استبعد تعديل الدستور أومناقشة السياسة الخارجية أوالأمن القومي .. حوار وطني مصري لكن للأسف بلا هدف!

0 300

بالتزامن مع انطلاق أولى جلسات الحوار الوطني، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبدا لفتاح السيسي، الأربعاء، نفذت الأجهزة الأمنية المصرية حملة اعتقالات طالت صحافيا قبل أن تفرج عنه بعد ساعات، كما طالت أعضاء في أحزاب سياسية.
وانطلقت الجلسة الافتتاحية للحوار، بحضور مئات الشخصيات، بينهم مسؤولون حكوميون وقيادات في أحزاب معارضة وحقوقيون وشخصيات عامة.
وقالت وكالة الأنباء المصرية الرسمية إن الحوار انطلق «بمشاركة واسعة من كافة القوى السياسية وأطياف المجتمع» وذلك بعد نحو عام من الإعداد والإفراج عن «قرابة 1400 شخص» في قضايا رأي، وبمشاركة «الحركة المدنية الديمقراطية» المعارضة في مصر. ووفق الوكالة «انطلقت فعاليات الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني في قاعة المؤتمرات شرق القاهرة بحضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي».

السلام الوطني

وأوضحت أن الجلسة الافتتاحية «شهدت مشاركة واسعة من كافة القوى السياسية وأطياف المجتمع، وبدأت بعزف السلام الوطني للبلاد». وبلغت المرحلة التحضيرية للحوار الوطني عاما كاملا «من أجل وضع هيكل يستوعب جميع القوى المشاركة، وعلى مدار 23 اجتماعا» وفق وكالة الأنباء المصرية.
وقال السيسي في كلمة مسجلة إن «الهدف من دعوته للتحاور رسم ملامح الجمهورية الجديدة، وبناء دولة ديمقراطية حديثة».
وأضاف: «دعوتي للحوار الوطني تأتي من يقين راسخ أن الأمة المصرية تمتلك من القدرات والإمكانيات التي تتيح لها البدائل المتعددة لإيجاد مسارات للتقدم في كلفة المجالات».
وزاد: «نمتلك من كفاءات العقول وإرادة العمل وصدق النوايا ما يجعل مصر في مقدمة الأمم، وأحلامنا وآمالنا تفرض علينا أن نجتمع على كلمة سواء، والتحديات التي تواجه الدولة المصرية عززت من إرادتي على ضرورة الحوار، واتطلع أن يكون شاملا وحيويا ويحتوي كافة الآراء ويحقق نتائج مدروسة وملموسة اتجاه كافة القضايا».
وزاد: «منذ أن دعوت للحوار، تابعت عن كثب الإجراءات التحضيرية، وأؤكد أن اختلاف الرأي لا يفسد للوطن قضية، وأن حجم التنوع والاختلاف يعزز بقوة من كفاءة المخرجات التي انتظرها منكم».

بذل الجهود

ودعا لـ«بذل الجهود واقتحام المشكلات وإيجاد الحلول والبدائل له» مؤكدا دعمه «المستمر لهذا الحوار في إطار من الديمقراطية والممارسة السياسية الفعالة وأتطلع للمشاركة في مراحله النهائية». وقال ضياء رشوان، المنسق العام الحوار، إن مصر «قادرة على فرز بدائل تحقق مستقبل أفضل».
وأضاف: «مصر لم تعرف منذ عام 1952 حوارا وطنيا بهذا الشكل، فهو يتميز عن الحوارات السابقة التي شهدتها مصر في عهد الرؤساء السابقين جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك، أنه بلا هدف محدد، وأن السيسي لا يملك حزبا سياسيا».
ولفت إلى «وجود شخصيات تتحفظ» لكنه أكد أن «كافة الكيانات الحزبية والنقابية تشارك في الحوار، وأن كل القضايا مطروحة بأوزان مختلفة، في الدولة الديمقراطية الحديثة».
وزاد: «لا خط أحمر واحدا على أي نوع من الطروحات إلا ما يقتضيه الدستور، هذا الحوار ليس لتبادل الهجمات ولدينا نسبة كبيرة لديها اعتراضات على سياسات تجري في مصر وهذا حقهم».
وجدد تأكيده أنه «لا استثناء في الحوار إلا لفئتين، هما من مارسوا العنف أو من رفضوا دستور البلاد، باعتبارهما خارج شرعية الدستور وشرعية الدولة».
وبيّن أن «مجلس أمناء الحوار اتفق بالإجماع على استبعاد 3 قضايا، هي المساس بالدستور باعتبار تعديله مهمة مجلس النواب والشعب، والسياسة الخارجية المصرية باعتبار أن أهدافها متفق عليها بالإجماع، والأمن القومي الاستراتيجي وهناك ثقة كاملة في كيف يدار هذا الملف من القوات المسلحة». وأكد أن «الحوار الوطني ليس مؤسسة بديلة لمؤسسات الدولة الدستورية، وهو يمثل كيانات مختلفة تمثل هذا الشعب، وأن الحكومة مؤسسة لها صلاحياتها وطريقة محاسبتها معروفة من خلال البرلمان».

وتحدث عن المناخ الذي يصاحب الحوار والضمانات التي طالب بها المشاركون في الحوار، ومنها ما يتعلق بسجناء الرأي، وقال: «جرى الإفراج عن بعض المحبوسين احتياطيا والعفو الرئاسي عن بعض المحكومين».
وتابع: «أصدرت سلطات التحقيق قرارات بالإفراج عن قرابة 1000 شخص، وأصدر السيسي عفوا رئاسيا عن قرابة 15 مسجونا، والحوار سيستمر في هذا الاتجاه، ومطروح على لجانه تعديل أحكام الحبس الاحتياطي».

جسور الثقة

وعن استغراق الاستعداد للحوار عاما كاملا، قال إن «الإعداد للحوار يتطلب إعادة بناء جسور وثقة» لافتا إلى «عقد مئات الجلسات غير المعلنة و23 جلسة معلنة».
وأعادت السلطة فجر أمس اعتقال الصحافي حسن القباني، قبل أن تطلق سراحه بعد ساعات. والقباني الذي أفرجت عنه السلطات قبل عامين، سجن لعدة أعوام بتهمة «التخابر مع دولة النرويج» إضافة لعدة تهم أخرى تقليدية عادة ما يُتهم بها سياسيون، مثل «الانضمام لجماعة إرهابية والترويج لأفكارها» و«استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في التحريض والإثارة» و«نشر أخبار كاذبة».
وعلق المحامي الحقوقي نجاد البرعي، عضو مجلس أمناء الحوار، على ما حصل مع القباني بالقول: «على الحكومة أن تقرر هل تريد حوارا وطنيا حقيقيا ينتهي إلى نتائج، أم أن الأمر كله (طق حنك)؟».
وأضاف: «أظن أن نقيب الصحافيين الحالي، والمنسق العام للحوار عليهما أن يتدخلا بقوة لا يمكن أن يستمر وضع كهذا مدة طويلة»..
وشهدت الأيام الماضية اعتقال الأجهزة الأمنية نجوى خشبة (41 عاما) العضوة في حزب «الكرامة» كما ألقي القبض على عايدة محمود، العضوة في الحزب الناصري.

ودفعت حملات الاعتقال مدحت الزاهد، رئيس حزب «التحالف الشعبي الاشتراكي» إلى اقتراح الدعوة لاجتماع طارئ للحركة المدنية الديمقراطية لدراسة هذا التطور الأخير، وما ينطوي عليه من رسائل.
وقال إن «القبض على نجوى خشبة القيادية في حزب الكرامة وعايدة محمود القيادية في الحزب الناصري، قبل أيام من جلسة افتتاح الحوار الوطني والإهانات التي تعرضتا لها مع المحامين يعد صفعة للدعوة للحوار الوطني».
وأضاف» الرسالة هي أن سياسة القبضة والتقييد على الحريات سوف تتواصل، شاملة النساء، وأن مشاركة الحركة المدنية في الحوار ينبغي أن تكون منكسرة».

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد دعا لعقد حوار وطني في أبريل/ نيسان 2022، وأعاد تشكيل لجنة العفو الرئاسي لتضم رموزا من المعارضة، في وقت تنتقد أحزاب المعارضة ومنظمات حقوقية ما تصفها بسياسة التقطير التي تتبعها السلطة في الإفراج عن سجناء الرأي.

أكدت الحركة «المدنية الديمقراطية» التي تضم 12 حزبا معارضا في مصر، أن استمرار مشاركتها في الحوار الوطني «سيكون مرهونا بتنفيذ بقية الضمانات التي وعدت بها من السلطة، إضافة إلى توفير أجواء شفافة وآمنة للحوار».
الحركة التي أعلنت مشاركتها في الحوار الإثنين الماضي بعد تصويت أجرته وجاءت نتائجه 12 صوتا للمشاركة مقابل 9 للرفض، ألمحت في بيان أمس الأربعاء، إلى أن الأجواء المصاحبة لانطلاق الحوار «غير مشجعة».
وعبرت عن أملها في أن يكون قرار المشاركة «فرصة لإطلاق عملية سياسية لإصلاح سياسي واجتماعي شامل وجاد، يعين الوطن على تجاوز أزماته ويرفع المعاناة عن عموم المواطنين، ويفتح الطريق لتأسيس دولة مدنية ديمقراطية حديثة تعمل هيئاتها المنتخبة لصالح غالبية المواطنين وتصان فيها الحقوق والحريات».
وذكرت أنها «رحبت بدعوة الحوار التي أطلقها السيسي في أبريل/ نيسان 2022، واعتبرتها فرصة محتملة لإطلاق عملية سياسية تقر الحق في التعددية والتنوع باعتبارهما مصدرا للقوة وتأكيدا لحقوق المواطنة والمشاركة؛ ولأنها كانت دعوة لحوار وليست مهرجانا لتأييد سياسات تعارضها الحركة أصلا، وأيضا لأن هذه الدعوة تتوافق مع ما دأبت عليه الحركة من نشاط يستهدف فتح المجال العام».
وزادت: «قدرت الحركة أهمية ما ترمي إليه من إصلاح سياسي باعتباره الهدف الرئيسي من الحوار كضرورة يحتاجها الوطن، ولتبلور مسارات سلمية للتغيير تقطع الطريق على الفوضى والانفجارات، حتى نتجنب ما يحدث في محيطنا الإقليمي الذي تعصف به الصراعات السياسية والأهلية، وتدفعه إلى مصائر قاسية تهدد استقرار وأمن شعوبه».
وتابعت: «لأن مصر هي قلب الإقليم فإن حوارا سياسيا يضم السلطة ومؤيديها مع المعارضة الوطنية المدنية المستقلة، يمكنه أن يمنح للوطن والإقليم نموذجا راشدا وآمنا في التغيير وتحقيق ما نريده من قيم ديمقراطية وأطر للعيش المشترك».
واختارت الحركة، حسب بيانها «خيار الحوار كمسار ديمقراطي محتمل للتغيير إيمانا منها بأن الإصلاحات السياسية التي تحقق الشفافية والمحاسبة وحرية الرأي والنقد واستقلال وتوازن السلطات هي الكفيلة بالحفاظ على أي إصلاحات اقتصادية» وذلك على الرغم مما دفعته من «أثمان، وما نالها من تضييق وحصار نتيجة لمواقفها السياسية المستقلة خلال ما يقرب من العشرة أعوام الأخيرة» وعلى الرغم أيضاً من «اختلاف قطاعات من المعارضة السياسية والنشطاء حول خيار الحوار في ظل أزمة اقتصادية طاحنة وسخط شعبي واسع».
وتمسكت الحركة ببعض المحددات، منها أن هذا حوار «سياسي بين معارضة وموالاة وليس نقاشا مفتوحا بلا بوصلة أو إطار متفق عليه».

وبينت أن «الحوار جزء من عملية سياسية لا يمكن أن تتحول إلى مسار جاد أو إلى رهان سياسي حقيقي إلا بقدر ما تنتجه من انفتاح سياسي يتم من خلاله الإفراج عن السجناء السياسيين، وتتوقف فيه حملات القبض على المعارضين السلميين، وتتسع مساحات التعبير عن الرأي، ويفتح المجال للنشاط الحزبي والأهلي الدستوري، وهي كلها ضمانات لازمة وضرورية ودلالاتها الرمزية أن الإفراج عن سجناء الرأي هو إشارة خضراء لقبول الحق في تعدد الآراء، والحق في معارضة السياسات من دون التعرض للملاحقة والتهديد». ‏‎وأكدت أن «فتح الأبواب والإفراج عن سجناء الرأي ورفع القيود عن الحريات هي مخرج من الأزمة، وأن بضع عشرات أو مئات أو آلاف من المعارضين السلميين لا يمكن أن يمثلوا تهديدا للأمن».
وواصلت «الانفراجة السياسية هي مدخل لمنح الحوار مصداقية تجعل منه خيارا سياسيا جادا ومسارا مقبولا لتحسين الظروف والأوضاع بشكل آمن ورشيد، خصوصا مع تدهور الأوضاع الاقتصادية وموجات التضخم المتلاحقة التي عمقت معاناة الغالبية من المصريين».
‎ورغم كل ما أبدته الحركة من «مواقف متزنة ومسؤولة» وهو ما «ظهر واضحا فى بياناتها وفي المؤتمرات التي نظمتها وبلورت فيها سياسات واقعية للخروج من الأزمة ورغم إخلاصها في تبني خيار الحوار السياسي، إلا أن الأمور سارت في الاتجاه المعاكس، فتراجعت وتيرة الإفراج عن سجناء الرأي بل عادت حملات ملاحقة أصحاب الرأي، وضاقت مساحات الظهور الإعلامي لرموز الحركة، بل استمر حصار العمل الحزبي ومن ذلك رفض عقد أي مؤتمرات للحركة وأحزابها في المحافظات حتى تحت عنوان عرض وجهة نظر الحركة بخصوص أهمية الحوار».
كذلك فوجئ بعض أحزاب الحركة بـ«تعنت شديد بحجز بعض الأماكن لدعوات إفطار رمضانية في أماكن عامة، الأمر الذي زاد من شكوك الحركة المدنية والمتابعين في فرص نجاح هذه العملية السياسية التي قد يطلقها الحوار».
‎وتفاعلت الحركة مع هذه التطورات وناقشت الإجراءات الخاصة بإعلان إطلاق الحوار، وتنوعت داخلها الآراء بين أحزاب وافقت على المشاركة استنادا إلى أنها ترى أنه «تم تحقيق ما تم الاتفاق عليه من ضمانات، وأحزاب عارضت لأنها اعتبرت أن ما تم غير كافٍ من ناحية وأقل من ما هو متفق عليه». مع تنوع الآراء، قررت أمانة الحركة المدنية الإثنين الماضي المشاركة في الحوار حرصا على وحدتها، وبعد التعهد الذي وصل لها من الجهة الداعية فيما يخص ما تبقى من ضمانات والتي ستتابع الحركة بدقة الوفاء بها في الأيام المقبلة».

المصدر: الشادوف+صحف

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.