليه السلام. لهذا نختصم، نحن التنويريين المسلمين، أي شيخ متطرف يعتلي المنبر ويحثّ المسلمين على عدم اتخاذ المسيحي صديقا، كذلك نحزن من المسيحي إن سبَّ رسولَنا الكريم ورمى الإسلام بكلام مهين، خالطا بين الإسلام كعقيدة مُنزّهة، وبعض كتب التراث التي فيها دسائسُ دخيلة، نرفضُها نحن المسلمين ونواجهها. أمامنا خياران لمواجهة الأزمة الراهنة التي لن يسمحَ اللهُ برحمته أن تتحوّل إلى فتنة لا تليق بمصر الجديدة المتحضرة. الأول: فتح باب حرية التعبير والنقد دون تطاول (لأن الشتيمة أصلا عيب)، مع عدم السماح بملاحقة الناس قضائيّا بتهمة «ازدراء الأديان». وهذا ما يحدث في بلاد الغرب المتحضر. فلم نرَ موتورا حاول قتل أو رفع قضية ضد دان براون، مؤلف رواية «شيفرة دافنشي»، التي تُسيء للسيد المسيح، عليه السلام. بل باعت الرواية 100 مليون نسخة، وتحولت إلى فيلم سينمائي حقق إيرادات فلكية. كيف استقبل الغرب المسيحي تلك الرواية وذلك الفيلم؟ عادي جدّا، استقبلوها كعمل أدبي فني خيالي قرأوه وابتسموا ولم يقل أحدٌ أن دينَه جُرح. الخيار الثاني: توعية المجتمع بأن يحترم كلٌّ عقيدة الآخر، ومنع التطاول من الطرفين، حتى لا يقول طرفٌ: «هذا الذي بدأ»، وتشتعلُ الفتنةُ النائمة، لعن اللهُ مَن أيقظها لهدم المجتمع. وهذا ما يصنعه الرئيسُ عبدالفتاح السيسي في عديد الكلمات العلنية التي حاول فيها النهوض بالوعي المجتمعي والفكري، لجعل المواطن المصري مثقفا مستنيرا يدرك أن احترام عقيدة الآخر هو جزءٌ أصيل ومرآة عاكسة لاحترام عقيدته ذاته.

مفاجآت عائشة

انفردت “الشروق” بالاعترافات التي حصل عليها محمد فرج عن تحقيقات النيابة مع عائشة الشاطر ابنة القيادي في جماعة الإخوان خيرت الشاطر، التي أنكرت في أقوالها أمام نيابة أمن الدولة العليا، صلتها بالجماعة، قائلة إنها ووالدتها وأشقاءها ليس لهم أي انتماء أو صفة في الجماعة، وإن مشاركتهم في مظاهرات رابعة العدوية وما تلاها، كان بسبب التعاطف الإنساني مع المتوفين في أحداث الاتحادية، وللمطالبة بالإفراج عن المحبوسين وعلى رأسهم والدها.. وذكرت عائشة في أقوالها إنها وُلدت في 19 ديسمبر/كانون الأول 1980 في مركز طلخا في محافظة الدقهلية، حيث كان والدها آنذاك مدرسا مساعدا في كلية الهندسة في جامعة الإسكندرية. وأن والدها أتم دراسة الماجستير في بريطانيا، ثم عاد وأسس شركة سلسبيل للكمبيوتر، المختصة في مجال البرمجيات، وعرفت منذ ذلك الوقت أنه عضو في جماعة الإخوان المسلمين. وتابعت: “والدي أخذ توكيلات ملابس بيدلادونا، ودالديدريس في العقاد مول في مدينة نصر، وفتح مع حسن مالك محل ملابس باسم فريدة في المول ذاته، لبيع العباءات التركية، ثم أخذ توكيل أثاث تركي يدعى استقبال، ثم توكيل ملابس أسرار، حتى تم إلقاء القبض عليه عام 2005 في قضية عسكرية”. واستطردت بأن والدها ظل في السجن حتى أحداث ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 ولم تشارك في أحداثها بسبب ظروف وضعها طفلا آنذاك، لكنها كانت متفقة مع مطالبها؛ لإزالة الظلم الواقع على والدها بدون سبب، وفقا لقولها.

مزيد من القنابل

واصل محمد فرج في ” الشروق” سرد اعترافات نجلة خيرت الشاطر حيث أشارت عائشة الشاطر إلى أنه إبان فترة حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، لم يكن والدها متابعا لعمله التجاري لانشغاله بالسياسة، قائلة: “نحن أسرة مستواها الاجتماعي جيد، ومصدر دخلنا عمل والدي وكان كبيرا، لكن لا أستطيع تحديده، ونحن أسرة ملتزمة دينيا طيلة العمر، لكن بشكل متوسط وليس متشددا”. ولفتت عائشة إلى أنها شاركت في انتخابات الرئاسة 2012 وانتخبت الرئيس الراحل محمد مرسي، متابعة: “بعد نجاحه لم أشارك في أي أعمال، فقط شاركت في اعتصام رابعة مع أشقائي وبشكل فردي”. وعن أسباب مشاركتها في اعتصام رابعة، قالت عائشة الشاطر: “كان السبيل الوحيد للاعتراض على الأحداث، مثل وفاة المتظاهرين في أحداث قصر الاتحادية، وعزل مرسي، وسجن كثيرين منهم والدي”، مشددة على أنها خرجت من الاعتصام يوم الفض عن طريق الممرات الآمنة التي خصصتها قوات الأمن للمتظاهرين حينذاك. وذكرت عائشة، أنها شاركت في مظاهرات عدة بعد أحداث فض رابعة، مبررة ذلك بالقول: “كنت بشارك علشان والدي يخرج من السجن، ومكنتش بحمل لافتات ولا حتى بهتف مع اللي بيهتفوا”. وقالت إن أداء مرسي أثناء فترة توليه الرئاسة كان ضعيفا، وإنه لم ينجح في إدارة البلاد لأسباب كثيرة منها عدم اقتناع الناس بشخصيته، ووجود بقايا النظام، ولغة خطاباته التي لم تكن مناسبة لعامة الشعب، وفقا لقولها. وتابعت: “أنا كنت شايفة أن مرسي كان المفروض يدعو لانتخابات مبكرة بس كنت معترضة على طريقة عزله”. ونفت عائشة الشاطر اتهامها بالانضمام لجماعة محظورة أو تمويلها، موضحة أنها تحب الأعمال الخيرية، دون الاشتراك في أي عمل تنظيمي لأي جماعة، قائلة: “قبل القبض عليَ بفترة أصبحت أشتري اللحوم من الجزارة، وأزود على الكيلو 10 جنيهات، وأبيعه عبر الإنترنت خلال صفحة أسستها أسمها طازج الريف؛ لمساعدة زوجي في الإنفاق ولزيادة دخلنا”.
حراس مكبلون

كعادته سعى محمد سعد عبدالحفيظ في “الشروق”، السير في دروب وعرة يخشى كثيرون الاقتراب منها: على الرغم من أن الدستور المصري كفل لوسائل الإعلام استقلالها وحظر الرقابة عليها، إلا في زمن الحرب والتعبئة العامة، كما حظر أيضا توقيع أي عقوبات سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر والعلانية، إلا أن مجلس النواب الحالي، كما السابق، يصر على تجاهل نصوص الدستور الصريحة، بإصداره قوانين تشرعن الحجب والرقابة وتفتح الباب أمام توقيع عقوبات سالبة للحريات في قضايا النشر. قبل أيام وافقت اللجنة المشتركة من لجنة الشؤون الصحية على مشروع قانون مُقدم من الحكومة بشأن إجراءات مواجهة الأوبئة والجوائح الصحية، يجيز الحبس في قضايا النشر. مشروع القانون الحكومي يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز العام وبالغرامة التي لا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أذاع أو نشر أو روّج عمدا أخبارا أو بيانات أو شائعات كاذبة مغرضة، مرتبطة بالحالة الوبائية، وكان من شأن ذلك تكدير السلم العام بين المواطنين أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة. لا أعلم كيف تجاهل السادة أعضاء لجنة الصحة نص المادة 71 من الدستور التي حظرت الحبس في قضايا النشر، إلا في حالات التحريض على العنف والتمييز والطعن في الأعراض، وهل أعضاء اللجنة التشريعية التي شاركت لجنة الصحة في مراجعة مشروع القانون وهم من الخبراء في مجال التشريع والقانون، لم يقرأوا النص الدستوري؟ ما جرى ويجري خلال الأعوام الماضية أظهر أن هناك حالة تربص بالصحافة والإعلام من بعض مؤسسات الدولة، هذه الحالة تظهر ليس فقط في تعامل المصادر الرسمية مع الصحافيين والإعلاميين ولا في محاولات حصار المهنة وتقييدها بشتى السبل، بل كلما طرح مشروع قانون له علاقة بالصحافة والنشر في البرلمان، فمعظم القوانين التي تم تمريرها في هذا الشأن خلال السنوات الماضية تستهدف تقنين عمليات الحجب والحصار وتشهر دائما سلاح العقوبات السالبة للحريات.

عملهم ليس ترفا

فى مايو/أيار الماضي والكلام ما زال لمحمد سعد عبدالحفيظ، أحالت الحكومة مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، التعديلات كانت تتضمن عقوبات سالبة للحريات. مشروع التعديل تضمن مادة تعاقب بالحبس والغرامة كل من «صوّر أو سجل أو بث أو نشر أو عرض كلمات أو صورا لوقائع جلسة مخصصة لنظر دعوى جنائية أثناء انعقادها، بأي وسيلة كانت، دون تصريح». أثناء مناقشة تلك المادة في البرلمان انتبه السادة النواب إلى أن النص الحكومي فيه مخالفة دستورية صريحة، فتم إلغاء عقوبة الحبس، بينما اكتفى المجلس بعقوبة الغرامة المالية، وهي ليست بقليلة وتصب في خانة تقييد العمل الصحافي كما أشرنا سلفا. دعا الكاتب أن يلتفت النواب لمخالفة إحدى مواد قانون مواجهة الأوبئة والجوائح الذي ستتم مناقشته لنص المادة 71 من الدستور، وأن يتذكروا أن الدستور ألغى عقوبة الحبس في قضايا النشر، ونرجو أيضا أن تتوقف حالة التربص بالصحافة والصحافيين. إن ترسانة القوانين السالبة للحريات والمقيدة لاستقلال وسائل الإعلام، وضعت مصر في ذيل الدول التي تحترم حرية الصحافة في معظم التقارير الدولية المعنية بقياس حال الصحافة والإعلام وحرية الرأي والتعبير، فتصنيف مصر في آخر تقرير لمنظمة «مراسلون بلا حدود»، جاء في المرتبة 166 ضمن 180 دولة حول العالم شملها التقرير. استقلال الصحافة وحرية الصحافيين في ممارسة عملهم ليس ترفا، فالصحافيون هم حراس الحقيقة في أي مجتمع حر، والدولة لن تستقر وتنطلق نحو المستقبل، في وقت تصر فيه الحكومات على وضع قيود جديدة على الصحافة والإعلام، فدون صحافة حرة تراقب أعمال سلطات الدولة الثلاث وتمارس دورها، باعتبارها عين المحكومين على الحكام، سينتشر الفساد والتخلف والفوضى.

نافذة مفتوحة

مؤشرات عديدة ساقها عماد الدين حسين في “الشروق” كدليل على أننا إزاء مرحلة جديدة ومختلفة قيد التشكل. ومن أبرز تلك المؤشرات: انفتاح بعض وسائل الإعلام العامة والخاصة على استضافة أصوات وطنية، لم يكن ظهورها متاحا في السنوات الأخيرة، وعلى سبيل المثال شاهدت محمد أنور السادات وعبدالله السناوي ومحمد سعد عبدالحفيظ، ويحسب لبرنامج “المشهد” في قناة «تن» الذي يقدمه الإعلاميان نشأت الديهي وعمرو عبدالحميد، أنه بادر إلى استضافة العديد من الأصوات المختلفة وفتح المجال العام لنقاش موضوعي حول العديد من القضايا المهمة، دون حساسيات، وهو أمر لم يكن موجودا في الفترة الأخيرة. سعدت بالاستماع لأصوات وطنية عاقلة مثل عبدالمنعم سعيد وخالد عكاشة وضياء رشوان وعصام شيحة وأكرم القصاص. الجديد لم يكن في أسماء المتحدثين فقط، ولكن في طرق موضوعات كثيرة مهمة، بعيدا عن الصوت العالي والصراخ والتخوين، وبعيدا عن الغرق في الماضي حول ثنائيات متصادمة، بل من المهم النظر للمستقبل. البعض سيقول، إن كل ما سبق لا يمثل تحولا مفاجئا أو جوهريا، بل هو مجرد مسكنات، لا تعني أن هناك تطورا جديدا. هؤلاء يؤمنون بنظرية مثالية غريبة، وهي ضرورة حدوث التغيير بكبسة زر وفورا وحالا، وهو أمر لا تعرفه السياسة في معظم الأحوال. لن يحدث هذا التغيير المفاجئ في مصر بصورة فجائية سريعة، وأغلب الظن هو التغيير التدريجي الهادئ بطريقة الخطوة خطوة، وأن يتزامن هذا التطور السياسي مع التطورات الأمنية والاقتصادية ومع أوضاع المنطقة.

ضجيج بلا طحين

يرى الدكتور ياسر عبد العزيز في “الوطن” أننا لا نمتلك حالة رياضية ناجحة بشكل يكفي لتبرير كل هذا الضجيج الذي يملأ الإعلام الرياضي ويكاد يغرقه في أتون صراعات عبثية لا معنى لها ولا طائل منها، ولا يبدو أنها ستسفر أبدا عن منتصر أو مهزوم. هذا ضجيج أكبر بكثير مما يوجد من طحين، وليت الأمر يقتصر فقط على الإزعاج والتجاوزات وشد الأعصاب، ومفاقمة التوتر العمومي، لكن الأمر ينطوي في كثير من الأحيان على جرائم أو مخالفات زاعقة، يتم ارتكابها على مدار ساعات البث، دون اكتراث أو مساءلة. تتحول بعض أقنية الإعلام الرياضي، ومعها قطاع من الممارسات الإعلامية في وسائل إعلام غير متخصصة، إلى مصانع للفتنة، والتعصب، والكراهية، والتحريض على العنف، والتمييز، وتشويه الحقائق، واختلاق الوقائع، والطعن في الأعراض. لا يتم اختيار المصادر في بعض برامج الإعلام الرياضي على أساس الجدارة أو الإحاطة العميقة بموضوع التغطية، وإنما تتم استضافة بعض المنتسبين للمجال الرياضي فقط لأنهم أكثر قدرة على تفجير الأزمات. وتؤدي «السوشيال ميديا» دورا شديد السلبية في ملف المواكبة الإعلامية للأحداث الرياضية، وبدلا من التركيز على ما هو رياضي وتنافسي وإيجابي، فإن القطاع الغالب من تفاعلاتها ينخرط في مشاحنات تثير التعصب والكراهية وتتجاوز الأخلاق. أوضاعنا الرياضية هشة، والحديث عن المؤسسية والمبادئ في مؤسساتنا الرياضية لا يعززه الواقع، والأطر المعنية بالمحاسبة لا تحاسب على نحو شفاف وحازم. يفتقد مجال الإعلام الرياضي قواعد المساءلة الواجبة قانونيا ومهنيا واجتماعيا، وبعض العاملين فيه لا يحترمون القواعد الإعلامية، وعدد منهم كان من «نجوم» كرة القدم، لذلك فإنهم يعتقدون أن «مكانتهم الجماهيرية» و«تعصبهم لفرقهم» وإدارات أنديتهم دروع تحميهم من المساءلة. الربط بين الحصص المقدمة على القنوات الرياضية والسوشيال ميديا حافل بالخطورة؛ إذ يتم بث إفادات تلفزيونية معينة على «يوتيوب» أو «تويتر» في إطار تقديم مُغرض أو مخادع أو تحريضي، ثم تُنصب حفلات السب والقذف والكراهية والتعصب، وتُؤجج نيران الفتنة.

رابعة ابتدائي

لا يمكن أن تجلس في محفل عام أو خاص إلا وتجد “رابعة ابتدائي” حاضرة بقوة في كل النقاشات، لدرجة أن منظومة الشكاوى الحكومية التابعة لمجلس الوزراء، استقبلت الشهر الماضي حوالي 13 ألف و500 شكوى حول صعوبة مناهج الصف الرابع الابتدائي، وبدوره يقول محمد أحمد طنطاوي في “اليوم السابع” بأنه لا يعرف ما الذي يمكن اتخاذه تجاه تلك الشكاوى، فلا يمكن للطلاب أو أولياء الأمور تقييم المناهج، فهذا أمر يتولاه المتخصصون والعلماء، ولا يمكن أن نترك تقييمه مشاعا لكل من هب ودب. لا أعرف لماذا يتدخل أولياء الأمور في طبيعة المناهج الدراسية؟ ولا أعرف سببا لكل هذه الشكاوى، حتى إن كانت المناهج صعبة فعلا أو تفوق إمكانيات وقدرات الطالب الضعيف، ربما المتوسط، لكن الهدف منها في النهاية تفتيح مدارك التلميذ في هذه الفترة الدقيقة من العمر، وتدعيم قدرته على التفكير الصحيح، وتنشيط مهارات الفهم والتعلم النشيط، بدلا من المناهج القديمة، التي كانت تنمي “التنبلة والبلادة”، حتى أصبحنا نرى طلبة في المرحلة الإعدادية لا يجيدون القراءة والكتابة. ما المانع أن تصبح المناهج صعبة وتحتاج إلى مذاكرة وفهم ومتابعة وجهد مضاعف من الأسرة وأولياء الأمور، ما المانع أن يكون وقت المذاكرة أكبر، خاصة أن الطالب في هذه المرحلة لن يُطلب منه شيء سوى مراجعة وفهم دروسه، فلا يمكن في أي حال أن نترك قضية المناهج لتقييمات أولياء الأمور، ولا يمكن أيضا أن يتم تغيير منهج أو حتى امتحان، نتيجة شكاوى من صعوبته، بالطبع كلنا يتمنى أن تكون كل الامتحانات سهلة، وكلنا يأمل الحصول على الدرجات النهائية، لكن هيهات، فالأمور لا تأتي هكذا، بل يجب التفريق بين من يجتهد ويتعلم ويستذكر دروسه، ومن تكاسل وأهمل، مع مراعاة الفروق الفردية ومستويات الذكاء والاستيعاب بين طالب وآخر. ما الذي يمكن فعله من جانب وزارة التربية والتعليم لمناهج الصف الرابع الابتدائي؟ الإجابة لا شيء، فالموضوع غير خاضع للأهواء والأمزجة وجروبات “الماميز”.

بلا خبرة

اعرب محمد الهواري في “الأخبار” عن أمنيته غي أن يتم تدريب المعلمين في المدارس الخاصة على المناهج الجديدة خاصة للصف الرابع الابتدائي المكدس في العديد من المناهج التي لا تحقق الاستيعاب الكامل من جانب التلاميذ وهو ما يناقض عملية تطوير التعليم التي نتطلع إليها ونؤيدها بشدة. للأسف بدأت وزارة التربية والتعليم في وضع خطة تدريب المعلمين على المناهج الجديدة، بعد بدء العام الدراسي بأكثر من شهر، وفي توقيت لن يسمح للمعلمين بعملية الاستيعاب مثلما يحدث مع التلاميذ، إضافة إلى استخدام الأون لاين في العملية التعليمية للأطفال، ما يساهم في عدم قدرتهم على الاستيعاب الكامل. لطالما نادينا بضرورة تطوير التعليم وأن يتم على مراحل مع تطوير قدرات المعلمين والمناهج الدراسية، بما يسمح بغرس قيم التطوير لدى الطلاب بشكل جيد.. فالسرعة في عملية تطوير التعليم سوف تتسبب في عدم تحقيق المطلوب.. إضافة لضرورة أن يواكب ذلك مزيد من الساعات الدراسية، وإلزام المدارس الخاصة والدولية بتحقيق مزيد من التحسين في العملية التعليمية لأبنائنا، بما يواكب ما يتم سداده من مصروفات مرتفعة لا يقابلها تعليم جيد في معظم الأحيان. طالب الكاتب وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقى أن يتم متابعة ما يحدث في العملية التعليمية على مستوى كل المدارس العامة والخاصة والدولية، لتحقيق الهدف الأسمى من تطوير التعليم الذي نحتاجه ونؤيده كما نطالب الوزارة بسرعة تسليم الكتب الدراسية المتأخرة، التي لم تصل بعد إلى المدارس.

لا نعلم شيئا

نتحول نحو آخر أنباء الفيروس القاتل بصحبة السيد البابلي في “الجمهورية”: بعد أن قاربت الموجة الرابعة من فيروس كورونا على الانتهاء، فإن وزارة الصحة تستعد الآن للموجة الخامسة.. ولأننا لا نعرف كيف يمكن تحديد موعد الموجة، وعلى أي أساس تبدأ وتنتهي، فإننا يجب أن نتعامل مع كل الموجات على أنها امتداد للفيروس اللعين، الذي ما زال يحاصرنا ويحصد الأرواح ويضعف الأجساد. ومنظمة الصحة العالمية تحذر وتحذر وتقول إن العالم لم يتخلص من خطر الفيروس حتى الآن. وبعض دول أوروبا رفعت حالة التأهب لمواجهة التزايد في أعداد الإصابات. وكل دول العالم في قلق من احتمالات العودة إلى الإغلاق الكامل مرة أخرى، إلا نحن فقد أعلنا بيننا وبين أنفسنا أن كورونا انتهت وأن الحياة عادت إلى طبيعتها مرة أخرى. والاعتقاد الخاطئ بين الناس والأكثر خطورة يتمثل في أنهم بدأوا يتعاملون مع فيروس كورونا على أنه مثل أمراض البرد أو نوع من أنواع الأنفلونزا، ولا يمثل خطرا كبيرا ويتم علاجه في عدة أيام.. هو اعتقاد لا يستند إلى أي أسانيد صحية وعلمية لأن مضاعفات الإصابة بالفيروس تتوقف على مدى المناعة من شخص لآخر وهو أمر لا يمكن أن يكون مصدرا للاطمئنان والتخاذل في مواجهة الفيروس القاتل. ونعيد في ذلك التذكير بكل الصعوبات والعواقب التي تواجه مريض كورونا، سواء كانت مادية أو صحية أو نفسية. وهي مصاعب كفيلة بأن نتوخي الحذر قبل أن نكون فريسة للمرض والندم.. وفي الوقاية الأمان والضمان.

مبدعون بلا شروط

المبدع من وجهة نظر مصطفى عبيد التي أعلنها في “الوفد” هو مَن يخطف روحك بكلماته، يأسرك، يُحدد حركتك، ويُجبرك على أن تستمع له، وتقرأ ما كتب. لذا فإن الابداع كثيرا ما يقوم على المبالغات، وهي مبالغات مقبولة رغم ما فيها من جموح وتطرف، لأن المتلقي يعرف يقينا أنها مبالغات. لكن المشكلة أن بعض مُتصيدي الأخطاء والمتربصين بالغير يستغلونها لوصم أصحابها بالمروق من الدين والكفر والعياذ بالله، فيسيئون بذلك للإبداع ويسيئون للدين. عندما رحل الشاعر نزار قبانى في لندن في إبريل/نيسان 1998، وحاول بعض المتطرفين هناك منع إقامة الصلاة عليه بدعوى خروجه من الدين بسبب أشعاره. وخط أحدهم كتابا قبل عشرين عاما خصصه لإثبات كفر نزار قباني مستشهدا بأبيات شعرية له منها مثلا الموجودة في قصيدة «قارئة الفنجان»، التي يقول فيها «يا ولدى قد مات شهيدا/ مَن مات على دين المحبوب». وأعرف أن هذا البيت تحديدا تفاوض عبد الحليم حافظ مع نزار أياما طويلة حتى يغيره عندما يغنى القصيدة ليصبح « مَن مات فداء للمحبوب» حتى يتسق مع الثقافة العامة. كذلك فقد اعتبر البعض قول نزار في رثاء جمال عبد الناصر « قتلناك يا آخر الأنبياء» نوعا من الكفر، ولم ينظروا إلى القصيدة كلها باعتبارها مجرد كلام بليغ.

تجاوزات قديمة

لا شك في أن مبالغات الشعراء كما أوضح مصطفى عبيد، لها تاريخ طويل مع أهل التربص، فهذا أحمد شوقي أمير الشعراء نفسه، يتلقى لوما لأنه حاول تصوير محبته الشديدة للوطن وكأنها الجنة، فقال «وطني لو شغلت بالخُلد عنه/ نازعتنى إليه في الخُلد نفسي» وهو نفسه القائل في قصيدة رثاء مصطفى كامل «أو كان للذكر الحكيم بقية لم تأت بعد.. رُثيت في القرآن» وهذه القصيدة عارضها الشاعر هاشم الرفاعي، بعد ذلك بنحو نصف قرن، لكن في ذم جمال عبد الناصر، فقال في إحدى أبياتها «لو كان في القرآن بقية لم تأت بعد/ للعنت يا فرعون في القرآنِ». أعاد الكاتب للأذهان مَن كفّروا الشاعر أمل دنقل لأنه كتب في قصيدة «كلمات سبارتاكوس الأخيرة» على لسان الثائر الذي يطلب الحرية «المجد للشيطان معبود الرياح/ مَن قال لا في وجه من قالوا نعم». حتى في العصور الأولى لم يقبل بعض المتشددين من الشاعر حسان بن ثابت بيتين في مدح النبى «ص» قال فيهما «وأحسن منك لم تر قط عيني/ وأجمل منك لم تلد النساءُ/ خلقت مبرءا من كل عيب/ كأنك قد خلقت كما تشاءُ». وكل هذا في تصوري قصور نظر، وسوء ظن بالمبدعين، لأننا نعرف أن الإبداع في الأساس قائم على التخييل، وعلى التصوير، بل أن هناك عبارة رائجة، ومتفق عليها بأن «أعذب الشعر أكذبه». لكن الوصاية المعتادة على الحق والدين والأخلاق تدفع البعض إلى إشهار سيوف التخويف والتكفير والتخوين في وجه كل مبدع.

المصدر: الشادوف+القدس العربي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.