اثيوبيا تغلق باب التسوية وتعلن رسميا بدء الملء الثاني لسد النهضة
فيما يعتبره مراقبون بمثابة الإغلاق الصريح لكافة مجالات التوصل لتسوية سلمية لأزمة سد النهضة الاثيوبي، أبلغت اثيوبيا مصر والسودان رسميا بقيامها بالبدء فى عملية الملء الثاني لخزان سد النهضة، قبيل ساعات من عقد جلسة في مجلس الأمن بطلب من مصر والسودان للنظر فى الخطوة الاثيوبية التي ترفضها القاهرة والخرطوم قبل التوصل الى اتفاق ملزم بينهم.
وقالت وزارة الري المصرية إن “الوزير محمد عبد العاطي، تلقى خطاباً رسمياً من نظيره الإثيوبي يفيد ببدء إثيوبيا عملية التعبئة الثانية لخزان سد النهضة”.
وأضافت الوزارة أن الوزير المصري رد على نظيره الإثيوبي بخطاب يرفض فيه هذا الإجراء “الأحادي الذي يعد خرقاً صريحاً وخطيراً لاتفاق إعلان المبادئ”.
وأشارت وزارة الري إلى أن وزارة الخارجية المصرية نقلت الخطاب إلى رئيس مجلس الأمن الدولي لإحاطة المجلس الذي سيعقد جلسة بشأن قضية السد يوم الخميس المقبل. واعتبرت الوزارة المصرية أن الأمر تطور خطير “يكشف عن سوء نية إثيوبيا وإصرارها على فرض الأمر الواقع”.
وقالت الوزارة إن القرار الإثيوبي سيزيد من حالة التأزم والتوتر في المنطقة وسيخلق وضعا يهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي.
وتأتي الخطوة الإثيوبية استباقا لجلسة مرتقبة لمجلس الأمن الدولي الخميس، بناء على طلب دولتي مصب نهر النيل مصر والسودان، لمناقشة تطورات أزمة سد النهضة.
وتُصر إثيوبيا على بدء ملء ثانٍ لسد النهضة في يوليو/تموز الجاري وأغسطس/آب المقبل، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق بشأن السد، الذي تقيمه على النيل الأزرق، الرافد الرئيس لنهر النيل.
بينما تتمسك مصر والسودان بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي ملزم بشأن الملء والتشغيل، للحفاظ على سلامة منشآتهما المائية، ولضمان استمرار حصتهما السنوية من مياه النيل.
وفي السياق، توجه وزير الخارجية المصري سامح شكري، صباح الأحد، إلى نيويورك، في إطار التحضير للجلسة المقرر عقدها في مجلس الأمن الدولي لتناول قضية سد النهضة الإثيوبي، والتي تعقد بناء على طلب مصر والسودان.
وسيناقش المجلس، يوم الخميس المقبل، الشكوى السودانية المؤيَّدة من قبل مصر، في ظلّ توقعات متواضعة بأن تسفر الجلسة المرتقبة عن أي تقدم، إذ سبق أن قال المندوب الفرنسي الدائم لدى مجلس الأمن، نيكولاس دي ريفيير، بصفته الرئيس الحالي للمجلس، إن أقصى ما يمكن فعله هو دعوة الدول الثلاث إلى استئناف التفاوض، مشيراً إلى أن المجلس ليست لديه الخبرات اللازمة لحسم القضية، وهو ما يُعتبر حكماً مسبقاً على الجلسة بالفشل في إلزام إثيوبيا بأي شيء.
وقالت مصادر دبلوماسية مصرية إنّ ( الرئيس المصري) عبد الفتاح السيسي كلّف شكري بالسفر في ساعة متأخرة من مساء السبت، ليكون بذلك أرفع المسؤولين في الدول الثلاث، أطراف القضية، تواجداً في نيويورك، لمواكبة تطورات الاتصالات الجارية على مدار الساعة في أروقة الأمم المتحدة وبين الوفود الدائمة للدول الأعضاء الدائمين والحاليين.
وتطمح مصر إلى بلوغ ما هو أكثر من مجرد عقد الجلسة، في ظل صعوبة استصدار قرار ملزم للإثيوبيين، مع رفض الصين وروسيا تدخل مجلس الأمن في قضية نزاع مائي عبر الحدود.
وأضافت المصادر أنّ مصر تركز جهودها في الفترة الحالية على إقناع فرنسا وبريطانيا بالانضمام إلى صف الولايات المتحدة لكي تقترن الدعوة المتوقع أن تفضي الجلسة إليها لعودة الدول الثلاث إلى مسار المفاوضات، بدعوة أخرى خاصة بإثيوبيا للامتناع عن القيام بأي خطوات فردية من دون تشاور وتفاوض مسبق، وإخطار بطبيعة التصرفات المائية المتوقعة، حرصاً على عدم الإضرار بدولتي المصب.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي غضبا شديدا من جانب المغردين الذين عبروا عن سخطهم من التردد الذي يعاني منه نظام السيسي تجاه حسم تلك الأزمة الوجودية التي تهدد الأمن القومي لمصر، واستشهد بعضهم بما تمتعت به رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر عام 1982 عندما قامت الأرجنتين بغزو واحتلال جزر فوكلاند فى المحيط الأطلنطي.
إلى ذلك، كشفت مصادر سودانية النقاب عن تلقي السودان، الإثنين، إخطاراً من إثيوبيا ببدء المرحلة الثانية من ملء سد النهضة، وذلك قبل 3 أيام فقط من انعقاد مجلس الأمن الدولي في جلسة خاصة بالسد المثير للخلافات بين السودان ومصر وإثيوبيا.
وأوضحت المصادر، أن الحكومة لن تتعجل بإصدار أي موقف إلا بعد الدراسة المتأنية والتشاور الواسع.
وفي أكثر من مناسبة أعلن السودان رفضه عزم إثيوبيا تنفيذ المرحلة الثانية من ملء سد النهضة باستخدام 13.5 مليار متر مكعب من مياه النيل الأزرق، دون التوصل إلى اتفاق قانوني وملزم حول قواعد الملء والتشغيل، حيث هددت الخرطوم في نفس الوقت بالتصعيد السياسي والدبلوماسي والقانوني، فيما أعلن وزير الري والموارد المائية ياسرعباس، الإثنين، أن فريقاً قانونياً سودانياً أعد شكوى لرفعها ضد إثيوبيا، رافضاً الكشف عن المزيد من التفاصيل.
على ذات الصعيد، قالت الخارجية السودانية في بيان لها مساء الإثنين، إن وزيرة الخارجية مريم الصادق المهدي، وصلت إلى نيويورك للمشاركة في جلسة مجلس الأمن المخصصة لمناقشة موضوع سد النهضة والمقرر عقدها الخميس المقبل بناءً على طلب السودان.
وأشار البيان الى الوزيرة ستعقد عدة لقاءات ثنائية مع نظرائها والمندوبين الدائمين للدول الأعضاء في المجلس وعلى رأسهم الدول دائمة العضوية والدول الأفريقية بالمجلس، وذلك لحثهم على اتخاذ المجلس للخطوات اللازمة لدفع الجهود الأفريقية بغية التوصل لاتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي.
المصدر: الشادوف+وكالات