استياء قضائي من تصريحات طارق الخولي عضو لجنة العفو الرئاسي بمصر
تصاعد الغضب مجدداً داخل أروقة السلطة القضائية في مصر، بسبب التصريحات الصادرة عن أعضاء لجنة العفو الرئاسي، والشخصيات السياسية المشاركة في الحوار الوطني. واعتبرت أطراف سياسية أن الأمر بمثابة مناورة من جانب القائمين على الحوار الوطني لتفادي غضب قوى سياسية تشارك في الحوار، جراء التباطؤ في تنفيذ الوعد الرئاسي الخاص بإطلاق سراح السجناء السياسيين.
ووفقاً لمصادر قضائية مصرية، تحدثت لصحيفة “العربي الجديد”، فإن النائب العام حمادة الصاوي أبدى استياءه لمسؤول بارز في الدائرة المقربة من رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، بشأن التصريحات الصادرة عن أعضاء في لجنة العفو الرئاسي، والتصريحات الإعلامية لعدد من الشخصيات السياسية المشاركة في الحوار الوطني.
وأوضحت المصادر أن التصريحات تشير إلى أن القرارات الصادرة عن النيابة العامة بشأن إطلاق سراح النشطاء السياسيين، وأولئك الذين على ذمة قضايا متعلقة بالتعبير عن الرأي، تأتي في إطار التنسيق بين أعضاء لجنة العفو الرئاسية والقائمين على الحوار الوطني، مع مؤسسة الرئاسة، التي تقوم بدورها بتوجيه السلطة القضائية.
وأوضحت المصادر أن النائب العام المصري أكد للمسؤول المقرب من الرئيس أن مثل تلك التصريحات، علاوة على أنها تمثل إهانة للسلطة القضائية في مصر، إلا أنه سيكون لها عواقب وخيمة على سمعة القضاء المصري، التي بالتبعية تؤثر بمناخ الاستثمار.
وأشارت المصادر القضائية إلى أن شكوى النائب العام تضمنت اتهاماً للشخصيات السياسية بأنهم “يسعون لتعظيم دورهم وصورتهم إعلامياً من خلال تلك التصريحات، من دون أن يدركوا أنها تمثل اتهاماً بتسييس القضاء المصري، واستخدامه كأداة في يد السلطة التنفيذية أو مؤسسة الرئاسة أو غيرها من الأجهزة”.
وكان عضو لجنة العفو الرئاسي طارق الخولي، القيادي في “تنسيقية شباب الأحزاب” التي تخضع لإشراف مباشر من العقيد أحمد شعبان، مدير مكتب رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل، قد أكد في أكثر من تصريح إعلامي، أن الإفراجات الأخيرة عن عدد من النشطاء السياسيين، الذين كانوا رهن الحبس الاحتياطي، جاءت بتنسيق مباشر بين اللجنة ومؤسسة الرئاسة المصرية.
وقال الخولي، في تصريحات إعلامية في السابع من يوليو/تموز الحالي، إنه “بالتزامن مع عيد الأضحى وذكرى ثورة 23 يوليو شهدنا أكبر عدد من الإفراجات لكل الحالات ضمن صلاحيات عمل اللجنة”، في إشارة إلى قائمة ضمت 60 من المحبوسين احتياطياً على ذمة قضايا سياسية، أخلي سبيلهم بقرار من النائب العام.
وأكد الخولي “أننا لن نعمل على خروج كل من يمثل تهديداً للأمن القومي المصري، ولن نكون سبباً في خروج أي منهم، والفحص يتم بمعايير حاسمة”.
وأضاف الخولي: “كل هذا مجهود لجنة العفو الرئاسي ونتائج عمل اللجنة بعيداً عن القوائم التي تخرج بشكل دوري في المناسبات والأعياد التي تقوم عليها وزارة الداخلية ومصلحة السجون”. وشدد على أن “قوائم العفو الرئاسي، من خلال لجنة العفو، مختلفة تماماً، لأنها قضايا متعلقة بالرأي والتعبير، وليس لها علاقة بقوائم وزارة الداخلية ومصلحة السجون”.
تصريحات وزير العدل عمر مروان
من جانبه، حاول وزير العدل المصري عمر مروان السيطرة على التداعيات السلبية للأزمة، من أجل الحفاظ على الحد الأدنى من صورة القضاء المصري دولياً من جهة، وامتصاص غضب أعضاء السلطة القضائية والنيابة العامة. ونفى، في تصريحات إعلامية أخيراً، صحة التواصل بين أي جهة في الدولة والنيابة العامة لإطلاق سراح المحبوسين احتياطياً.
وقال مروان إن “القضايا التي لا تزال النيابة العامة تباشر التحقيق فيها، أو المنظورة أمام المحاكم، لا يمكن صدور عفو رئاسي عن المتهمين فيها”، مضيفاً أن “العفو الرئاسي يكون في حالة الصادر بحقهم أحكام نهائية، وليس لمحبوس احتياطي”.
وشدد مروان على أنه “لا يمكن الاقتراب من القضايا أمام النيابة العامة أو المحاكم، وإلا يعد ذلك تدخلاً في أعمال السلطة القضائية”، مؤكداً أنه “لم يحدث أي اتفاق بين النائب العام وبين أي جهة أو شخص على خروج محبوسين احتياطياً”.
وتابع: “أنا كوزير لا أجرؤ على التدخل في عمل النائب العام أو المحاكم”، مستنكراً بقوله: “كيف يقال إننا اتصلنا بالنائب العام كي يفرج عن أحد، أو أن هذا اتجاه عام في الدولة”.
وأوضح أن “جميع الحالات تصدر بقرار من النيابة أو المحكمة، فلا يوجد أي اتصال أو اتفاق معهما من أي جهة بشأن حالات الحبس الاحتياطي، ويصدر قرار إخلاء السبيل وفقاً للتحقيق، وموقف كل متهم. أما الإفراج عن المحكوم عليهم ده ماشي أمر ينظمه القانون من خلال العفو الرئاسي، كما أنه لا ينطبق على الجميع”.
في مقابل ذلك، قال مصدر دبلوماسي مصري إن الحديث عن الأوضاع الحقوقية، واستخدام القضاء كوسيلة للضغط على النشطاء السياسيين والتنكيل بهم، تثار في أكثر من محفل دولي، وخلال لقاءات مع دبلوماسيين أجانب، بشأن عدد من القضايا المتهم فيها نشطاء، منهم علاء عبد الفتاح، وزياد العليمي.
وأوضح الدبلوماسي أن مسألة السلطة القضائية في مصر، وسمعتها، تتسم بحساسية شديدة، نظراً لتناولها أيضاً من جانب الكثير من الجهات المانحة وبعثة صندوق النقد الدولي. وأشار إلى أن “بعثة الصندوق أثارت هذا الملف لكونه من العوامل المؤثرة بجذب الاستثمارات الأجنبية وتوجهات رأس المال، وأن أكثر من يرهب المستثمرين هو جانب المخاطر في حال حدوث منازعات قضائية مع الدولة محل الاستثمارات”.
في مقابل ذلك، قال سياسي حزبي مصري من قيادات “الحركة المدنية”، المشاركة في الحوار الوطني، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن تفجير هذا الأمر حالياً أمر مثير للشك.
وتساءل: “لماذا يخرج وزير العدل للحديث عن هذه المشكلة في الوقت الراهن، بعدما أثار تباطؤ السلطة في تنفيذ وعودها بإطلاق سراح جميع السجناء المحبوسين على ذمة قضايا سياسية وقضايا التعبير عن الرأي، غضب أحزاب المعارضة التي أبدت التجاوب مع دعوة الرئيس للحوار الوطني، للحد الذي دفعهم إلى التلويح بالانسحاب”.
ورجح القيادي الحزبي أن يكون حديث وزير العدل أخيراً لتبرير موقف السلطة من التأخر في إطلاق سراح النشطاء الذين يقدر عددهم بالآلاف، في ظل الأعداد الضئيلة التي أُفرِج عنها، والتي لم تتجاوز 250 ناشطاً.
وأضاف: “في اعتقادي أنهم يريدون تصدير صورة متعلقة بأن هناك خلافات داخل أجهزة الدولة، ومؤسساتها بشأن إطلاق سراح النشطاء، وذلك بعدما عبر عدد من الأحزاب والشخصيات المشاركة في الحوار الوطني عن استعدادهم للانسحاب” منه.
وكانت “الحركة المدنية” قد قالت، في بيان عقب اجتماع للأحزاب المكونة لها وعددها 7، بمقر حزب المحافظين مساء الاثنين الماضي، إنها تؤكد “حرصها على إنجاح الحوار الوطني بما يحقق مصالح الشعب والوطن ويوفر الضمانات اللازمة لجديته وفاعليته كما سبق أن حددتها في بيانها الأول الصادر بتاريخ 8 مايو/أيار 2022”. وأضافت: “إنها تعيد تأكيد ضرورة الإسراع في وتيرة الإفراج عن سجناء الرأي باعتباره مقدمة لا بد منها لخلق المناخ المواتي للمشاركة في الحوار الوطني”.
المصدر: الشادوف+صحف+مواقع التواصل