هآرتس: الصواريخ الفلسطينية قامت بتحييد” ذراع اسرائيل الطويلة”!

0 690

ذكرت صحيفة “هآرتس” العبرية ذات الميول اليسارية فى عددها الصادر اليوم الخميس أنه وقبل سنوات طويلة “فهم الإيرانيون أنه من الأفضل لهم بناء تشكيل صواريخ وقذائف صاروخية حول حدود “إسرائيل” بدلا من صيانة أسلحة جو كبيرة وقوية”.

وفيما يلي النص المترجم للمقال من العبرية الى العربية:

“إسرائيل” لديها سلاح جو قوي وطائرات من الطراز الأول في العالم، مع طيارين أصحاب خبرة قتالية غنية، من بين الأفضل في العالم إن لم يكونوا الأفضل فى العالم كله، ولديها كذلك قدرة تفوق بعشرات المرات قدرات أسلحة الجو تتفوق على مجمل الدول العربية التي تحيط بها.

الإيرانيون فهموا أنه لا يمكن تزويد حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة وحزب الله في لبنان، بطائرات حربية لمواجهة نظيراتها الاسرائيلية، لكنهم في المقابل، عملوا على تطوير قدرات صاروخية قوية في إيران أوصلها إلى قدرات استراتيجية تفوق بمعدلات كبيرة قدرات الطائرات الاسرائيلية التي تعد الأحدث فى العالم كله.

وفيما يلي الأسباب:
1- التكاليف منخفضة نسبياً، نظرا لأنها لا تحتاج لشراء طائرات، ولا اختيار طيارين أكفاء، ولا تدريبات طيران وصيانة جارية للطائرات والمدارج – وكل هذا يستلزم نفقاتٍ مادية طائلة لاستثمارها في البنى التحتية والقوة البشرية.

2- إطلاق الصواريخ لا يتطلب الكثير من التمرس والمهنية. لأن الفلاحين بمقدورهم إطلاق الصواريخ والقذائف الصاروخية الأحدث، لمدايات طويلة ومتوسطة وقصيرة، والمحملة برؤوسٍ حربية تزن مئات الكيلوغرامات، ولديها قدرة دقيقة لأمتارٍ معدودة من الهدف.

والدليل هو أن الصواريخ الدقيقة التي أصابت من مدى مئات الكيلومترات منشآت النفط في السعودية، وأوقعت فيها أضراراً هائلة أطلقتها جماعة أنصار الله، تقريباً من دون بذل جهدٍ كبير على فريق إطلاق الصواريخ.

3- إطلاق الصواريخ من مدايات بعيدة ومتوسطة وقصيرة نحو تجمعاتٍ سكانية، تمثل أهدافا استراتيجية، وبنى تحتية اقتصادية أو مراكز للتحكم والسيطرة، لا يتطلب وقتاً كثيراً للاستعداد، ويمكن فعله خلال وقتٍ قصير من لحظة اتخاذ قرار إطلاقها.

4- مدة تحليق الصواريخ الثقيلة من مدى مئات الكيلومترات قصيرة جداً، عدة دقائق فقط، وهي ذات قدرة إصابة دقيقة.

في المقابل، فإن تفعيل طائرات لمدى مئات الكيلومترات هو عملية معقدة جداً.

أولاً، تتطلب وقتاً أطول بكثير. رحلة ذهاب وإياب تمتد لساعات، وتتطلب تخطيطاً دقيقاً ومرتبطا بمخاطر.

ثانياً، كما قلنا، كلفة كل رحلة باهظة. وثالثاً، عدد الصواريخ الذكية التي تستطيع الطائرة حملها محدود.

لهذه الأسباب، نشأت مشكلة استراتيجية: سلاح الجو ( الطائرات بأنواعها) لا يمكنها توفير استجابة مناسبة في حربٍ متعددة الساحات، تُطلق فيها آلاف الصواريخ والقذائف الصاروخية كل يوم على الداخل الإسرائيلي.

لسنواتٍ طويلة بنت القيادة العسكرية والسياسية مفهوماً يفيد أن سلاح الجو هو العامل الحاسم في ميدان القتال، وهو ليس كذلك!

حتى لو لم يقولوا هذا على الملأ، الوقائع على الأرض تدل على ذلك ألف دلالة. حتى في حرب يوم الغفران( حرب أكتوبر من العام 1973) فشل سلاح الجو فشلاً ذريعاً أمام صواريخ أرض – جو التي أطلقها المصريون في تلك الحرب التي لم تستمر طويلا، ولو استمر إطلاق تلك النوعية من الصواريخ ربما تغيرت نتيجة الحرب.

سلاح الجو الاسرائيلي عام 1973 أعدّ نفسه لحربٍ مضت، وليس لحرب مقبلة. وللأسف، المقاربة نفسها قائمة اليوم أيضاً.

في حرب لبنان الثانية في يوليو/ تموز 2006، نجح سلاح الجو الاسرائيلي في ضرب الصواريخ الثقيلة والبعيدة المدى لحزب الله وتحييد غالبيتها، لكنه لم ينجح في وقف قصف الصواريخ والقذائف الصاروخية للمدى القصير والمتوسط طوال أيام الحرب.

وبحسب التقديرات، حوالى 300 ألف من سكان الشمال الاسرائيلي غادروا منازلهم إلى وسط البلاد في حرب لبنان الثانية.

في الحرب المقبلة لن يكون لسكان الشمال مكانا يتم إخلاؤهم إليه، لأن مئات الصواريخ ستصيب أيضاً وسط البلاد كل يوم، لا سيما الصواريخ الثقيلة (التي تحمل مئات الكيلوغرامات من المواد المتفجرة) والدقيقة في إصابة أهدافها.

اليوم يوجد لدى حزب الله وحماس عشرات آلاف الصواريخ لمدايات بعيدة، التي تغطّي كل مراكزنا السكانية: غوش دان (الوسط وضمنه تل أبيب)، خليج حيفا، القدس، والمئات منها دقيقة.

حتى لو نجحنا في تدمير 60% من هذه الصواريخ فإن الـ40% المتبقية ستُعيد “إسرائيل” عشرات السنين إلى الوراء: ستصيب البنى التحتية للكهرباء، المياه، الوقود، الصناعة والاقتصاد، وقواعد سلاح الجو وأسلحة البر، مراكز السلطة، المطارات، وأهداف استراتيجية أخرى وتجمعات سكانية.

إطلاق حماس والجهاد الإسلامي الصواريخ والقذائف الصاروخية على غلاف غزة، وأحياناً حتى على وسط البلاد، أثبت دون أدنى شك أن سلاح الجو وحده لا يمكن ان يكسب الحرب.

في الحقيقة، حتى يومنا هذا لم يُفلح في وقف نيران الصواريخ والقذائف الصاروخية. حماس والجهاد، بإرادتهما تبدآن بقصف مستوطناتنا، وبإرادتهما تتوقفان، وليس بوسع سلاح الجو أن يخلّصنا من تلك الورطة.

في كل الجولات القتالية تقريباً لم يُقتل لهما مقاتلين، لأنهم يختبئون في مدينة الأنفاق التي بنوها تحت الأرض. إذا أصابت قنابل سلاح الجو الإسرائيلي في الحرب المقبلة سكاناً أبرياء في غزة، الأمر سيخدم حماس والجهاد الإسلامي لأن هذا سيثير العالم ضدنا.

المعركة بين الحروب الدائرة منذ سنوات، تصرف انتباه قادة الجيش والسياسيين عن إعداد الجيش الإسرائيلي للحرب المقبلة.

مؤخراً انبرى الناطق باسم الجيش بمنشور عن آلاف القنابل والصواريخ (بتكلفة مليارات الشواكل)، التي أطلقتها طائراتنا على أهدافٍ سورية منذ سنة 2017 إلى اليوم. لكن هذا القصف لم يوقف التمركز الإيراني في سوريا، وكذلك لم يغير بصورة جوهرية التهديد الوجودي على “إسرائيل”، الكامن في مئات آلاف الصواريخ والقذائف الصاروخية الجاهزة لدى العدو من حول “إسرائيل”، في إيران ولدى حلفائها، وضمنها آلاف الصواريخ الدقيقة.

حتى لو أُطلقت فقط عشرات الصواريخ الدقيقة إلى أهدافٍ استراتيجية وتجمعات سكانية، يمكن أن يُنزلوا بـ”إسرائيل” ضربة فتاكة.

ورغم هذا، ورغم أن الكلفة – الجدوى للمعركة بين الحروب من منظورٍ استراتيجي هي منخفضة – فقد تم فيها إنفاق ميزانيات ضخمة.

كان بالإمكان استثمار جزء من هذه المليارات على الأقل في الذراع البرية، وفي إقامة سلاح صواريخ هجومية وفي وسائل أكثر نجاعة لتدمير صواريخ العدو وهي تحلق.

في الحرب المقبلة، من المحتمل أن يختبر سلاح الجو الاسرائيلي واقعاً لم يسبق أن اختبره من قبل ولم يشهد مثيلاً له – وهو  إطلاق العدو لصواريخ دقيقة على قواعد سلاح الجو الاسرائيلي.

وبلا شك، فإن هذا القصف سيُلحق أضراراً شديدة بمدارج إقلاع الطائرات وبالقواعد الجوية، بصورة يمكن أن تُضر بشدة بوتيرة إقلاع الطائرات لمهاجمة أهداف العدو.

ومن أجل التغلب سريعاً على أضرارٍ كهذه، مطلوب قدرة عالية من الطواقم، وتأهيل عالٍ في كل قواعد سلاح الجو، المسؤولين عن ضمان الاستمرارية الوظيفية، وهو ما يتطلب تصليح المدارج المتضررة من الصواريخ، وجمع الشظايا، وإخلاء الجرحى، وإطفاء حرائق وغير ذلك.

قبل سنة كنا شهوداً على سخرية الاستمرارية الوظيفية في قاعدة سلاح الجو في “حاتسور”، في السيل الذي غرقت فيه 8 طائرات حربية وتضررت.

وتبين عدم تنفيذ الأوامر والإجراءات بسبب الإهمال وعدم الانصياع.

هذه كانت المرة الثالثة التي تحدث فيها حادثة خطيرة كهذه في القاعدة نفسها، والدروس لم تتم الاستفادة منها. فمن يضمن لنا أن هذا الوضع الخطير غير قائم في قواعد أخرى لسلاح الجو الاسرائيلي؟ ( انتهي المقال)

المصدر: هآرتس

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.