الانتهاكات 3 أضعاف الإفراجات..(هيثم محمدين) حراََ و(محمد عادل) سجيناََ.. لماذا؟
قالت منظمة “كوميتي فور جستس”، اليوم الخميس، إنها منذ إفطار الأسرة المصرية، الذي كان بمثابة نقطة الانطلاق لما يعرف بالحوار الوطني المصري الذي أطلقه السيسي، رصدت إطلاق سراح 332 سجيناً، مقابل 950 انتهاكاً من بينها الحرمان من الحرية تعسفياً، فيما تم إطلاق سراح 46 سجينا من أبرزهم الناشط اليساري هيثم محمدين بينما تم تجديد حبس الناشط اليساري محمد عادل.
وأوضحت منظمة ( كوميتي فور جستس، في ورقةِ تقدير موقفٍ حاولت من خلالها رصد تبعات حفل إفطار الأسرة المصرية، في 26 إبريل/نيسان الماضي، وفهم آليات عمل لجنة العفو الرئاسي، التي أعاد الرئيس المصري تفعيلها بالتزامن مع حفل الإفطار كذلك، أن من بين 332 الذين أطلق سراحهم؛ 7 سجناء صدر بحقهم قرار رسمي بالعفو الرئاسي، بينما تم إخلاء سبيل الآخرين بناءً على قرارات من جهات التحقيق أثناء حبسهم احتياطياً.
وأضافت المؤسسة أن من أبرز تلك الأسماء؛ حسام مؤنس، يحيى حسين عبد الهادي، أحمد سمير سنطاوي، وهشام فؤاد، الذين صدر بحقهم قرار بالعفو الرئاسي، وأيضاً المحاميين الحقوقيين عمرو إمام، ومحمد رمضان، والباحثة خلود سعيد، وغيرهم ممن حصلوا على قرار بإخلاء السبيل من أمام جهات التحقيق.
وعلى النقيض من ذلك، أشارت المؤسسة إلى أنها رصدت ما يقارب 950 انتهاكاً ضمن الحرمان من الحرية تعسفياً، بينها 53 انتهاكاً ضمن جريمة الاختفاء القسري، كما تم رصد 7 وقائع تعذيب داخل السجون ومقار الاحتجاز، و22 انتهاكاً ضمن سوء أوضاع الاحتجاز، و10 ضمن الحرمان العمدي من الرعاية الصحية، وأخيراً رصد 16 انتهاكاً ضمن وقائع الوفاة داخل مقار الاحتجاز.
ووثق فريق “كوميتي فور جستس”، بمعاونة ذوي الضحايا، استمرار أنماط سوء أوضاع الاحتجاز، والحرمان من الرعاية الصحية داخل السجون ومقار الاحتجاز بحق 20 محتجزاً على الأقل في عدة مقار، من ضمنها؛ مجمع سجون طرة، سجن القناطر للنساء، سجون وادي النطرون وعشرات من المقار الأخرى.
وشددت المؤسسة على أنّ ذلك التناقض يبرز أنه في مقابل ما تعطيه الدولة باليد اليمنى ما زالت تطلق باليسرى جميع أجهزتها الأمنية والقضائية لتنكل بالسجناء وتحتجز المزيد من المعارضين رهائن لأعوام تحت مسمى الأحكام القضائية المسيسة، مستشهدة بالحكم على المرشح الرئاسي السابق ورئيس حزب “مصر القوية”، الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، بالسجن لمدة 15 عاماً، وعلى نائبه بالحزب، محمد القصاص، ومعاذ الشرقاوي، بالسجن لمدة 10 سنوات، بتهم تتعلق بقانون مكافحة الإرهاب سيئ السمعة.
نراقب عن كثب
كما أكدت “كوميتي فور جستس” في ختام ورقتها أنها تراقب عن كثب الوضع السياسي والاقتصادي المتخبط القائم حالياً في مصر، وتراه الإرث المنطقي الوحيد لسنوات طويلة لم يقدم النظام خلالها سوى القمع وتغييب السياسة وإعلاء منطق الرأي الواحد دائماً على حساب قيم الحقوق والحريات والعدالة والحكم الرشيد، وكانت نتيجة طبيعية أن تسقط سردية “الأمن مقابل القمع” بحجة مكافحة الإرهاب، ويلجأ النظام ممثلاً في الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى استدعاء الأطراف السياسية التي طالما همشها وتعمد تغييبها عن المشهد السياسي لتتحمّل المسؤولية معه عما آلت إليه الأمور.
كما أعربت المؤسسة عن أملها ألا تقف جهود إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي – وإن كانت “مناورة” من النظام الحاكم – مضيفة أن “إطلاق سراح سجين واحد يعد بالتأكيد مكسباً سياسياً وحقوقياً”، مجددة دعوتها السلطات المعنية لتبني سياسة أقل تناقضاً وأكثر وضوحاً تجاه حدود وصلاحيات عمل لجنة العفو الرئاسي، وتحريك أعداد المفرج منهم وتوسيع نطاق العمل ليشمل في النهاية جميع سجناء الرأي في مصر، بعدما اعترف النظام أخيرًا بوجودهم بعد أعوام من الإنكار.
على صعيد متصل، أعلن نشطاء سياسيون ومحامون حقوقيون مصريون إخلاء سبيل 45 معتقلاً من المحبوسين احتياطياً، من بينهم الناشط السياسي والعمالي البارز هيثم محمدين. وكان هيثم محمدين رهن الحبس الاحتياطي منذ مايو/أيار 2019 بعد إلقاء القبض عليه أثناء أداء فترة التدابير الاحترازية في قسم شرطة الصف بمحافظة الجيزة، وظل رهن الحبس في القضية 741 لسنة 2019 أمن دولة حتى قرار إخلاء سبيله في مارس/آذار 2020، وجرى تدويره بعد ذلك على ذمة قضية أخرى.
هيثم محمدين، عضو المكتب السياسي لحركة الاشتراكيين الثوريين، كان أيضاً أحد أبرز الداعمين للنقابات العمالية المستقلة، وقاد العديد من الاحتجاجات العمالية والسياسية الرامية إلى العدالة الاجتماعية والديمقراطية في جميع أنحاء مصر.
ويعاقب هيثم محمدين بأثر رجعي عن مواقفه السياسية، ألقي القبض عليه عام 2016 وحُبس احتياطيا على ذمة القضية 4757 إداري بولاق، وبعد ما يقرب من عام أخلي سبيله، ليحبس مجددا على ذمة القضية 718 لسنة 2018 حصر أمن دولة، ويقضي بها ما يقرب من عام في السجن قبل إخلاء سبيله مع وضعه تحت التدابير الاحترازية، ليفاجأ في 16 مايو/أيار 2019 بالقبض عليه من داخل قسم الشرطة بعد تلقيه اتصالاً هاتفياً من قسم الشرطة التابع له يطلبه للحضور، حيث تم احتجازه وانقطع أي تواصل معه، ليظهر بعدها بثلاثة أيام في نيابة أمن الدولة للتحقيق معه في قضية جديدة تحمل رقم 741 لسنة 2019 حصر أمن دولة.
وفي 8 مارس/آذار 2021، صدر حكم قضائي بالإفراج عن محمدين وإبقائه تحت المراقبة؛ لكن ما إن أخلي سبيله حتى عرض في اليوم التالي مباشرة على نيابة أمن الدولة العليا ليواجه بالتهم نفسها، لكن في قضية جديدة تحمل رقم 1956 لسنة 2019 حصر أمن دولة.
وواجه هيثم محمدين في القضيتين اتهامات ببث ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة من شأنها الإضرار بالأمن القومي، وإساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، ومشاركة جماعة إرهابية.
وأفرجت السلطات الأمنية على مدار الأشهر القليلة الماضية عن عدد محدود من السجناء في قضايا الرأي والحريات، فضلًا عن عدة قرارات إخلاء سبيل لمحبوسين مجهولين بعدة قضايا سياسية؛ لكن يبقى الحل الوحيد الملموس بالفعل لاستشعار جدوى الإفراج عن المشهورين والمجهولين على حد سواء، هو الإفراج دفعة واحدة عن جميع معتقلي قضايا سياسية محددة، أو حتى على مستوى ملفات القضايا، كالإفراج دفعة واحدة عن المحبوسين احتياطيا، أو عن كبار السن وذوي الأمراض.
العفو الرئاسي.. أين هو؟!
ومنذ إصدار رئيس الجمهورية القرار بإعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي في 26 إبريل/نيسان الماضي، طالبت المنظمات الحقوقية بمعايير وضوابط واضحة ومعلنة لقرارات إخلاء السبيل أو العفو عن المحتجزين، سواء المحكوم عليهم أو الذين هم رهن الحبس الاحتياطي على ذمة قضايا سياسية، على أمل أن يستهدف القرار في المقام الأول الإفراج عن جميع المحتجزين بتهم سياسية أو بسبب آرائهم. إلا أن عدم الالتفات للمعايير والضوابط المطلوبة، أدى لتضارب عمل اللجنة والالتفاف على اختصاصها.
وتشير التقديرات غير الرسمية الصادرة عن منظمات حقوقية مصرية إلى أن عدد السجناء السياسيين في مصر يبلغ حوالي 114 ألف سجين، أي ما يزيد عن ضعف القدرة الاستيعابية للسجون والتي قدّرها الرئيس عبد الفتاح السيسي في ديسمبر/كانون الأول 2020، بـ55 ألف سجين، حسب تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية في يناير/كانون الثاني 2021.
وقدرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان عدد السجناء والمحبوسين احتياطيا والمحتجزين في مصر حتى بداية مارس/آذار 2021 بنحو 120 ألف سجين، بينهم نحو 65 ألف سجين ومحبوس سياسي، وحوالي 54 ألف سجين ومحبوس جنائي، وبلغ عدد السجناء المحكوم عليهم إجمالاً نحو 82 ألف سجين، وعدد المحبوسين احتياطياً إجمالاً حوالي 37 ألف محبوس احتياطي.
قرّرت الدائرة الخامسة بمحكمة جنايات المنصورة المصرية، قبول استئناف النيابة العامة واستمرار حبس الناشط السياسي، محمد عادل 45 يوماً احتياطياً. وكانت المحكمة قررت في جلستها المنعقدة، أمس الأربعاء، إخلاء سبيل محمد عادل بكفالة 5000 جنيه.
وبحسب محامي محمد عادل، فإن جميع المتهمين تم نظر تجديد حبسهم أمام الدائرة العاشرة باستثناء محمد عادل تم نظره أمام الدائرة الخامسة. يأتي ذلك في القضية رقم 4118 لسنة 2018 إداري شربين. ويواجه فيها اتهامات ببث أخبار كاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاركة جماعة إرهابية.
وتعد هذه القضية هي الثالثة لعادل حيث تم تدويره داخل محبسه. وتعود أحداث القبض عليه إلى تاريخ 19 يونيو/حزيران 2018، إذ ألقي القبض عليه أثناء تواجده بالقسم لقضاء فترة المراقبة الشرطية المقررة عليه في قضية “أحداث مجلس الشورى”، لكنه فوجئ بالتحقيق معه على ذمة قضية جديدة.
ألقي القبض على الناشط الشاب أثناء استعداده لمغادرة قسم شرطة أجا بمحافظة الدقهلية، بعد انتهاء مراقبته اليومية في السادسة صباحاً، حيث كان يقضي عقوبة تكميلية هي المراقبة لمدة 3 سنوات اعتباراً من يناير/ كانون الثاني 2017، في القضية رقم 9597 لسنة 2013 (جنح عابدين)، والتي قضى بسببها 3 سنوات في الحبس بتهمة “التجمهر واستعراض القوة”.
وعادل من مواليد 8 أغسطس/ آب 1988، وهو أحد مؤسسي حركة شباب 6 أبريل الذين دعوا إلى الإضراب العام في مصر عام 2008، وشغل منصب المتحدث الرسمي للحركة في عهد الرئيس المخلوع الراحل حسني مبارك. كما نشط مع الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) منذ عام 2005، إحدى أبرز الحركات المعارضة قبيل اندلاع ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011.
المصدر: الشادوف+وكالات+صحف