(إخوان مصر) تعلن تخليها عن صراع السلطة..وتنفي عقد صفقة مع السيسي
قبيل ساعات من انعقاد مؤتمر الجبهة الثالثة من الجبهات المكونة لجماعة «الإخوان المسلمين» والمعروفة باسم «جبهة التغيير»، أصدرت «جبهة لندن» بقيادة الأستاذ إبراهيم منير القائم بأعمال مرشد «الإخوان»، ما أسمته بـ«الوثيقة السياسية»، والتي أعلنت عبرها «تجاوز الصراع على السلطة»، نافية حدوث أي «صفقات سياسية» مع السلطات في مصر من أجل الإفراج عن المعتقلين السياسيين».
وأكدت الجبهة أن «غاية (الإخوان) لا تتضمن الوصول للحكم»، بحسب الوثيقة المؤرخة في 18 سبتمبر (أيلول) الماضي، والتي أعلنتها الجبهة يوم (السبت) 15 أكتوبر 2022.
وحددت الوثيقة ثلاث أولويات سياسية للعمل في المرحلة المقبلة، للتعاطي مع ما وصفته بـ«اللحظة الحرجة» من تاريخ مصر، تضمنت «إنهاء ملف ما أطلقت عليه (السجناء السياسيون)، وتحقيق المصالحة المجتمعية، وبناء شراكة وطنية واسعة تتبنى مطالب الشعب في تحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي».
وأكدت أن هذه الأولويات تتطلب «تجاوز الصراع على السلطة»، لافتة إلى اعتمادها على منهج يتضمن «خيارات ومسارات متنوعة»، تبدأ من مخاطبة الرأي العام وتوعيته حتى توجيه النصح للحكومة أو معارضتها.
وحسب الوثيقة، فإن «دور تنظيم الإخوان السياسي وحضوره في كافة الشؤون العامة، كان وسيظل ثابتاً من ثوابت مشروعه الإصلاحي. لكنّ السياسة عنده (الإخوان) كانت دائماً أوسع بكثير من العمل الحزبي، ومن التنافس على السلطة».
وذكرت الوثيقة أن «مسؤوليتها السياسية تحتم عليها مواصلة العمل مع شركاء العمل الوطني دون إقصاء، عبر ائتلاف وطني واسع؛ لتحقيق أهداف العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية».
حصل موقع (الشادوف) على نص وثيقة “داخلية” أصدرتها جماعة الإخوان المسلمين المصرية بشأن أولوياتها السياسية للتعاطي مع ما وصفته باللحظة الحرجة من تاريخ مصر، وأقرّت تجاوز الصراع على السلطة، نافية في الوقت ذاته حدوث أي “صفقات سياسية مزعومة” مع النظام الحاكم.
وكشفت الجماعة أن لديها ثلاث أولويات سياسية في المرحلة القادمة تتمثل في “إنهاء ملف المعتقلين السياسيين، وتحقيق المصالحة المجتمعية، وبناء شراكة وطنية واسعة تتبنى مطالب الشعب في تحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي”.
ومن أجل العمل على تحقيق تلك الأولويات السياسية، قالت الجماعة: “نتلمس العون من الله أولا، ثم من خلال الحوار مع الشركاء والخبراء، وكل من يهمه الأمر من المصريين على اختلاف أعراقهم وأديانهم واتجاهاتهم السياسية، كي ننتهج أفضل السبل المناسبة لأداء مسؤوليتنا السياسية، وفق قراءة واعية لمعطيات الواقع، وتأمل طويل في دروس السنوات الماضية”.
تجاوز الصراع على السلطة
ورأت أن “هذه الأولويات تتطلب من جماعة الإخوان تجاوز الصراع على السلطة في ظل بيئة سياسية يُخيم عليها الاستقطاب والتحريض، وفي ظل مجتمع يواجه شبح الانقسام؛ لأن ذلك سيُحوّل أي تنافس على السلطة إلى صراع واضطراب لا يخدم مصلحة الوطن ولا مصلحة الشعب”.
واستطردت قائلة: “لذلك؛ فإن مسؤوليتنا تفرض علينا تحديد شكل وماهية التموضع الواقعي الأنسب الذي يسمح للإخوان المسلمين بأداء دورها الحضاري، والمساهمة في إنقاذ الوطن، وبما يحقق أكبر قدر من المصالح المعتبرة لعموم الأمة”.
بينما استدركت بالقول إن “دورنا السياسي، وحضورنا في كافة الشؤون العامة، كان وسيظل ثابتا من ثوابت مشروعنا الإصلاحي. لكنّ السياسة عند الإخوان كانت دائما أوسع بكثير من العمل الحزبي، ومن التنافس على السلطة”.
وذكرت أن “ممارسة الإخوان منذ تأسيسها تضمنت خيارات ومسارات ومستويات متنوعة، تبدأ من مخاطبة الرأي العام وتوعيته، وتوجيه النصح للحكومة أو معارضتها، وصولا إلى التقدم لتحمل المسؤولية إذا تطلب الأمر ذلك”.
وأشارت إلى أن مسؤوليتها السياسية تحتم عليها “مواصلة العمل مع شركاء العمل الوطني دون إقصاء، عبر ائتلاف وطني واسع، لتحقيق أهداف (العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية)”.
وأشارت جماعة الإخوان إلى أن “مهمة الإصلاح المتكامل التي نؤمن بها، لا يمكن أن تتجاهل إصلاح الحكم، خاصة أن قوة الدولة التنفيذية وهيمنتها بات بمقدورها إذا أُسيء استخدامها، أن تجعل جهود المصلحين صرخة في واد، بنص تعبير الإمام (حسن) البنا”.
وتابعت: “استقر في أدبيات الجماعة وممارساتها أن غاية مهمتنا السياسية العامة ليست هي مجرد الوصول للحكم؛ وإنما ضمان حق الشعب في ممارسة سيادته على الحكام؛ فهم موظفون لديه يختارهم ويراقبهم ويحاسبهم، كي يعملوا على إصلاح الأحوال الاقتصادية والاجتماعية لعموم الشعب”.
مسارات تحقيق الأولويات
وبخصوص المسارات التي تعتقد الجماعة أنها ضرورة ملحّة من أجل تحقيق هذه الأولويات، فأشارت إلى أنها “تتمثل في تعزيز العمل الوطني المشترك مع كافة الراغبين في تحقيق إصلاح حقيقي، وتطوير أدوات العمل السياسي والإعلامي والحقوقي، كما أنها تفرض علينا العودة إلى المجتمع لتعزيز روابطه واستعادة تماسكه وإعادة بناء مصادر قوته المدنية”.
وزادت: “إننا مسؤولون، مع غيرنا من شركاء الوطن، عن بذل الجهد اللازم لبناء توافق وطني يليق بتضحيات المصريين، ويعبر بنا وفق أسس توافقية وتشاركية جامعة إلى مرحلة الاستقرار الحقيقي والممارسة الديمقراطية الكاملة، التي تحتضن بصدق النسيج الوطني المصري مسلمين ومسيحيين، إسلاميين وليبراليين ويساريين، رجالا ونساء، شيوخا وشبابا، عمالا ورجال أعمال، مثقفين وأميين”.
واختتمت بقولها إن “تموضع جماعة الإخوان، أو أي حركة سياسية واجتماعية، كي يكون صحيحا يجب أن يُعَبّر عن وعي بهموم الناس وأولوياتهم، وأن يستهدف الدفاع عن مصالحهم، وأن يستجيب لمتطلبات الظرف التاريخي الذي يمرون به”.
الجبهات المتصارعة
وخلال الأيام الماضية، تجدد الصراع بين قادة تنظيم «الإخوان»، في الخارج بين «جبهة إسطنبول» بقيادة محمود حسين الأمين العام السابق للتنظيم، و«جبهة لندن»، بعد ظهور جبهة ثالثة أطلق عليها «جبهة التغيير»، وهي «محاولة شبابية» لحسم «صراع الإخوان».
الجدير بالذكر أن هذه الوثيقة الصادرة عن جبهة إبراهيم منير، تأتي قبل ساعات من بدء مؤتمر الجبهة الثالثة في جماعة الإخوان المقرر عقده اليوم، بأحد فنادق تركيا لإعلان انشقاقها رسميا عن التنظيم.
إلا أن جبهة إبراهيم منير في لندن، استبقت الأمر وأصدرت هذه الوثيقة التي أعلنت فيها “انسحابها من أي صراع على السلطة في مصر” حسب وصفها.
وتعيش مصر أزمات كارثية على كافة المستويات منذ انقلاب عبدالفتاح السيسي ـ كان وزيرا للدفاع وقتها ـ على الرئيس الراحل محمد مرسي في العام 2013، لتبدأ بعدها موجة جديدة من الحكم العسكري القمعي لمصر والمصريين.
وتسبب السيسي في زيادة الانقسام بين الشعب، بسبب سياساته العنصرية والقمعية وباتت معتقلاته تضج بمعارضيه الذين يلفق لهم تهما وهمية بهدف التنكيل بهم، لمجرد أنهم يرفضون حكمه وانقلابه العسكري الصريح.
ودخلت مصر حاليا نفقا مظلما فيما يخص الأوضاع الاقتصادية، حيث يشهد الاقتصاد المصري حالة انهيار غير مسبوقة ظهرت بوادرها منذ سنوات، وتأكدت مؤخرا بارتفاع حجم الديون لأرقام كارثية وانهيار الجنيه المصري أمام الدولار.
وتصنف السلطات المصرية «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»، وصدرت بحق قيادات التنظيم والمرشد العام محمد بديع أحكاما بـ«الإعدام والسجن المؤبد والمشدد»، في اتهامات بالتورط في «أعمال عنف» اندلعت بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن الحكم في 3 يوليو (تموز) عام 2013، عقب احتجاجات شعبية.
الخبير المصري المتخصص في الحركات الإسلامية، عمرو عبد المنعم يرى أن «هذه الوثيقة استبقت مؤتمر (جبهة التغيير) في إشارة لصراع وتنافس شديدين بين الجبهتين»، لافتاً في تصريحات لـصحيفة «الشرق الأوسط» السعودية التي تصدر في لندن إلى أن «(جبهة لندن) أعلنت في الوثيقة تجاوز الصراع على السلطة، وسبق لمنير (قائد الجبهة) أن أعلن في نهاية يوليو (تموز) انسحابه من العمل السياسي تماماً».
وقال إن «(جبهة لندن) شهدت طوال الأشهر الثلاثة الماضية مناقشات لإخراج وثيقة تخص العمل السياسي، والمحبوسين بأحكام نافذة بتهم الإرهاب، والثالثة تخص العنف». وأكد الخبير المصري عمرو عبد المنعم أن هذه «حرب بين ضلعين في التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين».
وأشار الخبير المتخصص في الحركات الإسلامية إلى «بيان (جبهة التغيير)، الذي صدر عقب صدور بيان (جبهة لندن)، وركز على ما سماه (الحشد الآمن)، مستغلاً الوضع الاقتصادي في مصر»، وقال إن «جبهة التغيير أكدت أن العمل السياسي من ثوابت الإخوان».
النص الكامل للوثيقة ( اضغط هنا )
المصدر: الشادوف+خاص+صحف