ارتفاع جنوني فى أسعار السلع الغذائية بمصر.. واتهام آل ساويرس بالإساءة للمسيحية !

0 500

كان أمام صحف يومي السبت والأحد 30 و31 أكتوبر/تشرين الأول الكثير من الغنائم والخبطات، بين الورطة التي تعيشها وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد، التي يحيط بها الغموض من كل جانب ومحنة من نوع آخر إذ وجدت أغنى عائلة قبطية ساويرس نفسها في مأزق، إذ باتت ملاحقة من قبل بعض الأصوليين من المسيحيين والمسلمين، بتهمة الإساءة للمسيحية، بسبب إصرار عميدها على المضي قدما في دعم وجهة نظر المدافعين عن الحق في “العري” في المهرجانات والفعاليات التي ترعاها، أو التي تدعمها.
على مستوى محنة وزيرة الصحة أحاطت الغيوم بأبعاد القضية، وبات السؤال الذي يبحث الكتّاب له عن إجابة ما مدى تورط الدكتورة هالة زايد في قضية الفساد الكبرى، التي تم الكشف عنها مؤخرا داخل أروقة وزارتها؟ لم تكن المهمة سهلة في أي حال بسبب ندرة المعلومات المسربة من دهاليز المحققين..
ومن أبرز القضايا التي اهتمت بها الصحف، قضية الغلاء إذ استيقظت الأغلبية الفقيرة خلال إجازة نهاية الأسبوع على عدة هزات متتالية في الأسعار، الأولى أصابت رغيف “الفينو” الذي يصطحبه التلاميذ الفقراء في المدارس، وهو ما أربك حسابات وخطط ربات البيوت، اللواتي يسعين للنجاة من “سلخانة” الموسم الدارسي بشق الأنفس، إذ باتت بحاجة لدراسة جدوى شبه يومية. أما ثاني الهزات فتمثل في ارتفاع أسعار زيت الطعام والسكر والمكرونة بنحو 30%، الأمر الذي أسفر عن صدمة بالنسبة للسواد الأعظم من المواطنين. وفي المقابل كشف علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية، أسباب زيادة أسعار لتر الزيت مؤخرا لـ25 جنيها. قائلا: لو لم يتم رفع سعر الزيت سوف ينخفض وجود السلعة في السوق، وبالتالي تظهر السوق السوداء. وأكد أنه لا يوجد تحريك في سعر رغيف الخبز في القريب العاجل. وأوضح الوزير، أن بعض المواطنين يجففون كيلو الخبز ويبيعونه في الأسواق بسعر 3.50 جنيه، أي أن الرغيف يعادل 35 قرشا في حين أن تكلفته الأساسية 60 قرشا. وأكد عبدالله غراب رئيس الشعبة العامة لأصحاب المخابز، أن الشعبة ستتحرك لمواجهة أصحاب المخابز بعد رفع سعر رغيف العيش الفينو إلى جنيه، مستغلين ارتفاع أسعار الدقيق والزيت، وتضارب الأسواق حاليا. وكان محافظ الشرقية قد دعا شعبة المخابز لطرح مبادرة لتوفير رغيف العيش في الأفران بسعر 60 قرشا، بعد أن سجل سعره جنيها، بزيادة بلغت الضعف عن سعره قبل أسبوع مضى. ومن الشائعات التي سعت الحكومة لدحضها: نفت وزارة الزراعة وجود موز مسمم في الأسواق، مؤكدة أنه لا صحة لاستيراد مصر شحنات فاسدة من فاكهة مسممة، مُشددة على أن جميع المحاصيل الزراعية وكذلك الشحنات الغذائية المستوردة من الخارج، والمتداولة في الأسواق بما فيها فاكهة الموز آمنة وسليمة تماما، ومطابقة للمواصفات القياسية كافة.
لعلهم يسمعون

طالبت سكينة فؤاد عبر “الأهرام” نواب البرلمان أن يتدخلوا لتشريع القوانين التي تصلح أحوال المعلمين وتلبي مطالبهم المشروعة، وتضع حلولا تعالج أوضاعهم المادية الصعبة، وتعالج نقص أعدادهم.. ولماذا لم يسارع وزير التربية والتعليم لحلها قبل بداية العام، أخيرا وكما نُشر يطالب أعضاء من النواب والشيوخ رئيس مجلس الوزراء بإصدار قرار فوري بإعادة تعيين 26 ألف معلم سبق فسخ تعاقداتهم، واستنادا إلى تصريحات أخيرة لوزير المالية، بإمكانية تعيين معلمين جدد لسد العجز، أرجو أن يضاف إليها تعظيم مكافأة من يتطوعون للتدريس من قدامى المعلمين والمعلمات. فإذا كانت الإجراءات الاقتصادية توقف التعيينات في جميع مؤسسات الدولة فهذا القرار يجب ألا ينطبق على أخطر ركيزتين لقوة وسلامة الشعب وهما، التعليم والصحة، وأرجو أن تتكامل دعوة النواب لتعيين المدرسين الجدد بتشريعات تصلح أحوال المعلمين ماديا ومهنيا، بأنظمة تدريب وتأهيل على تطور عمليات التعليم والتعلم، ليؤدوا مهمتهم المقدسة في تربية وتعليم الأجيال على أفضل وجه، وبما لا يجعل البعض يلجأ إلى زيادة دخله بحلول أضرت بالتعليم، وبوجود ودور المدرسة، وهي مراكز التعليم الخاصة، وأرجو أيضا ألا يحاول أحد إساءة تفسير مطالبهم المشروعة وشق صفهم، فالمعلمون والمعلمات لا يقلون ولاء وإخلاصا لبلدهم عن جيشها العظيم، ولا جيشها الأبيض، فالمعلمون هم من يضعون البذور الأولى في تكوين وبناء جميع أبناء مصر، وكل إصلاح في التعليم يجب أن يبدأ بإصلاح أحوالهم. تساؤلات واهتمام قراء أعزاء برغيف الكرامة الذي توصلت إلى تركيبه الباحثة سمية خضر، من خليط من قمحنا المحلي والشعير بكميات محسوبة، وعلى مراحل مدروسة، تجعلني أواصل الكتابة حتى يتحول إنتاج هذا الرغيف إلى مشروع قومي، يحقق ما نتمناه جميعا من تخفيض كميات القمح التي نستوردها، ومن العملة الصعبة التي ندفعها في استيراده، ونتقي شر أزمات الاقتصاد العالمي، نتيجة وباء كورونا وانخفاض الإنتاج الزراعي والصناعي، وتراجع ما تسمح الدول بتصديره من منتجاتها ومحاصيلها الاستراتيجية، والقمح في مقدمتها، التي جعلنا فساد جماعات استيراده على رأس قوائم مستورديه في العالم.

يعلمها الله

من القلائل الذين اهتموا بالمحنة التي تعيشها وزيرة الصحة، مصطفى بكري في “الأسبوع”: أصبحت الدكتورة هالة زايد في مرمى الهدف، خاصة بعد إعلان النيابة العامة عن بدء تحقيقاتها في قضية الفساد داخل وزارة الصحة. لا أحد يستطيع أن يجزم بشيء، أو يدعي أنه عالم ببواطن الأمور، فجهات التحقيق وحدها هي صاحبة القول الفصل في القضية، ليس هناك دليل إدانة حتى الآن وُجّه إلى الوزيرة، التي في حدود معلوماتنا لم تستدع، ولم تخضع للتحقيقات حتى الآن. النيابة العامة هي خصم شريف لا يمكن التشكيك في نتائج تحقيقاتها، التي لم تنته بعد، ومن ثم فلا أحد يستطيع أن يصدر حكمه، أو يوجه أي إدانة للدكتورة الوزيرة، ولكنني هنا، وبعيدا عن التحقيقات أتوقف أمام عدد من الحقائق: الوزيرة بذلت جهودا مضنية خلال توليها منصب وزيرة الصحة، من أجل الرقي بمستوى القطاع الصحي الحكومي، ولم تتراخ في مواجهة المشكلات التي كانت تعترض تطويره وتحديثه. نجحت الوزيرة نجاحا كبيرا في مواجهة أزمة كورونا، رغم ضعف الإمكانيات قياسا بالدول الأخرى، إلا أنها استطاعت تحدي الأزمة، وعملت مع القطاع الصحي الحكومي في استقبال مئات الآلاف من الحالات، وشفاء الكثير منها، بجهود جبارة، قدم فيها الأطباء والممرضات والممرضون والعاملون جهودا، وشهداء في سبيل إنقاذ المرضى من المصريين. الوزيرة تصدت، وسافرت إلى الصين وإيطاليا والعديد من البلدان الأخرى في فترة الوباء، وتحلت بالشجاعة، وتواصلت مع الجهات المعنية من أجل الحصول على اللقاح المطلوب، تنفيذا لتكليفات القيادة السياسية، حتى تحققت نتائج أشاد بها العديد من دول العالم، وكانت التجربة المصرية، وما زالت مثالا حيّا على النجاح بالعزيمة والإرادة. الوزيرة لم تعد الآن جالسة على مقعدها، وتتعرض فيه الوزيرة لأحكام مسبقة، دون انتظار حتى لنتائج التحقيق في القضية المنظورة.

حجر وداير

دائما ما يلجأ الدكتور محمود خليل في “الوطن” للتاريخ للتحايل على العقبات التي تواجه المهنة، ويترك للقارئ شحذ ذهنه: مثل لطيف يردده المصريون «الحجر الداير لا بد عن لطّه»، ويقال بمناسبة وقوع الشخص في مأزق، وهو الذي كان ينظر إلى نفسه على أنه أبعد ما يكون عن أن يناله الواقع بأي أذى، ويظن من حوله فيه ذلك أيضا. أيام الخديوي إسماعيل ظهرت شخصية مثيرة للجدل بصورة خطيرة، هي شخصية إسماعيل صديق، أو إسماعيل المفتش – كما لقبه معاصروه – وهو شقيق الخديوي في الرضاعة، وتولى بمجرد اعتلاء الخديوي سدة الحكم مهمة التفتيش على الأقاليم البحرية، وبدأت مهامه في التوسع بمرور الوقت، فأصبح في مقدوره تعيين من يريد وعزل من يرغب في جميع الأقاليم المصرية. أصبح المفتش وزيرا للمالية، بالإضافة إلى إشرافه على العديد من النظارات الأخرى، مثل الداخلية، بات الرجل الأهم في مصر بعد الخديوي إسماعيل. في عهد وزارته للمالية زادت الديون على الخزينة الخديوية، وألقى الخديوي بالمسؤولية عليه، وقرر التخلُّص منه، وهو ما حدث بالفعل حين أركبه سفينة في النيل مع عدد من حراسه، ليتم التخلُّص منه في مياه النهر الخالد، بعد سنين قضاها حجرا صلدا صلبا لا يحلم أحد بلمسه، فما بالك بـ«لطّه»، وليصبح مثالا لامعا على المثل المصري الشهير: «الحجر الداير لا بد عن لطه». نماذج أخرى عديدة تجدها شاخصة فوق سطور التاريخ، وكذلك في أحداث الماضي القريب، لشخصيات ظنت أنها بمنأى عن تحولات الزمان وتقلباته، لو تأملتها جيدا ستخلص إلى مجموعة من الخصال التي تجمع في ما بينها. من هذه الخصال على سبيل المثال «الاغترار بالجاه والنفوذ». فالبعض يغره لمعان المنصب وأضواؤه ويمنحه إحساسا زائفا بامتلاك السر الأعظم للقوة، يرى الصغار من حوله يسكبون عليه آيات التبجيل والتعظيم والتفخيم، دون أن يستوعب أن لسان الصغير دائب على إفراز عصارة النفاق بشكل تلقائي.

رعب جديد

قضَّ مضْجع العالم بعد كلمة المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جبريسوس، خلال اجتماع مع وزراء المالية والصحة للدول الأعضاء في مجموعة العشرين إذ قال، «من المؤكد من ناحية البيولوجيا ظهور فيروس جديد في المستقبل، لن تكون البشرية قادرة على احتوائه». من ناحيته قال حمدي رزق في “المصري اليوم”: يا ساتر يا رب، في قلب الوباء والموتى بالملايين (كورونا حصد أرواح خمسة ملايين إنسان حتى الآن) يصدمنا السيد تيدروس بنُبُوءة عرّاف، في ما معناه، «رعبٌ أكبرُ من هذا سوف يجيء». تيدروس، بعد هذا التصريح التاريخي أمام قمة العشرين، يستحق لقب «الْعَرَّاف»، لاسِيَّما أن نبوءته صدرت قبيل نهاية العام، وستُضم إلى مثيلاتها من نبوءات العرّافين حول العالم، العراف الإثيوبي يتأبّط شرا. يُذكرنى تيدروس ببيت شعر لطيب الذكر صلاح عبدالصبور، في رائعته الخالدة «يوميات نبي مهزوم يحمل قلما» يقول: «انفجروا أو موتوا.. لن ينجيَكم أن تعتصموا منهُ بأعالي جبل الصمت.. أو ببطون الغابات»، لا أعرف مدى ثقافة تيدروس العربية ليفقه المعنى الكامن في بطن الشاعر: يأتي من بعدي مَن يعطى الألفاظَ معانيها، يأتي من بعدي مَن لا يتحدث بالأمثال.. إذ تتأبَّى أجنحة الأقوال.. أن تسكن في تابوت الرمز الميت. والمعنى يا دكتور تيدروس، كفاية حرام، ارحمنا قليلا، أرجوك كفاية، لما نخلص من (كوفيد- 19) نفكر في الوباء الجديد الذي تستشرف ظهوره. فلتفرد المنظمة الكونية وجهها الكئيب، فليبتسم تيدروس وهو يقذف جوائحه في وجوهنا، المنظمة في حاجة ماسّة إلى وجه مريح، متفائل، يبشر بالخير. تحس بأن منظمة الصحة العالمية مريضة نفسيا، منظمة المحبطين، وجوه منتقاة من كوكب عبس، لا يكفون عن إحباط البشر، متسلطين علينا، مجرد أن تفتحت مسامّ البشرية استشرافا للأمل، يداهمنا تيدروس بنبوءته السوداء، انتظروا وباء آخر.

الوضع خطر

تتبع أحمد التايب معدلات الإصابة بفيروس كوفيد 19 في موجته الرابعة، خلال الأيام الماضية، واكتشف كما قال في “اليوم السابع” إنها في تزايد ملحوظ، لكن ما يطمئن أن هناك تأكيدات مستمرة لمسؤولي الصحة في مصر، بأن الأمور بشكل عام ليست مقلقة، وأنه جار السيطرة والتعامل بشكل مثالي. لذلك، فالأمر يتوجب علينا مواصلة الحذر والاستمرار في اتباع الإجراءات الوقائية كتحقيق التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامة، حتى تمر ذروة الموجة الرابعة بخير وسلام، دون أن يفقد أحد عزيزا لديه أو نساهم في تفاقم الوضع، لأن الالتزام بهذه الإجراءات هو السلاح الأول في مواجهة هذا الوباء. نعم، اتباع الإجراءات الاحترازية والوقائية، سلاح مهم في المواجهة، باعتبار أنه الحقيقة الوحيدة التي لم يختلف عليها أحد منذ بدء الجائحة، فهناك اختلافات كانت وما زالت حول أمور طبية ودوائية، وأخذ ورد نراه يوميا في الدوريات العلمية، لكن الالتزام بقواعد الوقاية من المسلمات التي لا خلاف عليها. ويأتي التطعيم وأخذ اللقاح، بمثابة السلاح الثاني والحقيقة الثانية في المواجهة، الذي لا غنى عنه في الحماية من هذا الخطر، ونحن وبفضل الله وبفضل مجهودات الدولة المصرية، هناك طفرة كبيرة في معدلات التلقيح للمصريين، وذلك سببه نجاح الدولة في توفير كميات كبيرة من اللقاح، والتوسع في مراكز التلقيح، وضخ الاعتمادات المالية المطلوبة لضمان توفير العدد الكافي من اللقاحات، وها نحن جميعا نرى القوافل الطبية في الشوارع ومراكز الشباب والوحدات الصحية والجامعات، تجوب المحافظات لتلقيح المواطنين بشكل ميسر ومجاني ودون أي عناء، في مشهد يعكس حرص الدولة على صحة مواطنيها، وإرادة صادقة للسيطرة على الجائحة. والمهم أيضا، أن كل الجهات في الدولة تسعى جاهدة لتوفير أكبر قدر ممكن من اللقاحات بالتوازي مع عمليات التصنيع والإنتاج، التي تتم في مصر.. وكذلك الحرص على توفير الأدوية كافة.

لصالح من؟

لم يكن متوقعا محليا أو عالميا على حد رأي جلال دويدار في “الأخبار”: هذه الضجة التي ثارت حول إلغاء حالة الطوارئ قلبت الموازين، وجاءت مفاجئة ومتناسبة مع عظمة ووضع ومكانة مصر، وما تتمتع به قيادتها من حسن تقدير ووطنية. هذه الحالة التي كانت سائدة في مصر سيطرت على مقدرات الحياة لأزمنة طويلة، استجابة لحجج ليس من مبرر لها سوى الحفاظ على الأوضاع السياسية والحياتية، التي تخدم بشكل أساسي النظم الحاكمة. لم يكن من وراء ذلك هدف وطني في معظم الأحيان.. إنما كان الأساس الحفاظ على كرسي الحكم. يستثنى من ذلك فترات التربص والتآمر التي استهدفت الوأد والتضييق على أي دور أو تحرك مصري يتوافق مع الإمكانات التاريخية والبشرية. كان المحور الأساسي على مدى التاريخ.. الخشية من الصحوة المصرية، هذا التوجه لم يكن قائما على فكر اعتباطي، ولكنه كان نابعا من التجارب التاريخية المستمدة من الواقع، والتجارب الحية للتاريخ عندما كانت المحروسة تملك زمام أمورها، وبلغت بجهد وعرق وفكر وعبقرية أبنائها. ما تحقق لها من مجد ورفعة وهيبة عالمية. هذه الأمور مسجلة تاريخيا ومتمثلة واقعيا في الإمبراطورية المصرية الواسعة، التي كانت ممتدة في القارات كافة. ما أقوله وبعد ما شهده العالم من متغيرات تخللتها حروب طاحنة راح ضحيتها ملايين الملايين. المفروض ألا يكون هناك مكان الآن لمثل هذه الأوضاع المأساوية. من هنا فإنه لم يعد هناك سوى التعاون والتشاور والتنسيق العالمي من أجل حياة مشرقة يتمتع فيها الجميع بحقوقه الإنسانية التي تحكمها القوانين العادلة التي تقدس الحريات والحقوق.

مخاطرة برهان

يقول عمرو الشوبكي في “المصري اليوم” إن قرار رئيس المجلس السيادي السوداني، الفريق برهان، حل الحكومة وتعليق العمل ببعض مواد الوثيقة الدستورية كان متوقعا لأسباب كثيرة، أبرزها طول الفترة الانتقالية حتى وصلت إلى 5 سنوات، والمدهش أن المجلس العسكري الانتقالي في السودان طالب عقب نجاح الثورة، بأن تكون المرحلة الانتقالية عامين، في حين طالبت قوى الحرية والتغيير، بأن تصبح أربع سنوات، ثم بعد مفاوضات بينهما توصلا إلى أن تصبح ثلاث سنوات، وبعد التوقيع على اتفاق جوبا للسلام هذا العام، تم «تصفير العداد»، وإعلان بدء المرحلة الانتقالية من تاريخ التوقيع على الاتفاق. والحقيقة أن الفترة الانتقالية تعرف سيولة ومواءمات تؤجل أي قرارات إصلاحية جراحية، مطلوبة، ويدفع فاتورة أي تعثر أو فشل المكون المدني أكثر من العسكري، رغم أنه في شراكة معه. وقد عانى المكون المدنى الداعم لحمدوك ومعه التيارات الثورية مشكلتين: الأولى تركيزه على هدف أساسي تمَثّل في عزل قيادات النظام القديم والخلط بين مَن ارتكب جرائم دم أو فساد وإفساد، وقيادات وسطى وصغرى دخلوا الحزب الحاكم لتحقيق مصالح صغيرة معروفة في كل أحزاب السلطة في العالم العربي، ما خلق مع الوقت حاضنة من بقايا النظام القديم التفّت حول المكون العسكري، وناصبت «الحرية والتغيير» العداء.

احتمالات واردة

المشكلة الثانية التي عانى منها المكون المدني الداعم لـحمدوك من وجهة نظر عمرو الشوبكي، تمثلت في انقسام قوى «الحرية والتغيير» نفسها بين المجلس المركزى الداعم لـ«حمدوك» والمسيطر على قطاع مؤثر من الشارع، ومجموعة الميثاق الوطني، المؤثرة أيضا، حتى لو كانت أقل صخبا، وطالبت بحل الحكومة والمجلس الرئاسي، ورحبت بتدخل الجيش، بجانب رفض كثير من القوى القبلية والتقليدية، أداء الحكومة، مثل المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات في شرق السودان، الذي طالب بحل الحكومة وأيّد تدخل الجيش. وستبقى ورقة الشارع التي استُخدمت في غير وقتها، أي في المرحلة الانتقالية، ذات مخاطرة كبرى، فلاريزال البعض لم يتعلم الدرس ويتصور أن تحقيق أهداف الثورة، يتم فقط من خلال الصوت الاحتجاجي، ويتجاهل المهمة الأصعب، وهي بناء مشروع حزبي وسياسي قادر على تقديم حلول جديدة وغير تقليدية، لبلد يعاني انقساما مناطقيا وقبليا وأزمة اقتصادية وسياسية عميقة. يقينا فإن قرار رئيس المجلس السيادي بوضع مسار المرحلة الانتقالية في يده، فيه مخاطرة كبرى على سلامة السودان ومستقبله، فمن ناحية لا يعرف السودان جيشا صلبا مكتمل التماسك والانضباط، فهناك الجيش النظامى، وقوات الدعم السريع، كما أن دعوات التظاهر والاحتجاج في مواجهة خطوة قائد الجيش لديها مبرراتها في الوقت الحالي، على عكس ما حدث في الفترة الانتقالية، ولكنها في الوقت نفسه تحمل مخاطر على بلد منقسم ويعاني ضعفا شديدا في مؤسساته.

لحم بشري

ما زالت الأزمة مشتعلة على وقع الجونة، هذه المرة على يد المفكر القبطي جمال أسعد عبد الملاك في “المشهد”: السكوت على الخطأ خطيئة والتساهل مع الفساد إفساد وتخطي القيم انهيار مجتمعي والتدين الشكلي متاجرة بالدين. ما علاقة هذا بعنوان المقال؟ العلاقة هو مهرجان الجونة السينمائي، وما حكايته؟ هو مهرجان أقامه أولاد ساويرس في الجونة (قريتهم السياحية)، وبالطبع لا يقيم المستثمر شيئا لا يأتي إليه بفائدة شخصية وذاتية، وليس حبا في الفن أو الوطن. الحكاية بدأت من عرض ملابس الممثلات على ما يسمى (السجادة الحمراء) التي لم يكن لها وجود قبل ذلك، إلا نادرا في مهرجانات مصر، فالمشكلة تمثلت في أنواع وشكل الملابس التي تجاوزت كل التجاوز للعادات والتقاليد المصرية، ليس ذلك فحسب ولكن حتى عادات الفنانين المصريين المسايرة لما يتم في الخارج. فكانت معركة لا نهاية لها على السوشيال ميديا، وجد فيها المتاجرون بالدين فرصة للوجود وأداء للمهمة، وكأن الدين انحسر في شكل الملابس، التي هي نتاج مجتمعي يختلف من مجتمع إلى آخر، في الوقت الذي شاهد فيه المعترضون هذا الكرنفال الأهم أن هذه المعركة أظهرت أن هناك مناخا طائفيا قابعا في الضمير الجمعي للكثيرين هنا وهناك، وجدنا كثيرا من المسيحيين يدافعون عن المهرجان وعن صاحبه، وعن الأزياء الخارجة وغير اللائقة على أرضية طائفية توحدا مع أصحاب المهرجان المسيحيين، وكأن المسيحية بقيمها العظيمة تبيح هذا.

يسوع وناصر

في المقابل والكلام ما زال لجمال أسعد عبد الملاك، وجدنا الطرف الآخر يقيم الدنيا ولا يقعدها على المهرجان وأصحابه أيضا على أرضية طائفية، في الوقت الذي يجب أن يكون النقاش على أرضية فنية سينمائية للمعروض من الأفلام وللندوات المشارك فيها أجانب. هنا يجب أن نشير إلى أن كارهي عبدالناصر (من هنا وهناك) شاركوا في مؤازرة المهرجان من منطلق أن أصحابه لا يحبون ناصر. فهل مثل هذه الأشياء تستدعي هذا؟ وهل هذا يؤسس للحوار الموضوعي وقبول الآخر؟ أما موضوع دميانة فهذا موضوع آخر، فقد عرض في المهرجان فيلم “ريش” الحاصل على جائزة في مهرجان كان الدولي، الذي تم تكريم صانعيه من وزيرة الثقافة وبالطبع مع موافقة الرقابة على الفيلم. “ريش” دون الدخول في نقد فني لست متخصصا فيه، كان من تمثيل مواطنين مصريين من قرى ملوي، قاموا بأداء أدوارهم في الحياة كما هي دون تمثيل، والنجاح حدث لمجموعة عوامل منها، أن قصة الفيلم هي القصة الحقيقية ذاتها للبطلة في كل تفاصيلها، مثلما صرحت دميانة ببساطة المرأة المصرية المبدعة بالفطرة. نعم الفيلم يصور حالة الفقر في القرية والمصنع، وفي أماكن كثيرة، وبشكل فانتازيا مخلوطة بالواقع والواقعية (وهي مدرسة فنية)، المفاجأة أن بعض الممثلين خرجوا من عرض الفيلم بعد دقائق قليلة بحجة أنه يصور الفقر على غير الحقيقة، وبالتالي فهو يسيء إلى سمعة مصر، فهل بالفعل حدث هذا؟ أم أنكم أحسستم بالضآلة أمام هؤلاء الفنانين بالطبيعة وبالفطرة؟ أم أخذتكم الغيرة من حصولهم على جائزة دولية لا تحلمون بها يوما؟ وكان الرفض شبه الجماعي والموضوعي، الذي يعى حقيقة مصر وسمعتها التي هي أكبر من فيلم يصور الفقر، ولذا كانت مزايدة لا تليق بمصر وسمعتها من جانب هؤلاء، وهنا نسأل: هل لا يوجد فقر في مصر وفي العالم كله؟

كرسي في الكلوب

اللغز الذي سعى محمود الحضري لفكه في “البوابة” حول سبب الهجوم على فيلم “ريش”، وهل لأنه جاء في هذه الفترة من عمر الدولة المصرية، وهل أظهرها بشكل غير حقيقي، وفقا لرؤى البعض؟ أم أنه عالج “فنيا”، قضايا الأماكن العشوائية في مصر؟ أم أنه قدم صورة ليست واقعية عن حياة المصريين والمجتمع المصري؟ كل هذا وغيره مثار الجدل الذي دار في الأيام الأخيرة. الجدل بالشكل الذي جرى كأنه يطالب بوضع قيود على الفن، ووقف أي محاولات فنية تسلط الأضواء على حياة وأوضاع أفراد المجتمع، سواء الاجتماعية أو الاقتصادية منها، وهذا خطأ كبير في طرق النقد، وتحويل النقد – وهو حق- إلى سيف نسلطه على الإبداع. المؤكد أن الفيلم فيه مشاهد متناقضة في المعالجة للقصة الرئيسية، خصوصا في تصرفات العائلات الفقيرة في مصر، بل في كل دول العالم، فلا يمكن أن نقبل ما جرى في حفلة “عيد ميلاد” ابن البطل والبطلة، والمأكولات وطبيعة الحفل، فهذا لا تفعله عائلة فقيرة، مثل تلك التي ظهرت في الفيلم، كما أن الفقر لا يعني القذارة، والفقر لا يعني أن تكون “الدعارة” هي الحل لكسب المال، ولا تكون عند كل الفقراء في تشغيل الأطفال، وغير ذلك من المشاهد التي تتناقض، مع حالة الفقر التي تظهر في عائلة فيلم “ريش” من خلال مشاهد المنزل الفقير جدا، وطبيعة المأكولات التي ركزت عليها المشاهد الأولى بقوة. هذه بعض من كل في الفيلم، ولكن يبقى الخلاف حول التركيز على أن “ريش” هو الخطة المحكومة والمدبرة للإساءة لمصر دولة وشعبا وتاريخا، واختصار مصر في شريط سينمائي مدته أقل من ساعتين ساعة و52 دقيقة”، يختلف حوله الفنانون والنقاد والجمهور. والسؤال المهم، هل منع الإساءة لمصر من جهات وقنوات وإعلاميين وأشياء أخرى مدفوعة أو مأجورة، ستنتهي بمنع فيلم، أو الخروج من قاعة العرض، أو كتابة “بوست” على الفيسبوك، أو تويتر.

من تلقاء انفسهن

ترى عبلة الرويني في “الأخبار”، أن مهرجان الجونة السينمائي لا يشترط في دعواته للفنانات.. لا شكل الفستان، ولا كل هذه المساحات من العري، لكن المهرجان أيضا سوق للموضة، والمنافسة بين دور الأزياء المختلفة، ومصممي الأزياء والحلي وحتى مصففي الشعر.. السوق جزء مهم من ملامح مهرجان الجونة، وجزء من نشاطه ومنهجه وأسلوبه في الدعاية والإعلان ولفت الأنظار، والحصول على أكبر عدد من الرعاة للمهرجان.. ربما لهذا يهتم المهرجان بدعوة عارضات أزياء وفتيات موديلز، كما أن كثيرا من الفنانات أو جميعهن، يتحولن خلال أيام المهرجان إلى عارضات أزياء بالفعل، يعرضن أحدث تصميمات الملابس والحلي، ويعلن (في فقرة إعلانية صريحة) عن أسماء المصممين وعملهم… والمنافسة بين دور الأزياء المختلفة ومصمميها تعتمد على لفت الأنظار بكل الطرق، سواء بابتكارات في العري، أو المغالاة في الغرابة أو التكاليف.. في حفل افتتاح المهرجان، ارتدى أحد الفنانين أو (عرض) بدلة مرصعة بقطع من الماس، تجاوزت قيمتها المليون دولار.. وتبارت الفنانات العارضات، وتبارى المصممون في صناعة العري بكل أشكاله، ما دفع مصمم الأزياء الشهير هاني البحيري إلى التحفظ على الفهم الخاطئ لطبيعة الأزياء في المهرجان.. مؤكدا أن الفنانين (للأسف فاهمين المهرجان غلط).. وبالفعل تحولت السجادة الحمراء إلى لوحة إعلانات خالصة، أو سوق تجاري، يستعرض فيه الفنانون والفنانات بضاعة المصممين، في خلفية تحمل كل أسماء رعاة المهرجان، ليس فقط (العري) ولا الفهم الخاطئ، لكنها التجارة والإعلان و(البزنس) وسماسرة البيع والشراء، الحريصون على خطف الأنظار، وسرقة الكاميرا حتى من الفيلم السينمائي.

فرصة للحوار

أعلنت الهيئة المصرية العامة للكتاب عن موعد الدورة الـ53 من معرض الكتاب، الذى يستمر في المدة من 26 يناير/كانون الثاني حتى 6 فبراير/شباط 2022، وتحل اليونان كضيف شرف للدورة التي تنطلق فعالياتها في مركز مصر للمعارض والمؤتمرات الدولية، في ظل رغبة واضحة لاستيعاب جميع الناشرين الراغبين في المشاركة. وبدوره أكد عبد اللطيف المناوي في “المصري اليوم” أن المعرض فرصة رائعة لإطلاق حوار مصري عالمى في القضايا كافة المتعلقة بالثقافة والإبداع والنشر، ولاسيما وجود اليونان كضيف شرف، وهي صاحبة ريادة كبيرة في مجال الفلسفة والمنطق وعلوم الكلام، وكذلك في الإبداع الشعري والملحمي والروائي. ليس اليونان حسب، بل أن كثيرا من بلاد العالم لا بد أن نفتح لها أبواب الحوار التي أوصدها الكثيرون أمامها، وقد تكون أفغانستان أحدها، فقد آلمتنا جميعا الصورة التي تم تداولها على مواقع وصفحات التواصل الاجتماعي لصاحب دار نشر «عازم» الأفغانية، حيث علق لافتة على حائط الجناح المخصص له في معرض فرانكفورت الدولي الأخير تقول: «لا كتب هذه السنة». ستكون الثقافة المصرية أسعد حالا إذا ما كان هناك حوار بيننا وبين أوروبا، وكذلك افريقيا التي أنجبت الفائز بجائزة نوبل للآداب هذا العام، عبدالرزاق جرنة، المولود في زنجبار. ستكون الثقافة المصرية أسعد حالا إذا ما دار حوار مع بلاد أمريكا اللاتينية وأستراليا وكندا، التي التفت إليها معرض فرانكفورت، فكانت كندا هي ضيفة الشرف له، وقد أُقيمت لها فعاليات خاصة أسهمت في تعريف القارئ الألماني بثقافة هذا البلد المقبل بقوة على الساحة الدولية. وعلى ذكر معرض فرانكفورت، فإن الحوار هو الذي قد يُجنِّبنا ما أثارته مشاركة دار النشر اليمينية «يونجه أوروبا» أو «أوروبا الفتية» في المعرض من جدل، خصوصا بعد مقاطعة كاتبة ألمانية ذات أصول افريقية المعرض، وتأكيدها أنه «لا مكان للنازيين فيه». بالتأكيد سوف تستغل مصر الحدث لتبرز للعالم كله أنها أم الدنيا وأم الثقافات وأم الحضارات، التي تستطيع استيعاب الآخر، ومحاورته. سوف تراهن على ما اختزنه المثقف المصري من موروث كبير ومتعدد، ومكونات ثرية للشخصية الضاربة في جذور الحضارة.

البراهين لا الأقوال

لم يستنكف الرئيس الأمريكي بايدن أن يقر بالخطأ وأن يحاول كما أوضح جلال عارف في “الأخبار” من تقديم كل الترضيات لتجاوز الخلاف بين بلاده وفرنسا. هذا الخلاف الذي انفجر مع «أزمة الغواصات» والتحالف الذي أعلن بين أمريكا وبريطانيا وأستراليا، والذي كانت أولى نتائجه إلغاء صفقة غواصات فرنسية بعشرات الملايين من الدولارات لأستراليا، لتحل محلها صفقة جديدة مع أمريكا. لم تكن الخسارة المادية وحدها هي سبب انفجار الغضب الفرنسي، ولا حتى الأضرار التي أصابت صناعة السلاح هناك. كانت الأسوأ – بالنسبة لفرنسا – هي «الإهانة»، وعدم الاحترام من الحليف الأكبر.. خاصة مع بايدن، الذي جاء للحكم مع التأكيد على أن أمريكا عادت لحلفائها، خاصة في أوروبا التي عانت كثيرا من التعامل مع سلفه ترامب. شهدت العاصمة الإيطالية أول لقاء منذ الأزمة بين بايدن، والرئيس الفرنسي ماكرون. كان واضحا أن الرئيس الأمريكي حريص على تقديم كل الترضيات الممكنة لتجاوز الأزمة. ذهب للقاء ماكرون في السفارة الفرنسية، ولم يجد بأسا في أن يقول بوضوح أن تصرف إدارته لم يكن ملائما ولا لائقا. وإنه شخصيا كان يعتقد أن فرنسا أُبلغت مسبقا بأن صفقة غواصاتها لن تتم. ولم يتوقف بايدن، عند ذلك، بل أبدى موافقة مبدئية على مشروع ماكرون لبناء قوة عسكرية أوروبية، وأعلن عن دعم إضافي للحرب التي تقودها فرنسا ضد الإرهاب في منطقة الساحل الافريقي، كما أعلن عن مشروعات للتعاون المشترك مع الحليف الفرنسي الأهم في كل المجالات.

المصدر: الشادوف+القدس العربي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.